الموضوع: هل لهذا الأثر حكم الرفع؟

3018 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ } [الدخان: 29] فهَلْ تَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ: " نَعَمْ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخَلَائِقِ أَحَدٌ إِلَّا لَهُ بَابٌ في السَّمَاءِ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَى عَلَيْهِ بَابُهُ مِنَ السَّمَاءِ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، وَإِذَا فَقْدَهُ مَقْعَدَهُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَيُذْكُرُ اللهَ فِيهَا بَكَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ صَالِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَيْرٌ فَلَمْ تَبْكِ عَلَيْهِمْ " وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُخْتَصَرًا
هل لهذا الأثر حكم الرفع؟

يبدو لي ان هذا الاثر ليس له حكم الحديث المرفوع
لان ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث بالاسرائيليات
ومن شرط الحديث الذي يكون له حكم الرفع ان لا يكون الصحابي الذي رواه يحدث بالاسرائيليات.
والله اعلم

اختلف السلف في هذا على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه بكاء حقيقي ، لأن الله تعالى جعل لها إحساسا وشعورا يليق بها، صح ذلك عن ابن عباس وعلي :
فأما الرواية عن ابن عباس : فقد رواها سعيد بن جُبير قال: أتى ابن عباس رجل، فقال: يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالى( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، بكى عليه; وإذا فقده مُصَلاه من الأرض التي كان يصلي فيها، ويذكر الله فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى السماء منهم خير، قال: فلم تبك عليهم السماء والأرض".، وعن ابن عباس قال «إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً"...
وأما الرواية عن علي : فقد قال ابن أبى حاتم: حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد حدثنا العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال: سأل رجل عليًّا رضي الله عنه: هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال له: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض، ومصعد عمله من السماء. وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض، ولا عمل يصعد في السماء، ثم قرأ علي، رضي الله عنه { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ }".
وقال ابن الجعد وابن المبارك في الزهد: أخبرنا شريك عن عاصم عن المسيب بن رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " إذا مات العبد الصالح، بكى عليه مصلاه من الأرض، ومصعد عمله من السماء والأرض، ثم قرأ: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} [الدخان: 29] "
وورد في ذلك حديثان فيهما كلام :
1/ فقال ابن جرير في تفسير الآية : حدثني يحيى بن طلحة حدثني عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا، ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض"، وكذلك رواه يحيى بن يحيى نا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن شريح به، وهو مرسل .
2/ خرجه الترمذي (3255) وغيره عن موسى بن عبيدة حدثني يزيد الرقاشي حدثني أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه" وتلا هذه الآية: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ } وذُكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملا صالحا يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب، ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم"، قال: وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث"، وهو حديث لا يعتبر به .
وهما مخالفان لما صح عنه عليه السلام أنه قال : «إن الشمس والقمر من آيات الله، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فكبروا، وادعوا الله وصلوا وتصدقوا.."،
وما رواه عكرمة والشعبي :" لما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحد سمع لأهل المدينة نحيبا وبكاء فقال ما هذا قيل الأنصار تبكي على قتلاهم فقال النبي صلى الله عليه و سلم لكن حمزة لا بواكي له فبلغ ذلك الأنصار فجمعوا نساءهم وأدخلوهم دار حمزة يبكين ..."، ورواه نافع عن ابن عمر قال: رجع رسول الله يوم أحد فسمع نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكائهن، فقال: «لكن حمزة لا بواكي له فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة فرقد فاستيقظ» فقال: «يا ويحهن إنهن لهاهنا حتى الآن مروهن فليرجعن، ولا يبكين على هالك بعد اليوم»
فأخبر عليه السلام أن لا أحد بكى على حمزة، لا سماء ولا أرض ولا غيرهما ، وبهذا قد يستدل أصحاب القول التالي :
القول الثاني: قاله الألوسي: هو استعارة تمثيلية تخييلية شبه حال موتهم لشدته وعظمته بحال من تبكي عليه السماء والأجرام العظام وأثبت له ذلك والنفي تابع للإثبات في التجوز كما حقق في موضعه ، وقيل : هي استعارة مكنية تخييلية بأن شبه السماء والأرض بالإنسان وأسند إليهما البكاء أو تمثيلية بأن شبه حالهما في عدم تغير حالهما وبقائهما على ما كانا عليه بحال من لم يبك ، وليس بشيء كما لا يخفى على من راجع كلامهم ".
القول الثالث: قاله الطحاوي في مشكله :" ما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض، وكما قال فيما حكي لنا عمن حكى من عباده، قوله: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها } [يوسف: 82] "، بمعنى أهلها .
والله أعلم .

هذا لا يُقال من قبل الاجتهاد ، فإن صحَّ ، فله حكم الرفع _إن توافرت الشروط للحكم_ ، إلَّا أن يكون بعد استفراغ الجهد ، في مظان النصوص الشرعية ، للوصول إلى هذه الحقيقة ، فيعود إلى أنه ليس باجتهادٍ فعلاً ، والله أعلم .

وفي النفس من صحته شيءٌ ، والله أعلم .

بارك الله فيكم .

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يمكن الجزم بأن لأثر الحبر رضي الله عنه حكم الوقف ولا حكم الرفع بالبساطة التي تنشدها أنت جزاك الله خيرا ؛ لوضوح أنّ مباني أعلام الحديث مختلفة ، ومسالك أهل المصطلح متخالفة ، ومشارب أئمة العقيدة غير متفقة دائما ، سيما في مثل ما نحن فيه مما يحتوشه النظر من كل جانب ..

لكن الأرجح فيه -بشهادة نفس الآية- الرفع ؛ أضف إليه أنّ بعض أئمة السلف من التابعين كعطاء ، ومن جاء بعدهم قد قال بمضمونه ، منهم الإمام الطبري في تفسيره حيث قال : وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل . وغيره في غيره ، وهذا يدفع وهم إسرائيليته ، ناهيك عن اعتضاده بشواهد سردها الطبري عن مجاهد وسعيد بن جبير ربما تنبىء عن أصل صدوره .
ومن شواهده -وهي ضعيفة الإسناد فيما يخطر على البال- ما روي عن أنس وعلي رضي الله عنهما ؛ وكذا الأخبار التي تنص على أن بكاء السماء حمرتها وغير ذلك ؛ فهذه لو ثبتت فهي صريحة في أن بكاء السماء حقيقة لا مجاز ، وهو الأظهر بشهادة الآية نفسها .

الزبدة : ما نحن فيه غير منزه عن النظر والاختلاف ، لا يمكن الجزم بشيء ، وإن كان الالصق فيه الرفع ، فيبقى الترجيح بحسب قواعد أهل العلم ، والامر هين فالاختلاف هيهنا اختلاف تنوع لا تضاد.

الخلاف قائم بين العلماء فيما إذا كان ابن عباس ممن أخذ عن كتب أهل الكتاب أم لا؟
والظاهر أنه أخذ عنهم، والله أعلم.
للمناقشة : (الصحابة الذين لا يأخذ حديثهم حكم الرفع)

جزاكم الله خيرا .

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس

جزاكم الله خيرا .

وجزاكم