قال –تعالى– : { من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم مَن قضى نحبَه ومنهم مَن ينتظر وما بدّلوا تبديلاً } [الأحزاب : 23 ].
هذا نعتُ رجال الدين : الصدقُ الكاملُ فيما عاهدوا الله عليه , مِن القيام بدينه ، وإنهاضِ أهله , ونصرِه بكل ما يقدرون عليه – من مقالٍ ومالٍ وبدَنٍ وظاهر وباطن –.
ومِن وصفهم : الثباتُ التامُّ على الشجاعة والصبر , والمضيّ في كل وسيلة بها نصرُ الدين :
فمنهم الباذلُ لنفسه .
ومنهم الباذلُ لماله .
ومنهم الحاثُّ لإخوانه على القيام بكل مُستطاع مِن شئون الدين .
والساعي بينهم بالنصيحة والتأليف والاجتماع .
ومنهم المُنَشِّطُ بقوله وجاهه وحاله .
ومنهم الفذُّ الجامعُ لذلك –كله– ؛ فهؤلاء رجالُ الدين وخَيَار المسلمين ؛ بهم قام الدينُ ، وبه قاموا , وهم الجبالُ الرواسي –في إيمانهم وصبرهم وجهادهم– , لا يردُّهم عن هذا المطلب رادٌّ , ولا يصدُّهم عن سلوك سبيله صادٌّ ; تتوالى عليهم المصائبُ والكوارثُ , فيتلقّونها بقلوبٍ ثابتة , وصدورٍ منشرحة ؛ لعلمهم بما يترتّب على ذلك من الخير والثواب والفلاح والنجاح .
وأمّا الآخرون – وهم الجبناء المرجِفون – ؛ فبعكس حال هؤلاء ؛ لا ترى منهم إعانةً قوليّة ولا فعليّة ولا جِدِّيّة ; قد ملَكَهم البخلُ والجُبنُ واليأسُ ، وفيهم الساعي بين المسلمين بإيقاع العداوات والفتن والتفريق .
فهذه الطائفةُ أضرّث على المسلمين من العدوِّ الظاهر المحارب , بل هم سلاحُ الأعداء –على الحقيقة– .
قال –تعالى– فيهم –وفي أشباههم– : { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خَبَالاً ولأوضعوا خِلالَكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمّاعون لهم } [التوبة : 47 ] ،أي : يستجيبون لهم تغريراً أو اغتراراً .
فعلى المسلمين الحذَرُ من هؤلاء المفسدين ؛ فإنّ ضررَهم كبيرٌ ، وشرَّهم خطيرٌ