الفرق بين قنت وقنط
فضيلة الشيخ:
فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى
[(ق ن ت) قَوْله: "قنت شهرا" ويقنت والقنوت "وَأفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت"؛
هِيَ كلمة تتصرف، تقع على الدُّعَاء وَالْقِيَام، والخشوع وَالصَّلَاة، والخضوع وَالسُّكُوت، وَإِقَامَة الطَّاعَة. فَقَوله: "قنت شهرا يدعوا"، من الدُّعَاء، وَمثله الْقُنُوت فِي الصَّلَاة.
وَقَوله: "طول الْقُنُوت" أَي الْقيام أَو الصَّلَاة...
={يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}. [آل عمران: 43]، {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا}. [الأحزاب: 31]، {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ }. [البقرة: 116]، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}. [البقرة: 238]
وفي الحديث الصحيح الأدب المفرد (ص: 112) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رهطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يَضْحَكُونَ وَيَتَحَدَّثُون َ، فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَبْكَى الْقَوْمَ، وَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: "يَا مُحَمَّدُ! لِمَ تُقّنّط عِبَادِي؟" فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَبْشِرُوا، وسددوا، وقاربوا".=
=أما= (ق ن ط) قَوْله: "مَا قنط من جنته أحد" أَي يئس، والقنوط إلْيَاس من الْخَيْر، يُقَال: مِنْهُ قنط يقنط، وَقَنطَ يقنط، ويقنط جَمِيعًا.
وَقد قيل: قنط يقنط بِالْفَتْح فيهمَا، وَذكر القنطار، وَاخْتلف فِي قدره وَتَفْسِيره، وَأَصله عِنْد الْعَرَب؛ الْجُمْلَة الْكَثِيرَة من المَال.
قيل: وَلِهَذَا سميت القنطرة؛ لتكاثف بنائها بعضه على بعض.
قيل: هُوَ ثَمَانُون ألفا.
وَقيل: ملْء مسك ثَوْر ذَهَبا.
وَقيل: أَرْبَعُونَ أُوقِيَّة من ذهب.
وَقيل: ألفا وَمِائَتَا دِينَار.
وَفِي بَاب الصَّلَاة فِي السطوح؛ ذكر الصَّلَاة على القناطير تحتهَا النَّجس، جمع قنطرة.
وَفِي رِوَايَة بعض شُيُوخ أبي ذَر فِيهِ؛ "القناطير" وَلَيْسَ مَوْضِعه هُوَ وهم. وَبَنُو قنطورا هم التّرْك والصين. وَقد ذَكَرْنَاهُمْ فِي الْأَسْمَاء. وقنطورا اسْم أمّهم مَقْصُورا، قيل: (كَانَت جَارِيَة لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام)]. مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (2/ 186)
{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}. [الحجر: 56]
{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}. [الروم: 36]
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. [الزمر: 53]
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}. [الشورى: 28]
فشتان بين القنوت والقنوط.
والله تعالى أعلم