﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191]
أي: يذكرون الله في كلِّ حال قياما و قعودا وعلى جنوبهم،
و ذِكْرُ الله- عز وجل - نوعان:


نوع مطلَق في كل وقت، وهو الذي يُشرَعُ للإنسان دائما، أوصى النبي صلى الله عليه و سلم رجلا قال له: إن شَرَائع الإسلام كثُرت عليَّ، و إني كبير فأوصني فقال : ((لا يزالُ لِسانُكَ رطباً من ذِكْرِ الله)) .

وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه و سلم يذكر الله على كل أحيانه، أي: في كل حينٍ، فذكر الله هنا مُطْلَق لا يتقيد بعدد، بل هو إلى الإنسان على حسب نشاطه.

و النوع الثاني: ذكرٌ مُقَيَّد بعدد، أو في حال من الأحوال، وهو كثير، منها أذكار الصلوات في الركوع، و السجود، و بعد السلام، و أذكار الدخول للمنزل، و الخروج منه، وأذكار الدخول للمسجد و الخروج منه، و أذكار النوم و الاستيقاظ و أذكار الركوب على الدابة، و أشياء كثيرة شرعها الله عز و جل لعباده؛ من أجل أن يكونوا دائما على ذكر الله عز وجل، فالمهم أن الله شَرَعَ لعباده من الأذكار ما يجعلهم إذا حافظوا عليها يذكرون الله، قياما و قُعُودا و على جنوبهم.

و اعلم أن الذكر أيضا يكون على وجهين:
ذكرٌ تامٌّ: وهو ما تواطأَ عليه القلب و اللِّسان.
و ذكرٌ ناقصٌ: وهو ما كان باللسان مع غفلة القلب، و أكثر الناس- نسأل الله أن يُعاملنا جميعاً بِعفوه- عندهم ذكر الله باللسان مع غفلة القلب، فتجده يذكر الله وقلبه يذهب يمينًا و شمالاً، في دكانه و سَيَّارته و في بَيْعِه و شِرَائه.
لكن هو مأجور على كل حال، و لكنَّ الذِّكر التَّامَ هو الذي يكون ذكرًا لله باللسان و بالقلب، يعني أنك تذكرُ الله بلسانك و تذكر الله بقلبك، فأحيانا يكون الذكر بالقلب أنفعَ للعبد من الذكر المجرَّد، إذا تفكَّر الإنسان في نفسه و قلبه، في آيات الله الكونية و الشرعية، بقدر ما يستطيع، حَصَلَ على خير كثير.

ابن عثيمين - رحمه الله -