"الخوارج الذي وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل طاعة وعبادة وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم، وقراءته عند قراءتهم، لكن هذا العمل لا يجاوز، تراقيهم يعني: لا ينزل إلى القلب والعياذ بالله، فيمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، والسهم إذا ضرب الرمية مرق بسرعة وخرج من الجانب الآخر، فهم كذلك يمرون بالإسلام مروراً سريعاً كسرعة هذا السهم ثم يخرجون منه، نسأل الله العافية، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم؛ لأنهم وإن تشددوا في الدين فهم مارقون منه، ولو فتشت في قلوبهم لوجدتها سوداء صماء لا يصل إليها الخير والعياذ بالله؛ لأن إيمانهم في الظاهر، وهذا في الحقيقة شيء يجب علينا أن نحاسب أنفسنا فيه؛ لأن بعضنا تجده يكره المعاصي من الناس، وينفر منها، وينكر عليهم ويسبهم، ولكن ما وصل الإيمان إلى قلبه، فتجده في عبادته مهملاً لا يحضر قلبه لصلاته، ولا ينيب إلى ربه، ولا يجد أنه مذنب إذا أذنب، وهذه من صفات الخوارج، ولهذا قال بعض السلف: من قال إن الناس هلكوا فهو أهلكهم، ومن قال إنهم ضلوا فهو أضلهم.
ومرادهم بهذا أن من اشتغل بعيب غيره عن عيب نفسه ففيه شعبة من الخوارج
، وهؤلاء الخوارج ينكرون على الناس ويشددون عليهم ويجعلون فاعل الكبيرة كافراً وهم أكفر منه؛ لأن إيمانهم لم يصل إلى القلب، وهم فقط ينكرون في الظاهر، وهذه المسألة خطيرة، يجب على الإنسان أن يعالج نفسه منها حتى يسلم من هذا الشر، وهؤلاء ليسوا في آخر الزمان، نعم في آخر الزمان بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم لكنهم سبقوا، منذ عهد الخلفاء الراشدين وهم موجودون، بل إن بعضهم كان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم ما حملوا السلاح، فالذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أن كان ابن عمتك يا رسول الله! لما حكم للزبير بن العوام.
هذا نوع من الخروج، والذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم لما قسم الغنائم: اعدل! وقال آخر: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، هذا أيضاً نوع من الخروج". المصدر :لقاء الباب المفتوح [11] الخميس الحادي عشر جمادى الأولى عام (1413هـ) ابن عثيمين