اسباب نجاح الداعية ؛ تأصيل بديع لابن قيم الجوزية ( رحمه الله )الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ أما بعد :-
فهذه فائدة نفيسة ودرة يتيمة تكتب بماء العين وتساوي رحلة لمن عرف قدرها وهي للإمام ابن قيم الجوزية بين فيها اسباب النجاح في كل عمل شرعي أو دنيوي !
وأنا أردت أن أبين أهميتها في نجاح الداعية والمصلح والآمر الناهي الذي يهمه نصرة دين الله بكل وسيلة وسبب مباح مشروع...
قال الإمام ابن القيم { إذا تحركت النفس لعمل من الأعمال وهم به العبد، وقف أولا ونظر:
1- هل ذلك العمل مقدور له أو غير مقدور ولا مستطاع؟ فإن لم يكن مقدورا لم يقدم عليه، وإن كان مقدورا وقف وقفة أخرى
ونظر:2- هل فعله خير له من تركه، أو تركه خير له من فعله؟ فإن كان الثاني تركه ولم يقدم عليه، وإن كان الأول وقف وقفة ثالثة ونظر: 3-هل الباعث عليه إرادة وجه الله عز وجل وثوابه أو إرادة الجاه والثناء والمال من المخلوق؟ فإن كان الثاني لم يقدم، وإن أفضى به إلى مطلوبه، لئلا تعتاد النفس الشرك. ويخف عليها العمل لغير الله، فبقدر ما يخف عليها ذلك يثقل عليها العمل لله تعالى، حتى يصير أثقل شىء عليها، وإن كان الأول وقف وقفة أخرى،
ونظر4- هل هو معان عليه، وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل محتاجا إلى ذلك أم لا ؟ فإن لم يكن له أعوان أمسك عنه، كما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد بمكة حتى صار له شوكة وأنصار، وإن وجده معانا عليه فليقدم عليه فإنه منصور،
ولا يفوت النجاح إلا من فوت خصلة من هذه الخصال، وإلا فمع اجتماعها لا يفوته النجاح.
فهذه أربعة مقامات يحتاج إلى محاسبة نفسه عليها قبل الفعل، فما كل ما يريد العبد فعله يكون مقدورا له، ولا كل ما يكون مقدورا له يكون فعله خيرا له من تركه، ولا كل ما يكون فعله خيرا له من تركه يفعله لله، ولا كل ما يفعله لله يكون معانا عليه، فإذا حاسب نفسه على ذلك تبين له ما يقدم عليه، وما يحجم عنه) ( إغاثة اللهفان - 1- 138)
فخلاصة قوله في اسباب النجاح في عمل من الاعمال الشرعية أو الدنيوية تحقيق هذه الخطوات الأربع ، وكل فشل في أمر شرعي أو دنيوي انما بسبب ترك أحد هذه الأسباب وهذا الذي دل عليه التاريخ والواقع !!
وأشد الناس حاجة الى هذه الخطوات الأربعة هم الدعاة الى الله تعالى فينبغي اذا تحركت نفوسهم الى عمل دعوي أن ينظروا ويفكروا :-
1- هل هذا العمل مقدوراً لهم ام لا ، فإن كان غير مقدور لهم لم يقدموا عليه ، وان كان مقدوراً عليه يحتاج الى الخطوة الثانية :-
2- هل فعله خير من تركه أو تركه خير من فعله ؟ فان كان الترك خير من الفعل فليتركه ولا يقدم عليه / وان كان فعله خير من تركه احتاج الى الخطوة الثالثة :-
3- هل الباعث عليه إرادة وجه الله أم إرادة الجاه والثناء والمال والمنصب والكرسي !!؟
فان كان الثاني فلا يقدم عليه وان أفضى الى مطلوبه / فان كان الأول احتاج الى الخطوة الرابعة :-
4- هل هو معانُ عليه ، وله أعوان يساعدونه وينصرونه اذا كان العمل محتاجاً ، فان لم يكن له أعوان أمسك عنه كما أمسك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن الجهاد في مكة حتى صار له شوكة وأنصار -
لو أن الدعاة حققوا هذه الخطوات الأربع في دعوتهم فلا شك سيكونون منصورين ناجحين في التمكين لدعوتهم بين الناس بإذن الله تعالى !
وعلى قدر عدم تحققهم وتحقيقهم لها يكتب الفشل لدعوتهم وهذا ما نراه في بعض البلدان والأحوال ...
والله الموفق لا رب سواه ...