غزوات النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم
****************************** ******************** *****
.............
يقول عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )
( اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد النبى الأمى خاتم الأنبياء والمرسلين )
......
يهود بنى قريظة . ويهود تيماء . ويهود طىء . ويهود بنى نبهان . ويهود فدك . ويهود وادى القرى :
نزلوا على حكم الله ورسوله وأقروا بالتصالح على دفع الجزية وطلبوا العهد والأمان .
يهود بنى قينقاع . ويهود بنى النضير . ويهود خيبر :
أبواْ دفع الجزية وأبواْ الإسلام فتم إعادة بلاغهم وإبلاغهم فأقرت يهود بنى قينقاع بها والتصالح عليها
وطلبت العهد والأمان . وأبت يهود خيبر وبنى النضير دفع الجزية أو الإقرار بها .
يهود خيبر ويهود بنى النضير :
لم ينزلوا على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وشيدوا حصوناً وآطاماً ( بيوت مرتفعة ) يحتمون بداخلها
وبنوا الصياصى ( الحصون المنيعة ) والجدر والأبراج كى تحميهم ويتمنعون فيها من الحرب والقتال .
قام المسلمون بضرب الحصار عليهم وإعادة بلاغهم ولكنهم أصروا على ما هم فيه من إفك وضلال .
ألقى الله الرعب فى قلوبهم ونزل المسلمون إلى ساحاتهم وحصونهم وهدموا عليهم أبراجهم
وآطامهم ودكوا بيوتهم وقلاعهم وزلزلوا جميع ثغورهم فكانوا سبباً لخراب ديارهم . يقول جل شأنه :
( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا
وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )
*****
غزوة بدر :
تبعد بدر عن المدينة المنورة ما يقرب من مائة وخمسون كيلو متراً وعن مكة المكرمة ما يزيد عن ثلاثمائة كيلو متراً .
وغزوة بدر هى غزوة الفرقان . الغزوة التى فرَقت بين الحق والباطل .
وتسمى يوم بدر لأنه اليوم الذى التقى فيه الجمعان : جمع المسلمين وجمع المشركين . يقول العزيز الحكيم :
( يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ )
سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم الدروب والمسالك الوعرة مرّوا على بئر
فتوضأوا وشربوا وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم منه وتوضأ
( هذا البئر يسمى : بئر السقيا ولقد بنى بجواره مسجد يسمى مسجد السقيا فى موضع
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ) .
نزل نبى الله ورسوله عليه أفضل صلاة وأزكى سلام فى موضع من مواضع بدر واستشار صحابته فى
المنزل الذى نزل به فقال له الحباب بن المنذر أهذا المنزل أنزله الله لك أم هو الحرب والمكيدة فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم بل الحرب والمكيدة فأشار عليه الحباب بن المنذر رضى الله عنه على موضع آخر ينزلون فيه وقال له ( يا
رسول الله إنى أعلم بها وبقلِبها ) فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أشار عليه الحباب
فكان المسلمون بالعدوة الدنيا على ضفة الوادى وجاء المشركون بركبهم أسفل منهم بالعدوة القصوى
يقودهم أبو سفيان صخر بن حرب ( قبل إسلامه ) . يقول سبحانه وتعالى :
( إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ )
أقام سعد بن معاذ رضى الله عنه عريشاً " كالخيمة " لرسول الله صلى الله عليه وسلم
( هذا الموضع مقام فيه حالياً مسجد يسمى مسجد العريش )
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامه ما أراه الله من قلة عدد أعداء الله .
يقول عز وجل : ( إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً )
ورأى المسلمون المشركين أمامهم بعددهم وتعدادهم الوفير وجمعهم الغفير وكأنهم قليل .
ورأى المشركون جمع المسلمين أمامهم أذلة ( قلة ) حتى يُقدِموا عليهم فيصيبهم ما أصابهم من هزيمة .
( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً .. وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ .. لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً )
غشّى الله المسلمين بأمنة وشىء من النعاس استعداداً للحرب والقتال والنزال .
وأنزل الله عليهم ماءً ومطراً من السماء كان بلاء ونقمة على الكفار والمشركين
ونعمة وقوة وطهوراً وتطهيرا للمسلمين .
يقول رب العالمين : ( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ
وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ )
وأنزل الله ملائكة من السماء أوحى الله إليهم أن يثبتوا المؤمنين فى معركتهم وقتالهم
وأن يُنزلوا السكينة فى قلوبهم لكى تشتد شوكتهم وتقوى هممهم وعزائمهم فازدادت عزتهم وقوتهم
فى الإِقدام والإجهاز على عدوهم وأعداء الله. وألقى الله الرعب والذلة والصَغار فى قلوب هؤلاء الكفرة الفجرة
والمشركين الأشرار . يقول سبحانه وتعالى :
( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرعْبَ
فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ )
بشر الله نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بالظفر والنصر عليهم . فقال عز وجل :
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )
تجهز المسلمون للقتال ولبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ولبس الصحابة لأمتهم
( اللأمة هى عدة الحرب من رمح ومغفر وسيف ونبل )
استعانوا بالله ذى الجلال وتوكلوا على الواحد القهار والعزيز الجبار .
التقى الجمعان : المسلمون صدورهم منشرحة وآمالهم فى النصر منفسحة وأقدامهم إلى اللقاء مستبقة
وقلوبهم على الكفار ملتظية . أقدموا عليهم وعركوهم عرك الرحى الخيل تطرقهم والقتل يمحقهم
والجراح تثخنهم والسيوف ملتحمة والرمى فيهم من كل مكان بالنبل والسهام تطايرت هامهم وبنانهم
وحصدت نحورهم وقتلاهم فلقد قاتلت الملائكة عليهم السلام مع المؤمنين
فأنزلوا بالمشركين ما أنزله الله بهم. يقول تبارك وتعالى :
( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى )
قتِل أبو جهل وأبو البخترى بن هشام وقتل عتبة بن ربيعة وأخيه شيبة وقتل أمية بن خلف والنضر بن الحارث
ونوفل بن خويلد وقتل عقبة بن معيط وزمعة بن الأسود وغيرهم من الطغاة الكفرة والبغاة الفجرة
كانوا صرعى مجندلين وطرحى معفرين ما بين قتيل مبتور أو أسير مكبل أو ذليل مستأمن أو هارب مفلول .
عجل الله بأرواح صناديد قريش وأشرافهم وزعماء شركهم وأئمة ورؤوس كفرهم إلى النار .
ضُربت رقابهم وأعناقهم وأثخنتهم الضربات والجراح . امتلأت أيدى المسلمين بالأسرى والأسلاب
وبالدواب والخيل وبالغنائم والأنفال . يقول جل شأنه :
( وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ .. وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّه )
كانت غزوة بدر هى أول الغزوات قضى الله أن تكون رايات الإسلام فيها مرفوعة ومنصورة
ورايات أعداء الله منكوسة ومهزومة ومقهورة .
كانت فى شهر الصيام شهر رمضان فعظُم بركته وفضله بعزة الإسلام وبفوز ونصر المسلمين على الكفار والمشركين .
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمواراة من قتل من الكفار وطرحهم فى قُلِب بدر ودفنهم فيها .
حين نظر أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة إلى أبيه وعمه شيبة وهما بين القتلى فى القليب وقد تغير لونه
وفى وجهه أسى وحزن قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخلك شىء يا أبا حذيفة قال لا والله يا رسول الله
لقد أحزننى ما مات عليه أبى من الكفر والشرك بالله وكنت أدعو الله أن يهديه إلى الإسلام .
ولقد فرّ منهم من فر وولّى الدبر . وأسر منهم من أسر ونزل حكم الله فى الأسرى
إما بفدائهم وإما بالمنّ عليهم دون فداء . يقول عز وجل :
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُم ْ
فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا )
أقبل المسلمون على أسرى المشركين وتكبيلهم وشد وَثاقهم وأخذ أسلابهم وغنائمهم بعد أن تحقق لهم الظفر والنصر .
كان ذلك قبل الإثخان فيهم بالقتل وقبل أن تنتهى الحرب وتضع أوزارها .
فأخبر الله نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بما كان يجب عليه من الإثخان بالقتل والبتر لهؤلاء
الكفار قبل شد الوثاق وتكبيل الأسرى وأخذ غنائمهم وذلك كسراً لشوكتهم وإذلالاً لسطوتهم
وردعاً ومنعاً من إفساد غيرهم بشركهم وإعجازاً لعدم معاودتهم الكرة على المسلمين .
أخبره سبحانه بأن تلك هى سجية كل الرسل والأنبياء عليهم السلام وأنّ الإقبال على أخذ الغنائم
وتوثيق الأسرى قبل الإثخان فيهم إنما هو عرض وطلب للحياة الدنيا دون الآخرة والله لايريد إلا
رفع راية دينه ليجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا . يقول عز وجل :
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ )
ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجه سعد بن معاذ نفوراً وكراهية لما أقبل عليه المقاتلين
من أخذ أسرى المشركين وجمع أسلابهم وغنائمهم وعدم الإثخان فيهم بالقتل فقال له نبى الله صلى الله عليه وسلم
أتكره ياسعد ما يصنع القوم قال أجل والله يا رسول الله إنها أول وقعة أوقعها الله
بأهل الشرك فكان الإثخان بالقتل فيهم أحب إلىّ من استبقاء الرجال .
عفا الله عنهم لما قضاه الله فى علمه وقدره فى كتابه وغفر لهم إنه سبحانه وتعالى غفور رحيم .
وأحلّ الله لهم ما أخذوه من أسلاب وغنائم وجعلها لهم حلالاً طيبا بعد أن كان سيمسهم منها
وبسبب مخالفتهم ما لم يأمر الله به نار وعذاب عظيم . يقول رب العرش الكريم :
(لَّوْلَاكِتَـٰبٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
ولقد بين الله لنبى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن شرع الله فى الأسرى هو المنّ عليهم .
أو الفداء . وبيّن له أن الأسرى لا يقتلون إلا إذا عاود أياً منهم الكرة والقتال ضد المسلمين
أو ظاهروا أو عاونوا أياً من أعداء الدين .
ولقد منّ نبى الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم على بعضٍ ممن أسر دون فداء . منهم أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحى
( ولقد قتل فى يوم أحد لمظاهرته المشركين وقتاله معهم بعد أن مُنّ عليه وهو أسير ) .
وأخبر الله النبى صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الأسرى أن الفداء الذى يؤخذ منهم ليفتدون به أنفسهم
لو أدركوا وعلموا ما فيه من النعمة والخير ومن الرحمة والفضل لأقدموا على التوبة والغفران
واتباع دين الإسلام لأنهم بهذا الإيمان سوف يؤتيهم الله خيرٌ مما يبذلون وأحسن مما يقدّمون .
وأن يبين لهم بأنهم إن ظلوا على ما هم فيه من الكفر والشرك فقد ارتضوا الدنية بما يقدمونه
من عِوض فعليهم أن لا يحزنوا ولا يأسَواْ على ما يقدّمون وما يبذلون من أموال من أجل هذا الفداء .
يقول عز وجل لنبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم :