اللقاء الشهري (77/ 32، بترقيم الشاملة آليا)
حكم المعاملة مع البنوك التي تبيع بالتقسيط إذا لم تكن السلعة موجودة عندها
السؤال
فضيلة الشيخ! بعض الأشخاص يتفقون مع البنوك على أقساط، ثم بعد توقيع العقد يشترون له سيارة ويعرضها هذا الشخص للبيع، هل يجوز شراء هذه السيارة منه نقداً؟
الجواب
أصل هذه المعاملة محرمة، يحرم على الإنسان أن يأتي إلى البنك أو إلى التاجر ويقول: أنا أريد السيارة الفلانية اشترها لي، ثم بعها عليَّ بالتقسيط بثمن أكثر، هذا محرم، وهذا -والله- حيلة على الربا، وهو أقبح مما لو جاء إلى البنك وقال: أعطني خمسين ألف ريال وهي عليَّ بستين ألف ريال إلى سنة، كلاهما محرم، لكن الأخيرة أهون؛ لأن الأخير ربا صريح، والإنسان فيه لم يسلك سبيل المنافقين، أما الأولى فإنه خادع الله عز وجل، هذا البنك ما اشترى السيارة إلا من أجلك، فكأنه أقرضك قيمتها بزيادة، فليحذر المؤمن هذه المعاملة، وليتق الله ربه، وليعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن العبرة في العقود بمعانيها لا بصورها.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقاء الباب المفتوح (44/ 21، بترقيم الشاملة آليا)
مسألة التورق من التحايل على الحرام
السؤال
عفا الله عنكم يا شيخ! توجد الآن بعض الشركات تقول لأي شخص: من أراد بيتاً أو سيارةً في أي مكان يأتي ويخبرنا بهذا البيت أو بهذه السيارة فنشتري له هذا البيت أو هذه السيارة، ثم نقسط عليه ثمن هذا البيت أو هذه السيارة أقساطاً، وفي نفس الوقت لا تُلْزِم هذه الشركةُُ إذا أخَذَت لهذا الشخص هذا البيت أو هذه السيارة، لا تلزمه بأخذ هذا البيت أو السيارة، فهو بالخيار، إن أراد أن يشتري أو أراد أن يرجع في كلامه.
فما حكم هذا البيع جزاكم الله خيراً؟
الجواب
هذه المعاملة فَشَت في الناس كثيراً، وهي -في الحقيقة- من الناحية الشرعية غير جائزة، ومن الناحية الاقتصادية ضارة.
فأما كونها غير جائزة من الناحية الشرعية: فمن المعلوم أنك لو أتيتَ إليَّ وقلتَ: أريد أن أشتري السيارة الفلانية بخمسين ألف ريال فأعطني (50.
000) ريال، وأعطيك بعد سنة (60.
000) ريال، فهل هذه المسألة جائزة، أو غير جائزة؟! غير جائزة، ولا إشكال في ذلك.
فشراء التاجر أو الشركة لهذه السيارة ليس إلا من أجل الوصول إلى هذه العشرة آلاف الزيادة التي كانت في الأول غير جائزة، والآن صارت بهذه الحيلة جائزة، فلا يمكن هذا، فإن المحرم محرم، ولا يزيد بالتحايُّل عليه إلا قُبْحاً، فهذه بمنزلة أن أقول: خذ (50.
000) واشترِ السيارة التي تريد، وبعد سنة أعطني (60.
000) ريال، لا فرق أبداً، إلا أن هذه الصورة التي ذكرتَ؛ أن يشتريها التاجر من المعرض ثم يبيعها عليك ما هي إلا مجرد حيلة فقط؛ فلولاك ما اشتراها لك، ولا فكَّر في شرائها، ولهذا تجده يحتاط لنفسه، فيذهب ليستطلع البيت وينظر هل يساوي هذا البيتُ الثمنَ أم لا يساويه، والسيارة كذلك، فهو يحتاط احتياطاً تاماً.
ثم إذا قُدِّر أنه اشتراه وتراجَعْتَ أنت عنه كَتَبَك في القائمة السوداء، فلا يعاملك بعد هذا أبداً، ثم إن كلمة: (إذا شاء رَدَّه قَبِِلْنا) ، هي كذَرِّ الرماد في العيون -كما يقولون-؛ فلا تظن أن هذا الرجل الذي أراد هذا البيت أو هذه السيارة أو هذه الأرض، واستعد للزيادة، لا تظن أنه يتراجع، فالرجل له غرض في هذا، ولا بد أن يشتري، ولو أنك أحصيت مَن تراجع، ما وجدتَ واحداً في الألف.
لذلك نرى أن هذه المعاملة حرام، وأنها حيلة على الربا بشراءٍ صوريٍّ ليس مقصوداً بذاته.
وإذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله- يحرم التورُّق، وكذلك الإمام أحمد، وغيرهما من العلماء، والتورُّق: هو طلب العين الموجودة عند البائع، فهذا أخبث وأشد.
وبنو إسرائيل لما حُرِّمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكل الشحم؛ لكن نذيب الشحم، ونبيعه ونأكل ثمنه.
فأيهما أقرب للمحرم: هذه الحيلة، أو الحيلة التي ذكرتَ؟! الحيلة التي ذكرتَ أقرب؛ لأنها تصل إلى المحرم في أول درجة، أما حيلة بني إسرائيل فلا تصل إلى المحرم إلا بعد ثلاث درجات، ومع ذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (قاتل الله اليهود! لَمَّا حُرِّمت عليهم الشحوم جَمَلوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه) .
فهذه والله حيلة على المحرم، وليس عندي إشكال في تحريمها، والإنسان الناصح لنفسه يبتعد عنها، وإن أفتاه الناس وأفتوه، والعبرة بالمقاصد لا بالصور، والتاجر ما قصد من الربح إلا الربا، ولا قصد بشراء السيارة إلا الربا.
ولكن نقول: نعم، لو كانت السيارة عنده موجودة، وباعها عليك بأكثر من ثمنها حاضراً، وأنت تريد السيارة نفسها، أو تريد أن تتكسب بها، فتشتريها من هذه البلاد وتبيعها في البلاد الأخرى للتتكسب بها، فهذا ليس فيه إشكال، وجائز.
أما إن اشتريتَها مِن عندِه وهي عندَه، وتريد أن تبيعَها وتأخذَ ثمنها فهذه هي مسألة التورُّق، وفيها خلاف بين العلماء، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنها حرام، وهي رواية عن الإمام أحمد.
ولو قال قائل: إن الربا الصريح أهون من المعاملة التي ذُكِرَت، فإن قوله لن يكون بعيداً من الصواب؛ لأن هذه المعاملة جمعت بين الحيلة والتحايل على الله عز وجل وبين الربا، فمفسدة الربا موجودة، وهي الزيادة التي أخذها هذا التاجر، فنسأل الله الهداية.
والحقيقة: أن الإنسان إذا رأى هذه المعاملات، ورأى معاملة البنوك، ورأى معاملة الميسر التي بدأت الآن تكثر؛ كالتأمين وما أشبه ذلك، يخشى والله من العقوبة؛ فإذا كان بنو إسرائيل يعذَّبون بأقل من هذا، فإننا والله لنَخْشى.
فلَمَّا حُرِّم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل، فصارت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعاً على الماء، وغير يوم السبت لا يرون الحيتان، فتحايلوا فنصبوا شَبَكاً يوم الجمعة، وأخذوا الحيتان يوم الأحد، وقالوا: نحن لم نصد يوم السبت، الصورةُ أنهم لم يصيدوا صحيح؛ لكن في الحقيقة أنهم صادوا.
فالعبرة -يا إخواني- بحقائق الأمور لا بصورها.
فنحن نخشى من عقوبة تحل بنا بواسطة هذه الأمور، فلو كنا نبيع ونشتري على حسب الشرع، مبتعدين عن الحِيَل، وخداع رب العالمين لكان هذا أنفع وأبرك لنا.
فتبيَّن لنا من الناحية الشرعية أنها لا تجوز.
وأما كون هذه المعاملة ضارة من الناحية الاقتصادية، فإنها قد فتحت للفقراء باب التكالب على الديون لهذا السبب، فصار يهُون عليهم أن يشتري أحدهم السيارة بسبعين ألفاً؛ لأنه سيذهب إلى التاجر ويأخذها بكل سهولة؛ لكن لو لم تكن هذه الطريقة لذهب ليشتري له سيارة بستة عشر ألفاًَ على قدر حاجته، وعلى قدر ما عنده، فهذه المعاملة أثقلت كواهل كثير من الناس، وجرَّأتهم على التَدَيُّن، لا أقصد التَّدَيُّن مِن الدِّيْن، وإنما مِن الدَّيْن، فجرَّأتهم على التَّدَيُّن من الناس، حتى إذا مات وُجِد أن عليه مئات الألوف، وكل ذلك بسبب هذه المعاملة.
لهذا فنحن نحذِّر منها شرعياً واقتصادياً، ونقول: (ومَن يستغنِ يُغْنِهِ الله) .
(ومَن تَرَكَ شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه) .
السائل: ولكن الناس لا يدرون شيئاً عن هذا.
الشيخ: والله يا أخي نحن لنا فتوى في هذا، كتبنا فيه فتوى.
السائل: المشكلة أن بعض هذه الشركات تدَّعي أن عندها لجنة شرعية، وأن هذه اللجنة الشرعية أفتت بجواز هذا -يا شيخ-! الشيخ: على كل حال: الذي يلزمنا نحن البيان، وقد بيَّنا الآن، فمن سمع هذا الكلام فإن اقتنع به ورأى أن الحيلة لا تجعل الحرام حلالاً فليحمد الله على الهداية، ومن لم يقتنع فلكلٍّ درجاتٌ مما عملوا.
السائل: بعض الناس الآن صاروا يشتركون ثلاثةً أو أربعةً في شراء سيارة من أجل التقسيط.
الجواب: لا بأس، بشرط ألا يكون من مسألة التورُّق، فمثلاً الآن -انتبه! -: إذا اشتريتَ سيارة بالتقسيط فلها ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن تشتريها بالتقسيط لتَكُدَّها، سواء كان الكَدُّ للأجرة أو لحاجاتك، فهذه جائزة، ولا خلاف فيها.
الوجه الثاني: أن تشتريها لتتكسب بها لا لدفع حاجتك، فأنت لستَ محتاجاً؛ لكنك اشتريتَها من هذا البلد لتبيعها في بلد آخر بزيادة، فهذه أيضاً ليس فيها شيء.
الوجه الثالث: أن تشتريها لحاجتك إلى الدراهم؛ لكن ما وجدتَ أحداً يقرضك، فلجأتَ إلى هذه الطريقة، فهذه يسميها العلماء: مسألة التورُّق، وفيها الخلاف الذي ذكرتُ لكم.
لقاء الباب المفتوح (114/ 28، بترقيم الشاملة آليا)
بعض أنواع بيوع الربا
السؤال
وجدت في بلد ما إعلاناً بخصوص توفير قرض وتسديده بالأقساط وصورته كالتالي: شخص يريد شراء سيارة، فذهب إلى بيت التمويل، فيقوم هذا البيت بشراء السيارة التي يريدها الشخص، ومن ثم تحويلها باسمه، على أن يكون ثمن بيعها له أكثر من ثمن شرائها هو، ويقوم الشخص بدفع الأقساط إلى بيت التمويل.
الجواب
يعني: مثلاً يذهب إلى بيت التمويل يقول: أنا أريد السيارة فيشتريها باسمه وينقد الثمن ثم يبيعها على هذا الطالب بأكثر من الثمن مقسطاً! هذه حيلة على الربا, يعني: بدل من أن يقول: خذ خمسين ألف ريال قيمة السيارة, وهي عليك بستين ألف إلى أجل, أتى بهذا البيع الصوري, بيت التمويل الآن لولا أن هذا الرجل جاء يطلب السيارة هل يشتري السيارة؟ لا, ولو أن طالب السيارة قال: اشتريها بقيمتها, بمعنى: تشتريها بخمسين ألف وآخذها منك بالتقسيط بخمسين ألف هل يقبل بيت التمويل؟ أقطع أنه لا يقبل, إذاً: ما الذي قصد بيت التمويل من هذه المعاملة؟ قصد الزيادة, فهذا -في الحقيقة- قرض بزيادة لكنه بحيلة (لفة) ومعلوم أن الله عز وجل لا تنفع عنده الحيل, فهو {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور} [غافر:19] فلو قيل لبيت التمويل: ما قصدك بشراء هذه السيارة وبيعها على هذا الرجل؟ لقال بكل تأكيد: إن قصده الزيادة, ولا يمكن أن يدعي أن قصده الإحسان إلى هذا الرجل أبداً, يقول بعض الناس: -مثلاً- لو أن الرجل المشتري قال: لا أريد السيارة، قبلها بيت التمويل, فنقول: أولاً هذه حجة لا تنفع عند الله؛ لأن هذا الذي طلب السيارة هل سيتركها؟ لا يتركها وهو يريدها, ولهذا لو أحصيت ألف معاملة من هذا النوع ما وجدت واحداً منهم هَوَّن, فلا تغتر بعمل الناس.
والفائدة التي يأخذها هذا الرجل تعتبر ربا, والربا الصريح الذي تفعله البنوك أهون من هذا؛ لأن الربا الصريح ربا يدخل الإنسان فيه على أنه عاص لله ويحاول أن يتوب, أما هذا فيدخل فيه على أنه مباح, وهذا لا يجوز, اليهود تحيلوا على محارم الله بأدنى من هذا, حرم الله عليهم الشحوم قال: لا تأكلوا الشحوم, فماذا كانوا يصنعون؟ قالوا: نذوب الشحم ثم نبيع الشحم ونأخذ الثمن, الصورة الآن هل أكلوا الشحم؟ ما أكلوه ولا باعوا الشحم على طبيعته وأيضاً ذوبوه, حتى لا يقال: إنكم بعتم ما حرم عليكم وأكلتم ثمنه, فذوّبوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه, والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (قاتل الله اليهود! حرمت عليهم الشحوم ثم جملوها فباعوها وأكلوا ثمنها) .
وكذلك أصحاب السبت حرمت عليهم الحيتان يوم السبت فابتلاهم الله وجعل الحيتان تأتي يوم السبت شُرّعاً على وجه الماء من كثرتها, وغير يوم السبت لا يرونها, فقالوا: ماذا نعمل؟ لا يمكن أن تذهب هذه الحيتان بدون أكل, عملوا شبكة يضعونها يوم الجمعة, فتأتي الحيتان تدخل في الشبكة يوم السبت فإذا كان يوم الأحد جاءوا وأخذوها, وقالوا: نحن ما صدناها يوم السبت، صدنا يوم الأحد, فماذا عوقبوا؟ عوقبوا في الدنيا يداً بيد, قال الله تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:65] فكانوا قردة تتعاوى والعياذ بالله.
لا يجوز -أبداً- أن نستحل محارم الله بالحيل إطلاقاً, وإن أفتاك الناس وأفتوك, فكر أنت بنفسك, هل هذا إلا حيلة؟ أما لو كان هذا بيت التمويل عنده سيارات يأتي زيد ويبيع عليه نقداً بخمسين, ويأتي عمرو ويقول: أنا أريدها مقسطة فيقول: بستين فهذه لا بأس, لكن كونه لا يشتري إلا لأجل يأخذ الربا هذا لا يشك الإنسان أن هذا حيلة.
إذا كان يجب عليه الإنسان أن يتوب ولا يتعامل بهذا, فإن كان لم يعلم بأنه حرام فما أخذه فهو حلال, وإن كان قد علم وعاند فهذا محل نظر, قد نقول: إذا تاب فله ما سلف كما قال الله عز وجل: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:275] وقد يقال: لا هذا الرجل معاند فيجب عليه أن يتصدق بكل ما أخذ من هذا.
بارك الله فيكم وزادنا وإياكم علماً نافعاً وإلى اللقاء إن شاء الله في الخميس القادم, نسأل الله لنا ولكم التوفيق.
لقاء الباب المفتوح (219/ 15، بترقيم الشاملة آليا)
حكم شراء السيارات بالتقسيط عن طريق البنوك الربوية
السؤال
تقوم بعض البنوك الربوية ببرنامج تقسيط السيارات لموظفي بعض الدوائر الحكومية ويشترطون على الموظف تحويل الراتب للبنك، أو يختم على الشيك مناولة للبنك، حفظاً لحقهم وبعد ذلك للموظف حق التصرف في راتبه فما الحكم؟ الشيخ: لكن كيفية البيع الذي يكون على هؤلاء؟ السائل: هم يملكون سيارات.
الشيخ: السيارات عندهم موجودة؟ السائل: نعم في معرض يقولون: إنه تابع لهم.
الشيخ: لا بأس، فمثلاً يقول: اشتر من المعرض سيارة نقداً بخمسين ألفاً ومؤجلاً بسبعين ألفاً مثلاً ولكن نريد أن نرهن الراتب بحيث يحول علينا من أجل أن نخصم القسط؟ السائل: نعم.
الشيخ: أقول: هذا جائز ولا شيء فيه.
السائل: ألا يكون معاونة لهم على الإثم؟ الشيخ: إذا كنت لا تريد أن تعاونهم فلا تشتر منهم أصلاً.
السائل: لكن الحكم أنه جائز.
الشيخ: الحكم جائز، الرسول عامل اليهود قبل هديتهم وباع لهم واشترى منهم.
السائل: الربا يكون للمسلمين يعني اليهودي كافر أم مسلم؟ الشيخ: الربا حرام على المسلم وغير المسلم.
السائل: لكن نقول: الكافر لا ذنب له.
الشيخ: بل يؤاخذ.
السائل: لكن هل يعاقب؟ الشيخ: يعاقب لا على الحرام فقط بل يعاقب حتى على ثيابه التي يلبس، وأكله الذي يأكل، ألم تسمع قول ربك: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] والذين لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات عليهم جناح أم لا؟ عليهم جناح.
ألم تسمع قول ربك {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] وغير الذين آمنوا ما هي لهم في الدنيا حرام عليهم، وما هي بخالصة يوم القيامة سيجزون عليها.
الآن لا تظن أن الكافر يشرب شربة إلا ويحاسب ويعاقب عليها، ولا يأكل لقمة من العيش إلا ويحاسب عليها.
السائل: بالنسبة للبنوك لا يملكون السيارات، يقولون: اذهب إلى المعرض وهات ثمن السيارة؟ الشيخ: هذه لا تجوز هذه حرام، مثلاً: يأتي إنسان إلى شخص تاجر بنك أو غيره، يقول: أنا أريد سيارة وأنا ما عندي مال قال: اذهب انظر المعرض الذي تريد وأعطني إياه وأنا أشتريها من المعرض ثم أبيعها عليك، هذه حرام، وهذا أشد من كونه يقول: خذ هذه خمسين ألف ريال بستين ألفاً، لأنه إذا أعطاه خمسين ألف ريال يشتري بها السيارة بستين ألفاً إلى سنة، هذا رباً صريح أم لا؟ بلى.
وإذا قال: اذهب اختر السيارة وأنا أشتريها وأبيعها عليك؟ هذه حيلة، وخداع، وفعل الذنب مع الخداع أشد من فعله الصريح لسببين: السبب الأول: أن هذا المخادع -والعياذ بالله- كالمستهزئ بآيات الله، كأن الله لا يطلع على نيته.
السبب الثاني: أنه ما دام يعتقد أن هذا حلال سوف يستمر عليه، لكن الصريح يفعله الإنسان وهو خجلان من الله مستحٍ من الله، يترقب أول ساعة تأتيه يمن الله عليه بالتوبة.
وأضرب لكم مثلاً بشيء أكبر من هذا، أيهما أعظم ذنباً: كافر يعلن الكفر أم منافق؟ المنافق أعظم، لأن المنافق كافر ومخادع والكافر صريح.
إذاً هؤلاء الذين يقولون: اذهب اختر السيارة ونحن نشتريها ونبيعها منك أملى عليهم الشيطان كلمة اغتروا بها، قالوا: إن الذي يريد أن يشتريها ثم يبيعها، لو أن الرجل ترك الشراء بعدما اشتراها التاجر أو البنك كما سأل السائل ترك الشراء فإنه لا يلزمه بها، قالوا: إذا كان لا يلزمه معناه ما صار بيع قبض، فنقول: الأعمال بالنيات، ومتى يأتي شخص يترك الشراء؟! الرجل اختار السيارة هو الذي اقترحها يريد أن يترك ما هو بتارك، وكلمة لو ترك ما خالفناه ما هو بصحيح، لأننا سمعنا أنه يكتب اسمه في القائمة السوداء بمعنى أنه لو أراد المعاملة الثانية لا يعامل.
المهم على كل حال أرجو منكم أن تشيعوا بين الناس أن هذه معاملة حرام، ووقوع في الربا، ووقوع في المخادعة.