مفكرٌ تراثيٌ مديرًا للألكسو

(عبدالله حمد محارب)

أسدل عام 2012 الستار على مرحلة من حياة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، التابعة لجامعة الدول العربية، وبدأت مرحلة جديدة بانتخاب الدكتور عبدالله حمد محارب مديرًا عامًا جديدًا لها، وذلك خلال المؤتمر العام للمنظمة الذي أنهى أعماله يوم 30 ديسمبر بالعاصمة التونسية. وفاز الدكتور محارب بالمنصب في الدورة الثانية من الانتخاب بحصوله على 12 صوتًا مقابل تسعة أصوات لصالح مرشح تونس وزير التربية، بينما سحبت كل من موريتانيا والعراق مرشحيهما في نهاية الدورة الأولى.

***

عبد الله حمد محارب: مفكرٌ، تراثيٌ، لغويٌ، تربويٌ، من الكويت، شغل العديد من المناصب العلمية والثقافية الرفيعة؛ آخرها عمله مستشارًا أول بمركز البحوث والدراسات الكويتية، وأستاذًا للغة العربية بكلية الآداب في جامعة الكويت، كما شغل سابقًا منصب المستشار الثقافي لدولة الكويت بالقاهرة. يُعدُّ اختيار الدكتور محارب بُشرى طيبة للتراث والثقافة العربية عامّة، وللمخطوطات العربية ومعهدها التابع للألكسو خاصّة، لتقديره للتُّراث العربي، وثقته بضرورة بعثه وإحيائه لنهضة الأمّة، مع الأخذ بالصالح من المناهج والمعارف الحديثة، كما يتصل الدكتور محارب بنسب وثيق إلى المدرسة الشاكرية (مدرسة أبي فهر محمود محمد شاكر رحمه الله)، فهو أحد تلاميذه وحوارييه.

شرفتُ بمعرفة الدكتور محارب في أشرف بُقعة وأشرف زمان؛ أمام صحن الكعبة المشرفة في العشر الأواخر من رمضان عام 1426 هـ. فكان من جميل صُنع الله بي أن وفقني أثناء زيارتي للحرمين وأداء مناسك العُمرة، لحضور "لقاء العشر الأواخر من رمضان" الذي يقيمه مجموعة من المحققين على رأسهم الشيخ نظام يعقوبي من البحرين، والشيخ محمد بن ناصر العجمي من الكويت، حيث كان الدكتور محارب حريصًا على المشاركة، محققًا وموجهًا. وقد شرفت بالقراءة عليه والشيخ العجمي أول ما نسختُه يدي من تراث مخطوط، وهي منظومة الخزرجي في مناسك الحجِّ والعمرة، ثم قابلتهم العام التالي، وكانت صحبة جميلة وأيام لا تنسى ! وتتابعت اللقاءات بعدها في القاهرة والإسكندرية في مناسبات متنوعة.

الإنتاج العلمي حقَّق الدكتور محارب عددًا طيبًا من نصوص التراث العربي ودرسها درسًا علميًا، منها: "الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري" للآمدي (الجزء الثالث)، و"من اسمه مسعود من الفرسان والسادة والشعراء" للآمدي، و"النسخة الأندلسية من ديوان أبي تمام". كما قدم عددًا من الدراسات في التراث واللغة مثل: "أبو تمام بين ناقديه قديمًا وحديثًا: دراسة نقدية لمواقف الخصوم والأنصار"، و"الآمدي: الحسن بن بشر بين الموازنة وآثار له نادرة".
وله أبحاث ومشاركات متصلة بالمخطوطات وبالأدب والنقد في مؤتمرات المخطوطات ودورياتها مثل مؤتمر المخطوطات الألفية بمكتبة الإسكندرية، ومجلة معهد المخطوطات العربية، وفي المجلة العربية للعلوم الإنسانية، وحوليات الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة الكويت)، وغيرها
.
من جهة أخرى يُظهر الإنتاج الفكري للدكتور محارب كتبًا ودراسات تتصل بالفكر العربي وتاريخ الكويت منها: "عدوان على العقل"، و"زيارة لبيت العنكبوت: نقد لبنيان كتاب هيكل حرب الخليج"، و" وثائق لا تموت"، و"الكويت ومصر: دراسة توثيقية في العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية"، و"الجمارك الكويتية: نشأتها وتطورها"، و"الشيخ حمد المحارب: حياته وشعره"، ولا يخلو من نظرة أعم من العالم العربي إلى العالم الإسلامي المشترك ديانةً، وثقافةً، وحضارةً، فله كتاب عنوانه: "أوطان عطشى إلى الإسلام: وصف للرحلة إلى الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى".

رؤيته للمنظمة ومستقبلها
أكد الدكتور عبد الله محارب مؤخرًا أن انتخابه مديرًا عامًا للمنظمة يحمله مسؤولية ثقيلة لقيادة منظمة عربية هامة أنشئت منذ 42 عاما، وأوضح أن أمامه الكثير من التحديات والمهام التي يتعين القيام بها على رأس هذه المنظمة. وأضاف أن هذه المنظمة العريقة مهمتها الأولى هي الإنسان العربي والنهوض به من حيث السلوك الحضاري أولاً، فهو البناء الحقيقي، ثم يأتي التعليم والتثقيف ومختلف الأمور الأخرى.
وأضاف الدكتور محارب أنه حتى تحقق المنظمة أهدافها فإن ذلك يتطلَّبُ تغيير فلسفتها التي بُنيت على أساسها عقب نكسة 67، والتي انتهت وماتت حسب رأيه. فالمنظمة -في رأيه- تحتاج إلى جهد كبير لإصلاح هياكلها، وتحديث أساليب عملها، على مستوى الإعلام وواقع الدول العربية، مؤكدا أنه يتطلع الى المساعدة والمعاونة من جميع الدول الأعضاء وأصحاب الخبرة في هذا المجال.
وأعرب الدكتور محارب عن أمانيه في أن يوفقه الله في هذه المهمة الجسيمة، بالتعاون مع جميع الدول العربية لوضع خطة شاملة ومتكاملة لمختلف أنشطة المنظمة وبرامجها، لتطويرها ومواجهة التحديات المطروحة في مجالات الثقافة والتربية والعلوم، بما يخدم الوطن والإنسان العربي.

رابط الموضوع بشبكة الألوكة


رابط الموضوع بجريدة الحياة اللندنية