تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    السؤال:
    ما معنى دعاء ( حسبي الله ونعم الوكيل ) وما هي مرتبته عند الله سبحانه وتعالى ، هل هي أعلى رتبة في دعوة المظلوم على الإطلاق ، ومتى يقوله المسلم ، وهل قوله في حق المسلم فعل شنيع . سمعت شيخا من العلماء يقول إنه " لا يجوز الطعن في هذا الدعاء بعد قوله "، أي - على حسب فهمي - لا يجوز الرجوع على هذا الدعاء ، فقوله يُعد نهائيا ، إذا كان هذا الكلام صحيحا فماذا بقي للظالم الذي رُفع ضده هذا الدعاء أن يفعله مع نفسه والمظلوم ، هل من كفارة ، هل لمن له حظ من العلم بخطورة هذا الدعاء أن يقول " أرجو من الله أن لا يقوله في حقي بشر أبدا " ؟
    الجواب :
    الحمد لله
    " حسبي الله ونعم الوكيل " من أعظم الأدعية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة ، ويمكننا تفصيل الحديث عن هذا الدعاء في المطالب الآتية :
    أولا : دليل مشروعيته:
    وردت مشروعيته في القرآن الكريم في حكاية الله عز وجل عن الصحابة الكرام في أعقاب معركة أُحُد ، في " حمراء الأسد "، وذلك حين خوَّفهم بعضُ المنافقين بأن أهل مكة جمعوا لهم الجموع التي لا تهزم ، وأخذوا يثبِّطون عزائمهم ، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بوعد الله ، وتمسكا بالحق الذي هم عليه ، فقالوا في جواب جميع هذه المعركة النفسية العظيمة : حسبنا الله ونعم الوكيل .
    يقول عز وجل : ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) آل عمران/172-174.
    بل ورد في صحيح البخاري رحمه الله (رقم/4563) أن تلك الكلمة كانت على لسان أولي العزم من الرسل ، قالها إبراهيم عليه السلام في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار ، وقالها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في " حمراء الأسد ".
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :
    ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ : قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِي فِي النَّارِ ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا : ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )
    ثانيا : معنى هذا الدعاء:
    يقول العلماء إن معنى : حسبنا الله : أي الله كافينا ، فالحسب هو الكافي أو الكفاية ، والمسلم يؤمن بأن الله عز وجل بقدرته وعظمته وجلاله يكفي العبد من كل ما أهمه وأصابه ، ويرد عنه بعظيم حوله كل خطر يخافه ، وكل عدو يسعى في النيل منه .
    وأما معنى : ( نعم الوكيل )، أي : أمدح من هو قيِّم على أمورنا ، وقائم على مصالحنا ، وكفيل بنا ، وهو الله عز وجل ، فهو أفضل وكيل ؛ لأن من توكل على الله كفاه ، ومن التجأ إليه سبحانه بصدق لم يخب ظنه ولا رجاؤه ، وهو عز وجل أعظم من يستحق الثناء والحمد والشكر لذلك .
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " أي : الله وحده كافينا كلَّنا " انتهى من " منهاج السنة النبوية " (7/204)
    ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " ( حَسْبُنَا ) أي : كافينا في مهماتنا وملماتنا ، ( وَنِعْمَ الْوَكِيل ) إنه نعم الكافي جل وعلا ، فإنه نعم المولى ونعم النصير .
    ولكنه إنما يكون ناصرا لمن انتصر به واستنصر به ، فإنه عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، فإذا اتجه الإنسان إليه في أموره أعانه وساعده وتولاه ، ولكن البلاء من بني آدم ، حيث يكون الإعراض كثيرا في الإنسان ، ويعتمد على الأمور المادية دون الأمور المعنوية " انتهى من " شرح رياض الصالحين " (1/542)
    وانظر جواب السؤال رقم : (11184)
    ثالثا : فضل هذا الدعاء:
    هو من أعظم الأدعية فضلا ؛ وأعلاها مرتبة ، وأصدقها لهجة ؛ لأنه يتضمن حقيقة التوكل على الله عز وجل ، ومَن صَدَق في لجوئه إلى ربه سبحانه حقق له الكفاية المطلقة ، الكفاية من شر الأعداء ، والكفاية من هموم الدنيا ونكدها ، والكفاية في كل موقف يقول العبد فيه هذه الكلمة يكتب الله عز وجل له بسببها ما يريده ، ويكتب له الكفاية من الحاجة إلى الناس ، فهي اعتراف بالفقر إلى الله ، وإعلان الاستغناء عما في أيدي الناس .
    ومع ذلك ، فننبه إلى أنه لم يرد في حديث خاص أن من قالها كان له من الأجر كذا وكذا ، لكن قول الله سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/3، ؛ دليل على أن من توكل على الله حق التوكل ، وعده الله سبحانه أن يكفيه ما أهمه ، ويكون حسيبه وحفيظه ، فلا يحتاج إلى شيء بعده ، وكفى بذلك فضلا وثوابا ؛ فإن من كفاه الله سَعِدَ في الدنيا والآخرة بقدرة الله وعزته وحكمته ، ولذلك قال تعالى في الآية الأخرى : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) الأنفال/49، بل كان جزاء المؤمنين في أعقاب " أُحُد " حين قالوا هذه الكلمة أن رجعوا بفضل الله عز وجل وكرامته وحفظه : ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) آل عمران/174. ينظر: " زاد المعاد " (2/330)
    رابعا : مواضع مناسبة الدعاء بـ " حسبنا الله ونعم الوكيل ":
    يناسب هذا الدعاء كل موقف يصيب المسلم فيه هم أو فزع أو خوف ، وكذلك كل ظرف شدة أو كرب أو مصيبة ، فيكون لسان حاله ومقاله الالتجاء إلى الله ، والاكتفاء بحمايته وجنابه العظيم عن الخلق أجمعين .
    وقد ورد في ذلك حديث ضعيف جدا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذا وَقَعْتُمْ فِي الأَمْرِ العَظِيمِ فَقُولوا : حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ ) رواه ابن مردويه ، انظر " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم/7002).
    وأفضل حالا منه حديث يرويه سَيْف ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) رواه أبوداود (رقم/3627) .
    والحديث ضعيف أيضا ، ضعفه العلماء بسبب جهالة سيف ، قال النسائي : سيف لا أعرفه . كما في " السنن الكبرى " (6/160) وإن كان العجلي قال فيه : شامي تابعي ثقة ، ولكن العلماء لا يعتمدون على توثيق العجلي ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود ".
    ولكن معناه صحيح ، تشهد له الأحاديث الصحيحة الواردة في الباب ، منها حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ ، فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمْ : قُولُوا : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا )
    رواه الترمذي (رقم/2431) وقال : هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه هذا الحديث عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "، وفي " السلسلة الصحيحة " (رقم/1079)
    ولذلك بوب النسائي على هذا الدعاء بقوله : " مَا يَقُول إذا خَافَ قوما " انتهى من " عمل اليوم والليلة " (ص/392)
    وذكره ابن القيم رحمه الله في " الفصل التاسع عشر في الذكر عند لقاء العدو ومن يخاف سلطاناً وغيره " انتهى من " الوابل الصيب " (ص/114)
    ونلاحظ مما سبق أن هذا الدعاء يمكن أن يقال في مواجهة المسلم الظالم ، وليس فقط الكافر ، كما يمكن أن يلجأ إليه المهموم أو المكروب أو الخائف بسبب تعدي أحد المسلمين .
    وأما الظالم الذي قيل في حقه هذا الدعاء فليس له إلا التوبة الصادقة ، وطلب العفو ممن ظلمهم وانتهك حقوقهم ، ورد المظالم إلى أهلها ؛ وإلا فإن الله عز وجل سيكون خصمه يوم القيامة ، وغالبا ما يعجل له العقوبة في الدنيا ، فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .
    والله أعلم .
    الإسلام سؤال وجواب
    http://islamqa.info/ar/ref/175548
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    جزاكم الله خيرا
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

    وجزاكم مثله
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •