المقصود بالطمأنينة في الصلاة، ومعنى لفظ: "تراقيهم"

سائلة فاضلة جزاها الله خيرا تسأل صاحب الفضيلة الشيخ: فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى سؤالين عبر صفحة موقع: (ملتقى أحبة القرآن)، تعليقا على خطبة الجمعة، والتي كانت بعنوان: (يصلون ولكن لا صلاة لهم)، ونص سؤاليها الآتي:

لدي استفسار: ما المقصود بالطمأنينة؟ هل هي عدم الخوف؟ ماذا عن الصلاة في مكان يكثر فيه اليهود، ولا يكون هناك اطمئنان كامل وقت الصلاة، كما لو في البيت، فهل هي صلاة باطلة؟ وهل يجب إعادتها؟ أم ما العمل؟
وسؤال آخر: ما المقصود بـ: "لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ"؟

وقد أجاب فضيلته حفظه الله بجواب ما نصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد؛
الطمأنينة سكون الجوارح والأعضاء، وسكينة القلب، والانشغال بالأذكار الواجبة والمستحبة في الصلاة، وعدم الالتفات إلى أمر من أمور الدنيا.
أما الخوف الطبيعي الذي لا يستطاع رده، فلا ينافي الطمأنينة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سنَّ لنا صلاة الخوف، وذلك أثناء اشتداد المعركة.
قال البعلي رحمه الله تعالى: [(والطُّمَأْنِيْ َة): هو بضم الطاء وبعدها ميم مفتوحة وبعدها همزة ساكنة، ويجوز تخفيفها بقلبها ألفا، قال الجوهري: اطمأن الرجل اطمئنانًا وطمأنينة: سكن، واطبأن: مثله على الإبدال.
وقال المصنف رحمه الله في (المغني): ومعنى الطمأنينة: (أن يمكث إذا بلغ حد الركوع قليلًا)]. من كتاب (المطلع على ألفاظ المقنع) لمحمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي، أبو عبد الله، شمس الدين (المتوفى: 709هـ) (ص: 112(
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا تجَاوز صلَاتهم تراقيهم"، فهو [كِنَايَة عَن أَنَّهَا لَا تقبل، وَلَا يَنْتَفِعُونَ بهَا، وَأَن دعاءهم لَا يسمع]. شرح السيوطي على مسلم (3/ 168).
وفاقد الطمأنينة؛ بمعنى أن المصلي أسرع في صلاته، ولم يتم الركوع أو السجود، فنقول له: "ارجع فصل فإنك لم تصلِّ".
[وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا، وَأُقِلُّ مَا يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَعْتَدِلَ رَاكِعًا أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ رُكُوعٍ، وَيَتَمَكَّنُ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ فِي السُّجُودِ أَقَلُّ مِنْ وَضْعِ وَجْهِهِ فِي الْأَرْضِ وَيَدَيْهِ مُتَمَكِّنًا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ سَاجِدٍ، غَيْرِ نَاقِرٍ.
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ".
وعَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ؛ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي لَمْ يُقِمْ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: (مُذْ كَمْ صَلَّيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ؟!)، قَالَ: (صَلَّيْتُهَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا)، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: (مَا صَلَّيْتَ لِلَّهِ صَلَاةً)]. الاستذكار لابن عبد البر (2/ 333)

و[الترقوة: الْعظم المشرف فِي أَعلَى الصَّدْر. وهما ترقوتان، وَالْجمع تراق.
وَالْمرَاد: أَن تلاوتهم بِاللِّسَانِ دون اسْتِقْرَار الْإِيمَان والفهم فِي الْقلب]. كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (1/ 301)
والله تعالى أعلم