بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي خير الخلق محمد صلي الله عليه وسلم
أما بعد
فإن الله سبحانه أمر عباده بسؤال أهل الذكر فيما يشكل عليهم وهو أعلم بسرائرهم ومقاصدهم كما أنه أمر علي لسان نبيه بتوقير أهل العلم ومعرفة أقدارهم والتأدب معهم وأبي العصمة إلا لنبيه وأمر بحسن الظن ونبذ سيئه
وإني أثناء بحثي في مسألة الشاذ وعلاقته بزيادة الثقة واجهتني بعض الإشكالات بسبب قلة بضاعتي وانعدام مرشد فأحببت طرح بعضها هنا
للبحث والمناقشة بغية الاستفادة من رواد هذا المجلس المبارك وأول هذه الإشكالات موقف الحافظ ابن حجر من تعريف الشاذ حيث يتبادر لقاصر النظر مثلي اضطرابه في تعريفه وحكمه قبولا وردا فهو عندما يقرر ه نظريا يحكم عليه بالرد وعندما تصدي للدفاع عن البخاري كان له منهج مغاير فقد قبله في أكثر من موضع وهو كذالك يري أن انتفاءه شرط للصحيح معرفا إياه بأنه مخالفة الثقة لمن هو أولي منه ثم يصحح أحاديث قد خالف الثقة فيها من هو أرجح منه لزيادة ضبط أو عدد فهو يقول في :
نزهة النظر - (ج 1 / ص 13)
واشْتُهِرَ عَنْ جَمْعٍ مِن العُلماءِ القَوْلُ (38) بقَبولِ الزِّيادةِ مُطْلقاً مِن غيرِ تفصيلٍ ، ولا يَتَأَتَّى ذلك على طريقِ المُحَدِّثينَ الَّذينَ يشتَرِطونَ في الصَّحيحِ أَنْ لا يكونَ شاذّاً ، ثمَّ يفسِّرونَ الشُّذوذَ بمُخالَفةِ الثِّقةِ مَن هو أَوثقُ منه والعَجَبُ مِمَّنْ أَغفلَ ذلك منهُم معَ اعْتِرافِه باشْتِراطِ انْتفاءِ الشُّذوذِ في [ حدِّ ] (1) [ الحديثِ ] (2) الصَّحيحِ ، وكذا (3) الحَسنِ . ونقل عنه السيوطي في
تدريب الراوي - (ج 1 / ص 27)
قال شيخ الإسلام(40): وهو مُشكل لأنَّ الإسْنَاد إذا كان مُتَّصلا, ورواته كلهم عُدولاً ضابطين, فقد انتفت عنه العلل الظَّاهرة, ثمَّ إذا انتفى كونه معلولاً, فما المَانع من الحُكم بصحته, فمُجرد مُخالفة أحد رُواته لمن هو أوثق منه, أو أكثر عددًا, لا يستلزم الضعف, بل يكون من باب صحيح وأصح.
قال: ولم يُرو مع ذلك عن أحد من أئمة الحديث اشتراط نفي الشذوذ المعبر عنه بالمُخَالفة, وإنَّما الموجود من تصرفاتهم تقديم بعض ذلك على بعض في الصحة. (قلت _الكاتب وليس السيوطي_ هذا مخالف لما قرره سابقا في النزهة من اشتراط المخالفة فاليتأمل )
وأمثلة ذلك موجودة في «الصَّحيحين» وغيرهما فمن ذلك: أنَّهما أخرجا قِصَّة جمل جابر(41) من طُرق, وفيها اختلاف كثير في مقدار الثمن, وفي اشتراط رُكوبه, وقد رجَّح البُخاري الطُّرق الَّتي فيها الاشتراط على غيرها, مع تخريج الأمرين, ورجَّح أيضًا كون الثَّمن أُوقية مع تخريجه ما يُخالف ذلك. ومن ذلك: أنَّ مُسلمًا(42) أخرج فيه حديث مالك, عن الزُّهري, عن عروة, عن عائشة في الاضطجاع قبل ركعتي الفجر, وقد خالفه عامة أصحاب الزُّهري, كمَعْمَر, ويونس, وعَمرو بن الحارث, والأوزاعي, وابن أبي ذئب, وشُعيب, وغيرهم عن الزُّهْري, فذكروا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر قبل صلاة الصُّبح, ورجَّح جمعٌ من الحُفَّاظ روايتهم على رواية مالك, ومع ذلك فلم يتأخَّر أصحاب الصحيح عن إخراج حديث مالك في كُتبهم, وأمثلة ذلك كثيرة.
ثمَّ قال: فإن قيلَ: يلزم أن يُسمَّى الحديث صحيحًا ولا يُعمل به. قلت: لا مانع من ذلكَ, ليسَ كل صحيح يُعمل به, بدليل المنسُوخ, قال: وعلى تقدير التسليم أن المُخالف المرجوح لا يُسمَّى صحيحًا, ففي جعل انتفائه شَرطًا في الحكم للحديث بالصحة نظر, بل إذا وجدت الشروط المذكُورة أولاً حُكم للحديث بالصِّحة ما لم يظهر بعد ذلكَ أنَّ فيه شُذُوذًا, لأنَّ الأصل عدم الشُّذوذ, وكون ذلكَ أصلاً مأخوذ من عَدَالة الرَّاوي وضبطه, فإذا ثبت عدالته وضبطه, كان الأصل أنَّه حفظ ما روى حتَّى يتبين خلافه.
(قلت وهذا الذي قرره هنا هو الذي مشي عليه في مقدمة فتح الباري)
قال الحافظ في هدي الساري ص 514 وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روي الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ماروي بحيث يتعذر الجمع علي قواعد المحدثين فهذا شاذ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم علي ما يخالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس في الصحيح منه إلا نذر يسير
قلت: إن مجرد المخالفة لا تسمي عنده شذوذا بل لابد من مخالفة يتعذر فيها الجمع علي قواعد المحدثين.
وأن مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه إذا اشتدت وصفت بالنكارة.
وهذا يخالف ما قرره في شرح النخبة حيث لم يفرق بين الشاذ والمنكر إلا من حيث ثقة الراوي وضعفه من غير تعرض لشدة المخالفة أو ضعفها كما أنه أطلق المخالفة حيث قال في (نزهة النظر - (ج 1 / ص 15)
وعُرِفَ بهذا { أ / 12 ب } أَنَّ بينَ الشَّاذِّ والمُنْكَرِ [ عُموماً وخُصوصاً مِن وَجْهٍ ؛ لأنَّ بينَهُما ] (14) اجْتِماعاً في اشْتِراطِ (15) المُخالفَةِ ، وافْتراقاً (16) في أَنَّ الشَّاذَّ راويهِ (17) ثقةٌ أو صدوقٌ ، والمُنْكَرَ رَاويهِ (18) ضعيفٌ .
وقد غَفَلَ مَن سَوَّى بينَهُما ، واللهُ أَعلمُ ) .
انتظر من الإخوة الأفاضل والفضليات أيضا إيضاحاتهم ومشاركاتهم .
يتبع . إن شاء الله