تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وصف دروس الإمام محمد بن جعفر الكتاني صاحب "الرسالة المستطرفة"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    220

    افتراضي وصف دروس الإمام محمد بن جعفر الكتاني صاحب "الرسالة المستطرفة"

    هذا وصف لدروس الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني، المتوفى بفاس رحمه الله تعالى عام 1345، صاحب "الرسالة المستطرفة"، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر"، وغيرهما، بقلم جملة من تلامذته، حررتها ضمن ترجمة موسعة له رحمه الله تعالى:

    تصدر المترجم للتدريس بالزاوية الكتانية بفاس وعمره لما يتجاوز 18 عاما، بعد امتحان أقامه له كبار مشايخه.

    وفي عام (1294) – وقد بلغ العشرين من عمره – تصدر للتدريس بجامع القرويين الأعظم بفاس، وبقي والده يلاحظه ويرعاه بانتيابه دروسه حينا بعد حين. وتم له تدريس العديد من الكتب، ذكر أسماءها في "النبذة اليسيرة" ص344. وهي تدور حول علوم: التوحيد، والفقه، والحديث، والمصطلح، والأصول، والسيرة، والنحو، واللغة، والصرف، والمعاني، والبيان، والسلوك، وعلم الوضع...وغيرها من العلوم.

    قال رضي الله عنه(1): (( وكان يحضر مجلسي الجم الغفير من طلبة فاس وغيرها، وبين العشاءين بالزاوية (الكتانية) المتقدمة، ثم بعدها بجامع الرصيف، ثم بعده بباب خلوة القرويين...ما لا يحصى. بل؛ لما فتحت البخاري بالقرويين بين العشاءين صار يحضر الآلاف من الخلق؛ بحيث كاد ربع المسجد – مع كبره – من ناحية الخلوة أن يكون ممتلئا)).باختصار.

    ولما هاجر إلى المشرق؛ افتتح دروسا منتظمة بالحرمين الشريفين، وبالجامع الأموي بدمشق، وغيرها، كما واظب على فتح بيته لمختلف الدروس العلمية التي كان يلقيها ويحضرها عليه كبار العلماء.

    وقد وصف تلميذه وزير العدلية بالمنطقة الخليفية العلامة أحمد الرهوني دروسه بقوله: ((عادته في القراءة: تحرير المسائل على طريق الاجتهاد؛ فيقرر المسألة في أي فن، ويوضحها حتى تصير ضرورية، ثم يأتي بما فيها من الأقوال، مع بيان أدلة كل قول وبيان قوة الدليل أو ضعفه، ووجه القوة أو ضعفها، بما أتاه الله من أنوار الفتح والإلهام، فلا يقوم الطالب من بين يديه إلا وقد أحاط بما قرأه عليه أصلا وفرعا، واعتقده اعتقادا لا تزحزحه الجبال)).

    ((وقد آتاه الله من الإنصاف والتواضع أوفر قسط؛ فكان يتنازل لأقل الطلبة، وينصت لأبحاثهم، ولا يحقر واحدا منهم، بل يسترسل معهم في البحث حتى يتبين الحق. وكان أعز ما عنده: أن يتبين الحق لبعض الطلبة في مبحث؛ فيشيد به ويثني عليه، ويقول: إنا كنا غالطين في البحث الفلاني، وقد قيض الله لنا من نبهنا من ذلك الغلط، جزاه الله عنا خيرا. إلى غير ذلك من العبارات اللطيفة، الدالة على كمال الإنصاف وغاية الإخلاص في العلم والعمل)).

    ((وكان يتنصل من دعوى العلم والرياسة، ويقدم: لا أدري. بين يدي كل سؤال يلقى عليه، ثم يدخل في البحث فيه على سبيل التفهم مع السائل حتى يحصل على جوابه من غير شعور، مع أنه في نفس الأمر؛ قد أحاط بجواب سؤاله ظاهرا وباطنا)).

    ((ولا تخلوا مجالسه في الدروس وغيرها من مواعظ وحكم، ومذاكرات صوفية، وربما بكى وأبكى حتى يبل التراب...))(2).

    ونفس الجانب الروحي يصفه العلامة إدريس التاشفيني بقوله: ((كنا نقرأ عليه صحيح البخاري بمسجد القرويين بفاس بين العشاءين، فإذا سمع المؤذن يؤذن العشاء؛ يوقف القراءة ويحكي الأذان وجميع من بالمجلس يحكي، ويكون في ذلك سر عظيم، وجل الحاضرين يحصل لهم حضور وبكاء...إلخ)) (3).

    أما دروسه بدمشق؛ فوصفها نجله العلامة الزمزمي بقوله: ((كان الوالد يقرأ في الدار مسند الإمام أحمد بن حنبل؛ ويأتي للحضور إليه كثير من علماء المذاهب الأربعة، وقد كان كثيرا ما يقرر مسألة بأحد المذاهب الأخرى غير المالكية؛ فيعارضه فيها من هو من ذلك المذهب، فيأمرني بإحضار كتب ذلك المذهب؛ فتوجد المسألة كما ذكر، فيعترف ذلك المعارض بخطئه!))(4).

    وحين عودته للمغرب وتصدره لتدريس مسند الإمام أحمد بن حنبل بجامع القرويين على طريقة الاجتهاد، وصف نجله المذكور دروسه بقوله: ((وكان سيدنا الوالد – رحمه الله – في دروسه هذه يذكر الحديث على عادته، فيتعرض لرجال سنده ولادة ووفاة، جرحا أوتعديلا، ثم للمتن من حيث الصحة والضعف، والعزو والتخريج، ثم يتكلم على فقهه ذاكرا مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم، ووجهة نظر كل واحد منهم – وبالخصوص مذهب مالك – فقد كان يسعى في تطبيق الأصول على الفروع؛ يذكر نص خليل، ويقابل بينه وبين الحديث، ثم يرجح بين الآراء، أو يأتي برأي جديد فيدرك عليه بحجج وبراهين تترك الشاك موقنا على ما يأتي به من طرف وفوائد وملح في فنون مختلفة، في فصاحة منطق، وجمال تعبير، وإبداع في الأداء)).

    ((وإذا علمت أن مسند الإمام أحمد لم يشرح بعد شرحا يتناسب وقيمته، ولم يعن به علماء الإسلام، بل لم نر في كتاب، ولم نسمع من أحد أن أحدا من رجال التاريخ درسه دراسة ورواية؛ علمت أن التكفل بتدريسه من الصعوبة والخطورة بمكان، ولا يقتحم مثل هذا الموقف إلا رجل هو: السيد محمد بن جعفر الكتاني، قدس الله روحه، ونور ضريحه، ونفعنا بذكره...آمين)).

    (( وقد كاد جامع القرويين - على سعته - أن لا يكفي لإيواء كل المستمعين الذين قدروا بآلاف تناهز العشرة آلاف، وقد شوهد الكثير منهم يحتجزون المقاعد وقت العصر، بل وقبله، خوفا على مقعدهم من الاغتصاب بين أمواج الخلائق، إذ كان يحضره أعيان المغرب ويستعملون له الرحلة)).

    ((وقد كان الكثير منهم يحكي لأهله ما يسمعه من السيد الوالد من المواعظ والإرشادات؛ فكان ذلك يؤثر فيهن، ويرتدعن بسببه من كثير من القبائح والعوائد السافلة؛ إذ كثيرا ما كنا نسمع من الناس أن أخلاق نسائهم تحسنت جدا منذ فتح السيد الكتاني دروسه الحديثية، من كثرة ما كان الرجال يخبرون به نساءهم من الفوائد والمواعظ...))(5).
    -----------------
    الهوامش:
    1- "النبذة اليسيرة النافعة التي هي لجملة من أستار مزايا الشعبة الكتانية رافعة". تأليف الإمام محمد بن جعفر الكتاني، تحقيق محمد الفاتح الكتاني، ومحمد عصام عرار. ص347.
    2- "عمدة الراوين في تاريخ تطاوين". تأليف أحمد بن محمد الرهوني، تحقيق الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي. (9: 5).
    3- "رفع الحرج والعناد عمن أراد أن يصلي في المنطاد". تأليف إدريس التاشفيني ص162.
    4- "عقد الزمرد والزبرجد في سيرة الابن والوالد والجد". تأليف محمد الزمزمي الكتاني. (2: 505).
    5- المصدر السابق (2: 531).

  2. #2

    افتراضي رد: وصف دروس الإمام محمد بن جعفر الكتاني صاحب "الرسالة المستطرفة"

    جزاك الله خيرا.
    وأخبرني شيخي المعمر يوسف بن صادق عرار -رحمه الله- أن درس جدكم -رحمه الله- في المسند بدمشق -أظنه قال: تحت قبة النسر بالجامع الأموي- كان يحضره كبار مشايخ الشام، ويكون الجالسون قرب الشيخ من العلماء، ويشرح شرحا أكثره فقهي، ويجمع ويناقش أقوال المذاهب الأربعة، وقال إنه يميل كثيرا لنصرة المذهب المالكي، وكان درسه كبيرا.
    وكان أكبر درسين ذلك الوقت: درسه، ودرس السيد بدر الدين الحسني.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    977

    Post رد: وصف دروس الإمام محمد بن جعفر الكتاني صاحب "الرسالة المستطرفة"

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمزة الكتاني مشاهدة المشاركة
    هذا وصف لدروس الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني، المتوفى بفاس رحمه الله تعالى عام 1345، صاحب "الرسالة المستطرفة"، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر"، وغيرهما، بقلم جملة من تلامذته، حررتها ضمن ترجمة موسعة له رحمه الله تعالى:

    تصدر المترجم للتدريس بالزاوية الكتانية بفاس وعمره لما يتجاوز 18 عاما، بعد امتحان أقامه له كبار مشايخه.

    وفي عام (1294) – وقد بلغ العشرين من عمره – تصدر للتدريس بجامع القرويين الأعظم بفاس، وبقي والده يلاحظه ويرعاه بانتيابه دروسه حينا بعد حين. وتم له تدريس العديد من الكتب، ذكر أسماءها في "النبذة اليسيرة" ص344. وهي تدور حول علوم: التوحيد، والفقه، والحديث، والمصطلح، والأصول، والسيرة، والنحو، واللغة، والصرف، والمعاني، والبيان، والسلوك، وعلم الوضع...وغيرها من العلوم.

    قال رضي الله عنه(1): (( وكان يحضر مجلسي الجم الغفير من طلبة فاس وغيرها، وبين العشاءين بالزاوية (الكتانية) المتقدمة، ثم بعدها بجامع الرصيف، ثم بعده بباب خلوة القرويين...ما لا يحصى. بل؛ لما فتحت البخاري بالقرويين بين العشاءين صار يحضر الآلاف من الخلق؛ بحيث كاد ربع المسجد – مع كبره – من ناحية الخلوة أن يكون ممتلئا)).باختصار.

    ولما هاجر إلى المشرق؛ افتتح دروسا منتظمة بالحرمين الشريفين، وبالجامع الأموي بدمشق، وغيرها، كما واظب على فتح بيته لمختلف الدروس العلمية التي كان يلقيها ويحضرها عليه كبار العلماء.

    وقد وصف تلميذه وزير العدلية بالمنطقة الخليفية العلامة أحمد الرهوني دروسه بقوله: ((عادته في القراءة: تحرير المسائل على طريق الاجتهاد؛ فيقرر المسألة في أي فن، ويوضحها حتى تصير ضرورية، ثم يأتي بما فيها من الأقوال، مع بيان أدلة كل قول وبيان قوة الدليل أو ضعفه، ووجه القوة أو ضعفها، بما أتاه الله من أنوار الفتح والإلهام، فلا يقوم الطالب من بين يديه إلا وقد أحاط بما قرأه عليه أصلا وفرعا، واعتقده اعتقادا لا تزحزحه الجبال)).

    ((وقد آتاه الله من الإنصاف والتواضع أوفر قسط؛ فكان يتنازل لأقل الطلبة، وينصت لأبحاثهم، ولا يحقر واحدا منهم، بل يسترسل معهم في البحث حتى يتبين الحق. وكان أعز ما عنده: أن يتبين الحق لبعض الطلبة في مبحث؛ فيشيد به ويثني عليه، ويقول: إنا كنا غالطين في البحث الفلاني، وقد قيض الله لنا من نبهنا من ذلك الغلط، جزاه الله عنا خيرا. إلى غير ذلك من العبارات اللطيفة، الدالة على كمال الإنصاف وغاية الإخلاص في العلم والعمل)).

    ((وكان يتنصل من دعوى العلم والرياسة، ويقدم: لا أدري. بين يدي كل سؤال يلقى عليه، ثم يدخل في البحث فيه على سبيل التفهم مع السائل حتى يحصل على جوابه من غير شعور، مع أنه في نفس الأمر؛ قد أحاط بجواب سؤاله ظاهرا وباطنا)).

    ((ولا تخلوا مجالسه في الدروس وغيرها من مواعظ وحكم، ومذاكرات صوفية، وربما بكى وأبكى حتى يبل التراب...))(2).

    ونفس الجانب الروحي يصفه العلامة إدريس التاشفيني بقوله: ((كنا نقرأ عليه صحيح البخاري بمسجد القرويين بفاس بين العشاءين، فإذا سمع المؤذن يؤذن العشاء؛ يوقف القراءة ويحكي الأذان وجميع من بالمجلس يحكي، ويكون في ذلك سر عظيم، وجل الحاضرين يحصل لهم حضور وبكاء...إلخ)) (3).

    أما دروسه بدمشق؛ فوصفها نجله العلامة الزمزمي بقوله: ((كان الوالد يقرأ في الدار مسند الإمام أحمد بن حنبل؛ ويأتي للحضور إليه كثير من علماء المذاهب الأربعة، وقد كان كثيرا ما يقرر مسألة بأحد المذاهب الأخرى غير المالكية؛ فيعارضه فيها من هو من ذلك المذهب، فيأمرني بإحضار كتب ذلك المذهب؛ فتوجد المسألة كما ذكر، فيعترف ذلك المعارض بخطئه!))(4).

    وحين عودته للمغرب وتصدره لتدريس مسند الإمام أحمد بن حنبل بجامع القرويين على طريقة الاجتهاد، وصف نجله المذكور دروسه بقوله: ((وكان سيدنا الوالد – رحمه الله – في دروسه هذه يذكر الحديث على عادته، فيتعرض لرجال سنده ولادة ووفاة، جرحا أوتعديلا، ثم للمتن من حيث الصحة والضعف، والعزو والتخريج، ثم يتكلم على فقهه ذاكرا مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم، ووجهة نظر كل واحد منهم – وبالخصوص مذهب مالك – فقد كان يسعى في تطبيق الأصول على الفروع؛ يذكر نص خليل، ويقابل بينه وبين الحديث، ثم يرجح بين الآراء، أو يأتي برأي جديد فيدرك عليه بحجج وبراهين تترك الشاك موقنا على ما يأتي به من طرف وفوائد وملح في فنون مختلفة، في فصاحة منطق، وجمال تعبير، وإبداع في الأداء)).

    ((وإذا علمت أن مسند الإمام أحمد لم يشرح بعد شرحا يتناسب وقيمته، ولم يعن به علماء الإسلام، بل لم نر في كتاب، ولم نسمع من أحد أن أحدا من رجال التاريخ درسه دراسة ورواية؛ علمت أن التكفل بتدريسه من الصعوبة والخطورة بمكان، ولا يقتحم مثل هذا الموقف إلا رجل هو: السيد محمد بن جعفر الكتاني، قدس الله روحه، ونور ضريحه، ونفعنا بذكره...آمين)).

    (( وقد كاد جامع القرويين - على سعته - أن لا يكفي لإيواء كل المستمعين الذين قدروا بآلاف تناهز العشرة آلاف، وقد شوهد الكثير منهم يحتجزون المقاعد وقت العصر، بل وقبله، خوفا على مقعدهم من الاغتصاب بين أمواج الخلائق، إذ كان يحضره أعيان المغرب ويستعملون له الرحلة)).

    ((وقد كان الكثير منهم يحكي لأهله ما يسمعه من السيد الوالد من المواعظ والإرشادات؛ فكان ذلك يؤثر فيهن، ويرتدعن بسببه من كثير من القبائح والعوائد السافلة؛ إذ كثيرا ما كنا نسمع من الناس أن أخلاق نسائهم تحسنت جدا منذ فتح السيد الكتاني دروسه الحديثية، من كثرة ما كان الرجال يخبرون به نساءهم من الفوائد والمواعظ...))(5).
    -----------------
    الهوامش:
    1- "النبذة اليسيرة النافعة التي هي لجملة من أستار مزايا الشعبة الكتانية رافعة". تأليف الإمام محمد بن جعفر الكتاني، تحقيق محمد الفاتح الكتاني، ومحمد عصام عرار. ص347.
    2- "عمدة الراوين في تاريخ تطاوين". تأليف أحمد بن محمد الرهوني، تحقيق الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي. (9: 5).
    3- "رفع الحرج والعناد عمن أراد أن يصلي في المنطاد". تأليف إدريس التاشفيني ص162.
    4- "عقد الزمرد والزبرجد في سيرة الابن والوالد والجد". تأليف محمد الزمزمي الكتاني. (2: 505).
    5- المصدر السابق (2: 531).
    نور الله ضريحه
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •