حكم وضع اليمين على الشمال في الصلاة
محمود رضا محمد هلال(محمود هلال)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد : ـــ
فها بحث مجمل جمّعته في بيان حكم وضع اليد اليمين على الشمال في الصلاة قبل وبعد الركوع وموضعهما وأراء العلماء ثم الترجيح وسأبدأ بذكر الأحاديث الصحيحة الواردة في محل البحث ثم اثني بذكر الآراء والراجح ودليله والله المستعان ومنه التوفيق وعليه التكلان : ـ
أولا الأحاديث : ـ 1 ـ عن سهل بن سعد قال " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة " قال أبو حازم : " لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وسلم[1])
2 ـ عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم " رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسر[2]ى .... وعند ابن خزيمة على صدره " 3 ـ عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ يمينه بشماله"[3] 4 ـ عن ابن مسعود "أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فراه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى [4]" 5 ـ حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ طَاوُسٍ قَالَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَشُدُّ بَيْنَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ[5]
ثانيا : الشرح والتحليل وبيان الأحكام: الحديث الأول يدل على وجوب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم وهو أمر من الشارع في بيان حكم من احكام الدين وركن من أركانه وهو الصلاة والأمر في الأصل للوجوب ما لم يصرفه صارف إلى غيره ، وفي الحديث الثاني والثالث : بيان لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم قي صلاته من فعله وأخذه اليمين بالشمال وأنه صلى الله عليه وسلم كان يداوم على ذلك وهذا مما لا خلاف فيه وهو القائل صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رايتومني أصلي " يقول ابن عبد البر : (لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين )، ويقول الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم لتأكيد ذلك الفعل ما كان يدع أحدا يخالفه دون ان يرشده إلى الصواب ويصحح له ولو في الصلاة لأهمية الأمر كما دل على ذلك الحديث الرابع وحديث طاووس بين مكان وضع اليدين وأنهما على الصدر كما بين ذلك حديث وائل بن حجر عند ابن خزيمة في صحيحه . هذا ولا خلاف عند أهل العلم في مشروعية وضع اليمين على الشمال في الصلاة الا ما ورد عن الهادويه بعدم المشروعية وهو كلام غير معتد به عند اهل العلم، لكنه عند جمهور اهل العلم سنة لا واجب وذلك لحديث المسيء صلاته او الجاهل بصلاته كما يسميه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حيث لم يرد عن الصحابة تسميته المسيء إذ الإساءة لا تكون إلا عن قصد وهو لم يقصد ذلك ـــــ فيقول العلماء أن هذا الحديث ذكر فيه الف5روض في الصلاة وهو في مقام التعليم فما كان خارجا عنه لم يدخلوه في الوجوب إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لذلك قالوا بان وضع اليمين على الشمال في الصلاة سنة وهذا رأي الجميع إلا رواية عن مالك رواها ابن القاسم بالإرسال . الترجيح : ــــ ما يظهر لي من خلال البحث أن الراجح هو الوجوب لا الندب وذلك لما يلي : ــ أولا : ــــ حديث المسيء او الجاهل بصلاته لم يذكر جميع الواجبات بل خرج عنه كثير مثل السلام والتشهد والنية وغير ذلك ، والواجبات تتجدد فكيف نحصرها بحديث المسيء وهذا كلام ابن دقيق العيد والبغوي وغيرهم في التعليق على هذا الحديث [6]. ثانيا :ـــ حديث المسيء لايصرف الحكم عن الوجوب إلى الندب لان النبي صلى الله عليه وسلم بين فيه ما أخطا فيه الرجل من الواجبات وترك مالم يخطئ فيه الرجل مما عرفه بدلالة الحديث كمالم يبين له أن من شروط الصلاة ستر العورة أو نحو الجلوس للتشهد الأخير [7] ثالثا : ـ أن حديث المسيء وان كان ذكرت فيه الواجبات في الصلاة لكن لوذكر الواجب بدليل آخر صحيح صريح يؤخذ به ولا يرد وإلا لقصرنا واجبات الإسلام على الصلوات كما في الحديث الذي سال الرجل فيه عن الإسلام . رابعا : ـ أن الأحاديث صحيحة صريحة في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع اليمين على الشمال في الصلاة ومداومته على ذلك حيث لم يروى عنه خلافه وكذلك نهيه عن المخالفة بالفعل كما في حديث ابن مسعود ويقول الشوكاني في النيل والقول بالوجوب هو المتعين إن لم يمنع منه إجماع ؟؟؟؟[8] وقد اختلف أهل العلم في موضع اليدين في الصلاة قبل الركوع : والراجح انه على الصدر لضعف الأحاديث القائلة بأنه تحت السرة كما قال الحنفية ولا توضع تحت الصدر كما قال الشافعية آذ الحديث الذي استدلوا به حجة عليهم اذ فيه انه صلى الله عليه وسلم كان يضعهما على الصدر لا تحت الصدر . موضعهما بعد الرفع من الركوع: ــ الجمهور على ان المستحب الإرسال حيث أن الدليل ورد في الوقوف قبل الركوع ولم يرد في القيام من الركوع شيء . وذهب بعض العلماء الى إن السنة و( الواجب على رأي كاتبه عفا الله عنه )هو وضعها كهيئة قبل الركوع إذ أن الأحاديث عامة بان النبي صلى الله عليه وسلم كان في الصلاة يضع اليمنى على اليسرى ( وفي بعض الروايات وهو قائم ) ولم يرد خلافه فيبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه وهو قول ابن عثيمين وابن باز والتو يجري وغيرهم من الأعلام رحمهم الله تعالى وقد أسرف الشيخ الألباني كما يقول الشيخ البسام عفا الله عنه في نسبة من خالف إلى البدعة إذ الخلاف فيه متسع بين أهل العلم ... والله اعلم

[1] البخاري حديث رقم 740/ احمد5/336

2 مسلم حديث رقم /401/ابو داوود723،726

[3] سنن الترمذي حديث رقم 252


[4] سنن ابي داوود حديث رقم 751

[5] ابوداوود 755 مرسل وهو صحيح انظر صحيح وضعيف سنن ابي داوود للالباني

[6] توضيح الاحكام جـ2/112

[7] توضيح الاحكام جـ2/109

[8] نيل الاوطار جـ2/244