مذهب السلف والأئمة في العلو والمباينة
قال ابن تيمية: فهذا ونحوه بعض كلام رؤوس أهل الكلام والفلسفة في هذا الباب، يبين خطأ من جعل النزاع في ذلك مع الكرامية والحنبلية، ويبين أن أكثر طوائف العقلاء يقولون بالعلو، وبامتناع وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه.
وأما كلام من نقل مذهب السلف والأئمة فأكثر من أن يمكن سطره.
كلام أبي نصر السجزي في كتاب الإبانة
قال الشيخ أبو نصر السجزي في كتاب "الإبانة" له: فأئمتنا كسفيان الثوري، مالك، سفيان بن عيينة، حماد بن سلامة، حماد بن زيد، عبد الله بن المبارك، فضيل بن عياض، أحمد بن حنبل، إسحق بن إبراهيم الحنظلي، متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش، وأن علمه بكل مكان، وأنه يرى يوم القيامة بالأبصار فوق العرش، وإنه ينزل إلى سماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما شاء فمن خالف شيئاً من ذلك فهو منهم بريء وهم منه براء.
وأبو نصر هذا كان مقيماً بمكة في أثناء المائة الخامسة.
كلام أبي عمر الطلمنكي في الوصول إلى معرفة الأصول
وقال قبله الشيخ أبو عمر الطلمنكي المالكي، أحد أئمة وقته بالأندلس، في كتاب "الوصول إلى معرفة الأصول" قال: وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: {وهو معكم أين ما كنتم} [الحديد: 4]، ونحو ذلك من القرآن: أن ذلك علمه، وأن الله فوق السماوات بذاته، مستو على عرشه كيف شاء. وقال أيضاً: (قال أهل السنة في قوله: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] ، أن الاستواء من الله على عرشه المجيد في الحقيقة لا على المجاز.
كلام نصر المقدسي في الحجة على تارك المحجة
وقال الشيخ نصر المقدسي الشافعي السيخ المشهور في كتاب "الحجة" له: "إن قال قائل: قد ذكرت ما يجب على أهل الإسلام من اتباع كتاب الله وسنة رسوله، وما أجمع عليه الأئمة والعلماء، والأخذ بما عليه أهل السنة والجماعة، فاذكر مذهبهم وما أجمعوا عليه من اعتقادهم، وما يلزمنا من المصير إليه من إجماعهم.
فالجواب: أن الذي أدركت عليه أهل العلم ومن لقيته وأخذت عنهم، ومن بلغني قوله من غيرهم" فذكر جمل اعتقاد أهل السنة وفيه: "أن الله مستو على عرشه بان من خلقه، كما قال في كتابه: {أحاط بكل شيء علما} [الطلاق: 12] ، {وأحصى كل شيء عدد} [الجن: 28] .
يتبع إن شاء الله