( لا خـير في الحيـاة إلا لـتائب، أو رجـلٍ يعمـل في الدرجـات، ومن عداهما فـخاسر)، وقال بعضهم يحكي حالهم: (كـانوا يستحيون من اللّه أن يكونـوا اليـوم على مثل حالهم بالأمس) . ، يريد: أنهم كانوا لا يرضـون كـل يوم إلا بالزيادة من عمل الخير، وفي الترمذي عنه صـلى اللّه عليه وسـلم، أنـه سئل: أي الناس خير؟ قال: من طال عمره وحسن عمله، قيل: فأي الناس شر؟ قال: من طال عمره وساء عمله .
فـالمؤمن الصادق لا يزداد بطول عمره إلا خيرًا، روى البخاري عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي -صلى اللّه عليه وسلم- قـال: لا يتمنين أحدكـم الموت، إما محسنًا فلعله يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يستعتب ، وعنه - رضي اللّه عنه - قال : قـال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا ، وعنه أيضًا: قال رسول
الله صلى اللّه عـليه وسلم: ما من أحد يموت إلا ندم، قالوا: وما ندامته يا رسول اللّه ؟ قال: إن كان محسنًا ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم ألا يكون نزع ، فإذا كان المحسن يندم عـلى تـرك الـزيادة مـن العمل الصـالح، فكيف يكون حال المسيئ ؟ وكـان السلف رحمهم اللّه لا يفرحون بمرور الأيام والليالي، يقول أبو الـدرداء : (إنمـا أنـت أيـام، كـلما مضـى منك يوم مضى بعضك)، وقـال بعضـهم: (كـل يوم يعيـش فيـه المؤمن غنيمة)، ولذا كـانوا يتأسفون عند موتهـم عـلى انقطـاع أعمالهم الصالحة بالموت، بكى معـاذ - رضي اللّه عـنه - عند موته وقال: (اللهم إني لم أحب البقاء في الدنيـا لا لغرس الأشجار، ولا لجري الأنهار، إنما أبكي لظمأ الهواجر وقيام الليالي المظلمة، ومزاحمة العلماء بالركب، ومجالسة أناس ينتقون أطايب الكلام، كما ينتقى أطايب الثمر)، وقال أحد الصالحين عند موتـه: (إنمـا أبكي على أن يصلي المصلون ولست فيهم، وأن يصوم الصائمون ولست فيهم، ويذكر الذاكرون ولست فيهم) ..