تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فقه السكوت المشروع وحاجتنا اليه في الدعوة والفتيا والفتن !!

  1. #1

    افتراضي فقه السكوت المشروع وحاجتنا اليه في الدعوة والفتيا والفتن !!

    فقه السكوت المشروع وحاجتنا اليه في الدعوة والفتيا والفتن !!
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ أما بعد :-
    الأصل في باب الدعوة والفتوى بيان وتبليغ شرع الله والصدع بالحق كما جاءت بذلك النصوص المستفيضة المتوافرة في الكتاب والسنة ، ولكن يخرج عن هذا الأصل في بعض الأحوال والمواطن فيرجح جانب السكوت عن البيان والتبليغ لسبب أقامه الشرع أيضاً!
    وهذا الذي عنونت به مقالي ( فقه السكوت )
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية ( العالمُ تارةً يأمرُ ، وتارةً ينهي ، وتارةً يبيح ، وتارةً يسكتُ عن الأمر أو النهي أو الاباحة ) ( مجموع الفتاوى 20/58) ...
    1-( تعريفه ومفهومه ):-
    فقه السكوت :- هو معرفة الأحوال التي يكون عدم البيان والتبليغ راجحاً لوجود مانع ...
    قال الامام الشاطبي ( وضابطه أنك تعرض مسألتك على الشريعة، فإن صحت في ميزانها؛ فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله! فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة، فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها، إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم. وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ، فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية)(4/190)
    2-( البينات والأدلة ):-
    أ- أدلة الشريعة العامة بإناطة الأحكام بالعلم والقدرة مثل قوله تعالى ( فأتقوا الله ما استطعتم ) وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألسكوت في اول الاسلام عن أشياء حتى تمكن ، قال شيخ الاسلام ( كما سكت الشارع في أول الامر عن الامر بأشياء والنهي عن أشياء حتى علا الاسلام وظهر ، فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن ، كما أخر الله سبحانه إنزال الآيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيانها ) ( الفتاوى -20-58)
    ب-.عن أبُي سعِيدٍ قال: سمِعْتُ رسُول اللّهِ صلّى اللّهُ عليْهِ وسلّم يقُولُ: «منْ رأى مِنْكُمْ مُنْكرًا فلْيُغيِّرْهُ بِيدِهِ فانْ لمْ يسْتطِعْ فبِلِسانِهِ فانْ لمْ يسْتطِعْ فبِقلْبِهِ وذلِك أضْعفُ الْايمانِ» [رواه مسلم- ).
    روى مسلم في صحيحه
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :


    [ كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة والربيع الجدول فاحتفزت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو هريرة فقلت نعم يا رسول الله قال ما شأنك قلت كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا فكنت أول من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب وهؤلاء الناس ورائي فقال يا أبا هريرة وأعطاني نعليه قال اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة وقال فكان أول من لقيت عمر فقال ما هاتان النعلان يا أبا هريرة فقلت هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنة فضرب عمر بيده بين ثديي فخررت لإستي فقال ارجع يا أبا هريرة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهشت بكاء وركبني عمر فإذا هو على إثري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك يا أبا هريرة قلت لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب بين ثديي ضربة خررت لإستي قال ارجع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمر ما حملك على ما فعلت قال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشره بالجنة قال نعم قال فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلهم ] .
    ج- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يقول لشيء لا، فاذا هو سئل فأراد ان يفعل قال: نعم، واذا لم يرد ان يفعل سكت. [صحيح الجامع- 4869].
    د-و صح عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟". [رواه البخاري 127].


    وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "ما أنت بمحدِّثٍ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة". [رواه مسلم في مقدمة الصحيح].
    {7323 – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عبدالواحد: حدثنا معمر, عن الزهري, عن عبيدالله بن عبدالله قال: حدثني بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أقرئ عبدالرحمن بن عوف، فلما كان آخر حجةٍ حجها عمر، فقال عبدالرحمن بمنى: لو شهدت أمير المؤمنين، أتاه رجل قال: إن فلانا يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا, فقال عمر: لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم.


    قلت: لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس, يغلبون على مجلسك, فأخاف ألا ينزلوها على وجهها, فيطير بها كل مطير, فأمهل حتى تقدم المدينة دارَ الهجرة ودار السنة, فتخلُص بأصحاب رسول الله [ من المهاجرين والأنصار, فيحفظوا مقالتك وينزّلوها على وجهها، فقال: والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة.


    قال ابن عباس: فقدمنا المدينة، فقال: إن الله بعث محمدا [ بالحق, وأنزل عليه الكتاب, فكان فيما أُنزل آية الرجم. (طرفه في: 2462).}
    والأدلة في ذلك كثيرة تنظر في مظانها ...
    3- ( أقسامه ):-
    ينقسم السكوت في باب البيان والتبليغ إلى قسمين :-
    1- سكوت مشروع وهو المقصود بيانه وسيأتي ذكر حالاته التي يجوز فيها السكوت
    2- سكوت ممنوع وهو الأصل في الدين والملة وذلك لأن الامر والنهي والتبليغ والبيان هو الذي جاءت به النصوص الشرعية وتضييع ذلك تضييع لأحكام الشريعة وسبب لانتشار الباطل وتمكن أهله ...
    قال ابن تيمية ( فتارة يصلح الأمر ، وتارة يصلح النهي ، وتارة لا يصلح أمر ولا نهي ، حيث كان المعروف والمنكر متلازمين ، وذلك في الامور المعينة الواقعة ) ( المجموع -28-130)
    4- (حالاته) :-
    ينبغي أن يتقرر أن السكوت المحمود إنما يكون مناطه وتظهر أهميته في الواقعة المعينة ( سياسية أو دعوية أو أفتائية ...) وليس في التأصيل الشرعي للأحكام السابقة وغيرها ..
    قال ابن تيمية ( العالمُ تارةً يأمرُ ، وتارةً ينهي ، وتارةً يبيح ، وتارةً يسكتُ عن الأمر أو النهي أو الاباحة ، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح ، أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح ، وعند التعارض يرجح الراجح كما تقدم بحسب الامكان ، فأما اذا كان [ الشخص ] المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن ، إما لجهله واما لظلمه ، ولا يمكن ازالة جهله وظلمه ، فربما كان الأصلح الكف والامساك عن أمره ونهيه ، كما قيل :( إن من المسائلِ مسائلُ جوابها السكوتُ ) )
    حالات السكوت الشرعي :-
    1- عند عدم التمكن والقدرة قال ابن تيمية ( فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن ؛ كما أخر الله سبحانه إنزال الآيات ، وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيانها )
    2- عند عدم العلم أو نقصانه ففي الحديث عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: «رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود قلت إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزير بن الله قالوا وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. ثم مررت بنفر من النصارى فقلت إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحت أخبرت بها#
    من أخبرت ثم أتيت النبي r فأخبرته قال هل أخبرت بها أحدًا قلت نعم.
    قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن طفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده» ورواه أحمد والنسائي والطبراني.
    قال العلامة ابن عثيمين ( قوله : ( يمنعني كذا وكذا ) . أي : يمنعه الحياء كما في رواية أخرى ، ولكن ليس الحياء من إنكار الباطل ، ولكن من أن ينهى عنها دون أن يأمره الله بذلك ، هذا الذي يجب أن تحمل عليه هذه اللفظة إن كانت محفوظة : أن الحياء الذي يمنعه ليس الحياء من الإنكار ؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يستحي من الحق ، ولكن الحياء من أن ينكر شيئا قد درج على الألسنة وألفه الناس قبل أن يؤمر بالإنكار ، مثل الخمر بقي الناس يشربونها حتى حرمت في سورة المائدة ، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما لم يؤمر بالنهي عنها سكت ، ولما حصل التنبيه على ذلك بإنكار هؤلاء اليهود والنصارى رأى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لا بد من إنكارها لدخول اللوم على المسلمين بالنطق بها ) وهذا كلام يكتب بماء العين !!
    3-عندما يؤدي إنكار المنكر إلى ما هو أنكر
    قال ابن تيمية ( ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه ، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات )
    قال ابن القيم ("إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله.... ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه، فقد كان رس...ول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عَزَمَ على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم، ومنَعه من ذلك -مع قدرته عليه- خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر" ( أعلام الموقعين )
    4- عند تكافؤ الأدلة أو اشتباهها عليه
    قال ابن تيمية ( وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين ..)
    وقال ( وإذا اشتبه الامر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق فلا يقدم على الطاعة الا بعلم ونية ) قال ابن تيمية ( والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة والتقليد جائز في الجملة لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد، وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد، والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد، فأما القادر على الاجتهاد فهل يجوز له التقليد؟ هذا فيه خلاف، والصحيح أنه يجوز حيث عجز عن الاجتهاد: إما لتكافؤ الأدلة، وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور دليل له فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه وانتقل إلى بدله وهو التقليد، كما لو عجز عن الطهارة بالماء (مجموع الفتاوى 20/203-204).
    قال ابن القيم في المفتي اذا تساوى عنده القولان فماذا يصنع ( قلت: الأظهر أنه يتوقف، ولايفتيه بشئ حتى يتبين له الراجح منهما، لأن أحدهما خطأ، فليس له أن يفتيه بما لايعلم أنه صواب، وليس له أن يخيره بين الخطأ والصواب، وهذا كما إذا تعارض عند الطبيب في أمر المريض أمْرَانِ خطأ وصواب ولم يتبين له أحدهما لم يكن له أن يُقْدِم على أحدهما، ولايخيره، وكما لو استشاره في أمر فتعارض عنده الخطأ والصواب من غير ترجيح لم يكن له أن يشير بأحدهما ولايخيره، وكما لو تعارض عنده طريقان مهلكة وموصِّلة ولم يتبين له طريق الصواب لم يكن له الإقدام ولا التخيير، فمسائل الحلال والحرام أولى بالتوقف. والله أعلم.) (اعلام الموقعين)( جـ 4صـ 238.)
    قال الغزالي ( أن يسكت لأنه متوقف في المسألة ، لأنه بعد في مهلة النظر ) ( المستصفى -1-359)
    مع التنبيه أن هذا السكوت المشروع ينتهي بتبين الراجح له ...
    5-اذا كانت المسألة من موارد الاجتهاد
    قال الغزالي ( أن يسكت لأنه يراه قولاً سائغاً لمن أداه اليه اجتهاده ، وان لم يكن هو موافقاً عليه بل كان يعتقد خطأه )
    قال ابن تيمية (مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/207) .
    6- قال الغزالي ( أن يسكت وهو منكر لكن ينتظر فرصة الإنكار ولا يرى البدار مصلحة لعارض من العوارض ينتظر زواله ...)
    قال الشيخ صالح آل الشيخ في حديث الطفيل الذي ذكرته بطوله في فقرة سابقة وهو من أحاديث كتاب ( التوحيد ) ( والنهي عن الشرك في الألفاظ أتى بالتدريج في تاريخ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم - وتبليغه أمته بالأوامر والنواهي ... أما شرك الألفاظ فقد تكون المصلحة والفقه أي : فقه الدعوة وفقه ترتيب الأهم والمهم وتقديم الأهم على المهم أن يؤخر بعضه لتتم المصلحة العظمى ..) ( التمهيد -442)
    7-مراعاة التربية الربانية للعوام والمبتدئين من طلبة العلم وذلك بالسكوت عما يضرهم في دينهم !!
    قال الشاطبي ( ومنه أن لا يذكر للمبتدئ من العلم ما هو حظ المنتهي، بل يربِّي بصغار العلم قبل كباره، وقد فرض العلماء مسائل مما لا يجوز الفتيا بها وإن كانت صحيحة في نظر الفقه، كما ذكر عز الدين بن عبد السلام في مسألة الدور في الطلاق، لما يؤدي إليه من رفع حكم الطلاق بإطلاق، وهو مفسدة.
    من ذلك سؤال العوام عن علل مسائل الفقه وحِكَم التشريعات، وإن كان لها علل صحيحة وحِكَم مستقيمة، ولذلك أنكرت عائشة على من قالت: لِمَ تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ وقالت لها: « أحروية أنت؟ » [البخاري (321)] وقد ضرب عمر بن الخطاب صبيغًا وشرد به لما كان كثير السؤال عن أشياء من علوم القرآن لا يتعلق بها عمل، وربما أوقع خبالاً وفتنة وإن كان صحيحًا، وتلا قوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: 31]. فقال: هذه الفاكهة؛ فما الأبُّ؟ ثم قال: « ما أمرنا بهذا ».
    إلى غير ذلك مما يدل على أنه ليس كل علم يبث وينشر وإن كان حقًا. وقد أخبر مالك عن نفسه أن عنده أحاديث وعلمًا ما تكلم فيها ولا حدَّث بها، وكان يكره الكلام فيما ليس تحته عمل، وأخبر عمن تقدَّمه أنهم كانوا يكرهون ذلك، فتنبه لهذا المعنى.)(4-138)
    وهذا كلام نفيس نرى كثيراً من الدعاة والمفتين عنه بمعزل !! والله المستعان ...
    8- إن كانت المسألة من فروض الكفاية جاز السكوت ، قال الغزالي ( أن يسكت لظنه أن غيره قد كفاه الإنكار وأغناه عن الإظهار ..)
    أكتفي بهذه الحالات وان كان يوجد غيرها خشية الإطالة ...
    5- ( ثمار ونتائج ):-
    1= ينبغي التفريق بين السكوت الأدبي السلوكي المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) وبين ما تكلمنا عنه من سكوت مشروع ( من عدم نشر ما يطلب نشره والسكوت لمصلحة وحاجة )
    2= أن يراعي المفتي والداعية أحوال الأحداث والنوازل ( سياسية أو دعوية أو أفتائية ) هل الأولى السكوت أم الأولى الكلام ، وأن يستحضر قاعدة ( من المسائل مسائل جوابها السكوت ) فلا يتكلم في كل شئ ويعطي رأيه في كل شئ !! بلا مراعاة لذلك ...
    3= أعذار العلماء الربانيين في سكوتهم عن البيان في بعض الاحداث بل الاستفادة من ذلك أن نتعلم أن سكوتهم هو الجواب المناسب للواقعة ، ولا نبدأ بتجريحهم لعدم تفقهنا بفقه السكوت المشروع ...
    4= السكوت المشروع إنما هو نتيجة لمن أمتلأ بالعلم والنصوص والتفقه بهما ولذلك يعلم متى يحجم ومتى يقدم !
    5- ذكرت في هذه المقالة أصول وقواعد هذا الباب وان كانت المسألة تحتاج إلى تفصيل طويل ، وأرشد من أراد الإكثار في هذا الباب فعليه بكتب أصول الفقه الأبواب التالية ( الإجماع السكوتي ، تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والمفتي وأدابه ) فهي من مظان هذا المبحث اللطيف ...
    والله الموفق لا رب سواه ...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي رد: فقه السكوت المشروع وحاجتنا اليه في الدعوة والفتيا والفتن !!

    بارك الله فيك....

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: فقه السكوت المشروع وحاجتنا اليه في الدعوة والفتيا والفتن !!

    للرفع
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •