قال الشيخ العلامة: عبدُ الوهَّابِ بنُ أحمدَ بنِ بركاتٍ الشافعيُّ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ».
الْخَبرُ:إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ؛ فَهُوَ الْمُتَواتِرُ.
وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ.
وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ.
وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ؛ وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ.
وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ.
......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ....
أقول: مؤلف هذه الرسالة هو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الشافعي الطنطاوي- نسبة إلى طنطا بلدة في مصر- نزيل مكة من مؤلفاته هذه الرسالة، والتيسير لمريد التفسير توفي في مكة عام 1154 هـ رحمه الله.
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ) المشهور هو البدء بالبسملة فقط، ولكن سار بعض المؤلفين على البدء بالبسملة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كاستفتاحية ثم يعقبون ذلك بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصلاة الأولى المقرونة بالبسملة هي للاستفتاح والصلاة الثانية المقرونة بالحمدلة هي المعتادة التي تقع عقب الحمد.
( أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ» ) نخبة الفكر كتاب ألفه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله وقد اختصره المؤلف بعبارة رائقة كي يكون مدخلا للبدء به، ومعنى النخبة في اللغة هو الخلاصة والفِكَر جمع فكرة، فنخبة الفكر = خلاصة الأفكار.
( الْخَبرُ ) وهو بمعنى الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف ( إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ ) أي في كل طبقاته والطبقة هم جماعة اشتركوا في السن واللقاء بالشيوخ، فمثلا إذا جاء حديث رواه: مالك عن نافع عن ابن عمر، فمالك في طبقة وهنالك من أهل عصره من يقاربه في السن وأخذ معه عن نفس شيوخه، ونافع في طبقة أخرى، وابن عمر رضي الله عنه في طبقة أخرى هي طبقة الصحابة، فالمتواتر لا بد في كل طبقاته وحلقات سنده من الكثرة التي يستحيل معها التواطؤ على الكذب (جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ ) فإن لم يستند إلى الحس بأن كان يستند إلى النظر والفكر العقلي فليس بمتواتر (فَهُوَ الْمُتَواتِر) وهو يفيد العلم اليقيني.
( وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ ) أي أن يرويه ثلاثة فأكثر بشرط أن لا يصل إلى حد المتواتر بأن يبلغ كثرة يستحيل معها التواطؤ على الكذب.
(وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ ) أي لا يرويه أقل من اثنين وإن زاد في بعض الطبقات على الاثنين لأن الحكم للأقل.
(وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ ) أي ولو في بعض طبقاته فلا يضر الزيادة في بعض الطبقات ما دام أنه في طبقة واحدة يوجد راو واحد لا غير.
(وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ ) هذا تقسيم للغريب إلى غريب مطلق ويسمى بالفرد المطلق أيضا، وإلى غريب نسبي ويسمى بالفرد النسبي أيضا، ويقصد بأصل السند طرفه الذي فيه الصحابي، فإذا جاء الحديث من طريق صحابي واحد فهو غريب مطلق.
(وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ ) أي وإن لا يكون التفرد في أصل السند فهو الغريب النسبي بأن يكون التفرد قد حصل بالنسبة لراو معين لا مطلقا فيكون الحديث في أصله عزيزا أو مشهورا ولكن بالنسبة لراو معين يقال: لم يروه عنه إلا فلان.
(وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ ) أي كل ما لم يبلغ التواتر فهو آحاد سواء أكان مشهورا أو عزيزا أو غريبا، والمتواتر كله مقبول لأنه يفيد القطع والعلم اليقيني، بينما أحاديث الآحاد فيها المقبول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها المردود الذي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.