قريباً -بعون الله وتوفيقه- يُنشَر في أجزاء على صفحات العدد الثاني عشر من مجلة قطر الندى العلمية المحكمة، المقرر صدوره في غرة رمضان المبارك سنة 1434هـ، والأعداد التي تليه، وفي طبعة مستقل من إصدارت "كتاب المجلة": اختصار شرح ميَّارة الفاسيِّ
على" تحفة الحكام في مسائل التداعي والأحكام" المعروفة بلامية الزَّقَّاق في القضاء، بتحقيق د.أحمد بن عبد الكريم نجيب.
وهو من الأعمال التي أنجزها بطريقة القراءة عليه بعد أن كُفَّ بصره نتيجة تعرضه لقصف من كلاب الأسد أثناء تواجده في حلب بتاريخ 18- 9-2012م.
فلا تنسوه من دعائكم


=== === ===

أملاه: د. أحمد بن عبد الكريم نجيب

وكتبه: عماد ربيعي عبد الحميد الجندي

=== === ===

وفي ما يلي نص مقدمة التحقيق التي أملاها المحقق:

=== === ===

أقول مستعيناً بالله تعالى بعد حمده على نعمائه كما ينبغي لجلاله، والصلاة والسلام على نبيِّه المصطفى وصحبه وآله:
لا تَخفى على فقيه أو متفقه عنايةُ السادة المالكية بفقه القضاء وأحكام القضاة؛ فقد بدأ إفرادهم هذا الموضوع بالتأليف مبكراً، وبرعوا في تصنيف الدواوين التي تتناول مسائل الشروط والوثائق والعقود، وبالغوا في الاقتصار - في كتب هذا الفن - على تحرير المسائل الفقهية المتعلقة بالمعاملات، وما يترتَّب عليها من حقوق وواجبات، وما يحفظها من الشروط والوثائق والعقود والسجلات، التي يكون الردُّ فيها إلى القضاة والحكام، أكثر من المفتين والفقهاء.
*** ** ***
وكان أبو مروان عبد الملك بن حبيب السلمي، المتوفي سنة 238هـ، أوَّل المصنِّفين في مسائل القضاة، إذ صنَّف كتاب «الأحكام» على نسقٍ لم يُسبَق إليه، وظل كتابه هذا «الأحكام» قروناً في عداد ما فُقد من كتب التراث الإسلامي العريق، وغاب ذِكرُه عن مؤلفات المعاصرين، حتى لكأن أكثرهم لم يعرفه ولم يسمَع به، إلى أن أَذِنَ الله تعالى بظهوره في مكتبة الشيخ العلامة محمد فال (أبَّاه) بن عبد الله الشنقيطي، شيخ محظرة النبَّاغيَّة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وقد أتحفنا - حفظه الله ورعاه - بنسخته التي لا نعلم وجودَ غيرها في العالم اليوم، لنشرع في تحقيقها ونشرها، فجزاه الله - عن العلم وأهله - خيراً، ورفع له - في العالَمين – ذِكراً.
*** ** ***
وقبل ظهور أحكام ابن حبيب، كان شائعاً أن يحيى بن إبراهيم بن مزين، المتوفى سنة 259 هـ، وضع كتاباً في الوثائق، عُرِف بنسبته إليه فقيل «وثائق ابن مزين»، وأنَّه أوَّل المصنِّفين في هذا الفنّ.
*** ** ***
وفي القرون المتأخرة نحا التأليف في فنِّ التوثيق نحو الاقتصار على صياغةِ العقود (ومنها النكاح والبيع والإجارة وما شابهها) والتركيزِ على الألفاظ والمباني الواقعة فيها، أكثر من تحرير الأحكام الفقهية التي تحكمها، كما في وثائق ابن سلمون، وابن عرضون، والجزولي وغيرهم.
*** ** ***
وفي واسطة العِقد بين المتقدمين والمتأخرين سطع نجما علمَين من أعلام السادة المالكية المصنفين في هذا الباب؛ هما أبو الحسن، علي بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله اللخمي المتيطي، المتوفى سنة 570 هـ، ثم أبو الوليد، هشام بن عبد الملك بن هشام الأزدي، القرطبي، المتوفى سنة 606 هـ، عليهما من الله الرحمة والرضوان، فكان كتاباهما عمدةً لمن بعدهما، لا أقول في علم الوثائق والأحكام وحسب، بل وفي المصنفات الفقهية التي صنِّفت بعدَهما، فاعتمدتهما مرجعَين، وأكثرت الاقتباس منهما والرد إليهما.
*** ** ***
وفي القرن التاسع وما بعده شاع عند متأخري المالكية نظم المتون والمسائل، وقد كان لنظم المسائل المتعلقة بأحكام القضاة حظ وافر من هذا، فقد برع علمان جليلان عُنْيا بنظم هذه المسائل، وعُني الناس من بعدهما بنظميهما؛ حفظاً وتدريساً وشرحاً وتعليقاً.
*** ** ***
فأول من تصدى لنظم هذه المسائل أبو بكر ابن عاصم الغرناطي، المتوفى سنة 829هـ، في منظومته المسماة: "تحفة الحكام في نُكَت العقود والأحكام"، وتعرف اختصاراً باسم "العاصمية في القضاء".
ثم تلاه العلامة أبو الحسن، علي بن قاسم بن محمد التجيبي، المعروف بالزقاق، الفاسي، المتوفى سنة 912هـ، في منظومته المسماة: " تحفة الحكام في مسائل التداعي والأحكام"، وتعرف اختصاراً باسم "لامية الزقاق في القضاء".
*** ** ***
وفي خزانتي الخاصة (مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث) نسختان مخطوطتان أصليتان لمتن اللامية، ونُسَخ عدة لشروحها المتعددة؛ وكلها أصلية بعضها تم طبعه، وبعضها لم ير النور بعد.
*** ** ***
وأثناء بحثي عما يسعفني الوقت لتحقيقه من شروح اللامية وقع اختياري على اختصار إبراهيم بن سعيد بن علي بن محمد الرجراجي المراكشي الملقب بالخرَّاص، المتوفي سنة 1190هـ على شرح أبي عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد الفاسي، المعروف بميارة، المتوفى سنة 1072 هـ؛ حيث إن لدَيَّ نسخة أصلية من مخطوطٍ له سقطت بعض لوحاته الأخيرة، فكان لزاماً عليَّ أن أبحث له عن نسخة رديفة تُتِمُ نقصه فقصدت الخزانة الحسنية العامرة في الرباط، ووقفت فيها على نسخ كثيرة من مخطوطات الكتاب، انتخبت منها نسختين؛ الأولى كتبت بعد ثلاثة أشهر من فراغ الخراص من تأليفها في منتصف رجب سنة أربعين ومائة وألف؛ فكانت أهميتها في قِدَمِهَا، والثانية كتبت قبل وفاة الخراص بثلاثة أعوام – أي في سنة سبعة وثمانين ومائة وألف- فكانت أهميتُها في وضوح خطها إضافة إلى قدمها نسبيّاً.
*** ** ***
أما مؤلف الاختصار فهو أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن علي بن محمد الرجراجي المراكشي، عرف بـ«الخراص»، الفقيه المشارك العلامة النبيل.
اشتهر من آثاره كتابان نفيسان، أحدهما: اختصار على شرح ميارة الفاسي على لامية الزقاق في القضاء، فرغ من تقييده في منتصف رجب سنة أربعين ومائة وألف (وهو الذي نقدمه محققاً بعد هذه المقدمة)، وثانيهما: تقييد على تحفة الحكام، لابن عاصم، انتهى منه عام 1179هـ.
توفي : سنة: 1190هـ.





أمَّا عملنا في التحقيق فمن أبرز عناصره:
* نسخ متن اللامية من النسختين الخطيتين الأصليتين الواقعتين في ملكنا، وضبط ما يُشْكل منه بالشكل، مع عدم الإشارة إلى ما وقع بينهما من فوارق لا تؤثر في المعنى ولا في الوزن، لعدم جدوى ذكر ذلك.
· نسخُ الكتاب من النسخة التي يحفظ أصلها في الخزانة الحسنية تحت رقم: (416)، والمرموز لها بالرمز (ح2)، ثمَّ مطابقة ما تم نسخه على الأصل المنسوخ منه، وبعد ذلك مقابلة الكتاب على القدر المتوفر من النسخة الواقعة في ملكنا، والمرموز لها بالرمز (ن)، وأخيراً قابلنا الكتاب بتمامه على النسخة التي يحفظ أصلها في الخزانة الحسنية تحت رقم (4499)، والمرموز لها بالرمز (ح1).
· التزامُ قواعد الرَّسم الإملائي المعاصر في الكتابة، وتحليةُ النص بما يَحتاج إليه من علامات الوقف والترقيم، وضبط ما قد يُشكِل من ألفاظه وعباراته بالشَّكل.
· اعتماد منهج النص المختار في ضبط متن الكتاب، حيث اخترنا مما اختلفت فيه النُّسختان ما بدا لنا أرجَح من غيره، وأقرب إلى مراد المؤلف :، وأثبتنا في الحواشي السفليَّة ما يفيد القارئَ الوقوفُ عليه من اختلاف عبارات وألفاظ النُّسخَتَين، علماً بأننا ضربنا صفحاً عن كثير من الفوارق التي لا تؤثر في المعنى، ولا تعكِّر على سياق الكلام.
· إثبات أرقام لوحات المخطوط بحسب نُسخَة الخزانة الحسنية (ح1)، والنسخة الواقعة في ملكنا (ن)، وجعلُ الأرقامَ في أوائل اللوحات لا في أواخرها، مع التمييز بين وجوهِها وظهورِها بالإشارة إلى الأولى بالحرف (أ)، وإلى الثانية بالحرف (ب).
· تمييزُ الآيات القرآنية عن باقي نصّ الكتاب بكتابتها برسم المصحف العثمانيّ، ووَضْعِ كلٍّ منها ضِمنَ قوسَين مزهَّرَين، وتخريجِها من المصحف الشريف؛ بذِكر رقمها مسبوقاً باسم السورة، وجعلنا ذلك محصوراً ضمن معكوفتين في صُلب الكتاب.
· تخريج الأحاديث النبوية الواردة في الشرح وفقَ قواعد التخريج المعتمدة عند أهل التخريج ودراسة الأسانيد.
· التعريف بأكثر الأعلام المذكورين في الكتاب، وخاصَّة أعلام المذهب المالكي؛ لكونهم المقصودين أصالةً في الكتاب بضبط أسمائهم وألقابهم، وذِكر بعض أخبارهم وآثارهم، وتوثيق التراجم بالإحالة إلى كتب الطبقات وأعلام المذهب.
· عزو ما تيسر عزوه من النُّقول والأقوال التي أوردها المؤلف إلى مصادرها، بالرجوع إلى ما أتيح لنا الرجوع إليه من المصادر المخطوطة والمطبوعة.
*** ** ***
هذا؛ وإننا إذ نقدِّم هذا الكتاب على ما وفَّقَنا الله إليه في تحقيقه، لنسأله تعالى أن يتقبل عملنا فيه بقبول حسن، وأن يعمَّ مؤلِّفَه ومحقِّقَه - وأعوانَه - وناشِرَه وناظِرَه بجزيل الثواب وعظيم المِنن، وأن يُجزل لهم العطاء والثواب، ويجعل ما قدَّموه وِجاءً لهم من العذاب يوم الحساب، وأن يوفِّق أحياءهم إلى خَيرَي القول والعمل، وأن يعصمهم من الفتنة والضلالة والزَّلل، وأن يختم لي لهم بالصالحات عند بلوغ الأجل، أمين، أمين، أمين.
والحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات.

أملاه
د. أحمد بن عبد الكريم نجيب
شافاه الله وعافاه، وكان له ولوالديه، ولمن أمَّن على دعائه- من محبيه وإخوانه وأعوانه- ونسأ له في أجله حتى يتوب عليه.

في قرية أطمة المحررة (في ريف إدلب الشمالي) من بلاد الشام المحروسة
=== === ===
تجدون غلاف الكتاب على الرابط التالي:
http://www.facebook.com/photo.php?fb...type=1&theater