الحاكم إذا اجتهد فأصاب: وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وعمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر))[5].
نقول: قد يتبادر إلى الذهن سؤال، وهو: هل لكل حاكم أن يجتهد؟
الجواب:
قال النووي - رحمه الله -:
قال العلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده، وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده، قالوا: فأما من ليس بأهل للحكم، فلا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له، بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه؛ سواء وافَق الحق أم لا؛ لأن إصابته اتفاقية ليست صادرةً عن أصل شرعي، فهو عاص في جميع أحكامه؛ سواء وافق الصواب أم لا، وهى مردودة كلها، ولا يُعذَر في شيء من ذلك، وقد جاء في الحديث في السنن: ((القضاة ثلاثة: قاض في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة، فرجل عرَف الحق فقضى به، وقاض عرف الحق فقضى بخلافه، فهو في النار، وقاض قضى على جهل، فهو في النار))[6] [7]. "قلت": والحديث لم يفرق إذا قضى على جهل فأصاب أم لم يصب، فشمل الأمرين، والله أعلم.
[5] (متفق عليه) من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة: حديث عمرو بن العاص؛ رواه البخاري، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (7352)، ومسلم، باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (1716)، وابن ماجه، باب: ما جاء في الحاكم يصيب الحق (2314). وحديث أبي هريرة رواه البخاري، ومسلم في الشواهد في المواضع السابقة، والترمذي، باب: ما جاء في الحاكم يصيب ويخطئ(1326)، وأبو عوانة، باب: ما للحاكم من الأجر (5167)، وابن الجارود في "المنتقى" باب: ما جاء في الأحكام (996)، وأبو يعلى في "مسنده" (5903).
[6] رواه الترمذي (1185)، وأبو داود (3573)، وابن ماجه (2365)، وصححه الألباني لغيره في "الإرواء" (2614)، و"المشكاة" (3735).
[7] "شرح مسلم" 12/20.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/45142/#ixzz2HSRB8nzy