شرح تصريف العزي ومؤلفه المجهول المعروف

لدينا مخطوطتان الأولى تحت رقم 1065 والثانية تحت رقم 3877 كلاهما شرح تصريف العزي والشارح في الأولى كتب المفهرس أنه غير معروف وفي الثانية تبع المفهرس كما في برلين يوسف جان بن عباس البير خضراني (ت1094هـ).
والذي جعلني أشك في الأمر أن تاريخ النسخة الثانية مكتوب بشكل واضح سنة 999هـ، وعلى هذا يستحيل أن تكون وفاة المؤلف سنة 1094هـ أو أن في الأمر لبسا.
من خلال مقدمة النسخة وهي كما يلي: لما كان من الواجب على كل طالب لشيء أن يتصور ذلك الشيء أولاً ليكون على بصيرة في طلبه وأن يتصور غايته لأنه هو السبب الحامل على الشروع ...
تبين أن لدينا نسخة أخرى تحت رقم 1065 ولكن لمؤلف مجهول، الحمد لله فقد كفينا عناء البحث فالحكم الذي سيصدر على النسخة 3877 مباشرة سيناسب النسخة 1065 وهذه النسخة كتبت سنة 864هـ مما يفيد أن الأمر يحتاج إلى تحرير.
المفهرس الذي فهرس النسخة 3877 ونسبها تبعا لفهرس وليم الورد المكتبة الملكية ببرلين تحت رقم 6623 الترصيف في إعلال التصريف ليوسف جان بن عباس البير خضراني....مباشرة عندما وجد المقدمة متطابقة نزل الحكم عليها وتبع المكتبة الملكية ببرلين على رأيهم...وشجعه على ذلك أن بقية المصادر أشارت أن المؤلف مجهول فطار فرحا بما وجده عند المكتبة الملكية. والمصادر التي نسبت الكتاب لمجهول هي: جامعة الإمام (نحو) / 345 - الظاهرية (صرف) / 499 - أوقاف بغداد 3 / 365 .
ولو انتبه مفهرسنا لتاريخ وفاة المؤلف 1094 هـ وتاريخ كتابة نسختنا سنة 999 هـ لتغير رأيه وشك مثلما حصل لي. لكن لا نعلم عن ظروف تلك الحالة فالمفهرس بشر يعتريه ما يعتري البشر من أمور تؤثر إيجابا أو سلبا على قراره.

ثم بعد مقابلة نص نسختنا 3877 لنسخة برلين 6623 وجدت أن الكلام يتفق بنسبة كبيرة في الخطبة ويختلف تماما عندما يأتي صلب الشرح..........وإليك الأمر:
خطبة نسختنا 3877: لما كان من الواجب على كل طالب لشيء أن يتصور ذلك الشيء أولاً ليكون على بصيرة في طلبه وأن يتصور غايته لأنه هو السبب الحامل على الشروع في الطلب . . .
خطبة نسخة برلين: لما كان من الواجب على كل طالب لشيء أن يتصور ذكر الشيء ليكون سعيه على بصيرة، وأن يتصور فائدته لأنه هو السبب الحامل على الشروع بدأ المصنف بتعريف التصريف على وجه يتضمن فائدته...
كلام الشارح لنسختنا 3877 اعلم أن التصريف: وهو تفعيل من الصرف للمبالغة والتكثير......

كلام الشارح لنسخة برلين 6623 اعلم: أيها المتعلم، أن التصريف أي لفظه الذي هو مركب من التاء والصاد والراء والياء والفاء...الخ.

علمنا هنا أن الشارحان مختلفان في نص الشرح وإن اتفقا في الخطبة، وعليه فتنفصل نسخة برلين عن نسختنا فأصبح لدينا نسخة تحت رقم 1065 مجهولة المؤلف وأخرى جديدة انضمت إليها تحت رقم 3877
والنسخة التي تحت رقم 1065 كتبت سنة 864هـ....فبالتالي لا بد أن يكون المؤلف إما من أهل القرن الثامن أو قبله.

وبعد المقابلة مع النسخ الأخرى لشرح تصريف العزي وهي كثيرة لا مقابلة الخطبة بالخطبة بل مقابلة الشرح بالشرح...تبين ولله الحمد أن نسخنا ليست مجهولة المؤلف وإنما هي لمؤلف مشهور وهو العلامة مسعود بن عمر التفتازاني (ت 793هـ) وهذا يتضح وبكل جلاء عندما تقابل نص كلام الشارح.
وأن النسخ التي عندنا مدار الإشكال حذفت خطبة المؤلف الطويلة وحمدلته وبدأت من حيث قال: فأقول لما كان من الواجب...

وبهذا تم حل إشكال وخطأ في النسبة ووصف بالجهالة لمخطوطين فلله الحمد من قبل ومن بعد.