بسم الله الرحمن الرحيمالعدالة في الميراث بين الذكر والأنثى يشيع كثير من الجاهلين والمغرضين والسفهاء أن الدين الإسلامي ميز الرجل على المرأة في الميراث، حيث أعطى للذكر مثل حظ الأنثيين، مستدلين بقوله تعالى: (يوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)( النساء: من الآية11). والجواب على ذلك أنه لا شك في صحة هذه الآية الكريمة، ولكنها لا تدل أبداً على ما يشيعونه. فالله سبحانه سوَّى في الإرث بين الذكر والأنثى في أحوال، وفضل الذكر على الأنثى في أحوال، وفضل الأنثى على الذكر في أحوال، وورث الذكر دون الأنثى في أحوال، وورث الأنثى دون الذكر في أحوال، وكل ذلك يدل على أن تفضيل الذكر على الأنثى ليس هو المبدأ في الموضوع، ولكن التفضيل مبني على أسس علمية وموضوعية بعيدة عن الذكورة والأنوثة، وبيان ذلك في الأمثلة التالية: 1)) إذا توفي إنسان عن أم وأب وابن، فللأم السدس وللأب السدس بنص القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ)(النساء: من الآية11)، وهما ذكر وأنثى حتما. وإذا توفي إنسان عن أخ لأم وأخت لأم، فالثلث بينهما نصفين بالتساوي، بموجب قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ)(النسا ء: من الآية12). 2)) إذا توفي إنسان عن ابن وبنت، فالتركة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)( النساء: من الآية11). 3)) إذا ماتت امرأة عن أم وأب وزوج وبنتين، فللبنتين الثلثان، ولو كان بدل البنتين ابنان من الذكور لكان لهما أقل من الثلثين، بالإجماع. 4)) إذا مات إنسان عن عم شقيق وعمة شقيقة، كانت التركة كلها للعم، ولا شيء منها للعمة بالإجماع. 5)) إذ مات إنسان عن جد لأم، وجدة لأم، فالتركة كلها للجدة لأم، ولا شيء منها للجد لأم، بالإجماع. كل ذلك يدل على أن المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث هي الأساس فيه، والتفاضل بينهما عند حدوثه فهو مبني على أسس علمية واجتماعية لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة كما يظن أو يشيع الجاهلون. وأمثل لذلك بمثال يوضح المعنى الذي أقصده، فإذا مات إنسان عن عم وعمة، فالتركة كلها للعم كما قدمت، دون العمة، وذلك لأن العم مكلف بالإنفاق على ولد أخيه إذا افتقر وعجز، دون العمة، فكان تقديمه لذلك. ولو مات إنسان عن جد لأم وجدة لأم، كانت التركة كلها للجدة، لأن عليها الحضانة وتربية الصغير عند فقد أمه، دون أن يكون على الجد شيء من ذلك. والله تعالى أعلم. الأربعاء: /14/ شوال/1434هـ/ - /21/أغسطس/2013م. أ.د أحمد الحجي الكردي خبير الموسوعة الفقهية الكويتية