تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله

  1. #1

    افتراضي من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله


    قال الامام ابن القيم في كتابه اعلام الموقعين معلقا على كلام عمر رضي الله عنه :"فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله "
    ( هذا شقيق كلام النبوة ، وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدث الملهم ، وهاتان الكلمتان من كنوز العلم ، ومن أحسن الإنفاق منهما نفع غيره ، وانتفع غاية الانتفاع : فأما الكلمة الأولى فهي منبع الخير وأصله ، والثانية أصل الشر وفصله فإن العبد إذا خلصت نيته لله تعالى وكان قصده وهمه وعمله لوجهه سبحانه كان الله معه; فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق .

    والله سبحانه لا غالب له ، فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء؟ فإن كان الله مع العبد فمن يخاف ؟ وإن لم يكن معه فمن يرجو ؟ وبمن يثق؟ ومن ينصره من بعده ؟ فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا ، وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء ، ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها، وجعل له فرجاً ومخرجاً ; وإنما يؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة ، أو في اثنين منها ، أو في واحد.


    فمن كان قيامه في باطل لم ينصر ، وإن نصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول ، وإن قام في حق لكن لم يقم فيه لله وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولا ، والقيام في الحق وسيلة إليه ، فهذا لم تضمن له النصرة ; فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله ، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه ، فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين ، وإن نصر فبحسب ما معه من الحق ; فإن الله لا ينصر إلا الحق ، وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر ، والصبر منصور أبدا ; فإن كان صاحبه محقا كان منصورا له العاقبة ، وإن كان مبطلا لم يكن له عاقبة ، وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم بالله مستعينا به متوكلا عليه مفوضا إليه بريا من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك ، ونكتة المسألة أن تجريد التوحيد في أمر الله لا يقوم له شيء البتة ، وصاحبه مؤيد منصور ولو توالت عليه زمر الأعداء .
    قال الإمام أحمد حدثنا داود أنبأنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد عنابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : من أسخط الناس برضى الله عز وجل كفاه الله الناس ، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله إلى الناس) .
    إعلام الموقعين: 122
    حسابي على تويتر https://twitter.com/mourad_22_

  2. #2

    افتراضي رد: من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله

    قال الإمام ابن بطة رحمه الله في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص569): (إنّ هذه الفتنُ والأهواء قد فَضَحَتْ خَلْقاً كَثِيراً، وكَشَفَتْ أستارَهُم عن أحوالٍ قَبِيحة). اهـ
    وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في
    ((المُوقِظَة)) (ص60): (فمنهم مَنْ يَفْتَضح في حَياتِهِ، ومنهم مَنْ يَفْتَضح بعد وفاتِهِ، فنسأل الله السِّتْرَ والعَفْوَ).اه
    ـ
    حسابي على تويتر https://twitter.com/mourad_22_

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله

    يجب إخلاص النية لله تعالى لأنها مدار الأعمال قال الله تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ": وقال - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .
    وقال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .
    وتوعد الله المرائين بعذاب جهنم فقال تعالى" فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ " .
    وجعل الحياة من أجل الابتلاء والامتحان في إخلاص العمل والسير به على منهج الله فقال جل وعلا: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ".
    قال الفضيل بن عياض : هو أخلص العمل وأصوبه ، فسئل عن معنى ذلك فقال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة ...
    قال عليٌّ -رضي الله عنه-: "عجِبتُ لمن يُقال: إن فيه الشرَّ الذين يعلمُ أنه فيه كيف يسخَط؟! وعجِبتُ لم يُوصَفُ بالخير الذي يعلمُ أنه ليس فيه كيف يرضَى؟!".
    وفي الصحيحين: أن رجالاً من المنافقين في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا إذا خرجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الغَزو تخلَّفُوا عنه، وفرِحوا بمقعَدهم خِلافَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا قدِمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتذَرُوا إليه وحلَفُوا، وأحبُّوا أن يُحمَدوا بما لم يفعَلوا، فأنزلَ اللهُ: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 188].
    المؤمنُ الصادقُ -عباد الله- لا يكذِب، والمُتشبِّعُ بما لم يُعطَ لم يجعَل لصدقِه مكانًا في قلوبِ الناس، كذِبٌ يأباه الشرعُ، وتأباهُ قبل ذلك الفِطَرُ السليمةُ؛ فقد كان مما قالَه أبو سفيان -رضي الله عنه- في جاهِليَّته أثناء مُحاورتِه مع هرقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله؛ لولا الحياء أن يأثِرُوا عليَّ كذِبًا لكذبتُ عنه".
    إنه الكذِبُ والتدليسُ الذي خُدِعَت به المُجتمعات في حياتِهم الاجتماعية والسياسية والعلمية والاقتصادية، وسائر شُؤون الحياة.
    فكم رأينا في المُجتمعات من يصعَدون على أكتاف الآخرين وكأنَّهم رُوَّادُ هذا الصُّعود، وكم رأينا من ذلكم أشكالاً وألوانًا في زعم مُنجَزاتٍ وهي لآخرين، أو في تصدُّرِ مُؤلَّفاتٍ وهي من صُنع آخرين، أو في زعم شهاداتٍ ورُتَبٍ علميَّةٍ وهي ليست لهم ولا هُم لها. وإنما أعماهم التشبُّع بما لم يُعطَوا فدعَتْهم شُهرتُهم أو منصِبُهم أو تِجارتُهم أن يُلقَّبُوا لقبًا علميًّا أو سياسيًّا أو قَبَليًّا وهو ليس لهم، ولا هُم له.
    ويعرِفُ الناس أنهم إنما حصَلوا عليها تشبُّعًا بتجارةٍ أو شُهرةٍ أو منصبٍ يُكمِلون به نقصَهم، ويسُدُّون به ثُلمتَهم، ويُروُون به غُرورَهم ولهثَهم الذي لا يقنَعُ بالحقيقة.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •