بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
قال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [الأعراف: 188].
أذكر حين كنت حدَثًا؛ إذْ دار حديث بيني وبين أخٍ فاضلٍ قارىء للقرآن، جزاه الله خيرا، وكان ممّا أذكره أنه تلا قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}، ثم عقّب قائلا - بمعناه - :
لو عَلِمَ فلانٌ أنّه سيتردَّى في حفرةٍ لو أخذ الطريق الفلانيّ، لانكفّ عن المضيّ، ولو كُشِف له أنّه سيقع له كنز لو سلك سبيل كذا، لطلبه حثيثا، ولسار إليه عَجِلا. وهذا قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}.
ثم إنِّي اليوم، وبعد مضيّ هذه السِّنيّ، أتلو إشارة القشيريّ - رحمه الله - حول هذه الآية الكريمة: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}، قال رحمه الله:
(أَمَرَهُ بتصريح الإقرار بالتبرِّي عن حَوله ومُنَّته، وأنّ قيامه وأمرَه ونظامه بِطَوْل ربِّه ومِنَّته؛ ولذلك تتجنَّس عليَّ الأحوال، وتختلف الأطوار؛ فمِن عُسر يمسّني، ومن يُسر يخصّني، ولو كان الأمر بمرادي، ولم يكن بيد غيري قيادي؛ لتشابهت أحوالي في اليُسر، ولتشاكلت أوقاتي في البُعد مِن العُسر).انتهى كلامه رحمه الله. أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.