تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Lightbulb الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    ** متى يجبُ الصبرُ ...؟! على أيَّ شئٍ يكونُ ...؟! و متى يُسمَّى الصبرُ صبراً ... ؟
    *** الصَّبرُ من الرسائلِ الإيمانيَّة التي تحملُها لنا سورةُ الكهف حيثُ يطرحُ اللهُ - سبحانه - المواضع الأوجبُ للصبرِ والأحقُّ به ... وهي المواضعُ التي تُختبرُ فيها قُوى اليقينِ الإيمانيّة ...
    الأولُ : الصَّبرُ على الدعوة في سبيل الله تعالى ... الصبر على الفتنة التي تواجِه أصحابَ الرسالات والدُّعاةِ في سبيلِ نشر العقيدة والدعوة إلى الحقّ ... هذه الفتنةُ التي تُوجبُ الصَّبرَ وتستلزمُه تتمثّلُ في القدرة على تمحيص أنماطِ النّاس واستغوار نفوسهم ومعادِنهم الحقيقيّة دونَ تأثّر أو اغترارٍ بظاهرِهم الذي قد لا يُماثلُ حقيقتَهم ولا يدلُّ عليها ... !

    يأمرُ اللهُ - سبحانه - رسوله الكريمَ - صلّى اللهُ عليه وسلّم - بهذا النوع وهذه الرّتبة من الصّبر في قولِه - في سورة الكهفِ - :
    " واصْبِرْ نفسَكَ مع الذين يَدْعُونَ ربَّهُم بالغَدَاةِ والعَشِيِّ يُريدُونَ وجهَهُ ولاتَعدُ عيناكَ عنهُم تريدُ زينةَ الحياةِ الدُّنيا ولا تُطِعْ منْ أغْفَلْنَا قلْبَه عن ذكرِنا واتَّبعَ هواهُ وكانَ أمرُهُ فُرُطَا 28 "

    *** يؤسّسُ اللهُ في هذا الخطاب المُوجّه للرسولِ الكريمِ - ولنا مفهوماً وتعريفَاً للصبرِ يدعونَا لتمثّلِه في نفوسِنا وضمائرِنا ... يدعونا للاعتداد به واعتبارِه أوّل ما يستحقُّ من الصّبرِ أنْ يُسمّى صبرا ... وأولُ ما يستحقُ أن نعتبره جهادا للنفسِ في سبيلِ دعوة الحقّ ...

    *** يأمرُ اللهُ نبيّه الكريم - ويأمُرنا من خلالِه - بالصبرِ في ملازمةِ الصادقين في إيمانِهم وتقواهم الذين يدورون في فلكِ اللهِ - بالغداةِ والعشيِّ - ويجعلونَ من الغَداةِ والعَشيّ فَلكاً زمنيَّا يتوجَّهونَ فيه إلى اللهِ ... حبَّا في اللهِ لا لسؤالِ الله شيئاً من متاعِ الحياة الدنيا ، فهم يُريدون وجهه ...
    في مقابلِ هذا يأمرُ اللهُ نبيّه الكريمَ ألاَّ يغترَّ بالباذخة مكانتُهُم ... وهُم الوجهاءُ والسّادةُ والأشرافُ الذين تتقدّمهم زينتُهم الطَّاغية والذين أغفلتهم
    زينةُ الحياة الدنيا عن خالق الزينة واتّبعوا هواهم وأمّارَتَهم بالسُّوءِ فجزاهُم اللهُ بأنْ أمدّهم في غفلتهم وختمَ على قلوبهم ...
    وهكذا يكونُ الموضعُ الأولُ المُوجبُ للصَّبرِ موضعا يُهذِّبُ به اللهُ النفسَ
    الإنسانية في مجالِ الدعوة إليه ، كما يضعُ لها قانوناً نبراسيَّا تهتدي به
    في مجال المعاملات و يمكِّنها من تمحيصِ الغثّ من السمين من النّاس
    والحكم عليهم ... هذا القانونُ أو المقياسُ هو المرتبةُ في التقوى وليس
    المرتبة في المجتمع أو في المالِ أو الجمالِ ... أو غير ذلك ... ، بما يتّسقُ
    مع قولِه سبحانه : " إنّ أكرمكُم عند اللهِ أتقَاكُم "

    *** الموضعُ الثَّاني للصبرِ في السورة الكريمة هو :

    الصَّبرُ على الحكمة الإلهية الخافية قياساً على حكتِه البادِية ...
    يريدُ اللهُ من عباده المؤمنين أنْ يزدادوا إيمانا ... ولن يزدادوا إيماناً إلاَّ بأنْ يبلغوا اليقينَ ... , و لنْ يبلُغُوا اليقينَ حتّى يكونَ تسليمُهُم واطمئنانهم إلى حكمة اللهِ الخافية في مرتبةِ تسليمهم واطمئنانِهم إلى حكمته الظّاهرة ...
    ***هذه الدرجةُ من الإيمانِ الوثوقي بالله هو ما يوجّهنُا إليه اللهُ - سبحانه - من خلالِ قصة موسى - عليه السلام - مع العبدِ الصَّالح ... هذه القصة التي كان الصَّبرُ محورُها وبطلُها الأساسُ وشخصيتها الرئيسة الطاغيةُ على الأحداث ...
    *** الصبرُ هو العنصرُ البارزُ في هذه القصة ؛ فقد كانَ الشرطُ الأوحيد الذي اشترطه العبدُ الصالحُ على موسى لاصطحابه : التزام الصبر ... الصبرُ على ماذا ؟ على المغلقِ المجهول ... الصبرِ على المُعمَّى الذي لا تبدو له حكمةٌ واسبابٌ ظاهرة تقنعُ به وتفسّر للنفس حدوثه ... يقولُ تعالى : - سورة الكهف -
    " فوجدَ عبداً من عبادِنا آتيناهُ رحمةً من عندِنا وعلَّمناهُ من لَدُّنَّا عِلماَ 65" قالَ لهُ موسى هلْ أتَّبِعُكَ على أنْ تُعَلِّمَني ممَّا عُلِّمتَ رُشداَ 66 " قالَ إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صَبراَ 67" وكيفَ تصبرُ على مَا لَمْ تُحِطْ بهِ خُبْرَا 68" قالَ ستَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ صابِراَ ولنْ أعصِي لكَ أَمراَ 69" قالَ فإنْ اتَّبعتَنِي فلاَ تسأَلنِي عنْ شئٍ حتّى أُحدِثَ لكَ منهُ ذِكْرا 70" ...

    وردت مفردةُ الصبر في الآياتِ السَّابقة ثلاثَ مرَّاتٍ ... في صورة
    المصدر: " صبرا" ... والفعل : " تصبرُ " ... واسم الفاعل : " صابِرا " بما يؤكّد أنّ للصبرِ دورُ البطولة في هذه القصّة وأنّه الدرسُ التهذيبي وأنّه جدارٌ أساسيٌّ في بناية الإيمان يوجّهنا اللهُ إليه ...


    *** اصطحبَ العبدُ الصَّالح النبيَّ موسى - عليه السلام - في رحلته مشترطا عليه أن يصطحبَ معه صبرَه في هذه الرحلة ... ولكنَّ موسى
    اطَّلعَ على ثلاثةِ أفعالٍ أدَّاها العبدُ الصالح بأمرٍ من ربِّه ... وهذه الأفعالُ
    الثلاثة تفتقرُ في ظاهرِها إلى الحكمةِ ... بلْ تبدو مستفزّة للعقل والوجدان
    الإنسانيين معا ... مستفزةً للعقل لأنها لا تقومُ على منطقهِ ...، ومستفزّة
    للوجدان لأنَّها تُخالفه وتخالفُ هواه ومسيرته ...


    ** قامَ العبدُ الصالحُ على مرأىً من موسى - عليه السَّلامُ- بخرقِ سفينة
    قومٍ من المساكين وإتلافها ... ، كما بادرَ بقتلِ غلام صغيرِ السّن دونَ
    جريرةٍ منه ، ثمَّ نهض ببناءِ جدارٍ قديم آيلٍ للسقوطِ في قريةٍ أهلُها أشحَّاءٌ
    أبوَا أنْ يُضيِّفوا العبد الصالح وموسى رغم كونهما غرباء ...؟!


    *** الأفعالُ الثلاثُة تخالفُ المنطقَ وتخالفُ الحكمة التي توجبُ وضعَالخير ووضعَ الشَّرّ كلٍّ في مكانه ... وتخالفُ الحكمة التي لها منطقٌ ومسيرةٌ معروفة لدى الفطرة في كيفية الإثابة والعقابِ ... وأنّ جزاء الحسنة الحسنةُ مثلُها وجزاء السيّئة السيّئةُ ... فكيفُ بأفعالِ العبد الصالح ... وما موقعُها من منطق الفطرة والحكمة الخيّرة ؟!

    ##
    هذا هو الدرسُ الإيمانيّ الذي يريدُ اللهُ من عبادِه تدبُّره ... وهذه هي
    المرتبة الشامخةُ من الإيمانِ التي يريد اللهُ من المؤمنين بلوغَها : مرتبةُ
    التَّسليمُ لله ... مرتبةُ الوثوقِ بحكمتهِ الخافية قياسا على حكمته البادية ...مرتبةِ اليقينِ المطلقِ بأنَّ الله - سبحانه - خيرٌ - لا يصدرُ عنه - ومنه -
    إلاَّ الخير ... ولا يريدُ لعباده إلاَّ الخير ... وهو غنيٌّ عمّا في يدِ عباده من
    خيرٍ ...

    *** تكشَّفت حكمةُ الأفعالِ الثلاث لموسى عليه السَّلام ... تبدَّى لهُ أنَّ ما
    قد يكونُ ظاهره الشرّ من أقضية الله وأقداره إنّما هو الخيرُ بعينه ... ، فقد
    كان خرقُ سفينةِ المساكينِ لإلحاقِ العيبِ بها والحفاظِ عليها من ملكٍ
    غاصبٍ يقهرُ الضعفاءَ المساكين ويستوليَ على ممتلكاتِهم ، فكانَ خرقُها
    خلاصُها من يدِه ...


    *** كذلك كان قتلُ الغلام بما يعني إزهاقَ نفسٍ زكيّةٍ بغير نفسٍ ... كان إنجاءً لوالديه المؤمنين ممّا سيصدر من هذا الغلامِ في غده من إرهاقٍ لوالديه بالكفر والطّغيان ... فكانَ موتُه إحياءً لإيمانهما ونجاةً له من فتنة هذا الولد ...

    *** أمَّا الجدارُ فكانَ بناؤه حفاظاً على كنزِ غلامين يتيمين ضعيفينِ إلى أنْ يبلغَا الرشدَ ويهديهما ربُّهما إلى كنزهِما ... إذن لم يكن بناؤُه إكراما لأشحَّاء القرية، بل رعاية وحدبَا إلهيَّا على حقِّ المستضعَفين ...

    ### صوّر اللهُ سبحانه نفاذَ الصَّبر الإنساني وتناقصَه في مواجهة الحكمة
    الخافية من خلال تناقصِ حروف الفعل " تستطيع " المنسوبِ إلى "موسى "- عليه السلام "- فقد ورد على النحو التّالي في خطابِ العبد الصالح لموسى :

    1 - "قالَ ألمْ أقلْ إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صبرا" الآية 72 )
    2 - " "قالَ ألمْ أقلْ لكَ إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صبرا" 75 )
    3 -" قالَ هذا فراقٌ بيني وبينَكَ سأُنبّئكَ بتأويلِ ما لمْ تستطِعْ عليه صبراَ "
    78)

    4 -" ... ذلكَ تأويلُ مَا لمْ تسطِعْ عليه صبرَا 82 )

    *** لقد تناقصت حروف الفعلِ " تستطيع " فتحول إلى " تستطع " ثم إلى " تسطع " فكان في هذا التناقص معبّرا عن تناقص الصبر الإنسانيّ في
    مواجهة الحكمة الإلهية الخافية في مجاليّ الخير والشرّ ... ومن هنا يوصينا اللهُ - سبحانه -بضرورة ترويض نفوسنا ورياضتها على قبولِ
    جميع أقضيته وأقداره ... سواءً ما يبدو في ظاهره الخير وما يبدو في
    ظاهره الشر ... لأنّنا على يقين من أن الله هو الخيرُ فيصبح الصبرُ على
    معطياتِه لنا من لوازم إيماننا به ... ومن موجبات بلوغِ قممِ اليقين ...


    ### حين نُطَالعُ حالَ الرسولِ - صلى اللهُ عليه وسلم - في الآياتِ الأولى من سورة الكهف ندرك أن الصبرُ رسالةٌ إلهية أساسُ في هذه السورة
    الكريمةِ فقد وصفه تعالى بأنه في حالٍ شديدة من الهمّ والحزن لما يلاقي
    من جفاء وإعراض وغلظةٍ ممّن يدعوهم إلى الإيمانِ إلى حدٍّ أوشك فيه
    على إهلاكِ ذاته ...

    يقولُ تعالى :
    " فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نفسَكَ على آَثَارِهِم إنْ لم يُؤمِنوا بهذا الحديثِ أَسَفَاً " الآية
    6 ) ...


    ## لقد أهدى اللهُ إلى رسوِله رسائلَ من الصّبر ورسائلَ مفعَمة بالصَّبر يتأسّى بها في هذا الحالِ ويستعيدُ قواهُ وأمَله وعزيمتَه ... أهدى إليه قصصَ الذين كابدوا قبله في سبيل نشر كلمة الله العُليا : فتية الكهف ، ذو القرنين ، العبدُ الصَّالحُ ... وغيرهم ... وطمْأَنَ قلبه بوصف المآلِ المخيف للذين جحدوا الدين وأعرضوا عن الحق وصدّوا عن السبيل ... ودعاهُ - ودعانا - إلى الصبرِ ... الصبرِ على مواجهةِ ما يعترضُه ويوجِعهُ في سبيلِ الله ... والصَّبر على ما ليس له حكمة بادية ظاهرة قياسا على ما لهُ حكمة نُعايُنُها ونتلمّسها ... تماماً مثلما نؤمنُ باللهِ ونحنُ لا نراهُ وكأنَّنا نراهُ ...

    نراهُ ...



    ***********************
    بقلمِ : جاميليـــــا حفني
    مدونةُ " أدركتُ جلالَ القرآنِ "
    http://greatestqoran.blogspot.com/20...g-post_14.html

  2. #2
    محب الشيخ العلوان Guest

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    جزاك الله خير ونسأل الله الصبر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    وجزاكَ أخي جزاءَ الصَّالحين من عبادِهِ ، وجعلنا وإيّاكم - وجميع المسلمين - من الصّابرين المُثَابِين على صبرهِم .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    بارك الله فيك ، وسدد خطاك

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    وبَاركَ فيكم أخي الفاضل ووفّقكُم لِما فيهِ الخيرُ لَكُم ورضاهُ عنكُم .

  6. #6

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    بارك الله فيك وفي قلمك يا أختنا الفاضلة، لكن أرجو منك أن تراجعي الآيات ٦٥-٧٠ من سورة الكهف. ففيها عدة أخطاء .. و جزاك الله خيرا.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيراً

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    الأخ الكريم الفاضل ( الترجمان المسدد ) : باركَ اللهُ فيكم وسدَّد خطاكُم أنْ نبهتني لما أخطأتُ فيه سهوا - ونسألُ اللهَ المغفرة - وسأرى كيف أنشر التصويب بطريقة سريعة بإذن الله .


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Lightbulb رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    وبارك فيكم أخي ( دحية الكلبي ) وجزاكم رضاهُ والجنّة .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    الإخوة والأخوات : السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
    لقد أخطأتُ في كتابة بعض الآيات الكريمة - سهوا وغفلة نسألُ الله أن يتجاوز عنها - وذلك في الآيات التي أوردتها في مقالي من سورة الكهف ... وأعيدُ كتابتها للتصويب فيما يلي :
    قال تعالى - في سورة الكهف - :
    " فوجَدَا عبداً منْ عبادِنا آتيناهُ رحمةً منْ عِندنا وَعلَّمناهُ منْ لَدُنَّا عِلما 65) قالَ لهُ موسى هلْ أَتَّبِعُكَ على أنْ تُعلَّمنِ ممَّا عُلِّمتَ رُشدا 66) قالَ إنَّك لن تستطيعَ معي صبراَ 67 ) وكيفَ تصبرُ على ما لمْ تُحِطْ بهِ خُبْرا 68 ) قالَ سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ صابِرا ولا أعصي لكَ أَمرا 69) قالَ فإنْ اتَّبعتني فلا تَسأْلني عن شئٍ حتَّى أُحدثَ لكَ منهُ ذكْرَا 70)

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    فضل الصبر

    للصبر فضائل كثيرة منها: أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ [الزمر:10]. وأن الصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ [البقرة:153]. قال أبو على الدقاق: ( فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معية ).

    وأخبر سبحانه عن محبته لأهله فقال: وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ [آل عمران:146] وفي هذا أعظم ترغيب للراغبين. وأخبر أن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين فقال سبحانه: وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ [النحل:126]. وجمع الله للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم، قال تعالى: وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ [البقرة:155-157].

    وقال بعض السلف وقد عُزِي على مصيبة وقعت به: ( مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها ).

    ومنها أيضاً أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال: يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ [آل عمران:200] فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.

    مراتب الصبر

    وهي ثلاثة كما ذكر ابن القيم رحمه الله:

    الأولى: الصبر بالله، ومعناها الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المُصيّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال تعالى: وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إلا بِاللّهِ [النحل:127] يعني: إن لم يُصبرك الله لم تصبر.

    الثانية: الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة نفسه أو طلب الحمد من الخلق، أو غير ذلك من الأغراض.

    الثالثة: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع أحكامه، صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها، مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها أينما نزلت، جعل نفسه وقفاً على أوامر الله ومحابه، وهذا أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين.

    قال الجنيد: ( المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله شديد، والمسير من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد ).

    جزاك الله خيرا أختى جاميليا فما أحوجنا جميعا للصبر،وبارك الله لك على توضيح كثير من النقاط الهامة فى سورة الكهف وتقريب الترابط بين الآيات لتوضيح فضل الصبر فى المواقف المتعددة..

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أختي الفاضلة هويدا : نبّهتِ إلى لطائف جديدة فيما يخص الطرح القرآني لموضوع الصبر ... وأتممتِ جهدا في هذا التناول ... أحتسب أجري وأجرك عند الله ... لقد أفدتُ منك على صعيد التناول الفكري وعلى صعيد التزود بطاقة للصبر ...
    أسأل اللهَ لي ولكِ - ولجميع المسلمين - الصبر على الابتلاء والصبر على النعمة والصبر على شرف الدعوة إلى كتابه الكريم وإبراز ما فيه من دلائل وجوده العظيم ... نلتقي بإذن الله في مضمار شريف جديد

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2013
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: الصَّبرُ على حكمة اللهِ الخافية قياساً على حكمته البادِية ...

    أحسن الله إليك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •