بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ وبعد :
إلى الإخوة الأفاضل في المجلس العلمي ... وفقهم الله لكل خير ؛ آمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وإلى الله قصد السبيل ، أحببت أن أشارككم في طرح موضوع هو مهم للغاية ، بل هو أشد وطئا لما فيه من ربطه بالعقيدة الإسلامية ، وموضوعي هو :
﴿ مسابقة الإمام ﴾
فمما يؤسف له تجد من بعض المصلين هداهم الله السرعة والمسابقة أو الملاحقة في تأدية الصلاة مع الإمام ، فتجد البعض منهم ما إن قال الإمام في الركوع : ﴿ الله أكبر ﴾ حتى بادروه بالركوع ، بل أقول : سابقوه ، فتجد هم والإمام في مرتبة واحدة أو سواء ، وهذا إن دل على شيء ، فإنما يدل على الجهل البالغ الذي وصل إليه بعض المأمومين في صلاتهم ، وعدم اهتمامهم بصحتها ، والله المستعان .
وتجد البعض من المصلين أصلحهم الله حين يرفع الإمام رأسه بقوله : ﴿ سمع الله لمن حمده ﴾ ولم ينتهي أو ينقطع صوته من التسميع بعد ، إلا وقد رأيت الكثيرين من المأمومين وقد رفع رأسه ، كأنهم لم يتنبهوا أو يسمعوا للحديث الذي أخرجه البخاري (1/245) واللفظ له ، ومسلم (1/320) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أما يخشى أحدكم ، أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام ، أن يجعل الله رأسه رأس حمار ، أو يجعل الله صورته صورة حمار )) .
والعجب كل العجب من بعض المصلين من يقوم مسرعا لقضاء ما فاته من الصلاة إلى القيام ، والإمام لم ينتهي بعد من صوته في لفظه للسلام ، وهذه هي المصيبة العظمى ، والداهية الكبرى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولم يتنبهوا أو يتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس ! إني إمامكم ، فلا تسبقوني بالركوع ، ولا بالسجود ، ولا بالقيام ، ولا بالانصراف )) أخرجه مسلم في صحيحه (1/320) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، وقد ورد في عدة أحاديث شريفة بيان فقه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في كيفية صلاتهم ومتابعتهم لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرصهم الشديد في متابعته له صلى الله عليه وسلم ، أذكر على سبيل المثال لا الحصر ، حديث البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : (( سمع الله لمن حمده )) لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ، ثم نقع سجودا بعده ، أخرجه البخاري (1/245) ، ومسلم (1/345) ، ولما روته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك ، فصلى جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف ، قال : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا )) أخرجه البخاري (1/244) واللفظ له ، ومسلم (1/309) ، وأخرج أبو داود (1/164) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، ولا تكبروا حتى يكبر ، وإذا ركع فاركعوا ، ولا تركعوا حتى يركع ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد )) وهو في الصحيحين بلفظ آخر .
هذا ما أحببت أن أنوه عليه ، وأحث إخواني المسلمين حفظهم الله أن ينتبهوا من هذه الأخطاء الشنيعة ، والتي تتعلق بصحة إسلامهم ، ولكي لا ينطبق فيهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي جاء فيه الوعيد الشديد ، فعن أبي عبد الله الأشعري رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم ، فدخل رجل فقام يصلي ، فجعل يركع وينقر في سجوده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أترون هذا ! ، من مات على هذا ، مات على غير ملة محمد ، ينقر صلاته كما ينقر الغراب الدم ، إنما مثل الذي يركع وينقر في سجوده ، كالجائع لا يأكل إلا التمرة والتمرتين ، فماذا تغنيان عنه )) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/332) وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/124) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليصلي ستين سنة ، وما تقبل له صلاة ، ولعله يتم الركوع ، ولا يتم السجود ، ويتم السجود ، ولا يتم الركوع )) أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/236) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وحسنه المحدث الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (529) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة ثلاثة أثلاث : الطهور ثلث ، و الركوع ثلث ، و السجود ثلث ، فمن أداها بحقها ، قبلت منه ، و قبل منه سائر عمله ، و من ردت عليه صلاته ، رد عليه سائر عمله )) أخرجه البزار (1/177) وحسنه المحدث الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (2537) ، هذا والله أعلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن لا يجعلك مثلهم ؛ آمين .