الداعية والأخذ بالأسباب(1)

يعد مبحث الأخذ بالأسباب من المباحث الهامة التي أثارت اهتمام الباحثين في مختلف حقول العلم وخاصة التربوية منها لما لها من آثار اجتماعية وفردية كبيرة في فكر الإنسان وسلوكه علي مرّ العصور، وتتمثلّ نظرة الدين الإسلامي الحنيف إلي نظرية الأخذ بالأسباب بأنها أحد الأسس التي تقوم عليها المجتمعات الإنسانية من خلال مكونات عدّة، وتمثل أساساً قوياً في بناء نسيج الشخصية الإنسانية وهي ربانية وثابتة وشاملة ومستمرة ومتصفة بالعمومية والتوازن والعالمية. ومما لا شك فيه أنه من مقومات الداعية الناجح الأخذ بالأسباب، كما ينبغي على كل داعية توجيه من يدعوهم التوجيه السديد في سلوك هذا الطريق، والبيان لهم بأن الأخذ بالأسباب الحسية والمعنوية والتي يتعين الأخذ بها, ولا يجوز إهمالها من تمام الإيمان, ووجوب العناية بها مع الاعتماد على الله والتوكل عليه, والناس يختلفون في الهمم والرغبات؛ لكن توجيههم للأخذ بالأسباب هو بيان لهم لسبيل حفظهم وتربيتهم، وهو العامل الأساسي في سلوكهم طريق الخير وبعدهم عن طريق الشر، وحتى يؤدي كل منهم الواجب المنوط به على أكمل وجه جامعاً في ذلك كله بين الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والمحبة له، والثقة به وحده والاعتماد عليه دونما أحد سواه سبحانه وتعالى.
فالقيام بالأسباب ، يعتبر من التوافق مع السنن والنواميس الكونية التي أرادها الله تعالى ، فإذا ما باشرها العبد ، دل على خضوعه وعبوديته لربه

فالمؤمن الكامل الإيمان يتوكل في كل شؤونه في الحياة على الله ، وهو يمارس أسباب المعيشة في الدنيا اتباعا لسنة الله في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا .
فاحرصوا أيه الدعاة على تأصيل هذا الفقه الشرعي؛ لتكون جهودكم مشكورة وأعمالكم مقدرة.