يا مولانا ثبت العرش ثم أدر النقش
بل يقال - وهو أولى- إنما يحتج بلفظ الحديث إذا ثبت أنه لم يرو بالمعنى.
وهذا غير متحقق هاهنا
فهذا الحديث معروف من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن معاوية بن قرة عن عائذ بن عمرو ررر به
وقد رواه مسلم باللفظ المذكور: «قالوا لا يغفر الله لك - يا أخي» عن محمد بن حاتم عن بهز بن أسد عن حماد به
وهذا اللفظ محل الشاهد لم أجده عند غيره
فقد رواه أحمد عن أبي شبل مهنأ بن عبد الحميد وحسن بن موسى عن حماد ولفظه: «فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن هدبة عن حماد مثله
ومن طريقهما روا ابن عسكر في تاريخ دمشق ولفظه: «فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
ورواه ابن أبي شيبة عن حسن بن موسى عن حماد ولفظه: «فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
وراوه النسائي من طريق عفان عن حماد ولفظه: «قالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
ورواه الروياني من طريق عفان عن حماد ولفظه: «فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق عفان عن حماد ولفظه: «فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
فهذه الطرق جميعا واتفاقها على لفظ واحد يدل على أنه هو لفظ الحديث وأن ما في صحيح مسلم رُوي بالمعنى فالحادثة واحدة وسندها واحد ولا يتصوّر أصلا تكرارها
فإن انضمّ إلى ذلك أن شيخ مسلم في هذا الحديث ((محمد بن حاتم)) ليس من الحفاظ المتقنين بل تُكِلّم فيه حتى بالغ ابن معين وابن المديني وقالا: كذّاب، وقال الفلاس: ليس بشيء صار الظن يقينا أنه رواه بالمعنى.
بل وأخشى ما هو أشد من ذلك أن يكون ذلك من اختلاف نسخ مسلم.
فقد قال ابن عبد البر في الاستيعاب: وذكر مسلم حدثنا محمد بن حاتم أخبرنا بهز أخبرنا حماد بن سلمة ... فذكر الحديث بلفظ مسلم لكن فيه: «قالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك»
ومعروف ان ابن عبد البر كان عنده نسخة من صحيح مسلم ينقل منها فلعل لفظ الحديث فيها هكذا فيوافق اللفظ المعروف عند غير مسلم.
أو يكون ابن عبد البر كتب من حفظه فلم يستحضر غير اللفظ المشهور فذكره ظنّا منه أنه لفظ مسلم أيضا فيؤكد الاحتمال الأول.
وأيًّا ما كان الأمر فليس في الحديث دليلا على ما قاله ابن العربي
والله أعلم