أَلَّفَ فِيهِ مَحْمُودُ بْنُ حَمْزَةَ الْكِرْمَانِيُّ كِتَابًا فِي مُجَلَّدَيْنِ، سَمَّاهُ الْعَجَائِبَ وَالْغَرَائِبَ ضَمَّنَهُ أَقْوَالًا ذُكِرَتْ فِي مَعَانِي الْآيَاتِ مُنْكَرَةً، لَا يَحِلُّ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، وَلَا ذِكْرُهَا إِلَّا لِلتَّحْذِيرِ مِنْهَا.{حم عسق}
مِنْ ذَلِكَ مَنْ قَالَ فِي:إِنَّ الْحَاءَ حَرْبُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَالْمِيمَ وِلَايَةُ الْمَرْوَانِيَّ ةِ، وَالْعَيْنَ وِلَايَةُ الْعَبَّاسِيَّة ِ، وَالسِّينَ وِلَايَةُ السُّفْيَانِيَّ ةِ، وَالْقَافَ قُدْوَةُ مَهْدِيٍّ. حَكَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ. ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ بِذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِيمَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ حَمْقَى.{الم}
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي:مَعْنَى أَلِفٍ: أَلِفَ اللَّهُ مُحَمَّدًا فَبَعَثَهُ نَبِيًّا، وَمَعْنَى لَامٍ: لَامَهُ الْجَاحِدُونَ وَأَنْكَرُوهُ، وَمَعْنَى مِيمٍ: مِيمُ الْجَاحِدُونَ الْمُنْكِرُونَ، مِنَ الْمُومِ وَهُوَ الْبِرْسَامُ.{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي:[الْبَقَرَة: 179]. إِنَّهُ قَصَصُ الْقُرْآنِ، وَاسْتَدَلَّ بِقِرَاءَةِ أَبِي الْجَوْزَاء:{وَلَكُمْ فِي الْقَصَصِ}وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَفَادَتْ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي أَسْرَارِ التَّنْزِيل.{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فُورَكٍ فِي تَفْسِيرِهِ فِي قَوْلِه:[الْبَقَرَة: 260]. إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ قَلْبُهُ أَيْ: لِيَسْكُنَ هَذَا الصَّدِيقُ إِلَى هَذِهِ الْمُشَاهَدَةِ إِذَا رَآهَا عِيَانًا.{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ : وَهَذَا بِعِيدٌ جِدًّا.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي:[الْبَقَرَة: 286]. إِنَّهُ الْحُبُّ وَالْعِشْقُ وَقَدْ حَكَاهُ الْكَوَاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ}
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي مُعَاذٍ النَّحْوِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ{نارًا}أَيْ: نُورًا وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}[يس: 80]. تَقْتَبِسُونَ الدِّين.