جامع المنفذ ، السالك الى الله
***********************
جامع المنفذ ، السالك الى الله فى كل واد الواصل اليه من كل طريق ،الذى جعل وظائف
عبوديته قبلة قلبه ، ونصب عينه يؤمها أين كانت ويسير معها حيث سارت ، قد ضرب من كل فريق بسهم ، فأين كانت العبودية وجدته هناك : ان كان علم وجدته مع أهله ، أو جهاد وجدته فى صف المجاهدين ، أو صلاة وجدته فى القانتين ، أو ذكر وجدته فى الذاكرين ، أو احسان ونفع وجدته فى زمرة المحسنين ، أو مراقبة ومحبة وانابة الى الله وجدته فى زمرة المحبين المنيبين ، يدين بدين العبودية أنى استقلت ركائبها ، ويتوجه اليها حيث استقرت مضاربها ، لو قيل له : ما تريد من الاعمال ؟ لقال : أريد أن أنفذ أوامر ربى حيث كانت وأين كانت ، جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعتنى او فرقتنى ، ليس لى مراد الا تنفيذها والقيام بأدائها مراقبا له فيها ، عاكفا عليه بالروح والقلب والبدن والسر ، قد سلمت اليه المبيع منتظرا منه تسليم الثمن " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " ( التوبة : 111 ) .


فهذا هو العبد السالك الى ربه النافذ اليه حقيقة ، ومن النفوذ اليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبة بمحبوبه فيسلو به عن جميع المطالب سواه فلا يبقى فى قلبه الا محبة الله وأمره وطلب التقريب اليه .


فاذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه , واخذ بقلبه اليه وتولاه فى جميع أموره فى معاشه ودينه وتولى تربيته أحسن وأبلغ مما يربى الوالد الشفيق ولده فانه – سبحانه- القيوم المقيم لكل شىء من المخلوقات طائعها وعاصيها فكيف تكون قيوميته بمن أحبه وتولاه وآثره على ما سواه ورضى به من الناس حبيبا وربا ووكيلا وناصرا ومعينا وهاديا !! فلو كشف الغطاء عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه حبا له وشوقا اليه ولتقطع شكرا له ، ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك اخلادها الى عالم الشهوات والتعلق بالاسباب فصدت عن كمال نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم . والا فأى قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن الى غيره ويسكن الى ما سواه ؟! هذا ما لا يكون أبدا " .