اختلف أهل العلم في رفع اليدين في الصلاة فذهب أكثر أهل العلم في رفعهما في الركوع وبعده قال الترمذي وبهذا يقول بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم منهم ابن عمر و جابر بن عبد الله و أبو هريرة و أنس و ابن عباس و عبد الله بن الزبير وغيرهم ومن التابعين الحسن البصري و عطاء و طاووس و مجاهد و نافع و سالم بن عبد الله و سعيد بن جبير وغيرهم وبه يقول مالك و معمر و الأوزاعي و [ ابن عيينة ] و عبد الله بن المبارك و الشافعي و أحمد و إسحق اهــ

وخالف في ذلك الإمام أبو حنيفة وغيره من علماء الكوفه وأقوى حديث عندهم في هذه المسألة -فيما رأيت- حديث سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عبد الله بن مسعود
* وهذا الحديث روى عن الثوري
-وكيع
اخرجه مسند أحمد:(1/ص388 3681) ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عبد الله بن مسعود ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلى فلم يرفع يديه الا مرة
وابن ابي شيبة (ح2441)حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم ..به
ومن طريقه أبوداود:(ح748) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم ...به
وعنه البيهقي في " معرفة السنن" (1/ 551) فقال: فأخبرناه أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم
ورواه الترمذي (257)حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن كليب ..به
والنسائي( ح1058) وفي الكبرى (ح645) أخبرنا محمود بن غيلان المروزي قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عاصم ..به
وأبو يعلى ( ح5302) : حدثنا أبو خيثمة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عاصم ..به
والبيهقي :( 2/78) أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو حامد بن بلال أنبأ محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم ..به
واتفقت جميع هذه الروايات عن وكيع بلفظ((فلم يرفع يديه الا مرة))
وروى يحيى بن يحيى و نعيم بن حماد عنه بلفظ((أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لا يعود))
اخرجه الطحاوي في مشكل الآثار حديث يحيى بن يحيى النيسابوري ((5826)فقال:حدثنا محمد بن النعمان السقطي، حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب..به
وقال في " معاني الآثار" (1349 )حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، ..به

* وقد تابع وكيعا عن سفيان
- معاوية ابن هشام القصار الآزدي.
-وخالد بن عمرو أبو سعيد الكوفي
- وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي.
اخرج لهم ابو دوود (749)فقال:حدثنا الحسن بن على حدثنا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا حدثنا سفيان بإسناده بهذا قال فرفع يديه فى أول مرة وقال بعضهم مرة واحدة.
- وعبد الله بن المبارك
اخرجه النسائي في" المجتبى" (1/158) (1026) أخبرنا سويد بن نصر ، قال : أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، ... به وفيه (فرفع يديه أول مرة ثم لم يعد.)

وكل هذه الألفاظ وان لم تكن متحداً لفظاً فإنها متحدة معناً وقد جعل بعض الفضلاء هذا الإختلاف علة وتعقب بأنه قديمكن أنه روى بعض الرواة بالمعنى والله أعلم.

نقد الحديث
وانتقد بعض العلم من السلف وغيرهم ثبوت هذا الحديث بعلل منها:
- ان سفيان قد وهم فيه فإن غيره رواه بدون هذا اللفظ المختلف فيه (فلم يرفع يديه الا مرة)( أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لا يعود)

فقد أخرج أحمد في المسند (1/418) ( 397) فقال :حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا عبد الله بن إدريس - أملاه علي من كتابه - عن عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، حدثنا علقمة ، عن عبد الله ، قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، فكبر ورفع يديه ، ثم ركع وطبق بين يديه ، وجعلهما بين ركبتيه
والبخاري في " جزأ رفع اليدين" حدثنا الحسن بن الربيع , حدثنا ابن إدريس , عن عاصم بن كليب ...به
وابن ابي شيبة (188) حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن عاصم بن كليب ..به
ابوداود رحمه الله في سننه (747)حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب...به
والنسائي (1031 -)وفي الكبرى(623-) قال أخبرنا نوح بن حبيب قال أنبأنا بن إدريس عن عاصم بن كليب ..به
وابن الجارود في" المنتقى" (1/59)حدثنا علي بن خشرم قال أنا عبد الله يعني بن إدريس عن عاصم بن كليب ..به
وابن خزيمة في صحيحه (595 -) فقال: أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا محمد بن أبان نا عبد الله بن يزيد الأزدي : - قال أبو بكر : هو ابن إدريس بن يزيد الأزدي نسبة إلى جده - قال نا عاصم بن كليب ..به
والدارقطني في "سننه"(2/137) ( 1281) فقال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد الله بن إدريس قال سمعت عاصم بن كليب ..به
وفي(1282)- حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب ..به
والحاكم في"المستدرك" (1/224) قال:أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني ، بالكوفة ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، (ح) وثنا عبد الله بن إدريس ، حدثنا عاصم بن كليب ..به هذا حديث صحيح على شرط مسلم .
والبهقي في الكبرى(2/78) وقال:وأخبرنا أبو على الروذبارى أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب ..به

وهذا الحديث قد صححه اهل العلم
وقال البخاري: وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود.
وقال الدرقطني: هذا إسناد ثابت صحيح

وأما حديث سفيان فقد قال عنه عبد الله بن المبارك كما في " سنن الترمذي (256 )قد ثبت حديث من يرفع يديه وذكر حديث الزهرى عن سالم عن أبيه ولم يثبت حديث ابن مسعود أن النبى -صلى الله عليه وسلم- لم يرفع يديه إلا فى أول مرة.
قال أبو داود في " سننه"(748) قال أبو داود هذا مختصر من حديث طويل وليس هو بصحيح على هذا اللفظ.
.
قال الإمام البخاري في" رفع اليدين"(31) وقال أحمد بن حنبل : عن يحيى بن آدم قال : نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب ليس فيه : ثم لم يعد . فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم لأن الرجل ربما حدث بشيء ثم يرجع إلى الكتاب فيكون كما في الكتاب .

وفي "العلل لإبن أبي حاتم" (1 /96) سألت أبي عن حديث ؛ رواه الثوري ، عن عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن علقمة ، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فكبر فرفع يديه ، ثم لم يعد.
قال أبي : هذا خطأ ، يقال : وهم فيه الثوري.
وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة ، فقالوا كلهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح فرفع يديه ، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه ، ولم يقل أحد ما رواه الثوري.

وقد أعل الإمام المعلمي في" التنكيل" بعلل منها:
أن سفيان يدلس ولم أر في شيء من طرق هذا الحديث عنه تصريحه بالسماع.
قال: والذى يظهر أنه كان سفيان دلسه فالحمل على شيخه الذى سمعه منه ، وإلا فالوهم.اهـ
وقال الحافظ في"تعريف أهل التقديس" (32) سفيان بن سعيد الثوري الامام المشهور الفقيه العابد الحافظ الكبير وصفه النسائي وغيره بالتدليس وقال البخاري ما أقل تدليسه .اهــ

أما الشيخ الألباني رحمه الله ققال:في صحيح أبي داود(3/339):أن سفيان ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة؛ كما في "التقريب "؛
فتفرده حجة، وتوهيمه- لمجرد أنه روى ما لم يرو غيره- جرأة في غير محلها! لا
سيما وأن الظاهر أن حديثه هذا حديث مستقل عن حديث عبد الله بن إدريس؛
وإن شاركه في إسناده.اهـ

والذي يظهر لكل من له ممارسة بهذا الشأن – والشيخ منهم - أن توهيمهم لسفيان في هذا الحديث ليس بمجرد أنه تفرد به وإنما هو مخالفته لماروى غيره ورجحوا رواية غيره عنه بوجه من وجوه الترجيح ألا وهو الضبط في الكتاب قال البخاري فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم..
أما قوله الشيخ: لا سيما وأن الظاهر أن حديثه هذا حديث مستقل.. فتقابل بما ذكره الإمام أبوداود: هذا مختصر من حديث طويل ..