قال تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-:"يفيد أنه إن جاءنا عدل فإننا نقبل الخبر، لكن هذا فيه عند العلماء تفصيل، دل عليه القرآن والسنة، فمثلاً الشهادة بالزنا: لو جاءنا رجل عدل في دينه، مستقيم في مروءته، وشهد أن فلاناً زنا فلا نقبل شهادته، وإن كان عدلاً، بل نجلده ثمانين جلدة؛ لأنه قذف هذا الرجل البريء بالزنا، وقد قال الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً} ، فنجلده ثمانين جلدة ولا نقبل له شهادة أبداً، ونحكم بأنه فاسق، وإن كان عدلاً حتى يتوب، وإذا شهد رجلان عدلان على زيد أنه زنا فلا نقبل شهادتهما، ولا ثلاثة، فإذا كانوا أربعة عدول فنعم؛ لأن الله تعالى قال: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون} .
وقال تعالى: {لولا جاءو عليه بأربعة شهداء} {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} حتى وإن كانوا صادقين، فلو جاءنا ثلاثة نعرف أنهم ثقات عدول وشهدوا بالزنا على شخص فهم عند الله كاذبون غير مقبولين، نجلد كل واحد ثمانين جلدة، وإذا جاءنا رجل شهد على شخص بأنه سرق فلا نقبل شهادته، بل لابد من رجلين، وإذا جاءنا رجل شهد بأنه رأى هلال رمضان فنقبل شهادته، لأن السنة وردت بذلك، فقد قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: تراءى الناس الهلال - يعني ليلة الثلاثين من شعبان - فرأيته فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بالصيام (أخرجه أبو داود، كتاب الصوم (2342) .) ، وإذا كان رجل غنيًّا ثم أصيب بجائحة ثم جاء يسأل الزكاة، وأتى بشاهد أنه كان غنيًّا وأصابته جائحة وافتقر فلا نقبل شهادة الواحد، ولا نقبل شهادة اثنين، بل لابد من ثلاثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة: «إنها لا تحل المسألة» وذكر منها رجل أصابته جائحة - يعني اجتاحت ماله - فشهد ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: إن فلاناً قد أصابته جائحة فحلت له المسألة (أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة (1044))
(ثلاثة من ذوي الحجا)
يعني من ذوي العقل، وكذلك نقبل رجلاً مع يمين المدعي كما لو ادعى شخص على آخر بأنه يطلبه ألف ريال، فقلنا للمدعي: هات بينة، قال: عندي رجل واحد، فإذا أتى برجل واحد وحلف معه، حكمنا له بما ادعاه وهناك أشياء أيضاً لا يتسع المجال لذكرها، وعلى هذا فخبر العدل فيه تفصيل على ما تقدم وخبر الفاسق يتوقف فيه حتى يتبين الأمر" تفسير الحجرات