تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    د. محمود محمد الطناحي:
    ليس بين أيدي الأمم الآن من تراثها الفكري المسجل الموثق، ما للأمة العربية ؟ كثرةً وتنوعاً، فقد عَمَرت دور الكتب، وامتلأت مكتبات المساجد بألوف الألوف من المصنفات التي حملت قرائح الكُتَّاب العرب في مختلف الفنون والعلوم والآداب. فما كادت الرواية الشفوية تنحسر، ويحل محلها التسجيل والتدوين حتى امتلأت حلقات المساجد بالشيوخ والتلاميذ، الشيوخ بمحفوظهم ومروياتهم يملون، والتلاميذ بأقلامهم وقراطيسهم يستملون ويسجلون.
    ولا يخرج هذا المكتوب من بين يدي التلاميذ حتى يستكمل أسباب التوثيق والقبول، من سماع على الشيخ المُملي، أو إذن منه بإجازة رواية الذي كُتب، وتوقيعه بخطه بصحة ذلك كله، مقروناً ذلك كله بتاريخ الإملاء - النسخ - والسماع والإجازة باليوم والشهر والسنة، وأحيانا بالوقت من اليوم، كأن يقال: ضحوة يوم كذا، أو ظهره أو عصره، وقد يضاف إلى ذلك كله تسجيل أسماء حضور طبقة السماع، وهم الذين حضروا مجلس الإملاء - ويكثر هذا في كتب الحديث - ثم تخرج تلك النسخة المحرَّرة الموثقة من الكتاب، ليتلقفها الورّاقون - وهم الناسخون في ذلك الزمان - يستنسخون منها نُسخاً، تتناسل من الأصل الأول، كما يتناسل الحيُّ من الحيّ.
    وهكذا وصل إلينا معظم تراثنا على هذا الوجه الذي لا يدخل عليه الشك من أي باب تدخل منه الشكوك ؟ لا على وجوه الاجتهاد والتخمين والحدس والاستنتاج، ومعاناة فك الرموز واستنطاق الطلاسم، وإذا ما أراد كذاب أو مدلس أن يخترق هذه الحدود الحصينة من التوثيق والاطمئنان أمكن كشفه وفضح أمره من أيسر سبيل، بأسباب وعلامات يعرفها المشتغلون بعلم المخطوطات.
    ومما ينبغي التنبّه له، أو التذكير به أن هذه الحركة العلمية القائمة على الإملاء والاستملاء والتسجيل، لم ينفرد بها بلد عربي أو إسلامي دون بلد، ولم يختص بها زمن دون زمن، بل قام الكل في وقت واحد، وكأنهم جميعهم على موعد واحد، لا يحل تأخيره، لأداء واجب واحد، لا يقوم أحد منهم مقام أحد فيه، فالذي حدث في مكة والمدينة والبصرة والكوفة وبغداد، من مجالس العلم والاستملاء حدث مثله في الوقت نفسه في دمشق وحلب والقاهرة وقرطبة وغرناطة وإشبيلية والمغرب الأقصى كله وبلاد فارس، وأصغر بلد طالته يد العربية.
    كثرت التآليف إذن، وامتلأت خزائن الكتب ودور العلم بالمخطوطات، وأسلمها جيل إلى جيل، وفي أول الأمر حفظ الجيل الثاني ما أسلمه إياه الجيل الأول، وصانه كما يصون كرام الأبناء ودائع الآباء، ثم كان ما كان مما شاءه ربك، من تعرض الأمة العربية لنوازل وغواشٍ، أطبقت عليها كقطع الليل المظلم، وسلبتها أشياء عزيزة كثيرة، كان منها هذا القدر الضخم من مستودعات الفكر وقرائح العقول، المتمثلة في المخطوطات التي تعرضت لعوادي الناس والأيام، وتقرأ في جريدة مصنفات عالم من العلماء، في أثناء ترجمته، أن له عشرين مصنفاً في كذا وكذا من العلوم والفنون، ثم تنظر فيما بين يديك من فهارس المكتبات، أو رصيد المطبوعات، فلا تجد له إلا مصنفاً أو مصنفين اثنين، بل ربما لا تجد له شيئاً البتة، ومثل ذلك يقال فيما تراه من نقل أو إحالة في كتاب قديم، على كتاب لفلان، تم لا تجد لذلك الكتاب أثراً الآن.
    ويكثر الدارسون الآن من ذكر أسباب ضياع المخطوطات العربية، ويردون ذلك إلى أسباب كثيرة، بعضها مقصود متعمد، كالإتلاف والإحراق - مع ما يصاحب ذلك من المبالغات أحياناً - والنهب. والإتلاف والإحراق لا حيلة لنا فيهما الآن، أما النهب - وهو ما يعبر عنه أحياناً بالسرقة - فيجب النظر فيه ومناقشته. أن حقيقة الشيء الذي ينهب أو يسرق أنه يذوب في ذمة الناهب والسارق، ويدخل في ملكيته الخاصة، ويختلط بماله العام، فلا يرى له أثر بعد ذلك، ولا يستطاع تمييزه، ولا يتصور هذا فيما يسرق وينهب من المخطوطات! لأنها تظل باقية العين، ولا يمكن إذابتها في ملكية خاصة، وغاية ما يصنعه سارق المخطوطات أنه يستفيد منها بالبيع، وهذا في رأيي تصرف لا بأس به، على أن يكون البيع لهيئة علمية، أو مكتبة عامة تتيح المخطوطات لسائر الناس، والمحظور أن يحبس السارق المخطوط، ويضعه في ملكيته الخاصة: تحفة من التحف، يسر برؤيتها وحده، أو يريها الناس من خلف زجاج ويمضون، فلا يستفيد منها أحد بالقراءة أو الاطلاع، فهذا فوق أنه سرقة حبس للعلم.
    ويهمل الدارسون سبباً خطيراً جداً في ضياع المخطوطات، وهو الإهمال، وترك المخطوطات تعبث بها وتفنيها عوامل البلى، مثل الرطوبة والأرضة - هذه الحشرة الآكلة اللعينة - وذكر أمثلة ذلك مما يطول به الكلام، لكنى أكتفي بمقال واحد، رأيته بعيني بمدينة زبيد باليمن، فقد كنت عضواً في بعثة معهد المخطوطات إلى اليمن في صيف عام 1974م، وكان معي الزميلان عصام محمد الشنطي ونبيل عبد الفتاح إبراهيم، وفي مكتبة خاصة للسيد عبد القادر الأنباري رأينا مجموعة من المخطوطات، في غرفة مغلقة منذ زمن طويل، وقد وضعت المخطوطات بعضها فوق بعض، مما جعل كثيراً من هذه المخطوطات يلتصق ورقه بعضه ببعض، بحيث يتعذر فصل الأوراق، فإذا حاولت لها فصلاً هوى بعضها تراباً ناعماً دقيقاً، وتمزق بعضها الآخر. ومن الغريب أن هذه المكتبة تضم نفائس من المخطوطات، بعضها نسخ سنة (549هـ) ، وقد استنقذنا من هذه المجموعة المتهالكة ثمانية مخطوطات، وأظن أن ما تركناه بهذه المكتبة قد أصبح الآن هشيماً تذروه الرياح.
    ويقدّر العلماء العارفون بالمخطوطات العربية عددها الموجود الآن بما يزيد على ثلاثة ملايين، لا يخشى عليها من وجهة نظري إلا الإهمال وعوامل البلى، أما سرقة المخطوطات فهو حديث خرافة، ونترك أمره إلى حين.
    وهذا العدد الوفير من المخطوطات العربية موزع الآن في أقطار الأرض، في مكتبات عامة، وفي ملكيات خاصة، فالذي في المكتبات العامة بعضه غير مفهرس، أو مفهرس فهرسة ناقصة، قد تهمل المجاميع التي تحتوى أحيانا في داخلها على نفائس، وقد تهمل المخطوطات المنزوعة الأغلفة، وبعض هذه مما يبحث عنها الدارسون بحثا.
    والذي في الملكيات الخاصة كثير منه من المضنون به على أهله، يحتجزه أصحاب تلك المكتبات، ويحجبونه عن الناس، لأنهم يرونه إرث آبائهم وأجدادهم، وأنهم أحق به وأهله. وفي جعبتى من ذلك كثير.
    لهذا كله فكرت جامعة الدول العربية غداة قيامها سنة 1945م في إنشاء معهد المخطوطات ؟ ليجمع أكبر عدد ممكن من صور المخطوطات القيمة النادرة المبعثرة في العالم، ويضع هذه المصوّرات تحت تصرف العلماء في مختلف أقطار العالم للاطلاع عليها، في مقر المعهد، بقراءتها، أو بتقديم نسخ ميكروفيلمية أو ورقية منها بأسعار زهيدة، أو بإعادتها للمؤسسات العلمية، وليفهرس المكتبات العامة والخاصة التي تحوي مخطوطات غير مفهرسة، حيثما كانت، وينشر هذه القوائم، ثم ليقوم بنشر المخطوطات ذات الشأن الكبير، وليكون بعد ذلك مركزاً علمياً للتعاون العلمي بين العلماء، والمؤسسات العلمية في العالم، في سبيل خدمة المخطوطات العربية والتعريف بها، وتبادل المعلومات عنها.
    تلك كانت أهداف المعهد التي حددها قرار مجلس جامعة الدول العربية المؤرخ في 4/4/1946م وواضح من هذه الأهداف التي تغيَّاها قرار مجلس الجامعة أن تصوير المخطوطات المبعثرة في أنحاء العالم، هو على رأس تلك الأهداف التي أنشئ المعهد من أجلها.
    وفي سبيل تحقيق هذه الغاية العظمى اختطّ القائمون على المعهد آنئذ خطة محكمة، وسلكوا سبيلاً راشداً، فتألفت لجنة عكفت على موسوعة المستشرق الألماني الكبير كارل بروكلمان "تاريخ الأدب العربي" فاستخرجت منه نفائس المخطوطات وأسماء المكتبات التي تحتفظ بها، وكان من أعضاء هذه اللجنة الأساتذة: عبد العزيز الأهواني وخليل عساكر وعبد الحليم النجار، وكان ذلك حافزا للإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية - وكان معهد المخطوطات قسماً منها - لترجمة كتاب بروكلمان هذا، وعهدت بذلك إلى الدكتور عبد الحليم النجار، الذي ترجم منه ثلاثة أجزاء، ثم أعجلته الميتة عن إتمامه.
    وحين اتضحت الصورة أمام القاتمين على شئون المعهد، بدأ العمل، وكان عمود الصورة هو النفاسة بمعاييرها المعروفة عند أهل العلم، فإن كثرة المخطوطات وامتلاء الخزائن بها توجب الانتقاء. فوضعت البطاقات للمخطوطات التي ينبغى أن تصور، اعتماداً على موسوعة بروكلمان، وأحسن ما ذكرته، والاستشراف إلى مظان المخطوطات في المكتبات الخاصة والعامة ذات السمعة العالية التي لم تفهرس فتدخل في دائرة بروكلمان.
    ويمكن تقسيم نشاط معهد المخطوطات في استنفاذ المخطوطات بإرسال البعثات لتصويرها إلى ثلاث مراحل:
    المرحلة الأولى: منذ إنشائه سنة 1946م إلى سنة 1960م. والمرحلة الثانية: من سنة 1970م إلى سنة 1978م. والمرحلة الثالثة: من سنة 1981 م إلى سنة 1990م.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    المرحلة الأولى:
    وتبدأ هذه المرحلة بأول بعثة أرسلها المعهد إلى سورية، في شهر إبريل من عام 1947م، فصوَّرت عدداً من المخطوطات من مكتباتها العامة والخاصة: المكتبة الظاهرية بدمشق - وكان قسم كبير منها في ذلك الزمان غير مفهرس - والمكتبة الأحمدية بحلب - غير مفهرسة - ومكتبة الشيخ ناجي الكردي، قيّم الجامع الأموي بحلب، ومكتبة الأستاذ زين العابدين بحلب.
    وفي نفس العام 1947م بدئ بتصوير مخطوطات القاهرة، فصورت بعض المخطوطات من دار الكتب المصرية، والمكتبة التيمورية، ومكتبة طلعت، ومكتبة حليم - وهذه المكتبات الثلاث غير مفهرسة - ومكتبة الجامع الأزهر.
    ولا بد هنا من الإشادة بالعون الكبير الذي لقيه المعهد من القائمين على شئون المخطوطات بدار الكتب والأزهر، فقد كان الأستاذ فؤاد سيد - رحمه الله - عالماً بصيراً بمكنونات الدار ونفائسها، وكذلك كان الشيخ أبو الوفا المراغي - رجمه الله - بمكتبة الأزهر.
    وفي عام 1948م وجه المعهد اهتمامه إلى مكتبات مصر، فأرسل بعثة إلى الإسكندرية، انتقت من مخطوطاتها المحفوظة بمكتبة البلدية، ومكتبة جامع الشيخ إبراهيم باشا.
    ومن نفائس مخطوطات مكتبة البلدية: الحجّة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي. نسخة بخط نسخى جميل، كتبت سنة (390هـ)، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي. نسخة بخط نسخي جميل أيضاً، عليها سماعات تاريخها سنة (529هـ).
    وفي العام نفسه أرسل المعهد بعثة ثانية
    إلى سوهاج، فصورت ما انتقته من مكتبة المجلس البلدي، وهي تضم بقايا كتب رفاعة رافع الطهطاوي، ومكتبة جمال الدين بدر، ببلصفورة، وقد جمع جمال الدين هذا كتب والده الشيخ أحمد على بدر، مؤسس المعهد الديني العلمي ببلصفورة، ووضعها في مكتبة خاصة.
    ومن مكتبة بلصفورة هذه استنقذت بعثة المعهد قطعة كبيرة، نحو مائتين وثلاثين ورقة من كتاب المغرب في حلى المغرب، الذي أكمل تأليفه ابن سعيد المغربي، وهذه القطعة بخط ابن سعيد نفسه، وهي الجزء السادس من نفس النسخة المودعة بدار الكتب المصرية، وقد ضم هذه إلى تلك أستاذنا الدكتور شوقي ضيف، وأصدر عنهما نشرته للكتاب بدار المعارف بمصر. ويعود الفضل في اكتشافه هذه القطعة واستنقاذها إلى عالم المخطوطات الكبير محمد رشاد عبد المطلب، رحمه الله، كما يعود إليه الفضل في استنقاذ مخطوطة نفيسة أخرى من مكتبة سوهاج، هي "شرح فصيح ثعلب" لأبي منصور محمد بن على بن عمر بن الجبان، المتوفى بعد سنة 416هـ.
    وقد كتبت هذه المخطوطة في حياة المؤلف سنة 398هـ. وقد قرأت منذ شهور بجريدة الأهرام لأحد الباحثين أنه اكتشف هذه المخطوطة، وهكذا يفعل موت الرجال!

    وفي سنة 1949م قفز المعهد قفزته الكبرى، حيث وجه نظره إلى مكتبات استامبول، والمشتغلون بعلم المخطوطات يعرفون أن الجزء الأكبر من تراثنا العربي موجود في تركيا بعامة، واستامبول على وجه الخصوص، فبدئ بانتقاء المخطوطات من فهارس مكتبات استامبول، ومن تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، وأفاد المعهد من معارف بعض العلماء والترك، ثم أفاد على وجه الخصوص من علم المستشرق الألماني الكبير هلموت ريتر، وكانت له خصوصية بمخطوطات تركيا، إذ كان قد أسس باستامبول معهد الآثار الألماني، وأشرف عليه طوال ثلاثين سنة، وقد فتحت له الخزائن هناك، فكان أحد القلائل الذين وقفوا على نوادر المخطوطات في تركيا.
    وقد أرسل المعهد بعثه إلى استامبول في تلك السنة 1949م، فقضت هناك وقتاً طيباً، صوَّرت خلاله ما يقرب من ثلاثة آلاف مخطوط، وفهرست خمسة عشر ألف مخطوط. ويقدر عدد مكتبات استامبول التي صوَّر المعهد نفائسها بنحو خمسين مكتبة، بالإضافة إلى مكتبتين بمدينة بورصة، هما: مكتبة حسين جلبي، وخراجي زادة. ومن مكتبة حسين جلبي هذه وجدت أصح نسخة من كتاب "دلائل الإعجاز" للشيخ عبد القادر الجرجاني، وهي مكتوبة بخط نسخي جيد، سنة ( 572هـ) ومما زادها نفاسة أنها منقولة عن نسخة بخط الشيخ عبد القادر نفسه.
    وفي ختام عمل البعثة أهدت آلة التصوير وملحقاتها إلى متحف طوبقبو سراي.
    وتعد حصيلة مصوّرات استامبول هي الركيزة الأساسية لمقتنيات معهد لمخطوطات، والتي فتحت فتحاً في ميادين الدراسات والتحقيقات.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    وفي عام 1951- 1952م وجَّه المعهد عنايته لتصوير مخطوطات مكتبات الهند العامة والخاصة، فأرسل بعثة مكثت هناك ستة شهور، صوَّرت فيها مخطوطات ذوات عدد، من (32) مكتبة. ومعظم هذه المكتبات غير مفهرسة، ولا تعرف النوادر التي بها. وتعد مصوَّرات المعهد من الهند ثاني مجموعة كبيرة بعد مجموعة استامبول.
    وفي عام 1957م أوفد المعهد بعثة لتصوير مخطوطات القدس - قبل أن يدهما السيل وتغشاها النوائب - فصور من عشر مكتبات بها، منها ثلاث مكتبات عامة، والسبع الباقيات في ملكيات خاصة، وكلها غير مفهرسة.
    ومن القدس توجهت البعثة إلى بيروت، فصوَّرت أهم المخطوطات بها، من مكتبة الجامعة الأمريكية، ومكتبة نور الدين بيهم. وبلغ مجموع ما صوَّر من القدس وبيروت نحو (350) مخطوطاً.
    وفي أول شهر يناير من عام 1955م أوفد المعهد بعثة من مفهرس واحد هو الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، ومصور هو الأستاذ أحمد سالم عبد السلام، إلى المملكة العربية السعودية، وقد قضى المبعوثان هناك شهراً ونصفاً، انتقيا وصوَّرا خلالها (100) مخطوط، من مكتبة الشيخ محمد نصيف بجدة، ومكتبة الحرم المكي الشريف، ومكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة النبوية، ولهذه المكتبة سمعة عالية، ومن أندر ما صوَّرت البعثة منها مخطوطة كتاب "المشوف المعلم في ترتيب إصلاح المنطق على حروف المعجم" لأبي البقاء العكبري المتوفى سنة 616هـ، والمخطوطة في حياته سنة 606هـ، وهي النسخة الوحيدة المعروفة في العالم العربي إلى يوم الناس هذا.
    ومنذ عام 1955م طرأ على المعهد نشاط جديد، فقد انفصل عن الإدارة الثقافية، وصارت له شخصية معنوية مستقلة، وعين له مجلس أعلى، انتخب أعضاؤه من علماء البلاد العربية.
    وفي عام 1956م أرسل المعهد بعثة إلى تونس، صورت بعض المخطوطات من هذه المكتبات: مكتبة الصادقية بالزيتونة، ومكتبة العبدلية بالزيتونة، ومكتبة العلامة حسن حسنى عبد الوهاب، ومكتبة الشيخ الطاهر بن عاشور، ومكتبة الشيخ الشاذلي النيفر.
    وفي عام 1957م أوفد المعهد بعثة إلى مكتبة الجامع الأحمدي بطنطا، ومكتبة البلدية بالمنصورة، ومكتبة المعهد الديني بدمياط، من بلدان مصر.
    ومن أنفس ما صوَّرت البعثة من مكتبة الجامع الأحمدي بطنطا نسخة من كتاب العروض للأخفش، تنقص بعض الأوراق، وهي بخط نسخي جميل من خطوط القرن السابع، هكذا وصفها مكتشفها ومنقذها المرحوم محمد رشاد عبد المطلب. وهذه هي النسخة الوحيدة في العالم إلى يومنا هذا.
    ومن نفائس مكتبة البلدية بالمنصورة صوَّرت البعثة كتاب أسرار العربية، لأبي البركات الأنباري، نسخة مخطوطة سنة 595هـ.
    وأهل العلم لا ينسون من نفائس مكتبة البلدية بالمنصورة، تلك النسخة الجليلة من إصلاح المنطق لابن السّكيت، التي اكتشفها واستنقذها محدث العصر الشيخ أحمد محمد شاكر، سنة 1947م، وهي نسخة عالية قرئت على أبي الحسن بن فارس صاحب المقاييس والمجمل، وتاريخ هذه القراءة سنة 372هـ، وعلى النسخة خط ابن فارس بصحة القراءة عليه، سنة 375هـ.
    ومن نفائس مكتبة المعهد الديني بدمياط: الرسالة الحاتمية للحاتمي. مخطوطة من القرن السادس، وكتاب في المفردات الطبية، منسوخ من القرن السادس.
    وفي العام نفسه 1957م توجّه الدكتور صلاح الدين المنجد إلى مكتبة الأمبروزيانا بميلانو - إيطاليا، لوضع فهرس للمخطوطات العربية غير المفهرسة بها، وتصوير المخطوطات النادرة فيها. وقد قام الدكتور المنجد بمهمته هذه وطبع فهرساً بمخطوطات الأمبروزيانا، من مطبوعات المعهد بالقاهرة. ونفائس مكتبة الأمبروزيانا هذه كثيرة، لكنا نشير هنا إلى قطعتين نفيستين جدا من كتاب سيبويه، سمّيا: الجزء التاسع والعاشر، رواية أحمد بن نصر، والقطعتان كتبتا على رق غزال، من القرن الثالث.
    قلت: وقد رأيت في أثناء بعثة المعهد إلى اليمن، في صيف عام 1974م أجزاء عتيقة جداً من كتاب سيبويه، ترجع إلى القرن الثالث أيضاً، بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء، فهل هذه الأجزاء كلها من نسخة واحدة؟ خاصة أننا نعلم أن بمكتبة الأمبروزيانا مجموعة خطية جلبت من اليمن، في أواخر القرن التاسع عشر، وهي المجموعة المعروفة بمجموعة جريفيني، وقد فهرس هو منها (475) مخطوطاً، ونشر ذلك في مجلة الدراسات الشرقية سنة 1910 - 1919م.
    وفي عام 1998م اتجه الدكتور صلاح الدين المنجد إلى المغرب الأقصى، للاطلاع على المخطوطات العربية فيها، ومحاولة فهرستها، وتصوير المهم منها. وقد قام الدكتور المنجد في أثناء بعثته هذه التي دامت شهرا ونصف الشهر بزيارة مكتبات الرباط وفارس ومراكش وتنغملت وبزو، وقد أكرمه المغاربة غاية الإكرام، وفتحوا له الخزائن، وأباحوا له النوادر، فانتقى منها نحو خمسمائة مخطوط، وترك لهم تصويرها وإرسالها إلى مقر المعهد بالقاهرة، وقد أرسلوا له قدرا كبيراً، وما لم يتم إرساله استكملته بعد ذلك بعثتا المعهد إلى المغرب، وسيأتي حديثهما.
    ومن النفائس التي صورها الدكتور المنجد في هذه البعثة كتاب "حذف من نسب قريش" لمؤرِّج بن عمرو السَّدوسي المتوفى سنة 195هـ، والنسخة بخط العالم المعروف أبي إسحاق النَّجيرَمِيّ، إبراهيم بن عبد الله بن محمد، المتوفى نحو سنة 355هـ. وهذه المخطوطة النفيسة كانت محفوظة بالزاوية الناصرية بتامجروت، في جنوب المغرب. وقد نشرها الدكتور المنجد بالقاهرة سنة 1960م.
    ومن النفائس التي صورها الدكتور المنجد في بعثته هذه كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان، لأبي عثمان الجاحظ، ونسخته وحيدة تحتفظ بها مكتبة الزاوية العياشية بمدينة بزو، جنوب شرقي الدار البيضاء. وقد نشره أولاً صديقنا الدكتور محمد مرسي الخولي، رحمه الله، ثم نشره ثانياً شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله.
    وفي شهر إبريل من عام 1960م قامت بعثة من المعهد إلى إيران، برئاسة الدكتور صلاح الدين المنجد، ومكتبات إيران ذات تاريخ حافل بنوادر المخطوطات ونفائسها، وقد عكف عليها الدكتور المنجد، واستثار كنوزها، وأخرج منها نفائس، وعرَّف بنوادر، ولا سبيل إلى ذكر جميع هذه النوادر والنفائس، فلنكتف بالإشارة إلى بعضها، مما تضمه مكتبة واحدة، هي المكتبة الرضوية بمدينة مشهد:
    - مختصر كتاب العين، للخطيب الإسكافي، مخطوطة سنة 383هـ.
    - صناعة النثر والنظم (الصناعتين) لأبي هلال العسكري، نسخة بخطه سنة 394هـ.
    - الأدوية المفردة، لديسقوريدس، ترجمه من السريانية إلى العربية مهران بن منصور بن مهران.
    - معاني القرآن، لأبي الحسن الأخفش، خطّ سنة 511هـ.
    وبعثة إيران هذه في شهر إبريل من عام 1960م كانت آخر بعثات الدكتور صلاح الدين المنجد، الذي ترك معهد المخطوطات في أوائل الستينات، في ظروف غريبة، وطويت برحيله صفحة مضيئة من تاريخ معهد المخطوطات ونشاطه. ثم توقف المعهد عن البعثات توقفا تاماً خلال الستينات 1960 - 1970م.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    المرحلة الثانية:
    في تلك المرحلة خرج معهد المخطوطات من نطاق الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وأصبح تابعاً للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي قامت في عام 1970م.
    وفي أواخر هذا العام 1970م عزم المعهد على وصل ما سبق من إرسال بعثاته للبحث عن المخطوطات وفهرستها وتصوير النفيس منها. فقامت بعثة في منتصف نوفمبر من ذلك العام إلى تركيا، مؤلفة من الدكتور مختار الوكيل مدير المعهد يومئذ، ومحمد رشاد عبد المطلب، ومحمود محمد الطناحي.
    وقد جاء في قرار إيفاد هذه البعثة: "تنفيذاً لقرار سيادة المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بناء على ما أوصت به اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجنة الدائمة للمنظمة، بشأن إيفاد بعثة من معهد المخطوطات إلى تركيا، لزيارة مراكز المخطوطات العربية بها، ودراسة حالتها، ومعرفة ما تحتويه المكتبات التركية من تلك المخطوطات، ثم الوقوف على ما فهرس منها وما لم يفهرس، وما طبع من تلك الفهارس، وما لم يطبع، ومدى صلاحيتها جميعاً، والطريقة التي عولجت بها عملية الفهرسة. بناء على هذا كله قامت بعثة المعهد...".
    وواضح من قرار إيفاد البعثة أنه لم يكن من مهامها التصوير، وأن عملها منحصر في الدراسة والبحث فقط.
    وقد استغرقت البعثة الفترة من 17 نوفمبر 1970م إلى 29 يناير 1971م، وزارت مراكز المخطوطات في استامبول وأسكدار وأنقرة وأدرنة وبورصة واسكي شِهر وكوتاهية وقونية وقيسارية وأماسية وسَمسون وجوروم.
    وقد قدمت البعثة تقارير وافية عن حال المخطوطات في هذه المكتبات، وما فهرس منها وما لم يفهرس، ثم قاتمة بأسماء المخطوطات التي في تلك المكتبات، مع التركيز على النوادر منها. ومن المؤسف أن هذه التقارير والقوائم لم تطبع، ومازالت مرقومة على الآلة الكاتبة.
    ولعل من أهم فوائد هذه البعثة أنها كشفت عن حال المخطوطات في البلدان التركية الأخرى، ولم تقف عند استانبول وحدها، كما سبق للبعثة الأولى عام 1949م. وكما استقر في أذهان بعض الناس أن المخطوطات في مدينة استانبول، ليس غير.
    وفي منتصف عام 1971م توجهت بعثة إلى إسبانيا، كان رئسيها صالح أبو رقيق مدير معهد المخطوطات، وعضواها محمد رشاد عبد المطلب وعبد الفتاح محمد الحلو.
    وقد قامت هذه البعثة تنفيذا لتوصيات بعثة استكشافية سابقة للمعهد إلى إسبانيا والبرتغال، قام بها الدكتور مختار الوكيل ومحمد رشد عبد المطلب، وقضت هناك شهراً ونصف الشهر، بدءًا من 18/10/1969م.
    وقد قضت هذه البعثة الثانية في إسبانيا الفترة من 11/6/1971م إلى 24/8/1971م وانتقت وصوَّرت من مخطوطات المكتبة الوطنية بمدريد، والأكاديمية الملكية للتاريخ بمدريد، ومكتبة دير الإسكوريال - ذات السمعة العالية - ومكتبة البلدية بقرطبة، ومكتبة جامعة غزناطة، ومكتبة مدرسة الأبحاث العربية بغرناطة، ومكتبة السّكرمنتو بغرناطة.
    ولم يكن مع البعثة مصور، فتركت ما انتقته إلى مصور إسباني هناك، ودفعت له أجر التصوير ؟ ليرسل إلى المعهد بالقاهرة ما ينجز تصويره.
    وفي النصف الأول من شهر مايو عام 1971م اتجهت بعثة إلى المغرب الأقصى، برئاسة صالح أبو رقيق مدير المعهد، وعضوية محمد رشاد عبد المطلب ومحمود محمد الطناحي، ومحمود سامي علي الشاهد. وقد جرت العادة أن البعثة لا تتحرك من القاهرة إلا إذا جاءها الإذن بالموافقة من البلد الذي تريد التصوير منه، ولكن مدير المعهد اكتفى بإبلاغ الجهات المغربية المسؤولة، ولم ينتظر أن يجيئه الإذن بالموافقة، وذلك لشدة حماسته، وفرط رغبته في تصوير نفائس مخطوطات المغرب.
    وغادرت البعثة مطار القاهرة يوم الخميس 11/5/1972م متجهة إلى الدار البيضاء، ومنها إلى الرباط. وفي يوم الاثنين 15 من الشهر نفسه ذهبنا إلى وزارة الثقافة، فقابلنا الأستاذ محمد الوكيلي المسؤول عن شئون الوثائق والمخطوطات بوزارة الثقافة، وهو شاب ذكي، فيه أثارة من حِدَّة، يحاول أن يخفيها بشيء من المجاملات وكثير من الابتسامات، وقد نقل لنا رأي وزارتي الخارجية والثقافة بشأن تصوير المخطوطات المغربية، وقال لنا بالحرف الواحد: إن المغاربة يرون أن يستمر لهم شرف الحفاظ على ما لديهم من المخطوطات، بعدما تقدم لهم في سالف القرون، لكنهم إزاء ما تجشمته البعثة من عناء السفر لا يمانعون في التصوير، بشرط أن تقدم لهم البعثة تعهداً من معهد المخطوطات بألا يطبع شيء من هذه المخطوطات إلا بعد أخذ تصريح من الجهات المغربية. ثم عرض علينا أن ننظر في فهارس خزائن المخطوطات المغربية، ونعد منها قوائم لتنظر فيها الجهات المسؤولة، ثم يكون السماح بالتصوير، وقد فعلنا ما طلب.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    والمخطوطات في الرباط عاصمة المغرب توجد في مكانين: الخزانة الملكية، وهذه تتبع القصر الملكي مباشرة، ولا دخل لوزارة الثقافة فيها، والمكان الثاني: الخزانة العامة، وهي دار الكتب الوطنية للدولة.
    وقد سمح جلالة الملك الحسن الثاني للبعثة بالتصوير من الخزانة الملكية، وحمل لنا ذلك الأستاذ عبد الوهاب بن منصور، مؤرخ المملكة. وكان مدير الخزانة الملكية يومذاك الأستاذ محمد داود، وهو من أهل تطوان، وله فيها "تاريخ" مشهور مطبوع، وكان رجلا فاضلا وكل علماء المغرب فضلاء - وقد عرض علينا بطاقات الخزانة، وأنبأنا أن المكتبة فُهرِس منها نحو اثني عشر ألف مخطوط.
    ثم جاءنا الإذن بالتصوير من الخزانة العامة بالرباط، لكننا لم نكمل عشرين يوماًً من العمل بالخزانة حتى جاء أم رئاسي بإيقاف عملنا، وذلك لخلاف شب بين رئيس البعثة والمسؤولين عن التراث بوزارة الثقافة المغربية.
    ولم يكن أمامنا إلا العمل بالخزانة الملكية، ورصيدها من المخطوطات أقل من محصول الخزانة العامة. ثم شغلت البعثة ما بقى لها من الوقت بالعمل في المكتبات الخاصة، وكان على رأسها مكتبة العالم الجليل، زينة المغرب، وبقية السلف الصالح الشيخ محمد المنوني، ومكتبة الشيخ محمد الصبيحي، بمدية سلا المشرفة على الرباط، وقد ورث الشيخ محمد هذا مكتبة قيمة عن والده - وكان من أهل العلم - ووقف الوالد على المكتبة بناءً فخماً، في الدور الأول منه صالة كبيرة للمحاضرات، وفي الدور الثاني توجد المكتبة، وبها مطبوعات ومخطوطات، ثم الحق بالمكتبة عدة حجرات لإيواء المشتغلين بالعلم من الطارئين على سلا. ومن المكتبات الخاصة بالرباط أيضا مكتبة الشيخ محمد الناصر الكتاني، ومن أنفس ما صورته البعثة من هذه المكتبة نسخة من كتاب الشماع، لابن القيسرانى، وهى النسخة الثانية المعروفة منه في العالم حتى اليوم، وكان الشيخ أبو الوفا المراغي قد نشره بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 1390هـ = 1970م عن نسخة وحيدة بالمكتبة الأزهرية.
    وقد قضت البعثة في المغرب نحو ثلاثة أشهر، وكانت حصيلتها من الانتقاء والتصوير (326) مخطوطة، موزعة كالآتي: (227) مخطوطة من الخزانة الملكية، (66) مخطوطة من الخزانة العامة، (33) مخطوطة من المكتبات الخاصة.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    وفي الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من عام 1972م أوفد المعهد محمد مرسي الخولي، في رحلة استطلاعية إلى الجمهورية العربية الليبية، فقضى هناك شهرا، زار فيه دار المحفوظات التاريخية في طرابلس، والمكتبة العامة لهيئة الأوقاف في طرابلس، ومكتبة الجامعة الليبية في بنغازي، وقد كتب الخولي رحمه الله تقريراً عن أحوال المخطوطات بتلك المكتبات التي زارها، ثم سجل أسماء بعض المخطوطات النفيسة، ومنها: الإغفال - وهو ما أغله أبو إسحاق الدجاج من المعاني في كتابه معاني القرآن وإعرابه -لأبي علي الفارسي، نسخة مكتوبة سنة 671هـ. وهذا الكتاب مما صورته بعثة اليونسكو من مكتبة الأوقاف بطرابلس سنة 1964م، وهو مودع بمعهد المخطوطات، وكذلك نسخة من غريب الحديث، للخطابي.
    ومن أنفس ما في مكتبة الجامعة الليبية في بنغازي نسخة من أمالي أبي العباس ثعلب - وهي مجالسه - نسخ سنة 583هـ.
    وفي شهر فبراير من عام 1973م توجهت بعثة إلى المملكة العربية السعودية، وهذه هي بعثة المعهد الثانية إلى السعودية، وكانت البعثة الأولى سنة 1955م، كما سبق.
    وقد مكثت هذه البعثة الثانية بالمملكة من 10/2/1973م إلى 26/5/1973م، وتألفت من: قاسم الخطاط وكيل المعهد رئيساً، وعصام محمد الشنطي ومحمود محمد الطناحي ومحمود سامي علي الشاهد، أعضاء. وانتقت وصورت نفائس هذه المكتبات:
    المكتبة العامة السعودية بالرياض، ومكتبة جامعة الرياض (الملك سعود الآن) ومكتبة الشيخ محمد عبد الرحمن العبيكان (مكتبة خاصة بالرياض)، ومكتبة سمو الأمير عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود (مكتبة خاصة بالرياض)، ومكتبة الشيخ محمد بن عبد الله آل عبد القادر الأنصاري بالمبرز، الأحساء (مكتبة خاصة)، ومكتبة بريدة العلمية العامة بالقصيم، ومكتبة الشيخ صالح بن أحمد الخريصي (مكتبة خاصة ببريدة)، ومكتبة الشيخ عبد الله الإبراهيم آل سليم (مكتبة خاصة ببريدة).
    ومن مدينة عنيزة صورت البعثة من مكتبة عنيزة الوطنية بالجامع الكبير، ومن المكتبات الخاصة بعنيزة صورت البعثة من المكتبة العلمية الصالحية بمسجد أم خمار، ومكتبة الشيخ سليمان بن صالح بن حمد بن بتمام، ومكتبة الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز الزامل، ومكتبة الشيخ محمد الصالح العثيمين.
    ثم انتقلت البعثة إلى أكبر تجمع للمخطوطات في المملكة العربية السعودية: مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمة، بالمدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام، والمكتبة المحمودية، بالقرب منها، ومكتبة الحرم النبوي، ومن المكتبات الخاصة بالمدينة النبوية: مكتبة محمد مظهر الفاروقي، ومكتبة السيد عبيد مدني.
    وفي البلد الأمين صورت البعثة من مكتبة مكة المكرمة، ومكتبة الحرم المكي.
    ومن المكتبات الخاصة الشهيرة بمكة المكرمة مكتبة الشيخ محمد سرور الصبان - وهي غير مفهرسة - وقد انتقت البعثة من نوادرها سبعة مخطوطات، منها ديوان جرير، رواية محمد بن حبيب، عن ابن الأعرابي. نسخة بقلم نسخي نفيس سنة 598هـ، وديوان سبط ابن التعاويذي، خط سنة 585هـ، وديوان السري الرفاء، خط سنة 527هـ، وكفاية الطالب في نقد كلام الشاعر والكاتب، لضياء الدين بن الأثير. نسخة بقلم نسخي نفيس من خطوط القرن السابع ظناً.
    ثم ختمت البعثة عملها بتصوير ما انتقته من مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وبلغ مجموع ما صورته البعثة من مكتبات المملكة (428) مخطوطاً، فيها من النفائس الكثير.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    وفي شهر سبتمبر من عام 1973م توجهت بعثة إلى إيران مكونة من صالح أبو رقيق مدير المعهد رئيسا، ومحمد رشاد عبد المطلب، وعلي عبد المحسن زكي، وأحمد سالم عبد السلام أعضاء، وبقيت هناك من 8/9/1973م. إلى 2/12/1973م. وهذه هي البعثة الثانية إلى إيران، وكانت الأولى عام 1960م كما تقدم. وقد انتقت هذه البعثة الثانية وصورت من نفائس مكتبات إيران (346) مخطوطاً.
    وفي شهر يوليو من عام 1974م توجهت بعثة إلى الجمهورية العربية اليمنية، برئاسة صالح أبو رقيق مدير المعهد، وعضوية عصام محمد الشنطي ومحمود محمد الطناحي ونبيل عبد الفتاح إبراهيم، ومكثت البعثة هناك من 29/7/1914م وحتى 2/12/1974م وانتقت وصورت من نفائس مخطوطات اليمن (510) مخطوط، جمعتها من (27) مكتبة عامة وخاصة، في صنعاء وتعز وزبيد وذمار وإب.
    ومن أنفس ما صورت البعثة من مكتبات اليمن هذه: جزءان من كتاب سيبويه، عدد أوراقهما (255) ورقة، من نسخة بخط كوفي قديم جداً، من خطوط القرن الثالث.
    الجزء الرابع والأخير من الاستيعاب، لابن عبد البر، بقلم نسخي نفيس سنة 640هـ.
    سبعة أجزاء من كتاب السنن الكبير للبيهقي من نسخة بقلم نسخي جيد، قرأها وصححها الإمام أبو عمرو بن الصلاح، وكتب خطه بصحة السماع عليه سنة 632هـ، وطبقة السماع بآخر الأجزاء مشحونة بأكابر علماء القرن السابع. وهذه النسخة محفوظة بمكتبة بضواحى صنعاء، تسمى مكتبة جامع الروضة، ولا يعلم كثير من أهل العلم عنها شيئاً، ومخطوطاتها غير مفهرسة، وبها نفائس أخرى تراها فى القائمة التي سجلتها بعثة المعهد.
    شرح المفصل للزمخشرى. تأليف أبي عمرو بن الحاجب المتوفى سنة 646هـ. نسخة بقلم نسخي نفيس كتبت فى حياة المؤلف، وهذه النسخة النفيسة مع أخوات لها نوادر استنقذتها البعثة من قبو مظلم مغلق منذ زمن طويل تحت مئذنة جامع المظفر بمدينة تعز.
    القصيدة النونية الشهيرة للكميت. نسخة بقلم نسخي جيد سنة 626هـ.
    القصيدة الدامغة في المفاخرة بين قبائل قحطان وقبائل عدنان، وهى في جواب قصيدة الكميت المذكورة، للحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني، المعروف بابن الحائك، صاحب كتاب الإكليل. والنسخة ضمن مجموعة قصيدة الكميت السابقة. وهاتان القصيدتان صورتهما البعثة من مكتبة خاصة بتعز، هي مكتبة الشيخ مشرف بن عبد الكريم، وهو من أفاضل رجال اليمن.
    وفي شهر يونيو من عام 1975م قامت بعثة إلى المغرب الأقصى برئاسة صالح أبو رقيق مدير المعهد، وعضوية محمود محمد الطناحي ومحمود الجالي ومحمود سامي علي الشاهد، وظلت تعمل هناك من 26/6/1975م إلى 22/9/1975م وقد تجنبت هذه البعثة عثرات البعثة الأولى، فلم تتحرك من القاهرة إلا بعد أن جاءها الإذن من المسؤولين المغاربة، ولذلك مضت في عملها راشدة مطمئنة، وانتقت وصورت (402) مخطوطة من الخزانة العامة بالرباط، والمكتبة العامة بتطوان، وخزانة جامعة القرويين بفاس.
    ويغلب على مخطوطات المغرب النفاسة والندرة، وبخاصة مجموعة القرويين. ومن أنفس ما صورت البعثة من القرويين:
    سير الفزاري، ويسمى كتاب السير في الأخبار والأحداث، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري المتوفى سنة 188هـ. والنسخة بقلم أندلسي على رق غزال خط سنة (270هـ) سبعين ومائتين للهجرة. وهذا توثيق عال جدا، ومعيار كبير من معايير الندرة في عالم المخطوطات.
    البيان والتبيين. للجاحظ. الجزء الثالث من نسخة جليلة، على رق غزال، بقلم أندلسي نفيس جدا ضارب في القدم، والنسخة مقابلة على أصول صحيحة: أصل الوقشي وابن سراج، وعطاء بن الباذش، وبحواشيها تعليقات قيمة من كتاب الموالي، وكتاب الحيوان للجاحظ. وقد جاء عنوان الكتاب على صدر النسخة هكذا "التبين" بياء واحدة بعد الباء، وهو موضع خلاف قديم.
    أجزاء عتيقة من نُسخ مختلفة من تفسير أبي جعفر الطبري، على رق غزال، وبعض هذه الأجزاء مكتوب سنة 391هـ.
    الألفاظ في اللغة، لابن السكيت، رواية أبي العباس ثعلب. نسخة بقلم أندلسي على رق غزال، قرئت على العالم اللغوي ابن السيد البطليوسي، في منزله بمدينة بلنسية سنة 511هـ.
    السماء والعالم، في اللغة، لابن أبان اللخمي القرطبي المتوفى سنة 354هـ. الموجود منه الجزء الثالث بخط أندلسي قديم، وبآخره وقفية (تحبيس) سنة 855هـ، ولا تعرف من هذا الكتاب نسخة في أي من مكتبات العالم. هكذا حدثني قيم خزانة القرويين العلامة محمد العابد الفاسي، رحمه الله.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    ومن أطرف ما يذكر هنا أني اكتشفت نسخة من كتاب الفرق بين صفات الإنسان وصفات الحيوان، لثابن بن أبي ثابت، من علماء القرن الثالث، وقد جمعت هذه النسخة من أوراق متفرقة، وجدتها مثبوتة في ثنايا كتاب خلق الإنسان، للمؤلف نفسه، وصارت هذه هي النسخة الثانية من الكتاب، فقد سبق للأستاذ محمد الفاسي أن نشره عن نسخة وحيدة مودعة في خزانة القرويين أيضاً.
    وفي شهر فبراير من عام 1976م توجهت بعثة إلي اليمن الجنوبي، مؤلفة من عصام محمد الشنطي وعبد الفتاح محمد الحلو ونبيل عبد الفتاح إبراهيم، ومكثت هناك من 12/2/1976م إلى 15/4/1976م، وانتقت وصورت من مكتباتها (297) مخطوطة.
    ومن أندر ما اكتشفته البعثة وصورته كتاب تاريخ العلماء، النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم، للقاضي المفضل بن محمد بن مسعر بن محمد التنوخي المعري، المتوفى عام 442هـ، والنسخة مكتوبة سنة 731هـ، ومحفوظة بمكتبة الأحقاف بتريم، إحدى مدن حضرموت (مجموعة حسين بن محمد)، وترجع ندرتها إلى أنها النسخة الوحيدة في العالم إلى يوم تصويرها، وقد نشرها أخي عبد الفتاح محمد الحلو، رحمه الله، نشرتين: الأولى بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض 1401هـ = 1981م، والثانية بدار هجر بالقاهرة 1398هـ = 1978م.
    وفي شهر إبريل من عام 1977م توجهت بعثة إلى موسكو بالاتحاد السوفيتي، مؤلفة من قاسم الخطاط رئيسا، وعصام محمد الشنطي وعبد الفتاح محمد الحلو عضوين. وقد قضت هناك الفترة من 26/4/1977م إلى 19/6/1977م.
    وقد زارت البعثة (13) مكتبة، تضم مخطوطات في ليننجراد ويريفان عاصمة أرمينيا، وباكو عاصمة أذربيجان، وطشقند عاصمة أوزبكستان، ودوشانبيه عاصمة طاجيكستان. وقد نظرت البعثة في فهارس تلك المكتبات، واختارت من نوادرها (496) مخطوطا، ولما كانت البعثة لم تصحب معها مصوّرا من المعهد، فقد تم الاتفاق بينها وبين السلطات المسؤولة هناك على تصوير تلك المخطوطات المختارة، وإرسالها إلى المعهد في وقت لاحق.
    وكان الدكتور صلاح الدين المنجد مدير المعهد السابق قد تلقى دعوة من أكاديمية العلوم السوفياتية، لزيارة الاتحاد السوفياتي، والاطلاع على مجموعات المخطوطات العربية هناك ؟ وقد سافر الدكتور المنجد إلى موسكو في 27 من يناير عام 1960م، واطلع على المخطوطات الموجودة في مدينتي ليننجراد وطشقند، وكتب تقريرا بما رآه فيها.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    المرحلة الثالثة:
    وفي أواخر السبعينات وقع الزلزال، وكان ما كان مما لست أذكره، وانتقل معهد المخطوطات ؟ إدارة ونشاطا إلى الكويت، وقيض الله له هناك أناسا أوفياء، حملوا الراية، وأكملوا السيرة:
    وكانت أولى بعثات معهد الكويت في شهر يوليو من عام 1982م إلى دار الكتب الوطنية بتونس، وتألفت البعثة من الدكتور خالد عبد الكريم جمعة مدير المعهد، وعبد الحفيظ منصور، وقضت البعثة هناك من 23/7/1982م حتى 2/9/1982م، انتقت وصورت نحو (500) مخطوطة
    .
    وفي آخر شهر أكتوبر من عام 1962م توجهت بعثة من عصام محمد الشنطي، وجمال الدين عبد الحميد عفيفي، ومحمد محمد موسى، إلى جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، للاطلاع على رصيد الجمهورية المحفوظ بمكتبة الأحقاف للمخطوطات بمدينة تريم بحضرموت. ومكثوا هناك 29/10/1982م إلى 3/12/1982م. وهذه هي البعثة الثانية إلى حضرموت، وكانت الأولى من القاهرة عام 1976م، كما سبق. وقد انتقى عصام محمد الشنطي من مقتنيات المكتبة (394) مخطوطة، وصورها المصوّران.
    وفي آخر شهر يناير من عام 1985م توجه عصام محمد الشنطي، ومعه كمال الدين عبد الحميد عفيفى المصوّر إلى جمهورية اليمن الشمالية، ومكثا هناك من 28/1/1985م إلى 4/3/1985م. وانتقى عصام محمد الشنطي من دار المخطوطات بصنعاء (308) مخطوطة، وصوَّرها المصوّر.
    وهذه هي البعثة الثانية إلى صنعاء، وكانت الأولى من القاهرة سنة 1974م، كما تقدم.
    وفي شهر أكتوبر من عام 1916م توجه عصام محمد الشنطي ومعه كمال الدين عبد الحميد عفيفى إلى مكتبة الأسد بدمشق (وهى المكتبة الظاهرية بدمشق، والأحمدية في حلب)، ومكثا هناك من 21/10/1986م إلى 2/12/1986م. وقد انتقي عصام محمد الشنطي (427) مخطوطة، وصوَّرها المصوّر.
    وفي شهر سبتمبر من عام 1989م خرجت بعثة مشتركة من المعهد وقسم التراث العربي بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، وتألفت من عصام محمد الشنطي، من المعهد، وهيا الدوسري ومحمد محمد موسى، من المجلس الوطني، واتجهت البعثة إلى مكتبة غازي خسرو بك الإسلامية بسراييفو - البوسنة، قبل أن يدهمها السَّيل وتغشاها النوائب. وانتقت البعثة وصورت (262) مخطوطة.
    وفي شهر أكتوبر من العام نفسه توجهت بعثة من عصام محمد الشنطي وكمال الدين عبد الحميد عفيفي، إلى مكتبة الأمبروزيانا بميلانو - إيطاليا، ومكثا هناك من 13/10/1989م إلى 5/11/1989م، وانتقى عصام محمد الشنطي (402) مخطوطة، صوَّرها المصوّر.
    وإلى جانب هذه البعثات الست التي قام بها معهد المخطوطات بالكويت، صور المعهد - دون إرسال بعثة - مجموعة من مخطوطات تشستربتي بدبلن - أيرلندا، من جامعة الكويت، وكذلك صوَّر مجموعة من مخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة الملك سعود بالرياض أيضا، وجامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية.
    وفي يوم أسود كئيب من أول أيام شهر أغسطس من عام 1990م عدت عواد وأطبقت غواش، وشب حريق فخم في بناء الكويت، لا بل في بناء الأمة العربية كلها، وأغلق معهد المخطوطات بالكويت، وأخذت محتوياته من صور المخطوطات وغيرها، وإلى الله المفزع والمشتكى.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    فهذا عرض لنشاط معهد المخطوطات في إنقاذ المخطوطات بتصويرها، على مدى خمسين عاما، ذكرته بمراحله الثلاث، على سبيل الوجازة والاختصار، ولم يبق إلا بعض النظريات التحليلية، مما ينبغي تسجيله، وإعطاؤه حظه من النظر والتأمل:
    أولاً: قام معهد المخطوطات سنة 1946م، في ذلك الزمان الرخي الهانئ "إذ الناس ناس والزمان زمان"، فمصر تموج بالعلم والعلماء، وجامعاتها تزدان بالهامات الكبار، ومجالس العلم بها مشهودة، ودياره مأنوسة، وأهل الفتيا منك على طرف الثمام، وعلماء العرب يغدون ويروحون، يعطون ويأخذون، وكان للمعهد من أهل العلم - في مصر وفي خارج مصر - عون أي عون.
    ثانياً: نشأ المعهد أول ما نشأ تابعا للإدارة الثقافية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية. والإدارة الثقافية يومئذ يرأسها ويشرف عليها اثنان من كبار أهل الفكر والأدب: الدكتور طه حسين، والأستاذ أحمد أمين، وإنما يطيب الموضع بأهله.
    ثالثاً: كان أول مدير لمعهد المخطوطات هو الدكتور يوسف بن رشيد العش، وهو سوري، ولد في طرابلس الشام سنة 1911م، وتوفي بدمشق سنة 1967م، وهو أول من تخصص في تنسيق الكتب والوثائق في سورية، ودرس في معهد الوثائق والشروط بباريس وعين محافظا لدار الكتب الظاهرية بدمشق، ووضع فهرسا للمخطوطات التاريخية بها. وقد انتدب لإدارة معهد المخطوطات عقب إنشائه، فمكث به نحو خمس سنوات، شارك في إرساء أساسه ووضع قواعده، وخرج في بعثاته الأولى، فكان له فضل المشاركة في انتقاء مجموعاته الأولى من المصورات، وبخاصة مجموعات استامبول. وللدكتور العش مؤلفات وتحقيقات كثيرة، من أبرزها: تقييد العلم، للخطيب البغدادي.
    وقد شارك في نشاط المعهد، وفي بعثاته الأولى في مبتدأ أمره، عالم مغربي محقق، هو الأستاذ محمد بن تاويت الطنجي، ناشر كتاب أخلاق الوزيرين، لأبي حيان التوحيدي، وكتاب المكاثرة عند المذاكرة، لجعفر بن محمد بن جعفر الطيالسي، والإعلام بحدود قواعد الإسلام، للقاضي عياض، وأربعون حديثا في اصطناع المعروف، جمع عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، كما نشر الجزء الأول من ترتيب المدارك، للقاضي عياض، وشارك الأستاذ علال الفاسي في نشر الجزء الأول من مختصر العين، لأبي بكر الزبيدي. وكانت له عناية بابن خلدون. توفي سنة 1974م
    .
    وقد شارك الأستاذ الطنجي في انتقاء مصورات استامبول، في رحلة المعهد إليها عام 1949م، وحين قرر المعهد إصدار أول فهرس لمحتوياته عهد به إليه،فأشرف على إخراج الملازم الخمس والعشرين الأولى من هذا الفهرست، ثم اضطر للتخلي عن هذا العمل لتعيينه أستاذا بجامعة أنقرة بتركيا، فأتمه على خير وجه الأستاذ فؤاد سيد.
    رابعاً: يبرز من بين رجال المعهد على امتداد تاريخه ونشاطه رجلان اثنان، كان لهما الأثر الضخم في إقامة صرح المعهد وإنجاح مهامه، وكان المعهد في أيامهما شعلة نشاط وخلية نحل ومنارة علم: صلاح الدين المنجد، ومحمد رشاد عبد المطلب.
    أما الأول فهو سوري، تولى إدارة المعهد ست سنوات، منذ سنة 1955م وكان خبيرا بالمخطوطات، عليما بالنوادر منها، سافر كثيرا، وجلب للمعهد نفائس ونوادر، من المكتبات العامة والخاصة، وكانت له مهابة عند الناس وقدر، لاشتغاله بعلم المخطوطات وتحقيق الكتب، وطارت للمعهد في أيامه شهرة، وقصده الناس، وهذه من السنن التي لا تتخلف: يكسب الرئيس النابه العارف عمله مهابة مستمدة من مهابته هو، وموصولة بها، وهذه أيضا من ثمرات إسناد الأمر إلى أهله.
    وأما الثاني فهو مصري، وكان آية في معرفة الكتاب العربي المخطوط والمطبوع، يعرفهما كما يعرف الناس آباءهم، وكان يشم رائحة المخطوط النفيس من مكان بعيد، ويقع عليه كما يقع الصائد على فريسته لا يفلتها، ثم كان يتحدث عن المخطوطات حديث العاشق المدله بحبها. وقد عمل بمعهد المخطوطات منذ إنشائه سنة 1946م إلى حين وفاته سنة 1975م، وكثير من نفائس مقتنيات المعهد من صيده هو. رحمه الله.
    خامسا: في شهر أغسطس من عام 1965م أقدم المعهد على خطوة عظيمة، فعيَّن ثلاثة من الشبان، ممن أنس فيهم حب العلم والاشتغال به: عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي وعلى ذو الفقار شاكر، وكان المقصد والغاية تكوين جيل من العلماء لا الموظفين، فالموظف يحرص على أن يقدم تقريرا، لا أن يحصل علما، ولم تستمر هذه التجربة.
    سادسا: يعد معهد المخطوطات أول هيئة عربية تعنى بهذا الأمر العظيم: وهو استنقاذ المخطوطات بتصويرها، وقد سن للناس في ذلك سننا اتبعوها، ومهد لهم طرقا سلكوها، وكانت الدراسات التي كتبت في مجلة المعهد عن المكتبات العامة والخاصة دليلً ومرشداً، فعرف الناس أين توجد المخطوطات، وكيف السبيل إليها، ثم عرفوا معايير نفاسة المخطوط وندرته. ثم كانت الفهارس التي طبعها وأذاعها على الناس نماذج تحتذى في الفهرسة العلمية الكاشفة. وقد أسند المعهد وضع الفهارس إلى طائفة من أهل العلم، وليسوا مجرد كاتبي بطاقات: فؤاد سيد، ولطفي عبد البديع، وإبراهيم شبوح.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    سابعا: كانت حصيلة المعهد من مصورات المخطوطات التي جلبها من أنحاء العالم زاداً طيبا للباحثين والمحققين من الجامعات وغير الجامعات، فتحت أمامهم آفاقا من النظر والبحث، لم تكن متاحة لهم قبل جمع هذه المخطوطات المصوّرة، وحين فسحت الجامعات العربية صدرها لتحقيق التراث حصولاً على شهاداتها العليا، كان معهد المخطوطات مثابة للناس وملاذا، فزع إليه الدارسون من مصر ومن خارج مصر، فهيأ لهم ما لديه من صور المخطوطات، ثم يسر لهم الحصول على ما في المكتبات الأخرى.
    ثامناً: طمح لمعهد منذ إنشائه إلى غايات عالية بعيدة، ومهد لأعماله بخطة محكمة ومنهج راشد، كما ذكرت من قبل، وأسلم أمره وإدارته إلى ذوي الخبرة وأهل الاختصاص، وسعى إلى تكوين جيل من علماء المخطوطات، فاجتذب إليه بعض الشباب النابهين، كل ذلك قد كان، وبدأ الزرع يستحصد، والثمار تقطف، وظهر للقريب والبعيد أن نشاط معهد المخطوطات، وما أحدثه في ميادين الفكر والثقافة هو الأثر الضخم الذي جناه العرب من منظمتهم الكبيرة ؛ جامعة الدول العربية. وكان مأمولاً أن ينتهي الأمر إلى مداه، وتمضي الوسائل إلى غاياتها، ولكن العواتئق اعتاقت، والأشواك زرعت على الطريق، وتمثل ذلك في نقاط:
    الأولى: التضييق إلى أبعد حد على المعهد في ميزانيته ومخصصاته، ويظهر أثر هذا التضييق في الفترات الوجيزة التي كانت تقضيها البعثات في الدول التي توجد بها المخطوطات، وكذلك في عدد المخطوطات التي كانت تصورها هذه البعثات، والتي كانت لا تتجاوز (500) مخطوطة. وكان ينبغي وضع ميزانية كبيرة للمعهد، وتكون مستقلة وثابتة ومستقرة، بحيث لا تؤثر عليها التقلبات التي تتعرض لها الميزانية العامة لجامعة الدول العربية.
    الثانية: التساهل في منصب مدير معهد المخطوطات، على أهميته وخطورة شأنه، فبعد تخلي الدكتور صلاح الدين المنجد لم يأت مدير للمعهد يعرف علم المخطوطات وقضاياه المعرفة التي تسير بالمعهد إلى تحقيق غاياته ! ونعم إن المعهد قد تولى أمره بعد الدكتور المنجد أناس أهل فضل وغيرة وحماسة، ولكن النوايا الطيبة لا تكفى وحدها لإنجاح الأعمال.
    النقطة الثالثة: أعطى المعهد ثم أكدى، وتقاعس عن تكوين ذلك الجيل الذي أشرت إليه الذي يحب المخطوطات، بل يعشقها؛ فإن كثيرا من الناس لا يعرفون العناء الباهظ الذي يحتمله مفهرسو المخطوطات ومصوّروها، وبخاصة خارج مصر، فما ينبغي أن يعمل في هذا المجال إلا المحب العاشق الذي يصبر على لأواء الطريق ومكابدة المشقة، على ما قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: "مَن أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا".
    تاسعا: قلت من قبل إن المعهد قد قام ببعثة في السنوات الأولى من إنشائه - عام 1949م - إلى استامبول، وصوَّر قدرا كبيرا من نفائسها، كانت هي الركيزة التي اعتمد عليها في إقامة قواعده وإظهار صوته، ولكن ثبت بعد عودة البعثة إلى القاهرة أن قدرا غير قليل من أفلام التصوير فاسد، لضعف المصوّر وقلة خبرته في ذلك الزمان.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    وقد قلت من قبل إن المشتغلين بعلم المخطوطات يعلمون أن الجزء الأكبر من تراثنا العربي موجود في تركيا، وأزيد هنا، وأذكر أن المخطوطات العربية ليست في استامبول وحدها دون بلدان تركيا الأخرى، وإن كانت استامبول قد ذهبت بالشهرة كلها ؛ لأنها تضم أكبر مجموعة من المخطوطات وأذكر هنا بعض النفائس التي توجد خارج استامبول، من الجمهورية التركية:
    1 - الجامع، لمعمر بن راشد المتوفى سنة 153هـ - وهذا الكتاب هو أول ما صنف باليمن، وهو أقدم من موطأ مالك - توجد منه نسخة عتيقة، بقلم أندلسي يشبه الكوفي، على رق غزال، منسوخة سنة 364هـ، والنسخة محفوظة بمجموعة إسماعيل صائب أفندي بجامعة أنقرة. وقد رأيتها بعيني، في شتاء عام 1970م.
    2 - المحكم في نقط المصاحف، لأبي عمرو الداني المتوفى سنة 444هـ، ونشره الدكتور عزة حسن عن نسخة وحيدة، محفوظة بمكتبة مصطفى جون، في مكتبة كلية اللغات والتاريخ بجامعة أنقرة، وتاريخ نسخها سنة 741هـ.
    3 - الذخائر والتحف، للقاضي الرشيد بن الزبير، من علماء القرن لخامس الهجري. نشره الدكتور محمد حميد الله عن نسخة وحيدة، محفوظة ببلدة أفيون قره حصار، من بلدان تركيا.
    4 - مجموعة شعرية - يعرفها أهل الأدب - تضم أشعار بشر بن أبي خازم، وتميم بن أبيّ بن مقبل، وذي الرمة، والطرماح، بخط نسخي جيد، من خطوط القرن السابع أو الثامن ظناً. وتوجد هذه المجموعة في بلدة تسمى جوروم، وهي مدينة نائية في هضاب الأناضول، في الوسط، تقع إلى الشمال الشرقي من أنقرة عاصمة تركيا. زرتها ورأيت هذه المجموعة الشعرية، وقد نشر الدكتور عزة حسن منها دواوين بشر وتميم والطرماح. ومثل هذا كثير جدا.
    فلو أراد الله لمعهد المخطوطات أن يعود إلى سابق مجده ونشاطه في إرسال البعثات للتصوير، فينبغي أن تكون وجهته الأولى تركيا. وهذا حديث يساق أيضا إلى كل المعنيين بشئون التراث العربي أن يولوا وجوههم شطر تركيا، ويصطنعوا من الوسائل ما يمهد لإقامة علاقات ثقافية متينة بيننا وبين إخواننا الترك. وليتنا نصنع ما صنعه المستشرقون الألمان في مطلع هذا القرن، فقد علموا لمخطوطات تركيا وزنها وقيمتها، فسعوا لها سعيها، وأعدوا لها عدتها، فأنشأوا باستامبول معهد الآثار الألماني، أشرف عليه المستشرق الألماني الكبير هلموت ريتر طوال ثلاثين سنة، وأنشأ به المكتبة الإسلامية عام 1918م لتحقيق النصوص الإسلامية. ومما نشره منها باستامبول: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، لأبي الحسن الأشعري (1929م)، وفرق الشيعة، للحسن بن موسى النوبختي (1931م)، والجزء الأول من الوافي بالوفيات للصفدي (1931م)، وأسرار البلاغة
    ، للشيخ عبد القاهر الجرجاني (1954م)، ونصوصاً ودراسات أخرى كثيرة([51]).
    ولم يكن هذا المعهد الألماني القائم في قلب استامبول هو الصلة الوحيدة بين الألمان والأتراك، فقد حدتني بعض المسنين من أهل استامبول أنه رأى في ذلك الزمان، زمان ريتر - عدة حافلات (أوتوبيسات) مكتوبا على ظهرها "هدية من الشعب الألماني إلى التعب التركي".
    وكأن صورة هذا المعهد الألماني كانت ماثلة في ذهن الدكتور يحيى الخشاب - المشرف على معهد المخطوطات بعد رحيل الدكتور صلاح الدين المنجد - فقد قال، رحمه الله: "ولست أشك في أن العلماء المعنيين بالثقافة العربية وبالمخطوطات بوجه خاص، يشاركونني الرأي في وجوب إنشاء معهد عربي للدراسات العربية باستنبول، تكون مهمته تمكين الباحثين العرب، من مساعدته في تكملة فهارس المخطوطات العربية وتصويرها بجانب أعماله الثقافية الأخرى، ويكون له حق إيفاد بعثات طويلة المدى لدراسة أحوال المخطوطات في الهند وإيران وتصويرها
    ([52]).
    على أننا من قبل حديث المخطوطات ومن بعده مطالبون بمد الجسور بيننا وبين إخواننا الترك من آل عثمان، وشد الأواصر بأوثق العرى وأمتن الأسباب ؛ فإن العلاقات بيننا وبينهم ضاربة في القدم بعروقها، ودع عنك ما يقال عن الغزو العثماني لمصر، أو الاحتلال العثماني لمصر، فهذا كله من حديث السياسة، وللسياسة دروب ومضايق، يضيع فيها الحق، ويضل معها الحكيم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    عاشراً: لقد قدَّم معهد المخطوطات عبر مسيرته الطويلة الخطة والمثال والنموذج، فلسنا في حاجة إلى لجان تخطط وخبراء تقرر، فالطريق واضح المعالم، وليس إلا المال وهمم الرجال.
    إن معهد المخطوطات يتمتع منذ 9/10/1955م بشخصية معنوية مستقلة، فيقبل الإعانات والهبات وينظم الاكتتابات. فهل يجعل أثرياء الأمة العربية من فيض أموالهم نصيبا مفروضا لإقالة معهد المخطوطات عثرته، والعودة به إلى سابق مجده.
    وأما الرجال - وهم علماء المخطوطات - فهم يتناقصون يوما إثر يوم، بالموت الذي لا يرد، وبالصوارف التي لا تدفع، وما بقى إلا قلة خافتة الصوت ضعيفة الأثر، وهذه القلة ينبغي الإفادة منها لتخريج أجيال جديدة تحب المخطوطات وتخلص لها، لا تتباهى بالعمل بها، تطلب المثالة والذكر الحسن، كمن يملأ فمه بكلمة التراث بغدو بها ويروح ولا يرجع بشيء ذي بال، أو كالذي يحتفظ في بيته بصحيح البخاري ؛ التماسا للبركة، أو سمعة ورئاء الناس.
    فهل تنجح جامعاتنا العربية ومراكز العلم ودور الكتب بها في تكوين هذا الجيل الجديد، ليمضى على الطريق ويكمل المسيرة، فلا ينقطع مدد هذا الذي هو الأساس لاكتشاف المغيَّب من تراثنا، وتأكيد الثقة بما سلم لنا من عوادي الناس والأيام.
    وبعد: فهذه خمسون عاما على إنشاء معهد المخطوطات: شعلة لمعت ثم طفئت، وضوء سطع ثم خبا، وصوت دوى ثم خفت، وموج هدر ثم سكن:
    فَدَعْ ذِكر عيش قد مضى ليس راجعاً ودُنيــا كظِــلّ الكــرم كنـــا نَخوضُها
    ثم هذه إحدى وثلاثون سنة على عملي بمعهد المخطوطات، دخلته في طراءة الصبا وميعة الشباب، فقرأت وسمعمت وشافهت ورويت ورحلت وعانيت. ومهما اعتصم المرء بالصبر، واستمسك بالجلادة، فلن يستطيع أن يمسك دمعة، ويحبس حسرة على تلك الأيام الخوالي، وعلى رفاق المخطوطات الأعزاء الراحلين: محمد رشاد عبد المطلب، ومحمد مرسي الخولي، وأحمد سالم عبد السلام، ثم أخي وعشيري عبد الفتاح محمد الحلو، برد الله مضاجعهم:
    ما في الصِّحَاب أخو وَجْدٍ نُطارحه حــديثَ نَجْــدٍ ولا صــبٌّ نُجــــارِيه
    ظ‚ط¶ظ?ط© ط§ظ„ط?ط¹ط±ظ?ظپ ط¨ط§ظ„ظ…ط®ط·ظˆ ط·ط§ط?: ظ…ط§ ط?ط*ظ‚ظ‚ ظˆظ…ط§ ظ„ظ… ظ?ط?ط*ظ‚ظ‚ / ط¯. ظ…ط*ظ…ظˆط¯ ظ…ط*ظ…ط¯ ط§ظ„ط·ظ†ط§ط*ظ?
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: قضية إنقاذ المخطوطات ما تحقق وما لم يتحقق

    رحم الله تعالى الدكتور الطناحي، وهؤلاء العلماء الأفذاذ
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •