الإمام الطوفي ورؤيته في قصة الغرانيق
نبذة من ترجمته:
الطوفي:
هو الإمام نجم الدين، سليمان بن عبد القوي الصرصري البغدادي، ولد في بغداد 657هـ وتوفي بالخليل في فلسطين 716هـ (رحمه الله).
وكان من كبار علماء الحنابلة في بغداد، وسافر إلى دمشق والتقى به شيخ الإسلام ابن تيمية
ودرس على الطوفي النحو والعربية، وتتلمذ الطوفي على شيخ الإسلام وله به تعلق شديد.
كما التقى الطوفي بكبار العلماء وأخذ عنهم، مثل الحافظ المؤرخ علم الدين البرزالي، والحافظ أبو الحجاج المزي، والحافظ شرف الدين الدمياطي، والمحدث أبو بكر القلانسي، والقاضي الفقيه تقي الدين سليمان بن حمزة، ومجد الدين الحراني شيخ الحنابلة في وقته، والحافظ القاضي سعد الدين الحارثي، وأبو حيان النحوي، وجمع ممن عاصرهم.
وسافر إلى مصر والحجاز والشام فالتقى بعدد غير قليل من العلماء وقرأ عليهم.
ودرس في الصالحية والمنصورية، ونفي إلى قوص بمصر، لفتنة وقعت بينه وبين شيخه الحارثي، وأفادته هذه بلقاء بعض العلماء أيضا في مصر، وألف فيها مؤلفات عدة.
ثم رحل إلى الحجاز فحج وجاور في الحرمين سنة 714 هـ وقرأ بها كثيرا من الكتب ثم رحل إلى القدس فبقي فيها حتى توفي، ولم ينقطع عن العلم والتحصيل والتأليف وكان آخر مؤلف ألفه في بيت المقدس هو كتابه" الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية".
وله مشاركات في علم التفسير والعربية والحديث والأصول والأدب والشعر وله نظم كثير رائق وقصائد في مدح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقصيدة طويلة في مدح الإمام أحمد.
ومؤلفاته كثيرة: منها في تفسير بعض السور المفردة، وله كتاب الإكسير في قواعد التفسير.
وفي الحديث: مختصر جامع الترمذي، وشرح الأربعون النووية، ودفع التعارض عما يوهم التناقص في الكتاب والسنة.
وله في علم مقارنة الأديان: تعاليق في الرد على جماعة من النصارى، والانتصارات الإسلامية في دفع الشبه النصرانية، وتعاليق على الأناجيل الأربعة وكتب الإثني عشر.
وله مصنفات كثيرة في الأصول وفي الجدل والمنطق والأدب والشعر، وله شرح روضة الناظر وكتب كثيرة تدل على علمه وتوسعه وسبقه.
واتهم بالرفض ظلما، وله كتب ترد على الرافضة كالصعقة الغضبية وغيرها.
واتهمه البعض بأنه قال عن نفسه : حنبلي رافضي أشعري ... هذه إحدى العبر!.
ولم يبين لنا قائله في أي كتاب قاله الطوفي..
وعندي أنه لو قالها، فإنه قالها متعجبا ممن اتهموه بالرفض أو أنه أشعري، فكيف لحنبلي مشهور بذلك مقدم فيه وله في المذهب مؤلفات أن يكون رافضيا أو أشعريا؟ هذا من العجب.
وللطوفي اتفاق في الجملة مع منهج السلف في التوحيد والقدر وسائر مسائل الأسماء والصفات، فهو في الغالب أثري، وقد يشذ في بعض الصفات فيؤول، ولكن الغالب عليه منهج السلف.
وله شذوذ عرف به في مسألة المصلحة المرسلة، وليس هذا بيانها والتعليق عليها.
وهذا المقال أفردناه لبيان رأي الإمام الطوفي في قصة الغرانيق التي رويت في كتب السير والمغازي، وفي كتب التفسير عند قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِك َمِن رَّسُولٍ وَلانَبِيٍّ إِلاّ َإِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ ) إلى قوله ( عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ).
فأحببت أن أشير أولاً إلى شيء من ترجمته، حتى لا يقول أحدٌ : ومن هو الطوفي؟
وللتعريف بكتاب " الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية " وما له من أهمية، يراجع مقدمة المحقق الدكتور: سالم بن محمد القرني، فقد ترجم للطوفي وتكلم عن عصره وشيوخه وتلاميذه ومعتقده ومنهجه ومؤلفاته بما لا مزيد عليه، وما نقلناه أعلاه مختصرا من تحقيقه جزاه الله خيراً.