قد ورد في هذا الشأن عدة أحاديث، نذكرها - إن شاء الله - في هذا الموضع، مع ذكر حكم أهل العلم عليها.
الحديث الأول:
قال الحاكم - رحمه الله - في ((المستدرك)) (6343):
أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِصْمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَدْلُ، ثَنَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا الْهِنْدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَاعِزٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ» ، فَلَمَّا بَرَزْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَدْتُ إِلَى الدَّمِ فَحَسَوْتُهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا صَنَعْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟» قَالَ: جَعَلْتُهُ فِي مَكَانٍ ظَنَنْتُ أَنَّهُ خَافٍ عَلَى النَّاسِ، قَالَ: «فَلَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «وَمَنْ أَمَرَكَ أَنْ تَشْرَبَ الدَّمَ؟ وَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ، وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ».
والحديث أخرجه أيضًا: البزار في ((مسنده)) (2210)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1329)، وفي ((معرفة الصحابة)) (4151)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (578)، والضياء في ((المختارة)) (267)، أربعتهم مِنْ نفس الطريق.
قال ابن حجر رحمه الله في ((التلخيص الحبير)) (1/ 169): ((قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الله بن الزبير أَنَّهُ شَرِبَ دَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَالْبَز َّارُ وَالطَّبَرَانِي ُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُ ّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي الدَّمَ فَقَالَ: "اذْهَبْ فَغَيِّبْهُ" فَذَهَبْت فَشَرِبْته فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا صَنَعْت؟ ", قُلْت: غَيَّبْته, قَالَ: "لَعَلَّك شَرِبْته؟ " قُلْت: شَرِبْته زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فَقَالَ: "مَنْ أَمَرَك أَنْ تَشْرَبَ الدَّمَ وَيْلٌ لَك مِنْ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْك" وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْبَيْهَقِيُ ّ فِي الْخَصَائِصِ مِنْ السُّنَنِ وَفِي إسْنَادِهِ الْهُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْعِلْمِ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْن ِيّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ لَا تَمَسُّك النَّارُ وَفِيهِ عَلَى بْنُ مُجَاهِد وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَيْنَا فِي جُزْءِ الْغِطْرِيف ثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ ثَنَا سَعْدٌ أَبُو عَاصِمٍ مَوْلَى سُلَيْمَان بْنِ عَلِيٍّ عَنْ كَيْسَانَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ طَشْتٌ يَشْرَبُ مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا شَأْنُك يَا ابْنَ أَخِي؟ " قَالَ: إنِّي أَحْبَبْت أَنْ يَكُونَ مِنْ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِي فَقَالَ: "وَيْلٌ لَك مِنْ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْك لَا تَمَسُّك النَّارُ إلَّا قَسَمَ الْيَمِينِ" وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ أَبِي عَاصِمٍ بِهِ)).