تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: مختصر البدعة .

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي مختصر البدعة .

    معنى البدعة:
    لغةً: أصل استعمالها في لغة العرب أصلان: أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال.

    والآخر: الانقطاع والكلال[51].
    اصطلاحًا:
    اختلف العلماء في تحديد البدعة في الاصطلاح، فمنهم من جعلها مقابل السنة، ومنهم من جعلها عامةً تشمل كل ما حدث بعد عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - سواء كان محمودًا أو مذمومًا، ونبين ذلك فيما يلي:

    القول الأول:


    أن البدعة تطلق على ما حدث بعد عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء كان محمودًا أو مذمومًا؛ وقال به الشافعي، والعز بن عبدالسلام، والقرافي، والغزالي في "الإحياء"، وابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر"، والنووي في "شرح مسلم".
    وقد اعتمدوا في ذلك على ما ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قال في صلاة التراويح: نعم البدعة هذه[52].

    القول الثاني:


    إن البدعة لا تُطلق إلا على ما خالف السنة، وبه قال الشاطبي، وابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيثمي، وابن رجب الحنبلي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والزركشي.

    استدل أصحاب هذا القول بعموم الأحاديث في ذم البدعة؛ منها:

    حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: ((صبحكم ومساكم))، ويقول: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))، ثم يقول: ((أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك دَينًا أو ضياعًا، فإلي وعلي))[53].

    فدل الحديث وغيره من الأحاديث والآثار على أن البدعة لم ترد في الشرع إلا مذمومةً؛ فالراجح - والله أعلم - أن البدعة لا تطلق إلا على ما خالف السنة، فليس في البدع محمود.

    أما صلاة التراويح فليست بدعةً في الشريعة، بل سنة بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله في الجماعة، ولا صلاتها في الجماعة بدعةً، بل هي سنة في الشريعة، بل قد صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجماعة في أول شهر رمضان ثلاث ليالٍ، وقال في الرابعة: ((أما بعد: فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفترض عليكم، فتعجِزوا عنها))[54].

    فعلَّل - صلى الله عليه وسلم - عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلِم بذلك أن المقتضى للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض، لخرج إليهم، فلما كان في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة، وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج، عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعةً؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعةً شرعيةً؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح، لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض زال بموته - صلى الله عليه وسلم - فانتفى المعارض. وأما قول عمر - رضي الله عنه -: نعم البدعة هذه، فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نثبت حكمًا بقول عمر - رضي الله عنه - الذي لم يخالف فيه، لقالوا: قول الصاحب ليس بحجة، فكيف يكون لهم في خلاف قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة، فلا يعتقده إذا خالف الحديث. وتسمية عمر - رضي الله عنه - صلاة التراويح بدعةً، تسمية لغوية، لا تسمية شرعية؛ لأن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداءً من غير مثال سابق[55].

    وأما البدعة الشرعية، فما لم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقًا، ولم يعمل به إلا بعد موته؛ ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر - رضي الله عنه - فإذا عمل ذلك بعد موته، صحَّ أن يسمى بدعةً في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ، وكذلك صلاة التراويح، ومثلها جمع القرآن الكريم، ونفي عمر - رضي الله عنه - ليهود خيبر، ونصارى نجران، ونحوهما من جزيرة العرب[56].

    "قلت"( أبو البراء ): ومما يدل أيضًا على أن فعل عمر - رضي الله عنه - ليس ببدعة شرعية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرنا باتباع سُنة الخلفاء الراشدين؛ كما في حديث العرباض بن سارية، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ)) [57].

    "قلت" (أبو البراء ): لا يراد بهذا الحديث اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفًا لسنته - صلى الله عليه وسلم - باجتهاده؛ فالعبرة في هذه الحالة بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - مثاله: ما صح عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي، وإتمام عثمان الصلاة في منًى مع أن السنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - قصرها؛ كما هو ثابت مشهور[58].

    [51] معجم مقاييس اللغة 1/209.


    [52] البخاري (2010).


    [53]
    مسلم (867)، والنسائي 3/ 189، وابن ماجه (46).


    [54]
    البخاري (2012)، ومسلم (178).


    [55]
    اقتضاء الصراط المستقيم؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية 2/ 588 - 591.


    [56]
    نقلاً من كتاب: تيسير العلام بتهذيب وشرح الاعتصام (30 - 46)؛ بتصرُّف واختصار لفضيلة الشيخ مصطفى بن محمد بن مصطفى، أطال الله في عمره ووفَّقه لكل خير.


    [57]
    (صحيح)؛ أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (43)، وأحمد (17142)، وقال البزار: هو أصحُّ من حديث حذيفة: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر، قال ابن عبدالبر: هو كما قال؛ التلخيص الحبير5/ 498، وصحَّحه الألباني في الإرواء 8/ 107، وصحَّحه محققو المسند 28/ 367، وصحَّحه الشيخ مصطفى العدوي في تعليقه على كتاب تهذيب تسهيل العقيدة الإسلامية؛ لعبدالله بن عبدالعزيز الجبرين (8)، وهو كتابٌ نافع مفيد.


    [58]
    انظر على سبيل المثال كلام العلامة الألباني في هذا الموضوع في السلسة الضعيفة 3/2: تحت حديث: بَلْ لَنَا خَاصَّةً، يعني: فسخ الحج إلى العمرة.



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: مختصر البدعة .

    بارك الله فيك
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مختصر البدعة .

    بارك الله فيك يا شيخ أبو البراء
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: مختصر البدعة .

    أكرم الله أهل الفيوم الكرام .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال الشيخ الفوزان في كتاب التوحيد:
    [الباب الرابع البدع]
    [الفصل الأول تعريف البدعة أنواعها أحكامها]
    الباب الرابع: البدع ويتضمن الفصول التالية:
    الفصل الأول: تعريف البدعة - أنواعها - أحكامها.
    الفصل الثاني: ظهور البدع في حياة المسلمين. والأسباب التي أدت إليها.
    الفصل الثالث: موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة، ومنهج أهل السنة والجماعة في الرد عليهم.
    الفصل الرابع: في الكلام على نماذج من البدع المعاصرة وهي:
    1 - الاحتفال بالمولد النبوي.
    2 - التبرك بالأماكن والآثار والأموات ونحو ذلك.
    3 - البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله.
    (1/138)

    تعريف البدعة - أنواعها وأحكامها 1 - تعريفها - البدعة في اللغة: مأخوذة من البَدع وهو الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] أي مخترعها على غير مثال سابق، قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] أي ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمني كثير من الرسل ويقال: أبَدع فلان بدعة يعني ابتدأ طريقة لم يسبق إليها.
    والابتداع على قسمين: 1 - ابتداع في العادات: كابتداع المخترعات الحديثة، وهذا مباح لأن الأصل في العادات الإباحة.
    2 - وابتداع في الدين، وهذا محرم، لأن الأصل فيه التوقف، قال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1) .
    _________
    (1) رواه البخاري ومسلم.
    (1/139)


    وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (1) .
    2 - أنواع البدع - البدعة في الدين نوعان: النوع الأول: بدعه قولية اعتقادية: كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم.
    النوع الثاني: بدعة في العبادات: كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها وهي أقسام:
    القسم الأول: ما يكون في أصل العبادة: بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع. كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع أصلا أو أعيادا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها.
    القسم الثاني: ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا.
    _________
    (1) متفق عليه.
    (1/140)


    القسم الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
    القسم الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع كتخصيص يوم النصف من شعبان وليله بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
    3 - حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها: كل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» (1) . وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (2) وفي رواية: «من عمل عملاَ ليس عليه أمرنا فهو رد» (3) فدل الحديثان على أن كل محدث في
    _________
    (1) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
    (2) متفق عليه.
    (3) رواه مسلم.

    (1/141)

    الدين فهو بدعة. وكل بدعة ضلالة مردودة، ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة، فمنها ما هو كفر صراح، كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها. وتقديم الذبائح والنذور لها. ودعاء أصحابها. والاستغاثة بهم؛ وكأقوال غلاة الجهمية والمعتزلة - ومنها ما هو من وسائل الشرك، كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها - ومنها ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية. ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس، والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع (1) .
    _________
    (1) انظر الاعتصام للشاطبي (2 / 37) .
    (1/142)

    تنبيه: من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة فهو مخطئ ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم على البدع كلها بأنها ضلالة، وهذا يقول ليس كل بدعة ضلالة، بل هناك بدعة حسنة. قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين: فقوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة. والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة انتهى (1) .
    وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة، إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح: (نعمت البدعة هذه) .
    _________
    (1) جامع العلوم والحكم.
    (1/143)

    وقالوا أيضا: إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف مثل جمع القرآن في كتاب واحد. وكتابة الحديث وتدوينه. والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة، وقول عمر (نعمت البدعة) . يريد البدعة اللغوية لا الشرعية، فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا. لأن البدعة شرعا. ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه، وجمع القراَن في كتاب واحد له أصل في الشرع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القراَن، لكن كان مكتوبا متفرقا فجمعه الصحابة رضي الله عنهم في مصحف واحد، حفظا له، والتراويح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنها في الأخير خشية أن تفرض عليهم واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم معه وليس هذا بدعة في الدين، وكتابة الحديث أيضا لها أصل
    (1/144)


    في الشرع فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه، فلما توفي صلى الله عليه وسلم انتفى هذا المحذور - لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، فدون المسلمون الحديث بعد ذلك حفظا له من الضياع، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •