تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الصلة بين الرضا والتوكل***

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي الصلة بين الرضا والتوكل***

    الصلة بين الرضا والتوكل***
    ***********************
    التوكل من مقامات المؤمنين لا انفكاك للمؤمن منه .
    والرضا أعلى درجات التوكل ، بل هو باب الله الأعظم ، كما قيل ، وجنة الدنيا ، ومستراح العابدين ونعيمهم ، وحياة المخبتين ، وقرة عيون المشتاقين .
    فالرضا ثمرة التوكل ، والتوكل نصف الإيمان ، وهما من أعلى مقامات الإحسان التي هي أعلى المندوبات .
    وقد قيل : إن حقيقة التوكل : الرضا ؛ لأنه لما كان ثمرته ، وموجبه ، استدل له عليه استدلالاً بالأثر على المؤثر ، وبالمعلول على العلة ، لا أن التوكل هو الرضا ، أو الرضا التوكل.
    وقد سئل أبو بكر الواسطي عن ماهية التوكل ، قال : { الصبر على طوارق المحن ، ثُمَّ التفويض ، ثُمَّ التسليم ، ثُمَّ الرضا ، ثُمَّ الثقة }.
    قال الله - تعالى - : { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَآ ءَاتَـاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } .
    قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : { فتضمنت هذه الآية الكريمة أدباً عظيماً ، وسراً شريفاً ، حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله ، والتوكل على الله وحده ، وهو قوله : { وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ } ، وكذلك الرغبة إلى الله وحده ، في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وامتثال أوامره ، وترك زواجره ، وتصديق أخباره ، والاقتضاء بآثاره }.
    فعلى هذا لابد من فعل ما أمر الله به ، وترك ما نهى الله عنه ، في التوكل والرضا ، ومن قال فيهما بترك الأسباب ، والركون إلى مسبب الأسباب ، فقد طعن في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
    وقال ابن تيمية - رحمه الله - : { والرضا والتوكل يكتنفان المقدور ، فالتوكل قبل وقوعه ، والرضا بعد وقوعه } .
    فما يكون قبل القضاء إنَّما هو عزم على الرضا ، وهو التوكل لا حقيقة الرضا ، فهو بعد القضاء ، فالعبد لابد أن يتوكل على الله ، ويعزم على الرضا ، فيما لو وقع ما لايحب ، أو ما لايرى فيه فائدته في الظاهر ، وإذا وقع المقدر ، رضي به ،
    ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة ما روي عن الصحابي الجليل : عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة : { اللهم بعلمك الغيب ، وبقدرتك على الخلق ، أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الفقر ، والغنى ، وأسألك نعيماً لاينفد ، وأسألك قرة عين لاتنقطع ، اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك ، من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين } .
    قال بعضهم في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : { أسألك الرضا بعد القضاء } قال : { لأن الرضى قبل القضاء عزم على الرضا ، والرضى بعد القضاء هو الرضا } .
    وقال أبو سعيد الخراز : { الرضا قبل القضاء تفويض ، والرضا بعد القضاء تسليم } .
    وقيل : { ثلاثة من أعلام الرضا : ترك الاختيار قبل القضاء ، وفقدان المرارة بعد القضاء ، وهيجان الحب في حشو البلاء }.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : { ولهذا كان طائفة من المشائخ يعزمون على الرضا قبل وقوع البلاء ، فإذا وقع انفسخت عزائمهم ، كما يقع نحو ذلك في الصبر وغيره }.
    واستشهد بعدة آيات منها قول الله - تعالى - : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }
    وقال - تعالى - : { يَاأَيُّـــهَا الَّذِيـنَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }.
    وهذه الآية نزلت في أناس من المؤمنين ، تمنوا معرفة أحب الأعمال ، وأفضلها ، ليعملوا بها ، فلما أخبر الله نبيه بذلك قصروا في ذلك فعوتبوا.
    فالحاصل أن التوكل والتفويض يكون قبل وقوع المقدور ، والرضا بعده ، وهو الثمرة .
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة : { اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر - ثُمَّ تسميه بعينه - خيراً لي في عاجل أمري وآجله ، قال : أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ، ويسره لي ثُمَّ بارك لي فيه ، اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري ، أو قال : في عاجل أمري ، وآجله ، فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثُمَّ رضني به }.
    فهذه حاجته التي سألها متوكلاً عليه - سبحانه - ، ولم يبق عليه إلاَّ الرضى بما يقضيه له ، فقال : { اقدر لي الخير حيث كان ، ثُمَّ رضني به }.
    فالرضا إنَّما يأتي بعد الاستعانة ، والتوكل على الله ؛ لأن اليقين بالقضاء الذي لم يقع ليس برضا ، وإنَّما يكون بعد وقوع المقضي ، أمَّا قبل وقوعه فاستعانة وتوكل فقط ، فمن بلغ الرضا فلاشك أنه استعان بالله وتوكل عليه ، ومن استعان بالله وتوكل عليه فقد بلغ الرضا .

  2. #2
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: الصلة بين الرضا والتوكل***

    أحسن الله إليك أختنا الفاضلة
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •