تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 51

الموضوع: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

  1. #1

    افتراضي دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد..
    فهذه دروس ميسرة في علم مصطلح الحديث نشرح فيه متن المختصر من نخبة الفكر للشيخ العلامة عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الشافعي رحمه الله أسأل الله أن يتمها على خير وأن ينفع بها إنه سميع مجيب.

    ( الدرس الأول )

    مقدمة


    مصطلح الحديث: قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد.
    وفائدته: معرفة المقبول والمردود من الأحاديث.
    بمعنى أن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ويتناقلها الناس ليست كلها صحيحة وثابتة عنه بل فيها ما هو كذب صريح، وفيها ما هو مشكوك فيه لا تطمئن النفس إليه، فاحتجنا إلى علم نعرف به المقبول والمردود من الأحاديث فمن أجل ذلك وضع العلماء علم مصطلح الحديث.
    ووظيفة هذا العلم بيان حال شيئين:
    أولا: حال السند.
    ثانيا: حال المتن.
    مثال: قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ).
    فالسند هو قول الإمام البخاري: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
    والمتن هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
    فالمتن هو: نفس الحديث، والسند هو: سلسلة الرواة الموصولة إلى المتن، أي رجال الحديث.
    فمصطلح الحديث يعطي القواعد التي يتمكن بها من معرفة حال السند: هل هو مقبول أو مردود، ومن معرفة حال المتن: هل هو مقبول أو مردود.
    مثال: هنالك قاعدة في هذا العلم تقول: إذا كان في سند راو ضعيف الحفظ فيرد السند.
    فنطبق هذه القاعدة على الأحاديث لنعرف حالها.
    مثال: قال الإمام البزَّار في مسنده: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: نا كَيْسَانُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا يَبِسَتْ شَفَتَاهُ كَانَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
    فلما بحثنا في الكتب التي تبين حال الرواة وجدنا الآتي: قال الحافظ ابن حجر في كتابه تقريب التهذيب: كيسان القصار أبو عمر الفزاري ضعيف.
    ومعنى قولهم في فلان ضعيف هو أنه ضعيف حفظه.
    فيكون إسناد الحديث ضعيفا، والضعيف من قسم المردود، وبالتالي لا يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ... إلخ.
    فتلخص أن مصطلح الحديث هو قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد، وفائدته معرفة المقبول والمردود من الروايات، لنأخذ المقبول ونترك المردود.

    ( الأسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هو المقصود بمصطلح الحديث وما هي فائدته ؟
    2- ما المقصود بالسند والمتن ؟
    3- اذكر قاعدة من قواعد مصطلح الحديث ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ ).
    بين السند والمتن ؟


  2. #2

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثاني )

    تعريف الحديث

    قد علمتَ أن مصطلح الحديث هو: قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد، وأن فائدته هي: معرفة المقبول والمردود من الأحاديث. فلا بد أن نعرف ما هو المقصود بالحديث.
    فالحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
    مثال: القول: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) رواه البخاري ومسلم.
    ومثال الفعل ما جاء عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ( أَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ، أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ) رواه البخاري ومسلم.
    ومثال التقرير: ما رواه البخاري ومسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: ( كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ ).
    والمعنى أن الصحابة حينما كانوا في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم ذاهبين من منى إلى عرفة للوقوف هنالك فمنهم من كان يهل أي يرفع صوته بالتلبية قائلا لبيك اللهم لبيك، ومنهم من كان يقطع التلبية ويكبر الله فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أحد من الفريقين فدل على جواز الأمرين.
    والمقصود بالتقرير هو: أن يفعل أحد فعلا ويعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينهه عنه ، فيدل على أنه جائز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على باطل.
    وأما الوصف فهو أن يصف الصحابي أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو خِلقته.
    مثال الوصف الخُلُقي ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ) رواه البخاري ومسلم. ومثال الوصف الخِلْقِي ما جاء عن الْبَرَاءَ رضي الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ) رواه البخاري ومسلم. الذاهب: أي المفرط بالطول.
    والخبر بمعنى الحديث فهما مترادفان.
    فتلخص أن الحديث ومثله الخبر: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث ؟
    2- ما الفرق بين الوصف الخُلُقي والوصف الخِلْقي ؟
    3- مثل بمثال من عندك لحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا ).
    بين نوع هذا الحديث ؟.


  3. #3

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثالث )

    تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد

    قد علمت أنَّ الحديث هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
    وهو ينقسم إلى: متواتر وآحاد.
    فالمتواتر هو: الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب، وكان مستندهم الحسّ.
    أي هو الحديث الذي نقله جمع من الصحابة رضي الله عنهم إلى الناس الذين لم يروه صلى الله عليه وسلم وهم التابعون، ثم ينقله هؤلاء إلى من بعدهم وهكذا، وحينما ينظر الشخص في هذا الحديث يجد أنه من المستحيل أن يتفق الرواة فيه على الكذب إما لأنهم كثيرون جدا بحيث يؤمن أنهم قد اتفقوا مسبقا على الكذب، أو لصلاحهم وقوة حفظهم أو لتباعد بلدانهم كأن يكون بعضهم في الشام وبعضهم في اليمن مع انتفاء الداعي والمبرر للكذب فيحصل من تلك الأخبار يقين في النفس بصدق هذا الحديث وأن احتمال الكذب أو الخطأ فيه منتفية عادة فهذا هو الحديث المتواتر.
    فشروط المتواتر أربعة هي:
    1-أن يرويه عدد كثير.
    2- أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند.
    3- أن يحصل مع تلك الكثرة جزم العقل بانتفاء الكذب أو الخطأ.
    4- أن يكون مستندهم فيما أخبروا به هو الحس.
    ولنبدأ بتفصيل هذه الشروط:
    أولا: أن يروي الحديث عدد كثير، فلو روى الحديثَ واحد فقط أو اثنان فقط أو ثلاثة فقط فهو حديث آحاد وليس بمتواتر، وهنا سؤال وهو: كم هو العدد المطلوب للتواتر ؟ الجواب: هو غير محدد برقم معين بل مدار الأمر فيه على حصول العلم اليقيني بصدق هذا الخبر، فربما كفى 10 رواة في حصول التواتر وربما لم يكف أكثر من ذلك كأن يكون ما رواه هؤلاء أقوى حفظا ودينا ممن هم أكثر منهم عددا فيحصل اليقين بما رواه العشرة ولا يحصل بمن هم أكثر منهم.
    فالضابط هو حصول اليقين في النفس متى حصل فقد تم العدد.
    ثانيا: أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند، أي في كل حلقة من حلقات السند في طبقة الصحابة وفي طبقة التابعين وفي طبقة تابع التابعين وفي طبقة من بعدهم وهكذا. مثال: لو ورد الحديث هكذا: 100- عن 70- عن 120- عن 3 -عن 20- عن النبي صلى الله عليه وسلم فهل هو متواتر؟
    الجواب: لا لأنه توجد طبقة فيها 3 رجال فقط وهم لا يكفون لحصول التواتر فيسمى الحديث حديث آحاد.

    ثالثا: أن يحصل مع تلك الكثرة جزم العقل بانتفاء الكذب أو الخطأ، وهذا هو مدار التواتر فمتى لم يحصل مع تلك الكثرة اليقين التام لم يعتبر الحديث متواترا.
    مثال: لو ورد الحديث هكذا: 10- عن 16- عن 12- عن 10 -عن 10- عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بدراسة تلك الأسانيد ومعرفة حال الرواة لم نحصل على قناعة كافية ويقين تام بانتفاء احتمال الكذب أو الخطأ فلا يعد متواترا رغم أنه رواه عدد كثير عن عدد كثير في جميع طبقات السند.
    رابعا: أن يكون مستندهم فيما أخبروا به هو الحس، أي أنهم رووا شيئا سمعوه بآذانهم، أو أبصروه بأعينهم فحدثوا به لا أنهم نقلوا رأيا استنبطوه بعقولهم فهذا لا يفيد اليقين، فلا بد أن يكون الصحابة قد سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا أو رأوه يفعل كذا، فحدثوا بما سمعوا أو رأوا.
    مثال: جاء في الصحيحين: البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب من نسائه واعتزلهن ففهم كثير من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نسائه وصار هذا الخبر يتناقله جمع من الصحابة، حتى فشا في المدينة، ثم تبين أنه صلى الله عليه وسلم لم يطلق نسائه، وإنما قد فهموا ذلك من القرائن، فمثل هذا الخبر لا يعد متواترا ولا يفيد العلم لأنهم لم يسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطلق نسائه أو يحدثهم بذلك فلم يرجع أصل خبرهم إلى أمر محسوس.
    ثم إنَّ المتواتر من الحديث قسمان:
    1-المتواتر اللفظي وهو: ما تواتر لفظه ومعناه.
    2- المتواتر المعنوي وهو: ما تواتر معناه دون لفظه.

    مثال الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ستين صحابيا، ورواه عنهم جمع كثير بهذا اللفظ.
    ومثال الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند الدعاء، فهذا المعنى وردت فيه أحاديث كثيرة جدا ولكنها لم تتفق في لفظها، فمرة ورد أنه يرفع صلى الله عليه وسلم كان يديه في الاستسقاء، ومرة يدعو على الكفار ومرة يدعو ربه في غير ذلك في وقائع مختلفة لكن القدر المشترك بين تلك الروايات هو رفع اليدين في الدعاء فهذا المعنى هو المتواتر.
    فالمتواتر المعنوي هو أن ترد أحاديث كثيرة لكل منها لفظها الخاص وظرفها الخاص الذي وردت فيه ولكن يستخلص منها قدر مشترك تتفق عليه الروايات الكثيرة، فحينئذ إذا نظرنا إلى كل حديث على حدة لا نجده متواترا ولكن ذلك القدر المشترك يعتبر متواترا لتحقق شروط التواتر فيه، وهو الذي يوجب العلم اليقيني وينتفي معه احتمال الكذب أو الخطأ.
    والتطبيق العملي لمعرفة التواتر هو أن نمسك المتن، ثم نجمع كل الأسانيد التي جاءت بذلك المتن، ثم نبدأ بالصحابة فننظر عددهم في تلك الأسانيد ونكتب الرقم، ثم ننظر في التابعين ونقيد عددهم، ثم ننتقل إلى من بعدهم إلى آخر السند، مع ما يكتنف تلك الأسانيد من معلومات فإن وقع في النفس العلم اليقيني الذي يستحيل معه الكذب والخطأ فهو متواتر.
    فتلخص أن المتواتر هو الحديث الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب، وكان مستندهم الحسّ وهو لفظي إن اتفق الرواة فيه على لفظ واحد ومعنوي إن حصل قدر مشترك بين تلك الروايات.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث المتواتر ؟
    2- ما هي شروط الحديث المتواتر ؟
    3- ما هي أقسام الحديث المتواتر ؟

    ( تدريب 1 )

    قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ).
    قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قَالَ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنْ يَحْيَى انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ. اهـ.
    هل هذا الحديث متواتر أو آحاد ولم ؟

    ( تدريب 2 )

    وردت أحاديث كثيرة تدل على معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم كتسبيح الحصا في يديه وتسليم الحجر عليه وتكثير الماء بين يديه حتى بلغت مبلغ التواتر .
    فما هو الذي تواترت به تلك الأحاديث وأي قسم هو من أقسام المتواتر ؟


  4. #4

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الرابع )

    تقسيم حديث الآحاد

    قد علمت أنَّ الحديث ينقسم إلى متواتر، وهو الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطئهم على الكذب وكان مستندهم الحس، وإلى آحاد.
    فالآحاد هو: ما عدا المتواتر.

    فالحديث إذا رواه واحد عن واحد، أو اثنان عن اثنين، أو ثلاثة عن ثلاثة، أو أكثر من ثلاثة ولكن لم يصل إلى درجة التواتر فهو آحاد.
    وقد قسم العلماء حديث الآحاد بحسب عدد الرواة إلى ثلاثة أقسام:
    1-غريب وهو: ما رواه واحد عن واحد.
    وكذا إذا رواه جمع ولكن في طبقة من طبقات السند كان هنالك راو واحد فقط فهو غريب.
    فلو جاء الحديث: عن 100، عن 1 عن 100 فالحديث غريب لأن الاعتبار يكون للعدد الأقل دائما.
    مثال الغريب: حديث إنما الأعمال بالنيات فلم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر. فكان غريبا.
    2- عزيز وهو: ما رواه اثنان عن اثنين. وكذا إذا رواه جمع ولكن في طبقة من طبقات السند كان هنالك راويان فقط.
    مثاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ) رواه الشيخان:البخاري ومسلم.
    فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابيان هما: ( أبو هريرة وأنس ) رضي الله عنهما.
    فحديث أبو هريرة رواه البخاري قال: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
    وحديث أنس رواه البخاري أيضا قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ.
    فحديث أنس بسبب أن رواته غير رواة حديث أبي هريرة أوجب ذلك كون الخبر عزيزا.
    ( فكل حديث له إسنادان عن صحابيينِ، وكل صحابي له سلسلة رواة غير سلسلة الآخر؛ فهو عزيز).
    3- المشهور وهو: ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر.
    مثاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ ) رواه الشيخان والترمذي وغيرهم.
    فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة هم: ( عبد الله بن عمرو، وعائشة، وأبو هريرة ) رضي الله عنهم، وكل صحابي له رواته الخاصين به فيكون الحديث مشهورا.
    ( فكل حديث جاء عن ثلاثة من الصحابة وكل صحابي له سلسلة رواة غير سلسلة الآخر؛ فهو مشهور ).
    وهنا سؤالهم وهو كيف يتوصل إلى معرفة أن الحديث عزيز أو مشهور ؟
    الجواب: بالنظر في كتب الحديث المتعددة كالبخاري ومسلم وسنن النسائي وأبي داود ومسند أحمد ومستدرك الحاكم ومعجم الطبراني وغيرها فحينما نجد للحديث إسناد آخر يصير عزيزا وإذا وجدنا أكثر من إسناد صار الحديث مشهورا.
    فمثلا لو جاء حديث في كتاب من كتب السنة من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الحديث يبدو لأول وهلة غريبا لأنه رواه واحد عن واحد، فنتنقل بين كتب الحديث فإن لم نجد طريقا آخر بعد استقراء جميع كتب الحديث فحينئذ نحكم بأن الحديث غريب، وإن وجدنا طريقا آخر ولنفرضه أنه جاء من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يخرج الحديث من وصف الغرابة، فإن لم نجد غير هذا الطريق الثاني حكمنا بأن الحديث عزيز، وإن وجدنا طريقا آخر ولنفرضه أنه جاء من طريق هشام بن عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم صار الحديث مشهورا، فإن تعددت الطرق وصارت بحيث يستحيل معها التواطؤ على الكذب صار متواترا.
    فتلخص أن الآحاد هو ما ليس بمتواتر، وهو ثلاثة أقسام: غريب، وعزيز، ومشهور.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو حديث الآحاد ؟
    2- إلى كم قسم ينقسم الآحاد ؟
    3- عرف كل قسم من أقسام الآحاد ؟

    ( تدريب )

    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ( قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ( رِعل وذَكوان ) قبيلتان من قبائل العرب يرجعان إلى بني سُليم. فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنس بن مالك- وعبد الله بن عباس- وخُفاف بن إيماء الغِفاري ) ورواه عن أنس ( قَتادة- وأبو مِجلَز- وإسحاق بن عبد الله- وعاصم الأحول ) ورواه عن قتادة عدد، وعن كل رواه عدد كثير.
    هذا الحديث من أي قسم من أقسام الآحاد ؟


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    جزاكم الله خيرا
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    مصر (القاهرة)
    المشاركات
    812

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    جزاكم الله خيرا
    واتقوا الله ويعلمكم الله

  7. #7

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الخامس )

    الغريب المطلق والغريب النسبي

    قد علمت أنَّ حديث الآحاد هو: ما ليس بمتواتر، وهو غريب وعزيز ومشهور.
    ثم إن لفظ الغريب يطلق عند العلماء على معنيين:
    1-الغريب المطلق.
    2-الغريب النسبي.
    فالغريب المطلق هو: الحديث الذي انفرد بروايته صحابي واحد.
    فهو لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طريق هذا الصحابي، سواء استمر التفرد بعد الصحابي أو انقطع.
    فمثلا لو لم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طريق علي رضي الله عنه فيكون غريبا مطلقا سواء أكان من روى عن علي واحدا فقط أو أكثر من واحد.
    مثال: قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ ).
    فهذا الحديث غريب مطلق لأنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة رضي الله عنه، وقد استمرت هنا سلسلة الغرابة فلم يروه عن أبي هريرة غير أبي زرعة، ولم يروه عن أبي زرعة غير عمارة بن القعقاع، ولم يروه عن عمارة بن القعقاع غير محمد بن الفضيل، ثم عنه اشتهر الحديث ورواه عنه أناس فيكون الحديث غريبا في أربع طبقات. ويسمى الغريب المطلق بالفرد المطلق أيضا.
    والغريب النسبي هو: الحديث الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين.
    مثل أن يرد الحديث عن أكثر من صحابي فهو ليس بغريب مطلقا ولكن انفرد تابعي واحد بروايته عن أحد الصحابة. فمثلا لو روى أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يروه عن ابن عمر غير نافع، فيقال هذا غريب نسبي أي هو بالنسبة لابن عمر لم يروه عنه غير واحد لا مطلقا لأن الحديث يعرف من طريق آخر وهو طريق أبي هريرة.
    ومثل لو روى أبو هريرة وابن عمر وأنس رضي الله عنهم حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عن ابن عمر شخصان هما نافع وسالم، ثم رواه عن نافع شخص واحد فقط وهو مالك فيقال حينئذ هذا غريب نسبي أي هو بالنسبة لنافع لم يروه عنه غير واحد لا مطلقا لأنه جاء من طريق سالم أيضا. ويسمى الغريب النسبي بالفرد النسبي أيضا. مثال: قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ).
    فهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم من طريق أربعة من الصحابة هم: ( ابن عمر - جابر- أبو موسى الأشعري- أبو هريرة ) رضي الله عنهم فهو حديث مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه عن كل واحد منهم أكثر من تابعي باستثناء حديث أبي موسى فلم يروه عنه غير ابنه أبي بردة، ولم يروه عن أبي بردة غير حفيده بريد بن عبد الله، ولم يروه عن بريد بن عبد الله غير أبي أسامة ولم يروه عن أبي أسامة غير أبي كريب محمد بن العلاء، فحينئذ نقول هذا غريب نسبي بأربع طبقات.

    وقد ظهر لك أن الغرابة النسبية لا تنافي العزة والشهرة، فمتن الحديث نقول فيه هو عزيز أو مشهور بالنظر إلى مجموع أسانيده، فإذا أمسكنا واحدا من تلك الأسانيد على حدة نقول فيه هو غريب من رواية فلان عن فلان.
    فتلخص أن الغريب يستعمل بمعنيين: الأول هو: الذي ينفرد بروايته صحابي واحد، ويسمى بالغريب المطلق والفرد المطلق، والثاني هو: الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين، ويسمى بالغريب النسبي والفرد النسبي.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ماتقدم ما هو الغريب المطلق ؟
    2- ما هو الغريب النسبي ؟
    3- هل تتنافى الغرابة النسبية مع العزة والشهرة ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ). قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قَالَ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنْ يَحْيَى انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ. اهـ قد علمت أن هذا الحديث غريب فهل هو غريب مطلق أو غريب نسبي ولم ؟ وفي كم طبقة وقعت الغرابة ؟


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    أحسنتم كثيراً أخي الحبيب شرحٌ ماتعٌ وكلامٌ طيبٌ بارك الله فيك .

  9. #9

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  10. #10

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( خلاصة الباب )
    مصطلح الحديث هو: قواعد يعرف بها حال المتن والسند من حيث القبول والرد.
    وفائدته: معرفة ما يقبل من الأحاديث وما يرد.
    والحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
    وينقسم باعتبار وصوله إلينا إلى: متواتر وآحاد.
    فالمتواتر هو: الحديث الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب وكان مستندهم الحس.
    وينقسم إلى لفظي إن اتفق الرواة فيه على لفظ واحد، ومعنوي إن لم يتفقوا فيه على لفظ واحد.
    والآحاد هو: ما ليس بمتواتر.
    وينقسم إلى: مشهور وعزيز وغريب.
    فالمشهور: ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر.
    والعزيز: ما رواه اثنان عن اثنين.
    والغريب: ما رواه واحد عن واحد.
    وينقسم الغريب إلى مطلق ونسبي.
    فالمطلق هو: الذي لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير صحابي واحد.
    والنسبي هو: الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين.

  11. #11

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( تعليقات على النص )

    قال الشيخ العلامة: عبدُ الوهَّابِ بنُ أحمدَ بنِ بركاتٍ الشافعيُّ:
    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
    فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ».
    الْخَبرُ:إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ؛ فَهُوَ الْمُتَواتِرُ.
    وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ.

    وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ.
    وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ؛ وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ.
    وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ.
    ......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ....
    أقول: مؤلف هذه الرسالة هو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الشافعي الطنطاوي- نسبة إلى طنطا بلدة في مصر- نزيل مكة من مؤلفاته هذه الرسالة، والتيسير لمريد التفسير توفي في مكة عام 1154 هـ رحمه الله.
    ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ) المشهور هو البدء بالبسملة فقط، ولكن سار بعض المؤلفين على البدء بالبسملة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كاستفتاحية ثم يعقبون ذلك بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصلاة الأولى المقرونة بالبسملة هي للاستفتاح والصلاة الثانية المقرونة بالحمدلة هي المعتادة التي تقع عقب الحمد.
    ( أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ» ) نخبة الفكر كتاب ألفه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله وقد اختصره المؤلف بعبارة رائقة كي يكون مدخلا للبدء به، ومعنى النخبة في اللغة هو الخلاصة والفِكَر جمع فكرة، فنخبة الفكر = خلاصة الأفكار.

    ( الْخَبرُ ) وهو بمعنى الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف ( إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ ) أي في كل طبقاته والطبقة هم جماعة اشتركوا في السن واللقاء بالشيوخ، فمثلا إذا جاء حديث رواه: مالك عن نافع عن ابن عمر، فمالك في طبقة وهنالك من أهل عصره من يقاربه في السن وأخذ معه عن نفس شيوخه، ونافع في طبقة أخرى، وابن عمر رضي الله عنه في طبقة أخرى هي طبقة الصحابة، فالمتواتر لا بد في كل طبقاته وحلقات سنده من الكثرة التي يستحيل معها التواطؤ على الكذب (جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ ) فإن لم يستند إلى الحس بأن كان يستند إلى النظر والفكر العقلي فليس بمتواتر (فَهُوَ الْمُتَواتِر) وهو يفيد العلم اليقيني.

    ( وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ ) أي أن يرويه ثلاثة فأكثر بشرط أن لا يصل إلى حد المتواتر بأن يبلغ كثرة يستحيل معها التواطؤ على الكذب.
    (وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ ) أي لا يرويه أقل من اثنين وإن زاد في بعض الطبقات على الاثنين لأن الحكم للأقل.
    (وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ ) أي ولو في بعض طبقاته فلا يضر الزيادة في بعض الطبقات ما دام أنه في طبقة واحدة يوجد راو واحد لا غير.
    (وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ ) هذا تقسيم للغريب إلى غريب مطلق ويسمى بالفرد المطلق أيضا، وإلى غريب نسبي ويسمى بالفرد النسبي أيضا، ويقصد بأصل السند طرفه الذي فيه الصحابي، فإذا جاء الحديث من طريق صحابي واحد فهو غريب مطلق.
    (وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ ) أي وإن لا يكون التفرد في أصل السند فهو الغريب النسبي بأن يكون التفرد قد حصل بالنسبة لراو معين لا مطلقا فيكون الحديث في أصله عزيزا أو مشهورا ولكن بالنسبة لراو معين يقال: لم يروه عنه إلا فلان.
    (وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ ) أي كل ما لم يبلغ التواتر فهو آحاد سواء أكان مشهورا أو عزيزا أو غريبا، والمتواتر كله مقبول لأنه يفيد القطع والعلم اليقيني، بينما أحاديث الآحاد فيها المقبول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها المردود الذي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.



  12. #12

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    الباب الأول في المرفقات.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    أحسنتم كثيراً أخي الحبيب .

  14. #14

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس السادس)

    أسباب ردّ الحديث- الانقطاع

    قد علمت أنَّ حديث الآحاد منه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود، ونريد أن نبين الأسباب التي من أجلها يرد الحديث.
    فمن هذه الأساب عدم اتصال السند.
    واتصال السند هو: أن يكون كل راو قد أخذ الحديث ممن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
    مثال: قال الأمام البخاري: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ).
    فهذا السند متصل فالبخاري قد سمع الحديث من مكي، ومكي سمعه من يزيد، ويزيد قد سمعه من سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وسلمة سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون السند متصلا لا يوجد فيه أي انقطاع.
    فمعنى عدم اتصال السند هو: وجود انقطاع فيه.
    وأنواع انقطاع السند أربعة هي:
    1- الـمُرْسَلُ وهو: ما نسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    أي هو أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا، فهذا غير متصل؛ لأن التابعي هو من لقي الصحابي ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا أو فعل كذا ؟
    مثال: روى الإمام عبد الرزاق في كتابه المصنف عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ).
    فعطاء بن أبي رباح تابعي وقد نسب هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يذكر الواسطة التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يكون إسناد هذا الحديث ضعيفا لوجود انقطاع في السند إذْ المفروض أن يقول عطاء حدثني فلان من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد....
    2- الـمُعَلَّقُ وهو: ما حذف من أول سنده راو فأكثر.
    أي هو أن يحذفَ المصنفُ صاحب الكتاب راويا أو أكثر من بداية السند بأن يحذف شيخه فقط، أو شيخه وشيخ شيخه، وقد يحذف السند كله ويقول مباشرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.
    مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (فِي الأُضْحِيَّةِ لِصَاحِبِهَا بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ ) فهنا المصنف وهو الترمذي حذف السند كله وذكر الحديث مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    3- الـمُعْضَلُ وهو: ما سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي.
    مثال: قال الدارمي في سننه: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا، أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ ).
    هذا حديث معضل لأن عبيد الله بن أبي جعفر من أتباع التابعين توفي سنة 136 هـ فأدنى ما يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم واسطتان أي يكون هكذا: عبيد الله بن أبي جعفر- عن فلان- عن فلان- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وهو مردود لوجود انقطاع شديد في سنده.
    4- الـمُنْقَطِعُ وهو: ما سقط من سنده راو فأكثر من غير توال وكان السقط في أثناء السند.
    أي أن المنقطع هو الذي حصل في سنده سقط مما لا يشمله اسم المرسل والمعلق والمعضل.
    ومعنى أثناء السند أي ما ليس في أوله فيكون معلقا أو آخره فيكون مرسلا.
    مثال: أخرج الإمام أبو داود قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ).
    أبو مِجْلَز واسمه لاحق بن حميد البصري تابعي لكنه لم يدرك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فيكون الحديث منقطعا وقد سقط من السند رجل بين أبي مجلز وحذيفة ، وكما ترى أن هذه الصورة لا ينطبق عليها اسم المرسل لأن التابعيَّ أبا مجلز لم ينسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولا ينطبق عليها اسم المعلق لأنه لم يسقط رجل في أول السند من جهة المصنف أبي داود، ولا ينطبق عليها اسم المعضل لعدم حذف رجلين على التوالي.
    وإذا أردنا أن نقرب الأنواع السابقة نفرض أن بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رواة وننظر كيف يتصور الانقطاع:
    1-المصنف-؟- 2- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ).
    2- المصنف-1- ؟- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( منقطع ).
    3- المصنف-1- 2- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( مرسل ).
    4- المصنف-؟- ؟- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ومعضل). فهذه صورة اجتماع لهما.
    5-المصنف-1- ؟- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معضل ). ولا يكون مرسلا لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط.
    6- المصنف-؟- 2- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ). ولا يكون مرسلا لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط.
    7- المصنف-؟- ؟- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ومعضل ).
    وأما إذا ورد السند هكذا: المصنف-1- 2- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم فـهو ( متصل ).
    وهذه قاعدة: ( متى وجد انقطاع في سند يرد ذلك السند ).
    فتلخص أنه يشترط في قبول الحديث اتصال سنده فإن لم يكن متصلا بأن كان مرسلا أو معلقا أو معضلا أو منقطعا فهو مردود.

    ( الأسئلة )

    1- في ضوء ما تقدم ما هو المرسل ؟
    2- ما هو المنقطع ؟
    3- ما هو المعلق والمعضل ومتى يجتمعان ومتى يفترقان ؟

    ( تدريب )

    عين نوع الانقطاع في الأسانيد التالية:
    1- قال الإمام البخاري في صحيحه: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ- أي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ) .
    2- قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُمَيْرِ بْنِ عَرِيبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ ).
    قال الإمام الترمذي: عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ .
    3- قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{وَلِلّ َهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ «فَسَكَتَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: (لَا، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ , لَوَجَبَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
    قال الإمام الترمذي: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا ( هو الإمام البخاري ) يَقُولُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا.اهـ.
    4- قال الإمام الدارمي في سننه: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَإِضَاعَتُهُ، أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ).
    قال الإمام الترمذي في سننه: وَيُقَالُ: لَمْ يَسْمَعِ الْأَعْمَشُ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَظَرَ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُهُ يُصَلِّي.اهـ


  15. #15

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس السابع)


    الانقطاع الخفي

    قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث هو عدم اتصال السند، وأنه يشمل أربعة أنواع: المرسل والمعلق والمعضل والمنقطع.
    فهذه الأنواع تندرج تحت قسم الانقطاع الظاهر وهو: الذي يكون مكشوفا للناظر في السند لا يخفى عليه.
    وهنالك قسم آخر يسمى بالانقطاع الخفي وهو لا يدرك بسهولة بل يبدو للناظر من أول وهلة أنه متصل مع أنه ليس كذلك وهو يشمل نوعين:
    1-الـمُدَلَّسُ. 2- الـمُرسَلُ الخفيُّ.

    ولنبدأ بالأول فالتدليس هو: أن يروى الراوي عمن سمع منه حديثا لم يسمعه منه بصيغة موهمة للسماع.
    وهذا كلام يحتاج لتوضيح فنقول: إذا قال زيد حدثني عمرو أو أخبرني أو سمعته يقول كذا فالمعنى فيها واحد وهو أن زيدا قد سمع عمرا يقول كذا فنقل عنه كلامه، فهذه الصيغ ( حدثني وأخبرني وسمعت ) صريحة في سماع بعض الرواة من بعض وتدل على اتصال السند.
    ولكن هنالك بعض الرواة- سامحهم الله- لجئوا إلى طريقة ملتوية وهي أن يروي عن شيخه بعض الأحاديث التي لم يسمعها منه بل سمعها من غيره ثم لا يذكر ذلك الغير في السند بل يذكر شيخه ليوهم الناس أنه قد سمع ذلك الحديث من شيخه وهو لم يسمعه.
    مثل: أن يسمع زيد من عمرو بعض الأحاديث، فيقول سمعت عمرا يقول كذا فهذا صريح في السماع ولا إشكال فيه، وأحيانا يسمع زيد من بكر يحدثه حديثا عن عمرو، فيأتي زيد ويحذف من السند بكرا ويجعله عن عمرو فهذا هو التدليس.
    أي أن السند المفروض أن يكون هكذا: قال زيد: حدثني بكر قال: حدثني عمرو، ولكنّ زيدا أسقط بكرا وقال عن عمرو. فيأتي الناظر فيظن أن زيدا قد سمع هذا الحديث من عمرو وهو لم يسمعه منه في الواقع بل سمعه عنه بواسطة بكر.
    والتدليس له أغراض متعددة فأحيانا يسقط المدلس الواسطة لأنه صغير في السن فيستحي أن يذكره كشيخ له وأحيانا يسقطه لأنه ضعيف الحفظ مثلا، فيأتي الناظر في الحديث فيجد الإسناد عبارة عن رجال ثقات فيتبادر لذهنه أن السند نظيف فيبادر للحكم بصحة الحديث بينما في واقع الأمر هنالك في السند رجل ضعيف مخفي ولذا كان التدليس من الانقطاع الخفي.
    والفرق بين التدليس والكذب هو أن الراوي لم يقل سمعت أو حدثني أو أخبرني لأنه إن قالها فهو كاذب، بل قال ( عن فلان ) وهذه الكلمة لا تدل صراحة على أنه سمعه منه فلذا قلنا بصيغة موهمة للسماع أي هي عادة ما تستعمل للسماع ولكنها ليست صريحة في ذلك، ولذا لو أن تلميذ زيد قال له هل سمعت هذا الحديث من شيخك عمرو ؟ للزمه أن يقول لا بل سمعته عن رجل عن شيخي لأنه لم يعد أمامه سوى أن يقول هذا فإنه إن قال غير ذلك فهو كاذب لا عبرة بأحاديثه.
    مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ الأَجْلَحِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَان ِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ).
    أبو إسحاق السَّبِيعي مدلسٌ وهذا الحديث لم يسمعه من البراء بن عازب رضي الله عنه رغم أنه قد سمع منه أحاديث أخر وإنما سمعه من رجل يسمى بأبي داود الأعمى وهو متهم بالكذب، ولكن كيف عرفنا أنه قد سمعه من أبي داود الأعمى ؟ الجواب: لأنه قد جاء من طريق آخر يكشف هذا الأمر فقد روى ابن أبي الدنيا في رسالة له اسمها الإخوان من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي داود قال: دخلت على البراء بن عازب فأخذت بيده فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من مسلمين يلتقيان .... ) فذكر الحديث.
    فهذا الحديث مُدلَّسٌ، والحديث المدلس هو: الذي وقع من أحد رواته التدليس.
    وحكم الحديث المدلس هو: أنه إن صرح الراوي الذي اتهمه العلماء بالتدليس بالتحديث بأن قال: سمعت أو حدثني أو أخبرني فيقبل حديثه أي يعتبر أنه متصل السند، وإن قال: عن فلان فلا يقبل حديثه.
    وأما المرسل الخفي فهو: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يَلْقَه، أو لقيه ولم يسمع منه حديثا بصيغة موهمة للسماع. فالفرق بين التدليس والإرسال هو أن المدلِّسَ قد سمع ممن روى عنه بعض الأحاديث ولكن هذا الحديث بخصوصه لم يسمعه منه وإنما أخذه بواسطة، بينما في الإرسال الخفي يكون الراوي لم يسمع ممن روى عنه أي شيء بل إما أن يكون عاش معه في نفس العصر ولم يلتقيا إطلاقا كأن يكون أحدهما في الشرق والآخر في الغرب وإما أن يكون التقى به ورآه ولكنه لم يسمع منه أي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كي يرويه عنه.
    مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، وَأَبُو عَمَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ.
    قال الإمام الترمذي: وسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ- هو الإمام البخاري وهو شيخ الترمذي- يُضَعِّفُ هَذَا الحَدِيثَ، وقَالَ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ. اهـ.
    فرواية حبيب عن عروة مرسلة إرسالا خفيا لأنه عاصره لكنه لم يسمع منه.

    ولهذا كان الإرسال الخفي من الانقطاع الخفي لأن ما دام أنه قد عاصره أو رآه وقال الراوي عن فلان فالظاهر أنه قد سمع منه ولكن نص الأئمة الكبار كالبخاري كشف لنا أنه لم يسمع منه فهذا إرسال وليس تدليس وقد علمت الفرق بينهما.
    وحكم رواية المرسل إرسالا خفيا هو الرد وعدم القبول لانقطاع السند إلا أن يقوم الدليل على أنه قد سمع منه.
    فتلخص أن الانقطاع نوعان: ظاهر وهو: الذي يكون واضحا بسبب أن الراوي لم يدرك عصر من روى عنه فيعرف الانقطاع حينئذ من معرفة تاريخ الولادة والموت وهو أربعة أنواع: المرسل والمعلق والمعضل والمنقطع.
    وخفي وهو يشمل التدليس والإرسال الخفي والفرق بينهما هو ثبوت السماع في التدليس دون الإرسال.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو المدلس وما هو المرسل ؟
    2- ما الفرق بين التدليس والإرسال الخفي ؟
    3- ما الفرق بين الانقطاع الظاهر والانقطاع الخفي ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ ).
    قال الإمام الترمذي: وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. اهـ
    هل هذا الحديث مُدلَّس أو مرسل إرسالا خفيا ولم ؟

  16. #16

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


  17. #17

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    الأخ صفاء الدين العراقي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:بارك الله في جهدك هذا، وعملك الدؤوب في خدمة طلبة العلم، ونسألك المزيد، ونرجو منك أن تجمع هذه الدروس الرائعة في ملف واحد في المستقبل القريب _إن شاء الله_، وتقبَّل أجمل تحياتي.

  18. #18

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس الثامن)

    عدم عدالة الراوي

    قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث هو عدم اتصال السند، سواء أكان ظاهرا أو خفيا.
    ومن أسباب رد الحديث أيضا عدم عدالة الراوي.
    والعدالة هي: ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
    وليس المراد أن العدل من الرواة لا يقع في معصية قط فهذا لا يكون لغير المعصوم ولكن المراد هو التدين وتعظيم أمر الشريعة ومعالجة الذنوب بالتوبة والاستغفار، وإنما اشترطوا ذلك لنضمن أن الراوي يمنعه دينه من الكذب في الحديث.
    وقد ذكر العلماء خمسة أشياء تطعن في عدالة الراوي وتجعل حديثه مردودا وهي:
    1-الكذب في الحديث النبوي.
    ويعرف بنص أئمة الجرح والتعديل على ذلك ( وهم الذين يجرحون الراوي في عدالته أو حفظه أو يعدلونه ويوثقونه ).

    مثل أن يقولوا: كذاب أو وضاع أو يضع الحديث ونحو ذلك.
    مثال: روى الإمام الحاكم في مستدركه قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنْبَأَ عَمَّارُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الطَّحَّانُ، ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تُبْلِي الثَّوْبَ، وَتُنْتِنُ الرِّيحَ، وَتُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ ).
    هذا حديث موضوع أي مختلق مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي وضعه هو محمد بن زياد الطحان، قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: محمد بن زياد اليشكري الطحان الأعور الفأفاء الميموني الرقي ثم الكوفي كذبوه. اهـ. وقال الإمام الذهبي في تعليقه على مستدرك الحاكم: ذا من وضع الطحان. اهـ.
    2- التهمة بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
    والتهمة بالكذب إذا لم يثبت أنه كان يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن عرف عنه الكذب على الناس، فيقال بما أنه اعتاد لسانه على الكذب فلا يستبعد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتركون ما يرويه من الأحاديث. ويصفونه في كتب الجرح والتعديل بقولهم: متهم بالكذب أو متروك الحديث.
    3- الفِسق بارتكاب الكبائر، كالزنا والسرقة.
    لأن الفاسق لا يؤمن أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدنى منفعة له، ويصفونه أيضا: بمتروك الحديث.

    مثال: قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا ).
    هذا حديث متروك شديد الضعف بسبب عدي بن الفضل، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: عدي بن الفضل التيمي أبو حاتم البصري متروك مات سنة إحدى وسبعين.اهـ
    4- البدعة المكفرة.
    والبدعة هي: ما أحدث في الدين من غير دليل. وهي نوعان:
    أ-مكفرة وهي: التي يخرج صاحبها من الإسلام كبدعة غلاة القدرية القائلين بأن الله لا يعلم ما يقع في الكون قبل أن يقع.
    ب- غير مكفرة وهي: التي لا يخرج صاحبها من الإسلام كبدعة عامة القدرية القائلين بأن الله لم يشأ وجود أفعال العباد.
    فالبدعة المكفرة يرد حديث صاحبها لأنه خرج من الإسلام وسقطت عدالته بالكلية، والبدعة غير المكفرة لا يرد حديث صاحبها ما دام أنه معروف بالصدق.
    5- الجهالة وهي: أن لا يرد في الراوي توثيق ولا تضعيف. والمجهول من الرواة نوعان:
    أ-مجهول العين وهو: الشخص الذي روى عنه راو واحد.
    ب- مجهول الحال وهو: الشخص الذي روى عنه راويان فأكثر. ويسمى أيضا بالمستور.
    وحكم رواية المجهول سواء من كان مجهول العين أو مجهول الحال هو الضعف، فيقال هذا حديث ضعيف لجهالة فلان.
    مثال مجهول العين: قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟» ، فَقُلْتُ: نَبِيذٌ، فَقَالَ: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ).
    قال الإمام الترمذي: وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو زَيْدٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ لَا تُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ غَيْرُ هَذَا الحَدِيثِ.

    وقال الحافظ المزي: أَبُو زيد القرشي المخزومي الكوفي، مولى عَمْرو بْن حريث رَوَى عَن: عَبد اللَّهِ بْن مسعود فِي الوضوء بالنبيذ، رَوَى عَنه: أبو فزارة راشد بْن كيسان. اهـ بتصرف.

    وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: أبو زيد المخزومي مولى عمرو بن حريث وقيل أبو زائد مجهول. اهـ أي مجهول العين.
    ومثال مجهول الحال: قال الإمام أبي داود في سننه: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبَانُ بْنُ طَارِقٍ مَجْهُولٌ.اهـ.
    قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال: رَوَى عَنه: خالد بْن الحارث، ودرست بْن زياد. اهـ.
    ولذا قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: أبان بن طارق بصري مجهول الحال. اهـ.
    فتلخص أن يشترط في الحديث الصحيح عدالة الرواة، وثمة خمسة أسباب تطعن في عدالة الراوي وتجعل حديهم مردودا وهي: الكذب في الحديث النبوي، والتهمة بالكذب، والفسق، والبدعة المكفرة، والجهالة.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هي العدالة ؟
    2- ما هي الأشياء التي تطعن في عدالة الراوي ؟
    3- ما الفرق بين مجهول العين ومجهول الحال ؟

    ( تدريب )

    قال الإمام أبو داود في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ، مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ ).
    قال الحافظ ابن حجر في التقريب: حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري مجهول. اهـ
    احكم على الإسناد وبين علة الحكم ؟


  19. #19

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.

    ( الدرس التاسع)

    عدم ضبط الراوي

    قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث عدم عدالة الراوي سواء بسبب الكذب في الحديث، أو التهمة به، أو الفسق، أو البدعة المكفرة، أو الجهالة. ومن أسباب رد الحديث أيضا عدم ضبط الراوي.
    وضبط الراوي هو: حفظه للحديث الذي تلقاه من شيخه.
    فإما أن يحفظه في صدره، وإما أن يحفظه في كتابه ويصونه عن الخطأ والزيادة.
    وينقسم الضبط بحسب قوته وضعفه إلى ثلاثة أقسام:
    1-الضبط التام وهو: حفظ الراوي للحديث وأداؤه على الوجه الذي تلقاه من شيخه.
    2- الضبط الخفيف وهو: نزول حفظ الراوي عن درجة الضبط التام مع بقائه ضمن دائرة الضبط.
    3- الضبط السيئ وهو: اختلال ضبط الراوي وكثرة أغلاطه.
    وليس المقصود هو أن تام الضبط لا يخطئ ولكن خطئه قليل، وخفيف الضبط هو أيضا يخطئ ولكن خطئه أكثر من خطأ تام الضبط من غير أن يخرج عن أصل الضبط، فإن نزل عن ذلك فهو سيء الضبط.
    ويعرف ضبط الراوي بمقارنة رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وافقهم فيما روى فهو ضابط ولا يضره المخالفة اليسيرة التي لا ينفك عنها البشر والتي تدل على أنه قد أخطأ قليلا، وإن كان كثير المخالفة لهم فهو مختل الضبط لا يقبل حديثه.
    فمثلا لو جمعنا مرويات الراوي ووجدنا أنه قد أصاب بنسبة 90% وأخطأ بنسبة 10% ؛ فهو تام الضبط.
    وإذا جمعنا مروياته ووجدنا أنه قد أصاب بنسبة 75 % وأخطأ في 25 % ؛ فهو خفيف الضبط.
    ( وحديث التام الضبط والخفيف الضبط مقبول، فإذا نزل ضبط الراوي عن حد الاعتدال صار سيء الضبط ورد حديثه ).
    فيمكننا أن نعرف الضابط بما يشمل صاحب الضبط التام والضبط الخفيف بأنه هو: الذي يقل خطؤه في الرواية.
    فتحصَّل أن الأغلاط التي يقع فيها رواة الحديث نوعان:
    1-أغلاط يسيرة لا تسقط حديث الراوي وهي قسمان:
    أ-ما لا تزعزع صاحبها عن درجة الضبط التام لندرتها أو قلتها بالنسبة لمروياته، الصواب 90% والخطأ 10%.
    ب- ما تزعزع صاحبها عن الدرجة العالية في الضبط وتجعله خفيف الضبط، الصواب 75% والخطأ 25%.
    2-أغلاط كثيرة وهي ثلاثة أقسام:
    أ- أن يكون الخطأ أكثر من صوابه أي أن ما أخطأ فيه من الأحاديث أكثر مما أصاب، الصواب: 40% والخطأ 60%.
    ب- أن يكون الخطأ مساويا للصواب، الصواب 50% والخطأ 50%.
    ج- أن يكون الخطأ أقل من الصواب أي أن صوابه أكثر من خطئه، الصواب 60% والخطأ 40%.

    فمن كان في المرتبة الأولى أو الثانية فهو فاحش الغلط وكثير الغفلة متروك الحديث وحديثه شديد الضعف.
    ومن كان في المرتبة الثالثة فهو سيء الحفظ وحديثه ضعيف، وإنما لم يقبلوا حديثه لأنه من أجل كثرة غلطه لا تطمأن النفس إلى صحة حديثه.
    ويمكننا أن نعرف غير الضابط بما يشمل صاحب المراتب الثلاث بأنه هو: الذي يكثر غلطه في الرواية.
    ولا يخفى أن ذكر النسب المئوية فيما سبق لأجل تقريب الأمر للأذهان وليس للتحديد.
    فاتضح أن الخطأ الكثير- وهو الذي يعده أهل هذا الشأن كثيرا- هو الذي ينافي الضبط ويقدح فيه.
    مثال: قال الإمام ابن ماجَه في سننه: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالَ: ( إِنَّمَا هُوَ جِذْيَةٌ مِنْكَ )اهـ. الجذية: القطعة.
    هذا إسناد ضعيف جدا، قال الحافظ في التقريب: جعفر ابن الزبير الحنفي أو الباهلي الدمشقي نزيل البصرة متروك الحديث وكان صالحا في نفسه. اهـ فكونه صالحا في نفسه دليل على أنه تُرِك بسبب فحش غلطه.

    مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا البَشَرَ).
    هذا حديث ضعيف، قال الحافظ في التقريب: الحارث بن وجيه أبو محمد البصري ضعيف. اهـ. أي من جهة حفظه.
    فتلخص أنه يشترط في قبول الحديث ضبط الرواة سواء أكان ضبطا تاما أم خفيفا، فإن نزل الضبط عن ذلك بأن كان الراوي فاحش الغلط أو كثير الغلط وإن لم يبلغ حد الفحش فالحديث مردود.

    ( الأسئلة )

    1-في ضوء ما تقدم ما هو الضبط وما هي مراتبه؟
    2- ما هي الأشياء التي تطعن في ضبط الراوي ؟
    3- ما هي أنواع الأغلاط التي يقع فيها الرواة ؟
    ( تدريب )

    قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ ).
    قال العلامة السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه: قوله : ( تجرد العَيْرَيْنِ ) تثنية عَيْرٍ وهو حمار الوحش. وفي الزوائد إسناده ضعيف الأحوص بن حكيم ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. اهـ.
    وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: الأحوص بن حكيم بن عمير العنسي بالنون أو الهمداني الحمصي ضعيف الحفظ.. وكان عابدا. اهـ.
    احكم على الإسناد وبيّن علة الحكم ؟


  20. #20

    افتراضي رد: دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •