تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: نفثةُ مصدور ...وبارقة أمل قبل البلِى والدُّثور

  1. #1

    افتراضي نفثةُ مصدور ...وبارقة أمل قبل البلِى والدُّثور

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف الخلق، وسيد الرسل محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...
    أما بعد: أيها الإخوة رواد هذا المنتدى الطيب المبارك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
    جلست إلى أوراقي، بعد أن انقطعت حيلتي في الظفر بخبر عن شرح المهلب بن أبي صفرة على البخاري، ونسخة أبي علي الصدفي من الجامع الصحيح...جلستُ وقد أعيتني السنونُ والأيام التي انصرمت من عمري، أتفكَّرُ في حال هذا القرن الذي أنا فيه، قرنٌ زعموا- أن الكون فيه غدا أشبه شيءٍ بقرية صغيرة، لا يطير طائرٌ فيها بجناحيه في أقصى المشرق إلا جاء الخبر عنه إلى أقصى الغرب في أقل من ارتداد الطرف، وومضة البرق، وسرعة الصوت، وكيف لا يكون ذلك كذلك، وأنتَ تأتيك الأنباء طرية أولا بأول من أقصى الأرض، تراها- في الرائي - التلفاز- رؤية عينٍ، وتحيا في أثنائها، تسمعها من المذياع، وبينك وبينها مفاوز وفلوات، وأرضون وسموات...
    جلستُ أتفكرُ في حال هذا الإنسان - من أهل قرني وعصري-كيف سُخر له أن يكلم أخاه ، يسمعه صوته، ويبلغه رأيه ، وهو لا يرى شخصه، ولايرمق عينه، فقلت : ما أعظم نعم الله على هذا الإنسان، فله وحده سبحانه المنة والفضل.
    وجلستُ أتفكرُ- مُقلبًا صفحات التاريخ- في إنسان القرون الأولى من صدر هذه الأمة، وكيف كان يتصل مع أخيه النائي عنه في أقاصي الدنيا، فألفيتُ حاله مع تلك الوسائط، وهاتيك الوسائل، في أسوإ حال، وأمره فيها إلى وبال: ناقة عجفاء، أو مركب مُهَلهَلٌ، أوحصان مهما جرى لابد أن يدركه العياء، أو حمامٌ دُربَ ليحمل المراسيل، فلربما سقط من علٍ ومات، فقال بعضي لبعضي:" الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يكافئ نعمه الجليلة، وآلاءه العظيمة، إذ البوْن بينا وبين أولئك شاسع، والفرق بينِّ ٌواضحٌ.
    جلستُ كرة أخرى أتفكر في ذلك الجيل، وفي هذا الجيل، وأمعنت في الفكر، وإعمال النظر، وقلَّبتُ الأمر ظهرا لبطن، أقابلُ بين الجيلين، وأوازنُ بين الفريقينْ ، فأسلمني التفكرُ إلى أن ذاك الجيل، أعرفُ بحال بعضهم بعضا من هذا الجيل، وانهم كانوا من أشد الناس معرفة بأخبار ما يجري لإخوانهم في أقاصي الأرض، ومن أسباب ذلك عندهم، رحلة بعضهم إلى بلاد بعض: كان الواحد من أهل المغرب والأندلس، يخرج راحلا مقويا، تظله سماء ربه، وتؤويه أرض خالقه، قد يشرف على هلكة، ويهجم على تلف، قد يعظم عليه البحر، وقد يقطع عليه الطريق باغ أو جارح ، وهو في ذلك صابر محتسب، قد خرج وقد حسَّن لخرجته نيته، وأخلص فيها مقصده، وجعل وجهته الوجهةَ الوجيهة إلى مكة وطيبة، حيث يلقى الأحبة: محمداً وصحبه، والعلمَ وأهله،والصدقَ واربابه، والصفاء وأصحابه...
    تأملتُ حال هذا الطراز الرفيعَ من أبناء أمتنا في العصور الخوالي، فألفيتُ عجباً، قومٌ لا يملكون ما نملك من وسائط الإتصال، ووسائل اللقاء والإنفعال، وهم لعمر اللهِ ، أكثر منا معرفةً بأحوال بعضهم بعضا، مهما شطت الديار، وتباعدت الأوطان، وتناءت الأجسام والأبدان .
    ونحن مع التلفاز والمذياع والجوال والأنترنيت وما لست أعرفهُ، لا علم للجار فينا بما في بيت جاره، ولا علم للمغربي بما في المشرق، إذ التواصل فيما بيننا- إلا ما ندر- معدوم...
    وواصلتُ التفكر، وأمعنت فيه، فألفيت أولئك الأماجد الكرام، أسلمُ قلوبا، وأصفى نياتٍ، وأبرُّ نفوسا، وأخفُّ الناس لفعل الخير، وأبسطُ الخلق طُراً بالمعروف، وأجودُ بالعطاء، وأمنح الناس للمنيحة، يجيبون إذا دُعوا، ويُغيثون إذا استغيثوا، ويُلبون إذا استُصرخوا...
    أفلا يُنصرون بعدُ؟؟ أفلا يمكنون في الأرض؟؟ أفلا يصبحون سادة وقادة؟؟ بلى لقد نُصروا ومُكنوا وسادوا وقادوا ...
    ونحن نستغيث فلا مغيث ،ونهيب بإخوة لنا في المشرق أن يبحثوا لنا عن كتاب في مركز مرموق فلا مجيب...
    راودتني هذه الأفكار وأنا أبحث في صفحات هذا المجلس المبارك، عن خبر كاف شاف عن شرح المهلب، ونسخة الصدفي من الجامع الصحيح، فلم اظفر بشيء..
    وألفيتُ في بعض الملتقيات التي أكتب فيها، جوابا لبعض الإخوة، وقد كنت رغبتُ إليه في البحث عن الطِّلْبة في فهارس مركز الملك فيصل بالرياض،وهو الذي زعم أنه ما من مخطوط يريده مريد إلا سيسعفه بما تقر عينه..-أقول وجدت ذاك الأخ الفاضل العزيز يجيب قائلا لا أستطيع القيام بشيء، فأنا خارج المملكة، ودونك رقم هاتف المركز، فاتصل بهم، يسعفوك!!!
    قلت: كيف يكون الإسعاف، وقد كتبت إليهم فلم يجيبوا، والحفت في المسألة فلم أحل بشيء، أم تُراهم لو سمعوا صوتي أجابوا، ولطلبي قضوا وأسرعوا؟؟!!
    وكتب إليَّ فاضلٌ من أهل المغرب يخبرني، أن من شرح المهلب قطعة بمراكش، وأن المهلب هو فلان الفلاني وأن شرحه كذا وكذا...إلخ ما أعرفه، وكتبت فيه...
    وخفي على هذا الفاضل أن القطعة التي أشار إليها في مراكش ليست للمهلب، ولا من شرحه، بل هي من شرح شيخه ابن بطال، ولقد كنت أقول بقول الأخ الفاضل وأدرِّسه ويؤخذ عني، حتى كشف لي البحثُ والتنقيب غلط ما كنت أعتقد، وخطل ما كنت أذهب إليه، وهو شيء وفقتُ إليه لوحدي، ولم يوقفني عليه أحدٌ، فلله الفضل والمنة، ومن الحجة على هذا الذي قررته ههنا، أنه لما طبع شرح ابن بطال القرطبي،- وقد كان مخطوطا يوم أن كتبت عن المهلب معتقدا أنه هو الذي في خزانة ابن يوسف- أقبلت عليه مقارنا بينه وبين ما في تلك القطعة، فبان لي الهولُ، وسُقط في يدي، واسترجعتُ يومئذ،وشقَّ عليَّ أن أضللتُ جمهرةً من الباحثين الذين تابعوني على رأيي في أن من شرح المهلب قطعة بمراكش، ومن هؤلاء د/ خالد الصمدي الذي نوه بدراستي المنشورة عن المهلب، في كتابه:"مدرسة فقه الحديث في الغرب الإسلامي"، وتابعني من غير روية ولا تفتيش...
    بلْ وذكرتُ ذلك أيضا في بحث لي محكَّم نُشر في مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت عن شرح الكرماني للبخاري...
    وكان الذي غرني، وحدا بي إلى القول بأن القطعة التي في مراكش هي من شرح المهلب، أنها ليس فيها بعد تراجم الأبواب والأحاديث، إلا قول المؤلف:"قال المهلب كذا كذا..."، وفيها أحيانا:"قال المؤلف"، والقائل هو ابن بطال يقينا وحقا وصدقا، لا المهلب، والمهلب شيخ ابن بطال، أخذ عنه، وتتلمذ عليه، واستفاد من شرحه، ولولا المهلب ما راح ابن بطال ولا جاء.
    وليس يضر هذا القول ابن بطال شيئا، إذ له ولشرحه منزلة رفيعة، وكيف لا، والحافظ ابن حجر والعيني، عولا في الشرح عليه، وكتاباهما طافحان بالنقل عنه.
    هذه حقيقة القطعة المراكشية من شرح ابن بطال، وقد بينتُ أمرها بنحو هذا الذي تقدم فيما كتبته في بعض الملتقيات ووسمته بـ"كشف النقاب عن القطعة المراكشية من شرح المهلب على أصح كتاب"والحمد لله.
    وكتب الفاضل الذي تقدم ذكره آنفا، أن اختصار المهلب للبخاري، قد طبع بالرباط بعناية بعض أهل شنقيط، قلت: ولقد كنت أعرف أن للمهلب اختصارا للبخاري ، وأن منه قطعة بالحسنية، وعندي منها لوحة مصورة..بيد أن ما أبحث عنه هو شرحه لا مختصره...
    وبعد ُفما زال البحث قائما عن الشرح، الذي ندعو الله عز وجل أن يرد غربته، ويظهره من خبايا الزوايا...وهل هو في زاوية مظلمة...كلا إن منه مصورة كذا أحسب- في مركز الملك فيصل، لكن من يأتينا بخبر عن الشرح من الرياض...
    يا أهل العلم في الرياض من أتانا بخبرشاف كاف عن المطلوب، كان حقا علينا أن نكافئه، ومكافأته الدعاء له في كل صلاة العمرَ كله...
    وبعدُفلعلي ألا أكون قد أطلت فأمللتُ، إذ الخيرَ قصدت، والبيانَ تيممتُ، والحمد لله رب العالمين..والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته..
    وكتب :
    أ.د/ محمد بن زين العابدين رستم
    في سحر يوم السبت24 من شهر الله محرم الحرام1419هـ,

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    633

    افتراضي رد: نفثةُ مصدور ...وبارقة أمل قبل البلِى والدُّثور

    للرفع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •