تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 36 من 36

الموضوع: مقالات وتقارير عن التنصير

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    أبواب المنطقة العربية مفتوحة لهم
    المنصّرون ومخططاتُ اختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط
    أحمد محمود أبو زيد
    • اجتماعٌ سري.. استضافةُ السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير العاملين في الشرق الأوسط مع سفراء الدول العربية.
    • المطالبة بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية لتقديم المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية.
    • افتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي في الدول العربية.

    • استطاع المنصِّرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.
    • قادة التنصير يعترفون: لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الإسلام الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين.
    • خططُهم تقومُ على إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم، ونشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين.
    • تنصير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.

    • • • • •

    ما زلنا نتواصل مع القارئ في سلسلة المقالات والدراسات حول المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام، ونقف هنا مع الجهود التنصيرية التي تبذل منذ سنوات طويلة لاختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط، فقد أفردنا مقالة مستقلة عن "التنصير في مصر بلد الأزهر"، ونواصل هنا الحديث عن التنصير في سائر دول الشرق الأوسط.


    فالخبر الذي نشرته أخيرًا بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي، يدل على أن المخطط التنصيري العالمي بدأ يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.


    والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو هذا العام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.


    وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر -عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية- كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-. كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.


    ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية، لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية). وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.


    وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.


    وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.


    • اختراق الشرق الأوسط:

    وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.

    ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.


    ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء:"يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي.


    وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط. وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية.


    • التركيز على الشباب:

    وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.

    وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.


    ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.


    • العالم الإسلامي اليوم:

    ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.

    وقد وضع جامعو هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".


    ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.


    على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.


    وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:

    1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
    2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
    3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
    4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز، وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.

    وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    افتراضي رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    • التنصير في السودان:
    ففي دولة مثل السودان نجد المنصرين يسيطرون على الجنوب، وتاريخهم في هذه الدولة يعود لسنوات طويلة، فقد دخل المنصرون السودان منذ عهد الاحتلال الإنجليزي الذي دعمهم وهيأ لهم الطريق وقدم لهم كل التسهيلات، وركزوا نشاطهم في الجنوب حيث توجد بعض المناطق الوثنية، واستهدفوا من وراء ذلك قفل الطريق أمام المسلمين ومنعهم من الوصول إلى هذه المناطق ونشر الدعوة الإسلامية فيها.

    وعندما جاءت الكوارث إلى السودان، شعر المنصرون أن هذه فرصة ذهبية يستطيعون النفاذ من خلالها إلى المجتمع المسلم لتنصير السودان، كبداية لتنصير إفريقيا كلها. وعندما أدركوا أن السودان هي البوابة الجنوبية والتي ينطلق منها الإسلام إلى دول القارة فكروا في رسم خطة جديدة لتنصير السودان كله وليس الجنوب فقط، وقد دعموا حركة المتمردين في الجنوب، وهي حركة صليبية تدعمها الصهيونية والشيوعية بالمال والعتاد.


    ولقد حذرت وثيقة صليبية وجهها اثنان من رؤساء الأساقفة إلى حاكم الإقليم الاستوائي في السودان وقت الاحتلال، من خطر الدعوة الإسلامية وجاء فيها: "لقد وضع العرب المسلمون خطة واضحة المعالم وبرنامجا للتنفيذ، بهدف تعريب وأسلمة العالم كله وإفريقيا هي أول الأهداف، إن هذه الخطة تطوق إفريقيا من الساحل حتى قلب القارة، وبما أن السودان جزء من وسط إفريقيا، وبما أن شمال السودان قد تم تعريبه وأسلمته، فإن الجنوب قد أصبح الهدف الأول للتعريب والأسلمة حتى تتسارع الخطى لتعريب إفريقيا كلها. إن العرب يعملون بجد لنشر لغتهم وثقافتهم بين الجنوبيين في الوقت الذي يرفضون فيه تعلم لغاتنا أو التخاطب بها، لاعتقادهم أن لغتهم وثقافتهم هي أرقى من لغتنا وثقافتنا، وتقضي خطتهم إلى التزويج بأكبر عدد من بناتنا المسيحيات لإنجاب أطفال يدينون بدين آبائهم وبذلك تضيع هويتنا الإفريقية المسيحية".


    • 30 منظمة تنصيرية في دارفور:

    وفي إقليم دارفور بالسودان، تسللت منظماتُ التنصير إلى الإقليم في السنوات الأخيرة، تحت غطاء طلقات الرصاص وأعمال العنف المتبادل بين متمردي الإقليم والقوات الحكومية السودانية، وبدأت تركيز جهودها خاصة في مخيمات اللاجئين الذين شردتهم الحرب حتى إن عدد منظمات التنصير في الإقليم وصلت إلى نحو 30 منظمة تعمل تحت ستار المنظمات الإنسانية.

    وقد أعلنت منظمة "كاريتاس" العالمية الكاثوليكية صراحة أنها تستهدف 125 ألف مسلم في دارفور، وهو الإقليم الذي لا توجد به كنيسة واحدة، ونسبة المسلمين فيه 100%. وزعم "دونكان ماكلارين" -أمين عام المنظمة- أن هناك مليون شخص في دارفور، معرضون للموت وفي حاجة إلى الحماية، وهذا العدد الضخم يعد صيدًا سهلا لمنظمات التنصير.


    واعترفت هيئةُ المعونة النرويجية الكنسية بأنها ترعى أكثر من 45 ألف لاجئ من دارفور في ثلاثة معسكرات في تشاد، وبالطبع يخضعون لسيل من الأفكار التنصيرية.


    وما يحدث في السودان يحدث في دول عربية كثيرة، ففي الصومال وموريتانيا تنشط حملاتُ التنصير مستغلة ما يعيشه السكانُ من فقر ومجاعة وجهل ومرض، وتساعدهم هذه الظروف على اختراق هذه البلدان، إذ يدخلون بإمكانياتهم الضخمة، ويبنون المدارس والمستشفيات، ويقدمون الغذاء والكساء والدواء، حتى أصبح التنصير ثمنًا لهذه الخدمات والإعانات.


    فالحربُ الأهلية الطاحنة التي أنهكت الشعب الصومالي وشردت مئات الآلاف من المواطنين داخل وخارج الحدود الصومالية، دفعت جماعاتِ التنصير إلى الذهاب هناك خاصة داخل مخيمات الإيواء لنشر أفكارهم التنصيرية، ومنظماتُ التنصير لديها القدرة على تلوين جلدها من أجل التعامل مع كل شعب حسَب طبيعته، وهدفُها النهائي هو التسلل إلى أبناء هذا الشعب من أجل إقناعه بالأفكار التنصيرية، حتى وإن كان ذلك من خلال استغلال حاجة وعوز ومعاناة هذه الشعوب.


    ونجد دولةً مثل لبنان -وهي دولة عربية خالصة- قد أصبحت تحت سيطرة المسيحيين من الموارنة، ولم يكتفوا بالحكم فقط، بل يريدون أن يحولوها إلى وطن قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، كما تحولت فلسطين إلى وطن قومي لليهود.


    • الجيش المريمي في الأردن:

    وفي الأردن تألف في الستينيات من القرن الماضي مجلسٌ أعلى برئاسة المطران "عساف" ومساعديه المسيو سمعان والراهبة سوستيلا، وبإشراف ورعاية المطران الماروني في بيروت، وقد اتخذ هذا المجلس قرارات كثيرة من أهمها:
    1- شراء الأراضي، وأن تكون هذه الأراضي من أهم المواقع، ويشترط على المشتري بعد ذلك أن يوقف هذه الأرض لبناء الكنائس.
    2- يراعى في تصميم الكنائس أن تكون على هيئة قلاع حربية ومستودعات للأسلحة.
    3- إقامة قرى محصنة على الطرق الرئيسة التي تربط الأردن ببقية العالم العربي، وكان يشرف على هذا المشروع عجوز إنجليزية اسمها "مس كوت"، كانت تسكن في مدينة الزرقا متخذة من مزرعة صغيرة لتربية الدواجن ستارًا يُخفي مهمتَها الحقيقية، وقد حولت هذه المنطقة إلى مستعمرات محصنة.
    4- التسلل إلى الوظائف الحكومية والمراكز المدنية والعسكرية، ولقد كونت هذه العناصر بعد أن أتمت خططها المنظمة قوات ميلشيا عسكرية باسم "منظمة الجيش المريمي"، ولهذه المنظمة قيادات في الضفة الشرقية ومركزها "عمان"، وفي الضفة الغربية ومركزها القدس، ولكل قيادة مركز حربي أعلى، وكان يشرف على هذه المراكز المطران عساف، أما التدريبُ فكان يتولى الإشرافَ عليه اللواءُ "كريم أوهان" مدير الأمن العام سابقًا ويساعده في التدريب "إسكندر نجار" قائد سلاح الإشارة سابقا. وقد بلغ تعداد الجيش المريمي عشرين ألفا، ولهذا الجيش دستور طبع في لبنان ومجلة شهرية تحمل اسم "الجيش المريمي"، وقد ضبطت أسلحة كثيرة لدى هذا الجيش، وقام أفراده بأعمال استفزازية كثيرة في الاحتفال بعيد الميلاد الذي سبق هزيمة يونيو 1967م.

    وحمل أفراده صلبانًا يبلغ ارتفاعُها أمتارًا، وأخذوا يهتفون بهتافات مثيرة منها: "دين المسيح هو الصحيح" و"لا عروبة ولا إسلام".


    • التنصير في الخليج:

    وأما منطقةُ الخليج العربي فلم تنجُ أيضًا من مخططات التنصير وغزو المنصرين، ففي بداية 1985م نشرت وكالة "فيدس" التابعة للفاتيكان تقريرًا عن الحركة التنصيرية في الخليج، أشار إلى أنه لا يصرَّح لرجال الدين المسيحي بالدخول إلى تلك المنطقة بصفتهم رجال دين، بل عليهم أن يسوغوا وجودهم بوصفهم فنِّيين لديهم عقود مع الشركات النفطية التي تعمل بوجه تنصيري.

    وأضاف التقريرُ أنَّ هناك مؤسساتٍ مسيحيةً في منطقة الخليج تمارس أعمال التنصير من خلال عمالها الآسيويين المسيحيين، الذين يصلُ عددهم في البحرين وقطر وأبي ظبي إلى ألف عامل منصر، والشيء الغريب –كما يقول التقرير- أن أبواب المنطقة العربية أصبحت مفتوحة على مصراعيها للمنصرين – على حد قول "واين شاهباز" في المؤتمر السنوي السادس للجنة اتحاد الكنائس للتبشير، الذي عقد في كاليفورنيا بالولايات المتحدة عام 1980م.


    وذكر الكتاب الخاص بنصارى بريطانيا أن هناك ثلاثَ منظماتٍ تعمل في منطقة الخليج هي: "جمعية مبشري الكنيسة"، "والاتحاد العالمي للكنائس"، "والإنجيل والزمالة الطبية للمبشرين".


    أما عدد بعثات المنظمات التنصيرية البروتستانية الأمريكية التي تعمل في منطقة الخليج، كما ذكرتها مجلةُ العالم التي تصدر باللغة العربية في لندن، فيبلغ 6 جمعيات مسجلة هي: جمعية إم.أيه العالمية، وكنيسة الإصلاح في أمريكيا، وكنيسة مشايخ الإنجيل، وكنيسة المشايخ في أمريكا، وبعثة التحالف الإنجيلي، والحملة الصليبية الإنجيلية عبر العالم.


    وأضافت المجلة أن هناك أيضا منظمات نصرانية تعمل في المنطقة العربية؛ مسجلة منها: منظمة عملية التعبئة وزمالة الإيمان من أجل المسلمين، وإذاعة عبر العالم، واتحاد إذاعات الشرق الأدني، ولجان لوزان للتنصير العالمي، ومركز الشباب اليافعين، كما أن هناك حوالي 1300 منصر متفرغ بالشرق الأوسط، ومعظمهم يديرون مراكز طبية.


    • التنصير في العراق:

    وتعد العراقُ من أكثر الدول المستهدفة بحملات التنصير، وخاصة في السنوات الأخيرة منذ جاء الاحتلالُ الأمريكي، وما ارتبط بالاحتلال والحرب من كوارث إنسانية، فما إن بدأت الحرب حتى حشد المنصرون جيوشهم على بوابة العراق الغربية (الأردن) بانتظار الدخول مع طلائع الجيوش الأمريكية لنشر رسالة الخلاص في مدنه التي أعياها الفقر.

    فقد وجدت جماعات التنصير الأمريكية في العراق المحتل أرضًا خصبة لنشر أفكار التنصير تحت رعاية وحماية ودعم ومساندة قوات الاحتلال الأمريكي، بل وبمشاركة المقاتلات الأمريكية نفسها التي قامت بإلقاء المنشورات والكتب الدينية على الشعب العراقي في مناطق مختلفة.


    وتركز جماعاتُ التنصير جهودها لنشر أفكارها بين أكراد الشمال وتركمان الموصل وكركوك والسنة في تكريت والشيعة في كربلاء والنجف، وتستخدم هذه الجماعاتُ المساعداتِ الإنسانية والمعونات الطبية والخدمية من أجل التسلل إلى العراقيين لإقناعهم بالأفكار التنصيرية، فضلا عن توزيع المواد والقصص التنصيرية وافتتاح محطات الإذاعة والتليفزيون التي تساعدهم في تحقيق هدفهم مثل إذاعة "صوت المحبة".


    وقد أفادت تقاريرُ صحفية أن أكثر من مئة منظمة تنصيرية دخلت العراق، وأكبر هذه المنظمات: هيئة الإرساليات الدولية الذراع التبشيرية للمعمدين الجنوبيين والذين يعدون أكبر طائفة بروتستانتية في أمريكا، ومجلس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومجموعة من المعمدين الجنوبيين من ولاية نورث كارولينا، وهيئة المعونة الأمريكية، ومنظمة كريستيان شاريتي ورلد نيشون إنترناشونال، ومنظمة المجتمع الدولي للإنجيل، ومنظمة تعليم أمة كاملة تعرف اختصاراً (داون)، ومنظمة سامرتيان بيرس، ومنظمة المنصرين البروتستاننت.


    وتدخل هذه المنظماتُ إلى العراق تحت اسم منظمات إغاثة إنسانية، والمسئولون الأمريكان يعترفون بوجود المنصرين، ويؤكدون أنهم يقدمون العون للناس لا لينصروهم، والعراقيون يفرحون بتلك المعونات.


    وقد استطاع المنصرون خلال عام واحد أن يوزعوا مليون نسخة من الإنجيل باللغة العربية، وشرائط فيديو تجسد ميلاد المسيح وحياته، وتعليقات تدعو المسلمين للدخول في النصرانية، ومليون كراسة دعائية إنجيلية، وقالت نشرة لهيئة الإرساليات الدولية/ إن العراقيين فهموا أن الذي يمنحهم المواد الغذائية مسيحيون أمريكيون وإن عمال الإغاثة يوزعون نسخاً من إنجيل العهد الجديد إلى جانب المواد الغذائية.


    ونواصل الحديث عن جوانب أخرى من المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام في مقالات قادمة إن شاء الله.


    • المراجـع:

    1- سفارة مصر بواشنطن تستضيف لقادة التنصير بالدول العربية - أحمد حسن بكر – جريدة المصريون الإلكترونية - 28 - 7 – 2007م.
    2- مجلة الرابطة – العدد 290 – رمضان 1409هـ.
    3- الغارة على العالم الإسلامي – آل. شاتيليه.
    4- الزحف إلى مكة – الدكتور عبد الودود شلبي – دار الزهراء للإعلام العربي – الطبعة الأولى – القاهرة 1989م.
    5- المبشرون! الجوع والمرض والتشرد.. سلاحهم لغزو مناطق الحروب والكوارث والأزمات الإنسانية - الوفد - الأربعاء 16 فبراير 2005م.


    رابط الموضوع
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    الموقف الإسلامي المطلوب تِجاه ظاهرة التَّنصير

    محمد السروتي
    لا شكَّ أنَّ الحديث عنِ الموقف من ظاهرة التَّنصير لا يُمكِنُ تناوله إلاَّ من خلال إطاره العام، المُتَجَسِّد أساسًا في نظرة الدين الإسلامي للآخر المسيحي خاصَّة، بدءًا منَ القرآن الكريم والسنَّة النَّبويَّة ووصولاً لنماذج من نوازل فقهيَّة عالجتْ قضايا العَلاقات بين الطَّرفين في جوانب مختلفة جسّدت فيها المعالم السَّامية للتَّعامُل الإسلامي مع هذا الآخر في إطار المنظومة الإسلاميَّة، ويمكن التَّمثيل في هذا الصَّدد ببعض النَّوازل الفقهيَّة التي نافَحَتْ في الحِفاظ على المَوْرُوث المسيحي الذي يجده المسلمون في بلدٍ ما، ومنه رأيٌ أورده الونشريسي في "المعيار المعرب" نسبه إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن زكريا يقول فيه: "هدم الكنائس لا يَجوز بِمُقْتَضَى الشَّريعة المحمديَّة على رأي المُحقِّقين في الفقه المالكي... ولهذا يقول أبو الحسن اللخمي وابن القاسم: إنَّ القديم من الكنائس يُتْرَك ولا يُهْدَم"، وتعدَّدت هذه النَّماذج في كثيرٍ منَ المصادر النَّوازلية كـ "المعيار" للونشريسي، و"أحكام قضايا أهل الذمَّة" لأبي الأصبغ بن سهيل.

    الغاية من هذه الإشارة التَّنبيه إلى أمر أساسٍ هو: أنَّ علاقة الإسلام بالنَّصرانيَّة علاقة مركَّبة، لا تنكر وجود عيسى - عليه السَّلام - ولا عُذْرِيَّة والدته ولا معجزاته، أو تلك التي أجراها الله له، ولا تعاليمه ولا قيمه؛ ولكنَّها في الوقت ذاته تنكر تأليهه والغُلُوَّ في تقديسه، وتنكر ما تسرَّب إلى ذلك الدين من عقائد وثنيَّة مُشْرِكة واضحة، ومعها مذاهب فلسفيَّة غامِضة، أصحبت تُهَدّد كيان الأمَّة، وتَعْصِف بها من خلال المَوْجَات التَّنصيريَّة التي أصبحت تشهدها مختلف الأقطار الإسلاميَّة... وباستحضار هذه العَلاقة يمكننا رَصْد المَوَاقف المُتَّخذة مِنْ ظاهرة التَّنصير؛ وذلك باعتبارها أساسًا جهدًا كنسيًّا يقوم به الدُّعاة النَّصارى لإدْخال الشُّعوب في الديانة النَّصرانيَّة. وعليه؛ يمكن تصنيف المواقف من ظاهرة التَّنصير إلى ثلاثة مواقف أساسيَّة هي:


    - موقف تهويني:
    من هذه الظَّاهرة اعتمادًا على مبشّرات قرآنيَّة، وسُنَن تاريخيَّة وواقعيَّة، فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ومن التَّاريخ يقول أنور الجندي في كتابه "الإسلام وحركة التاريخ": "من أبرز سنن التاريخ الإسلامي القدرة على الخروج من دائرة الضَّعف والتَّخلف، بالتِماس جوهر القيم الأساسيَّة". ومنَ الواقع "منَ الصُّعوبة بمكانٍ أن يرتدَّ مسلم عنِ الإسلام إلى النَّصرانيَّة كما أنَّه منَ الصُّعوبة بمكان أن يرتدَّ طالب جامعي إلى التَّعليم الابتدائي، أو يتحوَّل عالم ذرَّة إلى العمل بمعبد هندوكي… إنَّ المُستوى الذي يبلغه المسلم في مجال العقيدة ومعرفة الله، يتجاوز بمراحل شاسِعة المستوى الديني الذي يقف عنده اليهود، والنَّصارى… ومِن ثمَّ فلست أخاف على الإسلام من جهود المُنَصِّرِينَ مهْمَا اشتدَّت، فهي إلى بوار"، و"زويمر" أحد أقطاب المُنَصِّرِينَ نفسه يُعْلِنُ بِصراحة صعوبةَ تنصير المسلمين، وذلك حين يقول: "الذي نُحاوله من نقل المسلمين إلى النَّصرانيَّة هو أشْبَه باللَّعب منه بالجد، فلتكُنْ عندنا الشَّجاعة الكافية لإعلان أنَّ هذه المحاولة قد فشلت وأفلست".


    لكنْ هل هذه المبشرات كافية للتَّهوين منَ الظَّاهرة وصَرْف النَّظر عن دارسة أبعادِها والوقوف على تَجليَّاتها؟ إنَّ ما يتناساه أصحاب هذا الموقف في نظري هو الفرق بين "حفظ الله لدينه" وهو ما تعهَّد به الله سبحانه، وبين إقامة هذا الدين، ليتحوَّل من "وحي محفوظ" إلى واقع مُتَجَسِّد في الحياة، له السيادة والظُّهور على شَرائع الضَّلال والانحراف... وهذه مسؤولية المسلمينَ الذين يُقِيمون الدِّين على أرضِ الواقِع.


    - وفي المقابل هناك موقف تَهويلي
    مِن خَطَر هذا المُخَطَّط إلى الحدّ المزعج المانع من التَّفكير السَّليم والتَّدبير الإيجابي، ويُسْلِمُ إلى اليأس والقنوط، وذلك بالانطلاق من الواقِع المُعاش، فالحالة حالة ضَعْف وانكِسار وتبعيَّة، وإضافة إمكانيَّات ووسائل الحركة التَّنصيريَّة على هذا الواقع تَجعَلُ الأَمْر مرضًا مزمنًا لا فِكاك منه، ولا تُجْدِي مَعَهُ أيَّة آليَّات أو وسائل لمقاومة هذه الحركة التَّنصيريَّة.


    ويتناسَى أصحاب هذا الموقف بدورهم أمرين أساسيَّين هما:

    أوَّلاً: أنَّ المُخطَّط التَّنصيري "حلم مجنون" تصاعد ضد الصَّحوة الإسلاميَّة؛ خوفًا من انتقالها إلى الغرب، وثانيًا: أنَّ سمة المخطَّط التَّنصيري تنطلق منَ الهُرُوب من حقيقة الإسلام ورسْم الطرق للالتفاف حوله لاختراقه باسمه وتحت مظلَّته.

    - أمَّا الموقف الوسطي:
    فهو الذي لا يستهين بمخاطر المُنَصِّرين؛ ولكن دونما تهوين يوقع في الغَفْلة عنِ الخَطَر وهو حقيقي، ودونما تهويل يوقع في اليأس والقنوط.


    وفي إطار الموقف الوَسَطي يُمْكِننا الحديث عنِ الآليَّات والوسائل لمُوَاجَهة الحركة التَّنصيريَّة، بَيْدَ أنَّ اللَّوم أساسًا لا يقع إلاَّ على المسلمين أنفسهم؛ لتَقْصيرهم في خِدْمة الإسلام على كافَّة المستويات، قبل أن يقع على الآخرين.


    غير أني أرى أنَّ الرهان الأكبر والأكثر جديَّة في سِياق تمتين مناعة الذَّات المغربيَّة إزاء مثل هذه الظَّواهر ينطلق أساسًا من تحصين الفرد ضد كل أنواع التَّجْييش التي تحوله إلى جزء من "قطيع" ينساق وينقاد من بعيد، وضرورة حمايته من كل الأنماط التي تعمل على تهييئه ليصبح موضوعًا مطيعًا للتَّحكم الذهني والنَّفسي، وهنا تأتي دور كل الفعاليات المُسْهمة في إعداد ثقافة الإنسان، بدءًا منَ الأسرة ومرورًا بمنظومة التَّربية، ووصولاً للمراكز العلميَّة المتخصصة.


    ولكن نُسجّل بأسف تقاعُس جلّ المَعْنِيِّين بالأمر (علماء، وسلطة) للحَدِّ مِن فاعلية الظَّاهرة؛ بل والعجيب أنَّ السلطات الرَّسميَّة التي اعتادتْ إحصاء أنفاس مواطنين بعينهم، إمَّا لمواقفهم السياسيَّة أو الجمعوية... تظهر كما لو أنَّها تغض الطَّرف عن واقع غير طبيعي... لغايات غير معروفة.


    وفي الوقت ذاته لا نبخس في هذا الصَّدد مجهودات بعض المؤسَّسات التي أخذت على عاتقها توعية الأفراد بخطورة الظَّاهرة وتجليَّاتِها التي تنعكس سلبًا على مختلف أفراد المجتمع، وكذا مختلف المنابر الإعلاميَّة التي خصَّصت ملفَّات لرَصْد الظَّاهرة؛ لكن تبقى السِّمة المُشتَركة بين جُلّ المَجهودات رسميَّةً كانت أو غير رسميَّةً، تشترك في كونها لا تتجاوَز الطَّابع "المَوْسِمي" في أغلَبِ الحالات، وبالتَّالي لا تعدو أن تكونَ سِوى ردَّة فعل.


    وللإشارة فإنَّ العُلماءَ ليسوا وحْدَهُم مَن يَجِبُ أن يُسْأَل؛ بل إنَّ المسؤوليَّة تَقَعُ على الجميع؛ أفرادٍ وجَماعات، فأهميَّة وخطورة الموضوع تكْمُن في كونه يمس جانبًا حسَّاسًا يتحدَّد انطلاقًا منه جزء مهم منَ النَّسيج الذي يعتقد المسلمون أنَّه يكوِّن هويتهم الاجتماعيَّة.


    وفي الختام، نرى أنَّ مُتابعة ورَصْد الظَّاهرة، أمرٌ بالِغ الأهميَّة في الوُقُوف على طبيعتها وتجليَّاتها في مُختلف المَنَاطِق، فما المانع مثلاً مِن تشكيل خلايا لِرَصد وتتبُّع تجليات الظَّاهرة تابعة لوزارة الأوقاف الإسلاميَّة؟! خصوصًا وأنَّها تتغلغل بشكل منظَّم، وليست مجرَّد جهود فرديَّة.


    إذًا، كيف يُمكِنُنا أن نتحدَّث عن علاج للمرض في غياب شِبْه تامٍّ للتَّشخيص؟! تشخيص منَ المفروض أنْ يقوم به باحِثون مُختصُّون؛ بَيْد أنَّ واقِع الحال لا يسر، فجُلّ المُشتغلين في تتبُّع ورَصْد الظَّاهرة يعتمدون على إمكانيَّات ذاتيَّة تصطدم بعبقات وعراقيل لا حدَّ ولا حصر لها، تَجعلهم أحيانًا بين مطرقة السلطة (بِصَمْتِها المُريب)، وسندان الظَّاهرة (بسريتها التَّامَّة)!!


    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    منظمات تنصيرية.. تعمل في كل مكان لمناهضة الإسلام

    أحمد محمود أبو زيد

    • بلغ عددُ المدارس اللاهوتية التي أنشئت لتخريج المنصرين والقسيسين في أفريقيا وحدها خمسمائة مدرسة، بالإضافة إلى عشرين ألف معهد كنسي.
    • معهد زويمر للدراسات الإسلامية يعمل على تزويد الكنائس بالدراسات والبحوث والمعلومات الخاصة بالمسلمين في المناطق التي تحتاج إلى نشاط تنصيري.
    • يحرص المنصّرون على تكوين عدد من المنظمات التنصيرية في كل دولة يعملون فيها للتخطيط لنشاطهم، ومتابعة مشاريعه وخططه وأهدافه وإنجازاته.
    • منظمة "دائرة تنصير الشعوب" تشرف على 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة.
    • في أفغانستان تعمل أكثر من 103 منظمة إغاثة صليبية في أوساط اللاجئين في مقابل 12 منظمة إسلامية.

    • • • • •


    قلنا في مقال سابق ضمن السلسلة التي بدأناها منذ مدة عن المخطط التنصيري وخططه وأساليبه ووسائله في العالم الإسلامي: إن هذا المخطط لا يعمل عملاً ارتجاليًّا دون تنظيم أو تخطيط، ولكنه يحرص على التخطيط لنشاطاته وممارساته على المستوى المحلي والعالمي، والتنسيق بين منظماته وإرسالياته وجماعاته، وتحدثنا عن الوسيلة الأولى لهذا التخطيط والتنظيم والتعاون، وهي المؤتمرات التي يعقدها زعماءُ التنصير في مناطق متفرقة من العالم، ويحضرها عدد كبير من المنصرين وخاصة رؤساء المؤسسات والهيئات التنصيرية وقادة الإرساليات، للتباحث حول ما حققه التنصير من إنجازات، وما يجب أن يحققه، والوسائل التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه، وما جد واستحدث من هذه الوسائل، وكيفية استخدامها، وطرق التمويل المختلفة لهذا النشاط.


    وقلنا أيضا إن إرساليات التنصير تنبهت لضرورة توحيد جهودها من أجل تحقيق هدفها النهائي، وهو جعل العالم كله مسيحيًّا، وإن عمليات تحقيق وحدة العمل التنصيري مرت بثلاث مراحل هي: عقد مؤتمرات التنصير، ثم إنشاء مجالس التنصير، ثم دمج اتحاد الكنائس باتحاد مجالس التنصير.


    وسوف يكون حديثنا هنا عن معاهد ومنظمات واتحادات التنصير، التي تعمل في كل مكان لمناهضة الإسلام.


    وفكرة هذه المعاهد والمنظمات والاتحادات بدأت باتحاد الكنائس مع مجالس التنصير، إذ شهد عام 1937م عقد مؤتمرين فى كل من أكسفورد وإدنبرج، قدمت فيهما اقتراحات بتكوين مجلس عالمي كنائسي، وقبلت من حيث المبدأ، ثم أرسلت إلى المجلس التنصيري الدولي.


    وشهدت المدة ما بين 1946-1961م تعاونًا بين الهيئتين الكبيرتين: الكنائس والإرساليات، ففي عام 1946م ولدت "لجنة الكنائس للشئون الدولية"، وفي نيودلهي عام 1961م اتحد المجلسان: مجلس الكنائس والمجلس التنصيري في جهاز ضخم هو "مجلس الكنائس العالمي"، ولأول مرة في تاريخ العالم المسيحي تعلن الكنائس الأرثوذكسية والرومانية الكاثوليكية والإنجليكانية والبروتستانتية، أنها كنائس مسئولة عن تبشير العالم بالإنجيل[1].


    • معاهد ومنظمات تنصيرية:

    ولم ينتهِ الأمر بالشكل التنظيمي للتنصير عند حد تكوين مجالس تنصيرية واتحاد هذه المجالس مع مجالس واتحادات الكنائس العالمية، وتكوين مجلس الكنائس العالمي، ولكن شمل هذا الشكل التنظيمي والتخطيطي أمرين آخرين:
    الأول: إنشاء معاهد علمية متخصصة لتدريب المنصرين وإعدادهم، وإجراء البحوث والدراسات الخاصة بالإسلام والمسلمين.
    والثاني: تكوين عدد من المنظمات التنصيرية المنتشرة فى أنحاء العالم.

    فأما المعاهد التنصيرية، فإن المخطط التنصيري يحرص كل الحرص على إعداد المنصرين إعدادًا علميًّا سليمًا، وتجهيزهم للقيام بعملهم على أكمل وجه، وتزويدهم بالمهارات المختلفة التي تساعدهم على الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم، هذا إلى جانب إجراء البحوث والدراسات الخاصة بالمسلمين وأحوالهم وعقيدتهم، وكل ما يتعلق بالعلوم والثقافة الإسلامية، وذلك لكي يعرف المنصّرون كيف يخاطبون المسلم، وكيف يؤثرون فيه.


    وتحقيقًا لهذا الغرض قام المخطط التنصيري بإنشاء المعاهد العالمية المتخصصة في أنحاء العالم، التي تتولى تدريب المنصرين وإعدادهم، وإجراء البحوث والدراسات الخاصة بالإسلام والمسلمين.


    فقد بلغ عدد المدارس اللاهوتية التي أنشئت لتخريج المنصرين والقسيسين في أفريقيا وحدها خمسمائة مدرسة، بالإضافة إلى عشرين ألف معهد كنسي في أنحاء القارة.


    وفى مجال إجراء البحوث والدراسات يكشف "رولان أي ميلر" -أحد أهم الباحثين في مجال التنصير، ورئيس إحدى المنظمات الدولية للتنصير- عن مدى اهتمام المنظمات التنصيرية الدولية بجوانب البحث في أحوال المسلمين ومدى أهمية ذلك أيضًا، فيقول: "إن بعض الشعوب الإسلامية قد أضحى الآن ضمن مجموعة القوة والنفوذ، ومن ثم أصبحت هذه الشعوبُ موضعَ اهتمام شديد، إذ كيف سيوجه الإسلام هذه الشعوب ونشاطاتها مستقبلا؟ وما مدى تأثير ذلك في مصير الجنس البشري كله؟ إن حقائق الحياة والاقتصاد الدولية تعد اليوم من أهم العوامل التي تهتم بضرورة البحث النشط في الإسلام".


    هذا عن الجانب السياسي أو العام.. أما الجانب الديني فيشير الباحث إليه قائلا: "إن المنصرين العاملين بين المسلمين الذين يهتمون بإيصال الدعوة النصرانية ونمو الكنيسة يجب أن يكونوا باحثين، فليس ممكنًا من الناحية النظرية تصور شخص يحاول أن يدعو آخر إلى رسالته دون أي معرفه بالشخص الذي يدعوه وبيئته الاجتماعية، ودون رغبة فى الحصول على هذه المعرفة".


    ثم يمضى قائلا: "إن الكتاب المقدس يجب أن ينتقل إلى الشخص بالطريقة المناسبة له، فبالرغم من أن الحقيقة واحدة، إلا أننا لا نقوم بإبلاغها بطريقة واحدة لكل من الهندوس والمسلمين، بل إننا أيضًا لا نتبع مع المسلمين طريقة واحدة، ولذلك قد أصبح من الضروري أن نعرف طبيعة الناس وواقعهم، ولكي يتحقق ذلك ونعرفه معرفة جيدة يجب أن نكون بينهم وأن ندرسهم دراسة دقيقة ومتأنية وعميقة".


    • معاهد للدراسات الإسلامية:

    وقد أشارت هذه الدراسةُ المهمة فى هذا الصدد، إلى أن مختلف مؤسسات التعليم العالي، التي ترتبط بالكنيسة أو تتبعها، تدرس مقررات عن الإسلام، وتجري بحوثًا ودراسات على قدر كبير من الأهمية في هذا المجال، فضلا عن مئات المعاهد ومراكز البحوث والدراسات التي أنشئت خصيصا لهذا الغرض، ويعمل فيها بعضُ المسلمين.. وقد أوردت الدراسةُ وصفًا مختصرًا لبعض النماذج من هذه المعاهد والمراكز وطبيعة النشاط الذى تؤديه، وقد رأينا –لفرط أهميتها- أن نضع المعلومات عنها كاملة أمام القارئ[2].

    1- معهد يونتيفيكو للدراسات العربية، ومقره روما في إيطاليا وهو معهد تشرف عليه الكنيسة الكاثوليكية، وأنشئ ليكون أداة من أدواتها فى سعيها نحو المسلمين، ومن ثم يهتم المعهدُ بتوفير جميع الدراسات التي تتعلق بالإسلام، والتي تصلح كقاعدة للمعلومات اللازمة للحوار النصراني الإسلامي، وإلى جانب ذلك فإن مهمة المعهد تمتد أيضًا إلى إعداد دعاة للكتاب المقدس يعملون بين المسلمين، وليس مجرد خبراء في اللغة العربية والدراسات الإسلامية.


    والدراسة في هذا المعهد تستمرُّ لمدة ثلاث سنوات، وتشمل اللغويات والدراسات الإسلامية وحلقات دراسية خاصة بالمهام التي يتضلع بها راعي الأبرشية، ويصدر المعهد دورتين لخدمة أغراضه، تختص واحدة منهما بالتمهيد والدعوة إلى الحوار الذي ينادون به بين المسيحيين والمسلمين.


    2- معهد الآداب العربية، ومقره تونس، وترعاه جمعية "الآباء البيض الكاثوليك"، ويقوم بإجراء الدراسات والبحوث، وتوفير المواد والمعلومات الخاصة بالمشكلات والموضوعات الثقافية والاجتماعية للعالم الإسلامي، أما هدف المعهد من ذلك فهو إعداد المتخصصين المتمكنين في اللغة العربية والإسلاميات، وتزويدهم بخلفية ثقافية عامة في كل ما يهم العالم العربي.


    ويضم هذا المعهد عددًا من الأساتذة "القساوسة" الذين خدموا فى تونس لسنوات طويلة، ومن ثم يرتبطون بعلاقات وثيقة مع الناس فيها، كما يضم مكتبتين إحداهما على مستوى طلبة الجامعة وتضم حوالي 25000 كتاب، والأخرى على مستوى تلاميذ المدارس، كما يصدر دورية وعددًا من النشرات والكتب التنصيرية.

    3- المركز النصراني لدراسات شمال أفريقيا، وكان مقره الجزائر، وقد أغلقته الحكومة الجزائرية عام 1969م.


    4- مركز دراسات العالم العربي الحديث، وهو مركز يتبع جامعة سان جوزيف "القديس يوسف" فى بيروت، وترعاه الكنيسة الكاثوليكية والجامعة اليسوعية، ويتخصص في إجراء الدراسات والبحوث التي تُعنى بالتغيرات الاجتماعية والثقافية في العالم العربي، مع التركيز على المظاهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتحديث وأثر ذلك في الإسلام، كما يجري المركز إلي جانب ذلك مراجعات منهجيه للصحافة العربية في الشرق الأوسط، ويحلل ويوثق محتوى الدراسات العربية الحديثة.


    5- معهد الشرق الأدنى للاّهوت، ومقره بيروت في لبنان، وترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ هذا المعهد لمساعدة النصارى في الشرق الأوسط، خاصة على فهم الإسلام ومعرفته والقدرة على الاتصال مع المسلمين، ويضم ستة أقسام، من بينها قسم الإسلاميات، أما برنامجه الدراسي فيشتمل على تعليم وتدريس اللغة العربية والإسلاميات، ويصدر المعهد الكثير من المطبوعات والدراسات عن الإسلام، إلى جانب دورية "المجلة اللاهوتية".


    6- مركز دراسات الإسلام في أفريقيا، ومقره نيروبي في كينيا، وترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ خصيصًا لتقديم خدماته إلى الكنائس في أفريقيا، وتوفير المعلومات للمنصرين والعاملين في هذه الكنائس، لتساعدهم على فهم أحوال الإسلام والمسلمين فى هذه المناطق، ولهذا فإنه يضم عددًا من الخبراء الإقليميين الذين يقدمون الاستشارات، ويعقدون المؤتمرات المحلية والإقليمية، فضلا عن إجراء البحوث والدراسات الخاصة بالشئون الإسلامية، وتحديد الأساليب المثلى للوصول إلى المسلمين .


    7- المركز النصراني للدراسات، ومقره روالبندي فى باكستان، وتشرف عليه عدة طوائف مسيحية، وقد أنشئ لمساعدة الكنيسة فى باكستان على ممارسة عملها فى نشر تعاليم الإنجيل، كما يُعنى بإجراء الدراسات والبحوث فى العقيدتين الإسلامية والنصرانية، والدعوة إلى التقارب بين الإسلام والنصرانية، ويضم المركز مكتبة ضخمة تضم عددًا هائلا من المراجع والدراسات، كما يقوم بتنظيم المحاضرات والحلقات الدراسية والبرامج التدريبية، ويصدر الكثير من المطبوعات.


    8- معهد هنري مارتن للدراسات الإسلامية، ومقره حيدر أباد في الهند، وهو معهد ترعاه عدة طوائف نصرانية، وقد أنشئ بعد أن رأى المنصرون أن آسيا تضم أكبر مجموعة إسلامية في العالم، ومع ذلك فإن الكتاب المقدس لا يصل إليهم بقدر كافٍ، ومن ثم فقد فتح هذا المعهد أبوابه لكل من له اهتمام بالعمل التنصيري، وكل من يعمل في وسط المسلمين، وكل علماء النصارى والمسلمين، ولجمهور المسلمين أيضا، انطلاقًا من أن ذلك يعد خيرَ عون للكنيسة فى تحقيق وإنجاز واجبها التنصيري، فضلا عن إمكانية التقريب بين المسلمين والنصارى، وخلق وجهات نظر وفهم مشترك بينهم.


    ولهذا فإن نشاط المعهد يتنوع تنوعًا هائلا، فيشتمل على إقامة برامج تدريبية في الكنائس والمعاهد، وعقد دورات دراسية بالمراسلة للنصارى والمسلمين، وإجراء ندوات وحلقات دراسية مشتركة، فضلا عن دعوة علماء المسلمين لإلقاء المحاضرات، وإجراء حوار ومناقشات واسعة معهم.


    9- مركز أبحاث دانسلان: ومقره مدينة إليجان في الفلبين، وترعاه كلية "دانسلان" التابعة لكنيسة المسيح الموحدة، وقد أنشئ هذا المعهد خصيصًا لدراسة المسلمين الفلبينيين وثقافتهم، وأساليب تقريب وجهات النظر بين المسلمين والنصارى، وهو يُعنى بإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالإسلام والمسلمين في الفلبين، وتعميم هذه المعلومات، وتنظيم المؤتمرات والحلقات الدراسية، وتنظيم دورات صيفية لمدرسي المدارس، واقتراح المشروعات المتعلقة بتقديم الخدمات الاجتماعية، إلى جانب إصدار عدد من المطبوعات الدورية والنشرات.


    10- مركز دنكان ماكدونالد لدراسة الإسلام والعلاقات النصرانية الإسلامية، وترعاه مؤسسة "هارتفورد" النصرانية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان هذا المركز من قبل واحدًا من أقسام مدرسة كنيدي للأعمال التنصيرية.


    وقد أنشئ هذا المركز لتحقيق غرضين: الدراسة الأكاديمية للإسلام، وتنمية العلاقات النصرانية الإسلامية، ويدخل في هذا المجال الاهتمام بالجوانب التاريخية واللاهوتية للعلاقة، وتشمل البعد التنصيري ووجهات النظر المختلفة حول الموضوع، ومن ثم تتعدد نشاطات المركز وتتنوع على النحو التالي:


    - عقد المؤتمرات والحلقات الدراسية والمحاضرات حول الإسلام والعلاقات النصرانية الإسلامية، تلبية لطلب المجموعات والمنظمات النصرانية والإسلامية المختلفة والكنائس والجامعات.


    - إجراء البحوث والدراسات.


    - إصدار مجلة "العالم الإسلامي" التي تعد أهم المطبوعات الدورية في مجال التنصير.


    - التعاون مع مؤسسة هارتفورد النصرانية وجامعة ماكجيل في مونتريال، لتقديم برنامج للحصول على الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية.


    - إعداد دورات توجيهية قصيرة في العلاقات النصرانية الإسلامية للأشخاص الذين يريدون قضاء بعض الوقت في العالم الإسلامي، أو الذين يهتمون بموضوع الحوار (المسيحي الإسلامي).


    - الاتصال بالكنائس والمؤسسات الإسلامية في البلاد الأجنبية.


    - عقد دورات تعليمية بالمراسلة.


    - إصدار المطبوعات، وإنتاج المواد التعليمية والإعلامية المسموعة والمرئية.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    افتراضي رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    • معهد زويـمر:
    وبالإضافة إلى سلسلة المعاهد التي أوردها "رولاند ميلر" في بحثه السالف، يأتي معهد آخر من أهم معاهد التنصير في العالم، وهو معهد زويمر للدراسات الإسلامية، الذي له أثر حيوي وخطير في هذا المجال، فهذا المعهد يحمل اسم القسيس "زويمر"، الذي كان رئيسًا لإرسالية التبشير العربية في البحرين، والذي كان وراء فكرة عقد مؤتمر عام يجمع إرساليات التبشير البروتستانتية للتفكير في مسالة نشر الإنجيل بين المسلمين، ثم أخيرا صار رئيسًا لهذا المؤتمر الذي انعقد في القاهرة، يوم الرابع من إبريل عام 1906م.

    ويقع هذا المعهد فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وينطلق فى أهدافه وخططة من فكرة تحريضية يشير إليها فى كل مطبوعاته قائلا: "واحد من كل خمسة من الناس فى العالم مسلم، ومن المفجع أن يوجد فقط مبشر واحد بين كل مليون من المسلمين.. والمسلمون يعرفون الله ويحبونه، لكنهم لا يعرفون المسيح ولقد خصص معهد "زويمر" لإيقاظ الكنائس إلى هذا المجال التنصيرى الواسع.. إن الوصول إلى المسلمين بالمسيحية ليس مستحيلا؛ إنه يحدث اليوم.. وإن ما بالحقول قد استوى وحان قطافه، والله قد لمس قلوب الكثيرين للاستعداد لهذا القطاف".


    ومن هذا المنطق يقوم برنامج هذا المعهد "ويطلق عليه برنامج المشاركة فى حب الله" على الأسس التالية:

    1- إيقاظ وتنشيط الكنائس.
    2- تنظيم الندوات التي تعرض وتناقش كل ما يتعلق بالمسلمين واهتماماتهم، وقد شهد هذه الندوات، وتدرب بواسطتها، حوالي خمسة آلاف شخص من أمريكا الشمالية واليابان وسنغافوره وأستراليا وكوريا وتايلند وباكستان والدانمارك والهند وبريطانيا.
    3- تزويد الكنائس بالدراسات والبحوث والمعلومات الخاصة بالمسلمين في المناطق التي تحتاج إلى نشاط تنصيري، وفي هذا المجال يتعاون المعهد مع مراكز البحوث التنصيرية الأخرى فى أنحاء كثيرة من العالم.
    4- دعم الإرساليات والجامعات التنصيرية، وتزويدها بالعناصر الخبيرة المدربة من الرجال والنساء الذين أعدوا للعمل بين المسلمين فى جميع أرجاء العالم.
    5- تدريب وإعداد المنصرين والراغبين فى هذا العمل من الرجال والنساء وإعطاء أولويات خاصة للراغبين منهم فى العمل بين المسلمين وفى مناطق العالم الإسلامي.
    6- عقد برامج تدريبية قصيرة متعددة الثقافات، في شكل رحلات إلى مناطق العالم الإسلامي.
    7- إنتاج المواد الإعلامية والتعليمية التنصيرية (كتب- أفلام- أشرطة- نشرات-دوريات) وعرضها للبيع.
    8- إيفاد أعضاء هيئة التدريس العاملين بالمعهد إلى الكنائس للتعليم والوعظ (مقابل أجر).
    9- يخصص المعهد برنامجين للماجستير والدكتوراه فى التنصير للراغبين فى الدراسة على هذا المستوى.
    10- يعقد المعهد دورات قصيرة تدرس خلالها مواد: (مدخل إلى الإسلام - التبشير الإسلامي- الإسلام التقليدي- زرع كنيسة بين المسلمين).
    ويتلقى معهد "زويمر" مبالغ ضخمة فى شكل هبات وتبرعات ومنح واشتراكات، تقدمها الهيئات والمنظمات التنصيرية والكنائس والأفراد، فضلا عن الأوقاف الخيرية التي تخصص له والاستثمارات المالية والعقارية.

    • المنظمات التنصيرية:

    وبعد معاهد ومراكز التنصير تأتي المنظمات التنصيرية، إذ يحرص المنصِّرون كل الحرص على تكوين الكثير من المنظمات التنصيرية في كل دولة يعملون فيها ويوجهون إليها إرسالياتهم حتى يتحقق التنظيم المطلوب لهذا النشاط، وتقوم هذه المنظمات بالتخطيط له ومتابعة مشاريعه وخططه وأهدافه وإنجازاته، والأمثلة على هذه المنظمات كثيرة ومتعددة؛ ففي دول العالم أجمع تعمل منظمة "دائرة تنصير الشعوب"، ومقرها الفاتيكان عاصمة النصرانية، ويبلغ عددُ المدارس والمعاهد التي تشرف عليها هذه الدائرة 58 ألف مدرسة و26 ألف معهد وجامعة، وقد بلغ عدد المدرسين العاملين في المدارس التابعة لهذه المدرسة 417 ألف مدرس ومدرسة، وتدبر الفاتيكان الأموال اللازمة لتشغيل هذه المدارس، وكذلك المستشفيات والمعاهد التابعة لهذه المنظمة.

    وفى ليبيريا الآن حوالي 500 منظمة تنصيرية، وقد بدأت هذه المنظمات تكشف عن أنيابها السامة لافتراس الضحية المسلمة، وفى المنطقة العربية تعمل عدة منظمات تنصيرية مسجلة، منها[3]:

    1- منظمة عملية التعبئة وزمالة الإيمان من أجل المسلمين.
    2- إذاعة عبر العالم.
    3- اتحاد إذاعات الشرق الأدنى.
    4- لجان لوزان للتنصير العالمي.
    5- مركز الشباب اليافعين.

    وفي منظمة الخليج العربي تعمل ثلاث منظمات تنصيرية، هي[4]:

    1- جمعية مبشري الكنيسة.
    2- الاتحاد العالمي للكنائس.
    3- الإنجيل والزمالة الطبية للمبشرين.

    أما جمعيات التنصير البروتستانتية التي تعمل في منطقة الخليج فتبلغ ست جمعيات مسجلة، هي:

    1- A.M العالمية.
    2- كنيسة الإصلاح في أمريكا.
    3- كنيسة مشايخ الإنجيل.
    4- كنيسة المشايخ في أمريكا.
    5- بعثة التحالف الإنجيلي.
    6- الحملة الصليبية الإنجيلية عبر العالم.
    وفي أفغانستان -ونتيجة للصراع الذي دام سنوات طويلة وما ترتب عليه من كوارث وهجرة- تعمل أكثر من 103 منظمة إغاثة صليبية في أوساط اللاجئين الأفغان في باكستان وداخل أفغانستان، في مقابل 12 منظمة إسلامية فقط تعمل في العمل الإغاثي..

    ومن هذه المنظمات التنصيرية[5]:

    1- اللجنة السويدية للإغاثة: وتمثل الكنيسة السويدية، وقد بلغت ميزانيتها 169 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 14 مشروعًا و44 مدرسة في تسع محافظات، ولها نشاط ملحوظ في المجال الطبي والتعليمي، وتفرض نفوذها على أربعة آلاف تلميذ في المرحلة الابتدائية.

    2- منظمة الاعتقاد الأمريكية العالمية: وتبلغ ميزانيتها 145 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 18 مشروعا و13 مدرسة في بشاور وكوهات. ولها نشاط ملحوظ في إعداد برامج التعليم، وأغلب العاملين فيها من الباكستانيين المسيحيين، ويرأس نشاطَها في أفغانستان مسيحي حبشي، وتقدم العون والدعم لعدد كبير من المدارس من خلال شراء الكتب وصرف مرتبات المعلمين.


    3- اللجنة النمساوية للإغاثة (C.R.A): وهي تمثل الكنيسة النمساوية، وتبلغ ميزانيتها 67 مليون روبية، وعدد المشروعات التي تعمل فيها 30 مشروعًا فى أفغانستان وباكستان، ولها نشاط في الرعاية والتعليم والصحة ومركز التأهيل المهني في مخيمات المهاجرين في باكستان، ولها سيارات إسعاف ومراكز للطوارئ الصحية.


    4- مؤسسة العون الكنسي العالمي (A.C.I): وهي تابعة لمجلس الكنائس العالمي، وتبلغ ميزانيتها 25 مليون روبية، وتعمل في 50 مشروعًا ما بين مدارس ومستوصفات.


    5- مؤسسة العون الأفغاني البريطانية (D.A.A): وهي تابعة للكنيسة الإنجليكانية، وتبلغ ميزانيتها 123 مليون روبية، وتعمل في 40 مشروعًا في أفغانستان وباكستان، ونشاطها يتركز على التعليم والصحة وإنشاء المدارس والعمل الاجتماعي والزراعة.


    6- المؤسسة النرويجية للإغاثة: وتعمل في 30 مشروعًا في الخدمات الصحية والإغاثة.


    7- مؤسسة العون الكنسي النرويجية: وتعمل في 20 مشروعًا في الخدمات الصحية والتعليم.


    8- مؤسسة (C.R.N) الأمريكية: وتبلغ ميزانيتها 70 مليون روبية، وتعمل في 30 مشروعًا ما بين الصحة والتعليم.


    9- مؤسسة تيم الأمريكية التابعة للكنيسة الأمريكية ومقرها باكستان: وتبلغ ميزانيتها 125 مليون روبية، وتعمل في 50 مشروعًا، تجمع بين الخدمات الصحية وإنشاء المعاهد والمدارس وطباعة الأناجيل.


    10- منظمة زولاك التابعة للكنيسة الهولندية: وتبلغ ميزانيتها 28 مليون روبية، وتعمل في 18 مشروعًا ما بين الخدمات الصحية ورعاية المعوقين والأطفال وتطوير الزراعة.


    11- مؤسسة الاعتقاد الكندية العالمية التابعة لمجلس الكنائس العالمي: التي تعمل في الصحة والتعليم.


    وهذه المنظمات التنصيرية مجرد نماذج فقط لآلاف المنظمات العاملة في أفغانستان، وفي غيرها من الدول الإسلامية وغير الإسلامية.


    وسوف نواصل حديثنا عن مخطط التنصير وخططه وأساليبه في العالم الإسلامي في مقالات قادمة إن شاء الله.


    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ

    [1] حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر – أحمد عبد الوهاب – مكتبة وهبة – الطبعة الأولى – القاهرة 1981م.
    [2] الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب – د. كرم شلبي – مكتبة التراث الإسلامي – الطبعة الأولى – القاهرة 1991م.
    [3] الزحف إلى مكة- د. عبد الودود شلبي- دار الزهراء للإعلام العربي - الطبعة الأولى - القاهرة 1989م.
    [4] المرجع السابق.
    [5] جريدة العالم الإسلامي – مكة المكرمة – العدد 1149 – 20 جمادى الأولى 1410هـ.
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    الموقف الإسلامي المطلوب تِجاه ظاهرة التَّنصير
    محمد السروتي
    لا شكَّ أنَّ الحديث عنِ الموقف من ظاهرة التَّنصير لا يُمكِنُ تناوله إلاَّ من خلال إطاره العام، المُتَجَسِّد أساسًا في نظرة الدين الإسلامي للآخر المسيحي خاصَّة، بدءًا منَ القرآن الكريم والسنَّة النَّبويَّة ووصولاً لنماذج من نوازل فقهيَّة عالجتْ قضايا العَلاقات بين الطَّرفين في جوانب مختلفة جسّدت فيها المعالم السَّامية للتَّعامُل الإسلامي مع هذا الآخر في إطار المنظومة الإسلاميَّة، ويمكن التَّمثيل في هذا الصَّدد ببعض النَّوازل الفقهيَّة التي نافَحَتْ في الحِفاظ على المَوْرُوث المسيحي الذي يجده المسلمون في بلدٍ ما، ومنه رأيٌ أورده الونشريسي في "المعيار المعرب" نسبه إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن زكريا يقول فيه: "هدم الكنائس لا يَجوز بِمُقْتَضَى الشَّريعة المحمديَّة على رأي المُحقِّقين في الفقه المالكي... ولهذا يقول أبو الحسن اللخمي وابن القاسم: إنَّ القديم من الكنائس يُتْرَك ولا يُهْدَم"، وتعدَّدت هذه النَّماذج في كثيرٍ منَ المصادر النَّوازلية كـ "المعيار" للونشريسي، و"أحكام قضايا أهل الذمَّة" لأبي الأصبغ بن سهيل.

    الغاية من هذه الإشارة التَّنبيه إلى أمر أساسٍ هو: أنَّ علاقة الإسلام بالنَّصرانيَّة علاقة مركَّبة، لا تنكر وجود عيسى - عليه السَّلام - ولا عُذْرِيَّة والدته ولا معجزاته، أو تلك التي أجراها الله له، ولا تعاليمه ولا قيمه؛ ولكنَّها في الوقت ذاته تنكر تأليهه والغُلُوَّ في تقديسه، وتنكر ما تسرَّب إلى ذلك الدين من عقائد وثنيَّة مُشْرِكة واضحة، ومعها مذاهب فلسفيَّة غامِضة، أصحبت تُهَدّد كيان الأمَّة، وتَعْصِف بها من خلال المَوْجَات التَّنصيريَّة التي أصبحت تشهدها مختلف الأقطار الإسلاميَّة... وباستحضار هذه العَلاقة يمكننا رَصْد المَوَاقف المُتَّخذة مِنْ ظاهرة التَّنصير؛ وذلك باعتبارها أساسًا جهدًا كنسيًّا يقوم به الدُّعاة النَّصارى لإدْخال الشُّعوب في الديانة النَّصرانيَّة. وعليه؛ يمكن تصنيف المواقف من ظاهرة التَّنصير إلى ثلاثة مواقف أساسيَّة هي:
    - موقف تهويني: من هذه الظَّاهرة اعتمادًا على مبشّرات قرآنيَّة، وسُنَن تاريخيَّة وواقعيَّة، فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ومن التَّاريخ يقول أنور الجندي في كتابه "الإسلام وحركة التاريخ": "من أبرز سنن التاريخ الإسلامي القدرة على الخروج من دائرة الضَّعف والتَّخلف، بالتِماس جوهر القيم الأساسيَّة". ومنَ الواقع يقول "منَ الصُّعوبة بمكانٍ أن يرتدَّ مسلم عنِ الإسلام إلى النَّصرانيَّة كما أنَّه منَ الصُّعوبة بمكان أن يرتدَّ طالب جامعي إلى التَّعليم الابتدائي، أو يتحوَّل عالم ذرَّة إلى العمل بمعبد هندوكي… إنَّ المُستوى الذي يبلغه المسلم في مجال العقيدة ومعرفة الله، يتجاوز بمراحل شاسِعة المستوى الديني الذي يقف عنده اليهود، والنَّصارى… ومِن ثمَّ فلست أخاف على الإسلام من جهود المُنَصِّرِينَ مهْمَا اشتدَّت، فهي إلى بوار"، و"زويمر" أحد أقطاب المُنَصِّرِينَ نفسه يُعْلِنُ بِصراحة صعوبةَ تنصير المسلمين، وذلك حين يقول: "الذي نُحاوله من نقل المسلمين إلى النَّصرانيَّة هو أشْبَه باللَّعب منه بالجد، فلتكُنْ عندنا الشَّجاعة الكافية لإعلان أنَّ هذه المحاولة قد فشلت وأفلست".

    لكنْ هل هذه المبشرات كافية للتَّهوين منَ الظَّاهرة وصَرْف النَّظر عن دارسة أبعادِها والوقوف على تَجليَّاتها؟ إنَّ ما يتناساه أصحاب هذا الموقف في نظري هو الفرق بين "حفظ الله لدينه" وهو ما تعهَّد به الله سبحانه، وبين إقامة هذا الدين، ليتحوَّل من "وحي محفوظ" إلى واقع مُتَجَسِّد في الحياة، له السيادة والظُّهور على شَرائع الضَّلال والانحراف... وهذه مسؤولية المسلمينَ الذين يُقِيمون الدِّين على أرضِ الواقِع.

    - وفي المقابل هناك موقف تَهويلي مِن خَطَر هذا المُخَطَّط إلى الحدّ المزعج المانع من التَّفكير السَّليم والتَّدبير الإيجابي، ويُسْلِمُ إلى اليأس والقنوط، وذلك بالانطلاق من الواقِع المُعاش، فالحالة حالة ضَعْف وانكِسار وتبعيَّة، وإضافة إمكانيَّات ووسائل الحركة التَّنصيريَّة على هذا الواقع تَجعَلُ الأَمْر مرضًا مزمنًا لا فِكاك منه، ولا تُجْدِي مَعَهُ أيَّة آليَّات أو وسائل لمقاومة هذه الحركة التَّنصيريَّة.

    ويتناسَى أصحاب هذا الموقف بدورهم أمرين أساسيَّين هما:
    أوَّلاً: أنَّ المُخطَّط التَّنصيري "حلم مجنون" تصاعد ضد الصَّحوة الإسلاميَّة؛ خوفًا من انتقالها إلى الغرب، وثانيًا: أنَّ سمة المخطَّط التَّنصيري تنطلق منَ الهُرُوب من حقيقة الإسلام ورسْم الطرق للالتفاف حوله لاختراقه باسمه وتحت مظلَّته.

    - أمَّا الموقف الوسطي: فهو الذي لا يستهين بمخاطر المُنَصِّرين؛ ولكن دونما تهوين يوقع في الغَفْلة عنِ الخَطَر وهو حقيقي، ودونما تهويل يوقع في اليأس والقنوط.

    وفي إطار الموقف الوَسَطي يُمْكِننا الحديث عنِ الآليَّات والوسائل لمُوَاجَهة الحركة التَّنصيريَّة، بَيْدَ أنَّ اللَّوم أساسًا لا يقع إلاَّ على المسلمين أنفسهم؛ لتَقْصيرهم في خِدْمة الإسلام على كافَّة المستويات، قبل أن يقع على الآخرين.

    غير أني أرى أنَّ الرهان الأكبر والأكثر جديَّة في سِياق تمتين مناعة الذَّات المغربيَّة إزاء مثل هذه الظَّواهر ينطلق أساسًا من تحصين الفرد ضد كل أنواع التَّجْييش التي تحوله إلى جزء من "قطيع" ينساق وينقاد من بعيد، وضرورة حمايته من كل الأنماط التي تعمل على تهييئه ليصبح موضوعًا مطيعًا للتَّحكم الذهني والنَّفسي، وهنا تأتي دور كل الفعاليات المُسْهمة في إعداد ثقافة الإنسان، بدءًا منَ الأسرة ومرورًا بمنظومة التَّربية، ووصولاً للمراكز العلميَّة المتخصصة.

    ولكن نُسجّل بأسف تقاعُس جلّ المَعْنِيِّين بالأمر (علماء، وسلطة) للحَدِّ مِن فاعلية الظَّاهرة؛ بل والعجيب أنَّ السلطات الرَّسميَّة التي اعتادتْ إحصاء أنفاس مواطنين بعينهم، إمَّا لمواقفهم السياسيَّة أو الجمعوية... تظهر كما لو أنَّها تغض الطَّرف عن واقع غير طبيعي... لغايات غير معروفة.

    وفي الوقت ذاته لا نبخس في هذا الصَّدد مجهودات بعض المؤسَّسات التي أخذت على عاتقها توعية الأفراد بخطورة الظَّاهرة وتجليَّاتِها التي تنعكس سلبًا على مختلف أفراد المجتمع، وكذا مختلف المنابر الإعلاميَّة التي خصَّصت ملفَّات لرَصْد الظَّاهرة؛ لكن تبقى السِّمة المُشتَركة بين جُلّ المَجهودات رسميَّةً كانت أو غير رسميَّةً، تشترك في كونها لا تتجاوَز الطَّابع "المَوْسِمي" في أغلَبِ الحالات، وبالتَّالي لا تعدو أن تكونَ سِوى ردَّة فعل.

    وللإشارة فإنَّ العُلماءَ ليسوا وحْدَهُم مَن يَجِبُ أن يُسْأَل؛ بل إنَّ المسؤوليَّة تَقَعُ على الجميع؛ أفرادٍ وجَماعات، فأهميَّة وخطورة الموضوع تكْمُن في كونه يمس جانبًا حسَّاسًا يتحدَّد انطلاقًا منه جزء مهم منَ النَّسيج الذي يعتقد المسلمون أنَّه يكوِّن هويتهم الاجتماعيَّة.

    وفي الختام، نرى أنَّ مُتابعة ورَصْد الظَّاهرة، أمرٌ بالِغ الأهميَّة في الوُقُوف على طبيعتها وتجليَّاتها في مُختلف المَنَاطِق، فما المانع مثلاً مِن تشكيل خلايا لِرَصد وتتبُّع تجليات الظَّاهرة تابعة لوزارة الأوقاف الإسلاميَّة؟! خصوصًا وأنَّها تتغلغل بشكل منظَّم، وليست مجرَّد جهود فرديَّة.

    إذًا، كيف يُمكِنُنا أن نتحدَّث عن علاج للمرض في غياب شِبْه تامٍّ للتَّشخيص؟! تشخيص منَ المفروض أنْ يقوم به باحِثون مُختصُّون؛ بَيْد أنَّ واقِع الحال لا يسر، فجُلّ المُشتغلين في تتبُّع ورَصْد الظَّاهرة يعتمدون على إمكانيَّات ذاتيَّة تصطدم بعبقات وعراقيل لا حدَّ ولا حصر لها، تَجعلهم أحيانًا بين مطرقة السلطة (بِصَمْتِها المُريب)، وسندان الظَّاهرة (بسريتها التَّامَّة)!!
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    نتائج التنصير في إندونيسيا
    سميرة القحطاني
    موضوع التقرير: نتائج التنصير في إندونيسيا

    إشراف الدكتور الفاضل: خالد القاسم
    التعريف بإندونيسيا:
    تقع إندونيسيا في الجنوب الشرقي من قارة آسيا بين المحيط الهادي والمحيط الهندي، ويمر بوسطها خط الاستواء، وتعد أكبر أرخبيل في العالم؛ إذ تضم 17,000 جزيرة وينقسم الأرخبيل الإندونيسي إلى أربع وحدات جغرافية هي:
    1- الوحدة الأولى: وتضم الجزر العظمى وهي: سومطرة وجاوة وبالي.
    2- الوحدة الثانية: وتشمل الجزر الأصغر مساحة وأهمها جزر الجنوب الشرقي التي تمتد من لومبوك إلى تيمور.
    3- الوحدة الثالثة: وتشمل جزر الملوك مثل أمبون ومجموعة من الجزر الصغيرة، وعرفت هذه الوحدة قديمًا بجزر التوابل أو البهار.
    4- الوحدة الرابعة: وتمثلها إيريان جايا.
    وتقع إندونيسيا بين قارتي آسيا وأستراليا وعاصمتها جاكرتا[1].

    الأديان في إندونيسيا قبل الإسلام:

    كانت المعتقدات التي ذكرها المؤرخون في إندونيسيا هي ما تسمى بالأنيسية الأرواحية، ومعناها أن كل شيء في الكون روح؛ مما أدى إلى عبادة آبائهم وأجدادهم اعتقادًا منهم بأن أرواحهم أقوى أثراً، ولهذا كانوا يقدسون المقابر والحيوانات المفترسة.

    ثم كانت أول ديانة أجنبية دخلت إلى إندونيسيا هي الديانة الوثنية الهندوكية[2]، عندما بدأت العلاقة بين الهندوس والإندونيسيين في القرن الثالث الميلادي، ثم انتشرت الديانة البوذية[3] ويعتقدها بعض الهندوكيين أنفسهم، ثم دخلت الديانة الكنفوشيوسية[4] عن طريق الصينيين المهاجرين، ولكن انتشارها بالنسبة للديانتين المذكورتين كان ضئيلا[5].


    تاريخ الإسلام في إندونيسيا:

    لقد انتشر الإسلام في شرق آسيا منذ القدم، وهذا بفضل من الله ثم بفضل الدعاة، والتجار المسلمين كما نجد أن صلة العرب بإندونيسيا قد بدأت في القرن الثاني الميلادي أي قبل البعثة النبوية بخمسة قرون، وقد استمرت هذه الصلة تتصاعد حتى أصبح العرب هم سادة التجارة في المنطقة، بلا منازع[6].

    ولقد ذكر ذلك الدكتور عبد الرءوف الشلبي في قوله: (تؤكد الوثائق المكتوبة باللغة الصينية أن الإسلام دخل إلى جزر الملايو في القرن الأول الهجري - السابع الميلادي)[7].


    وقال الدمشقي: (إن المسلمين وصلوا في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقال: إن العلويين الذين هربوا من ظلم بني أمية والحجاج بن يوسف جاءوا ودخلوا بحر الزفتي في سومطرة واستوطنوا جزيرة عرفت باسمهم إلى الآن)[8].


    كما نجد أن 25% وقيل 30% من مفردات اللغة الإندونيسية الرسمية الملايوية مقتبسة من اللغة العربية، مع أنها تحارب من قبل المستعمرين مع محاولة وضع اللاتينية بدلا من العربية إلا أنها ما زالت ولله الحمد إلى يومنا هذا لدى أهل إندونيسيا، كما أنه يوجد لديهم أبيات شعر كتبت بالعربية على بعض القبور الإندونيسية منذ مئات السنين، وهذا دليل على دخول العرب والمسلمين منذ القدم إلى إندونيسيا[9].


    عوامل انتشار الإسلام في الجزائر الإندونيسية:

    منها:
    1- عامل سياسي داخلي: إذ حصل نزاع بين الممالك الهندوكية والبوذية في جاوة وسومطرة مما أدى إلى ازدياد نفوذ إمارات بينها وبين تجار المسلمين علاقات قوية، وبذلك تمكن المسلمون من الانطلاق بالدعوة الإسلامية ونشرها بتأييد من تلك الإمارات.

    2- عامل سياسي خارجي: وذلك حينما تعرض المسلمين من المغوليين -حكام الصين- إلى بعض الأذى؛ فاضطروا إلى السفر إلى إندونيسيا، ومن ثم نشروا في إندونيسيا الإسلام.


    3- عامل اجتماعي: إذ يتميز الإسلام بالمساواة والإخاء والعدالة مما جعل الكثير من الإندونيسيين يدخلون في الإسلام ويتخلصون من البراهما الذين يحتقرون أهل إندونيسيا ويعدونهم من الطبقات الدنيا[10].


    تاريخ وطرق التنصير في إندونيسيا:

    1- كان الاستعمار الهولندي حريصاً على تكوين جاليات نصرانية محلية مضمونة الولاء، ومع خروج المستعمر عام 1945م -بعد استعمار طال لمدة ثلاثة قرون ونصف قرن- استمر النشاط التنصيري، واعتمد على التحالف مع النخبة العلمانية الحاكمة التي تسلل إليها النصارى.

    2- تميز النشاط التنصيري في إندونيسيا بسعة انتشاره؛ فقد حاول اختراق صفوف المسلمين، وتمكن من استمالة بعض ضعاف النفوس الذين ارتدوا عن الإسلام، وحاولوا التأثير في المسلمين عن طريق تقديم الخدمات المادية مستغلين انتشارَ الجهل وخرافات الصوفية، وقد وصلت وسائل التدليس إلى حد نشر أشرطة للإنجيل مرتلة باللغة العربية للإيهام بأنه من سور القرآن، وإلى بناء كنائس في قلب الأحياء الإسلامية وشراء الأراضي المتميزة الموقع بأسعار باهظة الثمن وتبني أولاد الفقراء من المسلمين، واستغلال الملاجئ ودور الحضانة، ومنع مدرسي الدين الإسلامي من شرح آية قرآنية للتلاميذ المسلمين تتعلق بالمسيح. كما أنشأ مراكز لتدريب المبشرين في لاونج شرق جاوة وتمكن المنّصرون من تنصير قرية مسلمة في بونوروجو بشرق جاوة. إلى غير ذلك من الحيل والوسائل[11].


    ومع ذلك فإن إندونيسيا تعد أكبر دولة إسلامية في العالم؛ ونسبة المسلمين فيهم أكثر من 90%، والنصارى 7%، وقد نقصت نسبتهم كثيراً بعد انفصال تيمور الشرقية، وحوالي 2% هندوس، 1% بوذيون، وحوالي 1% ديانات أخرى وثنية.. أما المجموعات العرقية فهي تتوزع بين الجاويين 45% والسندان 14%، والماليزيين الساحليين 5,7%، والمادوريين 5,7% وجميعهم مسلمون تقريباً.


    النشاطات التنصيرية في إندونيسيا:

    1- مؤسسة دولوس العالمية في إندونيسيا، وهي الأكبر في جنوب شرقي آسيا، وقد تأسست هذه المنظمة للتنصير في عام 1985م وسط مجتمع المسلمين في منطقة جيبايونج، ومنها انطلقت المؤسسة لبدء مشاريع التنصير في أنحاء إندونيسيا، ومنها أنشئت جامعة المنصرين وتم تجنيد 2500 شخص للوصول إلى أهدافهم التنصيرية.

    2- مؤتمر لندن عام 1989م: أصدرت مجلة بوكوس من لندن ناقلة عن مؤتمر المسيحيين المنعقد في يناير 1989م وحضره نحو 300 مندوب من خمسين دولة، وقد قرروا أنه لا بد من نشر الإنجيل في كل أرجاء البلدان وأهمها إندونيسيا.


    3- مؤسسة نور المحبة: التي تشبه نشاطاتها ما يقوم به المركز المسيحي (نيجيميا) برئاسة سورادي ين أبراهام، ويؤكد رومانوس، وأيدي، وإيرينا الذين أسلموا بعد أن كانوا منصرين بأن مركز سورادي مركز يدعمه اليهود.


    4- مؤسسة الرحمة والشتات التي تصدر مئات الآلاف من الكتب والنشرات التنصيرية التي أدخل فيها بعض الآيات القرآنية للتمويه بين صفوف المسلمين[12].


    أسباب نجاح حملات التنصير في أجزاء إندونيسيا:

    1- أسباب اقتصادية: إذ إن جميع المؤسسات الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد الإندونيسي تقع بغير استثناء في قبضة النصارى الصينيين، وعلى سبيل المثال: فإن الحكومة إبان النهضة الاقتصادية العامة في جنوب شرق آسيا، في السنوات العشر الأخيرة أقرت في أكتوبر عام 1988م قانونَ تنظيم البنوك الأجنبية، والخاصة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى ديسمبر 1995م تم تأسيس 165 بنك خاص، ولهذه البنوك 3458 منفذ بنكي غالبيتها بأيدي النصارى.
    مثل البنك المركزي لآسيا، وبنك بالي، وبنك النيجا أو البنوك الأجنبية مثل: بنك أمريكا، بنك طوكيو،وغيرها.

    2- أسباب اجتماعية: تتعلق بحرص الحكومة الإندونيسية بإلحاح على ضرورة تنظيم النسل، ولا شك أن الكثير من المسلمين -نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة- سرعان ما يستجيبون لهذه الدعايات التنصيرية.


    3- التدخلات الأجنبية في مقابل موقف الحكومة السلبي؛ إذ نجدها تقف موقف المتفرج أمام عملية مجازر الداياك.


    4- أسباب عقدية: تتمثل في عقيدة الدولة الإندونيسية العلمانية التي لا تلقي بالاً للديانات عند التخطيط، وقد أدت إلى ظلم المسلمين من حيث تعطيل أعمالهم مقابل الاحتفال بالأعياد النصرانية الكثيرة[13].

    ـــــــــــــــ ــــــــــــ
    [1] القاموس السياسي لأحمد عطية ص134.
    [2] تشتمل الديانة الهندوكية القديمة على أنواع كثيرة من الآلهة، ففيها آلهة تمثل قوى الطبيعة كالريح والنار وغير ذلك.
    [3] البوذية هي فلسفة وضعية انتحلت الصبغة الدينية وقامت على أساس أن بوذا هو ابن الله ومخلص البشرية من مآسيها.
    [4] الكنفوشيوسية هي ديانة أهل الصين تقوم على عباده إله السماء وتقديس الملائكة وعبادة أروح الآباء والأجداد.
    [5] دخول الإسلام وانتشاره في إندونيسيا حتى القرن السابع عشر للدكتور الحبيشي ص 6.
    [6] ينظر إلى التنصير في إندونيسيا رسالة دكتوراه لمغفور عثمان ص40.
    [7] كتاب الإسلام في أرخبيل الملايو ص49.
    [8] كتاب نخبة الدهر ص132.
    [9] ينظر كتاب الإسلام والتعريب سعيد عاشور ص475.
    [10] دخول الإسلام وانتشاره في إندونيسيا حتى القرن السابع عشر للدكتور الحبيشي ص 174.
    [11] ينظر إلى كتاب التبشير وأثره في البلاد العربية والإسلامية لدكتور أحمد سعد الدين البساطى.
    [12] موقع مجلة المجتمع.
    [13] موقع مجلة البيان.


    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    البعد الصليبي لشركة بلاك ووتر (1)

    إسراء البدر

    شركة بلاك ووتر السيئة السمعة هي إحدى الشركات الأمنية الأمريكية المعروفة، لكنها برزت بروزًا أكبر بعد أحداث الفلوجة في العراق عندما قام أهل الفلوجة بحرق أربعة من العاملين بهذه الشركة وتعليق جثثهم على الجسر القديم في مدينة الفلوجة نظرًا لما قاموا به من أعمال تنصيرية استفزت المسلمين في العراق إضافةً إلى جرائمَ كثيرةٍ.

    هذا العمل أعطى الضوء الأخضر للقوات الأمريكية المحتلة في استباحة مدينة الألف مئذنة (الفلوجة)، وقد كانت الاستباحة بقيادة مرتزقة شركة بلاك ووتر التي ارتكبت أفضح الجرائم التي يندى لها ضميرُ البشرية إن كان لبعضهم ضمير؛ إذ تم قتلُ أبناء الفلوجة دون استثناء ورمي جثثهم في النهر، وكل ذلك كان خلال شهر رمضان المبارك من عام 2005م، ومن هنا اتضح للكثير من العراقيين حقيقةُ تلك الشركات الأمنية ومن بينها بلاك ووتر التي يعرف عن أفرادها أنهم يتجولون في شوارع العراق بسياراتهم الرباعية الدفع ويقتلون المدنيين من العراقيين بدم بارد وهم يستمتعون بذلك, كحادثة النسور (ساحة وسط مدينة بغداد) عندما قتل أفراد بلاك وتر ما يقارب أحد عشر عراقيا وفي وضح النهار عام 2007م وقد طالب العراقيون على إثر ذلك برفع الحصانة عن تلك الشركات ولكن (لا حياة لمن تنادي).


    يذكر أن تلك الشركات تمارس عملها في العراق وفق الحصانة التي منحهم إياها الحاكمُ الأمريكي المحتل للعراق بول بريمر بالقرار رقم 17 لسنة 2004م, وعلى أثرها مارست تلك الشركات عملها في العراق بحماية المسئولين الأمريكيين والمسئولين العراقيين في المنطقة الخضراء، إضافة إلى حماية المنشآت الأمريكية، ومن يوم دخولها للعراق ساعدت في قتل الكثير من العراقيين إضافة إلى أعمالها التنصيرية لأن أكثر أفراد شركة بلاك ووتر هم من فرسان مالطا (المؤسسة النصرانية القديمة).


    وليس من الغريب أن تكون شركة بلاك ووتر ذات أصول صليبية نظرًا لما ارتكبته من وحشية ودموية في أي مكان دخلت فيه أو أوكلت لها فيها أية مهمة، وهذا يعود بنا إلى أسلوب الوحشية والهمجية نفسه الذي ارتكبته الجيوش الصليبية على مد التاريخ، وما أشبه الليلة بالبارحة.


    تعود جماعة فرسان مالطا الدينية التي ينتمي إليها أغلب المرتزقة في شركة بلاك ووتر إلى العصور الوسطى حيث نشأت في جزيرة مالطا وعرفت باسم فرسان القديس يوحنا الأورشليمي، وقد انبثقت عن الجماعة الأم الكبيرة المشهورة باسم (فرسان المعبد) التي كان لها شهرة أيام الحروب الصليبية، وكان أفرادها دائمي الإغارة على سواحل المسلمين.. خاصة سواحل ليبيا وتونس لقربهما من مالطا, بدأ ظهور فرسان مالطة عام 1070م كهيئة خيرية أسسها بعضُ التجار الإيطاليين لرعاية مرضى الحجاج المسيحيين في مستشفى قديس القدس يوحنا قرب كنيسة القيامة ببيت المقدس، وظل هؤلاء يمارسون عملَهم في ظل سيطرة الدولة الإسلامية، وقد أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى تمييزاً لهم عن هيئات الفرسان التي كانت موجودة في القدس آنذاك، مثل فرسان المعبد والفرسان التيوتون، والمؤكد أنهم ساعدوا الغزو الصليبي فيما بعد.


    وكان عدد الحجاج المسيحيين إلى مدينة القدس قد تزايد في بداية القرن الحادي عشر لاتجاه بعض التجار الإيطاليين إلى الحصول على حق إدارة الكنيسة اللاتينية من حكام المدينة المسلمين، وكان يلحق بهذه الكنيسة مستشفى للمرضى والحجاج يسمى مستشفى "قديس القدس يوحنا"، كذلك استطاع تجار مدينة "أمالفي" 1070م تأسيس جمعية خيرية في بيمارستان قرب كنيسة القيامة في بيت المقدس للعناية بفقراء الحجاج، ومن اسم المستشفى أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى (Hospitallers) التي حرفت إلى (الاسبتارية) في اللغة العربية، ولم يلبث أولئك (الاسبتارية) أن دخلوا تحت لواء النظام الديري البندكتي المعروف في غرب أوربا، وصاروا يتبعون بابا روما مباشرة بعد أن اعترف البابا (باسكال الثاني) بتنظيمهم رسميًا في 15 فبراير 1113م، وهكذا أصبح نظامهم يلقى مساندة من جهتين: تجار (أمالفي) وحكام (البروفانس) في فرنسا.


    بعد هزيمة الصليبيين في موقعة حطين عام 1187م على يد صلاح الدين الأيوبي هرب الفرسان الصليبيون إلى البلاد الأوربية.


    وبسقوط عكا 1291م وطرد الصليبيين نهائيًا من الشام اتجهت هيئات الفرسان إلى نقل نشاطها إلى ميادين أخرى؛ فاتجه الفرسان (التيوتون) نحو شمال أوربا حيث ركزوا نشاطهم الديني والسياسي قرب شواطئ البحر البلطيكي، ونزح (الداوية) أو فرسان المعبد إلى بلدان جنوب أوربا وخاصة فرنسا حيث قضى عليهم فيليب الرابع فيما بعد (1307-1314م).


    أما فرسان الهوسبتالية فقد اتجهوا في البداية إلى مدينة صور ثم إلى قبرص، ومن قبرص استمروا في مناوشة المسلمين عن طريق الرحلات البحرية ومارسوا أعمال القرصنة ضد سفن المسلمين، إلا أن المقام لم يطب لهم هناك، فعمد رئيسُهم (وليم دي فاليت) للتخطيط لاحتلال (رودس) وأخذها من العرب المسلمين وهو ما قام به أخوه وخليفته (توك دي فاليت) في حرب صليبية خاصة (1308-1310م) ليصبح اسم نظام الفرسان الجديد يسمى (النظام السيادي لرودس).


    في 25 من إبريل 1530م أصبح النظام يمتلك مقرًا وأقاليم جديدة أدت إلى تغيير اسمه في 26 من أكتوبر 1530م إلى "النظام السيادي لفرسان مالطا" ومنذ ذلك الوقت أصبحت مالطا بمنزلة الوطن الثالث لهم، ومنها استمدوا اسمهم "فرسان مالطا" واستطاع رئيسهم (جان دي لافاليت) أن يقوي دفاعاتهم ضد الأتراك العثمانيين مصدر خوفهم، وأن يبني مدينة (فاليتا - عاصمة مالطا حاليا) التي أطلق عليها اسمه، وكان مما ساعد على ترسيخ وجودهم في مالطا وقوع معركة (ليبانتوا) البحرية 1571م بين الروم والأتراك مما أبعد خطر الأتراك ووفر لنظام الفرسان جواً من الهدوء.


    وقد تميز هذا النظام منذ إقامته في مالطا بعدائه المستمر للمسلمين وقرصنته لسفنهم حتى كون منها ثروة (ينفقون منها حاليا على الأعمال الخيرية!) ولا سيما في الحصار التاريخي 1565م الذي انتهى بمذبحة كبيرة للأتراك، كما توسع النظام كثيرًا حتى إن الملك (لويس الرابع عشر) تنازل له في 1652م عن مجموعة من الجزر في (الأنتيل).


    مقر فرسان مالطا اليوم وأهم أعضائها:

    يقع المقر الرئيس للمنظمة حاليًّا في العاصمة الإيطالية روما، ويحمل اسم "مقر مالطا"، ويرأس الدولة (البرنس أندرو برتي) الذي انتخب عام 1988م ويعاونه أربعة من كبار المسئولين ونحو عشرين من المسئولين الآخرين.

    وقد عقدت منظمات الفرسان الصليبية اجتماعًا في جزيرة مالطة في أوائل ديسمبر 1990م، هو الأول من نوعه، منذ أخرجهم نابليون بونابرت منها، قبل حوالي قرنين من الزمان، وكان الاجتماع مثيراً للغاية -كما قال روجر جيورجو أحد أولئك الفرسان الذين اجتمعوا بالجزيرة- وبلغ عدد الحاضرين حوالي خمسمائة، معظمهم من القساوسة، ينتمون إلى اثنين وعشرين دولة.


    ولوحظ أن الفرسان الصليبيين المجتمعين رأوا هذا اللقاء خطوة باتجاه إحياء وإنعاش تلك المنظمة الكاثوليكية ذات الجذور الصليبية، وقد روت صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية تفاصيلَ هذا الاجتماع في حينه قائلةً: إن الفرسان توافدوا على الاجتماع، وقد ارتدى كل واحد منهم ملابسَ كهنوتية سوداء، يزينها صليبٌ أبيض مزدوج الأطراف، ورأس الجلساتِ الأستاذُ الأعظم الذي يقود المنظمة، وهو أسكتلندي سبق أن عمل في حقل التدريس، اسمه أندروبيرتي (60 سنة) وهو أول بريطاني يرأس المنظمة منذ عام 1277م، كما أنه الرئيس الثامن والسبعون للمنظمة منذ تأسيسها، ويحمل رتبة كاردينال، ويرأس مجلسًا يتألف من ستة وعشرين فارسًا يساعدونه على تسيير شؤون المنظمة وتدعمه أمريكا بقوة.


    يقدر عدد أعضاء منظمة فرسان مالطة بحوالي عشرة آلاف، في حين يقدر عدد المتطوعين الذين يعملون معهم بحوالي نصف مليون شخص، منهم زهاء مائة ألف في فرنسا وحدها، ومثلهم في ألمانيا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وغير المتطوعين في الولايات المتحدة وحدها ألف وخمسمائة فارس، وقد انضم إلى عضويتها عدد من أصحاب الملايين خصوصًا أن نشاطهم الحالي يختص بالمستشفيات مما يغري بالتبرع لهم.


    وكشف الباحث الأيرلندي سيمون بيلز والباحثة الأمريكية ماريسا سانتييرا -اللذان تخصصا في بحث السياق الديني والاجتماعي والسياسي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية- عن أن أبرز أعضاء جماعة فرسان مالطا من السياسيين الأمريكيين رونالد ريجان وجورج بوش الأب والابن رؤساء الولايات المتحدة، وهم من الحزب الجمهوري، كما يشير موقع فرسان مالطا إلي أن من بين الأعضاء البارزين في الجماعة بريسكوت بوش وهو الجد الأكبر للرئيس الحالي جورج بوش الابن.


    ولا يمكن -كما يؤكد الباحثان- انتزاع تصريحات الرئيس بوش عقب هجمات 11 سبتمبر من هذا السياق حين أعلن شن "حرب صليبية" على الإرهاب، وذلك قبيل غزوه لأفغانستان عام 2001م.. وكذلك تصريحات دونالد رامسفيلد عندما اعتلى منصة البنتاجون ليلقي واحدة من أهم خطبه كوزير للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش.. حيث أعلن رامسفيلد الحرب وهو يلقي كلمته واقفاً بين جموع من كبار الشخصيات والمقاولين العاملين لصالح الجيش من الشركات مثل إنرون وجنرال ديناميكس.


    قال رامسفيلد: إن القضية اليوم هي وجود عدو يمثل خطرًا وتهديدًا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف: إن هذا العدو يعطل الدفاع في الولايات المتحدة ويعرض حياة الرجال والنساء الذين يؤدون الخدمة للخطر. وتابع -مخاطبًا الموظفين الجدد العاملين معه-: قد تعتقدون أنني أصف أحد آخر الطغاة الموجودين في العالم.. لكني أقصد ذلك الخصم القريب منا.. إنها بيروقراطية البنتاجون.


    وبعد ذلك دعا رامسفيلد إلى تغيير كبير في إدارة البنتاجون، وحل النموذج الجديد القائم على القطاع الخاص محل البيروقراطية القديمة لوزارة الدفاع.


    ولم يستغرق الأمرُ كثيراً من رامسفيلد ليستفيد من هذه الفرصة التي قدمتها له أحداث 11/9 لكي يضع حربه وخططه التي أعلن عنها موضعَ التنفيذ السريع، إذ تعتمد سياسةُ البنتاجون الجديدة على الخطط السرية والأسلحة الحديثة المعقدة، وعلى الاعتماد بقوة على المقاولين من القطاع الخاص وهو ما أصبح يعرف بـ(تعاليم رامسفيلد).


    وفعلاً.. فإن "بصمة" رامسفيلد برزت من خلال أحدث الحروب؛ إذ ساعد مقاولو القطاع الخاص في جميع نواحي الحرب بما في ذلك المعارك القتالية.


    المصادر:

    1- سفارة بلا دولة، تقرير: محمد جمال عرفة.
    2- بوش أمريكا يقود الحرب الصليبية بقوات فرسان مالطة، بقلم: ماجدي البسيوني.
    3- شبكة وموقع النبأ.
    4- موقع ويكيبيديا.
    5- موقع الإسلام اليوم.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    هَكَذا ينشط المُنَصِّرون.. وماذا يفعل المُسلمون؟!
    الأطفال في مُوَاجَهة حملات تَنصيريَّة ماكِرة



    القسم الأول
    مُقَدِّمة
    أصبحتْ ظاهرة التنصير منَ المواضيع المهمَّة التي طفت على سطح المشهد الإعلامي المكتوب في السنوات الأخيرة، من خلال مختلف الملفات والدراسات التي تناولت الظاهرة بالتحليل والدراسة في مختلف المجالات، بيد أنَّها أغفلت كثيرًا علاقة ظاهرة التنصير بالأطفال، وصراحة لا أنكر أنَّني كنت مترددًا وعلى وشك صرف النظر عن خوض غمار هذا المجال؛ بسبب قلة أو بالأحرى انعدام الدراسات في المجال، والتي يستند عليها الباحث في الموضوع.. بيد أنَّ توقُّفي في المدَّة القليلة الماضية على إعلان في شبكة الإنترنت[1] لموقع مسيحي كاثوليكي يشير إلى انطلاق مشروع يسمى: "البشارة للأطفال"، كان أحد الدَّوافع الأساسيَّة للكتابة في الموضوع، خصوصًا وأنَّ المشروع الآنف الذِّكْر سطرت له مجموعة من الأهداف، أذكر منها:-

    - أن تكون المعرفة المسيحية العربية للأطفال سهلة الوصول إليها وواسعة الانتشار وإمكانية الحصول عليها بتكلفة بسيطة.
    - وتأمين فضاء مسيحي واعٍ ومتنور للأطفال.

    لقد انطلقَ هذا المشروع بأربعينَ قصة منَ الكتاب المُقَدَّس[2] في أُفُق الوصول إلى ثلاثمائة وخمسة وستين قصة مقتبسة منَ الكتاب المُقَدَّس، أي: بعدَدِ أيَّام السنة ليقرأ الطفل قصة كل يوم، في الحقيقة هذا الخبر زاد من فضولي وقوَّى عزيمتي للبحث في الموضوع، خاصة وأن بعض الدول شهدت بالفعل انطلاق إعلانات عن وسائل جديدة لتنصير الأطفال، ويتعلق الأمر بعرض في مترو أنفاق القاهرة على مدى أيام، وكذا إعلانات تلفزيونية عن قصص مرئية للأطفال تنتجها دار الكتاب المقدس.. وكان الهدف من هذا العرض هو الترويج لوسيلة من وسائل التنصير، وهي أفلام الفيديو التي تبث أجزاء من العقائد النصرانية للأطفال عبر أفلام الكارتون[3].


    إذًا، فالتَّعَصُّب التنصيري أضاف إلى جعبته أسلوبًا حديثًا هو الاعتماد على الشباب والأطفال في عمليات التبشير مثلما أعلن ذلك في سادس يناير سنة 2004[4].


    لكن الغريب حقًّا أنَّ الكتاب المُقَدس نفسه لم يخصص لموضوع الأطفال إلاَّ حيزًا ضيقًا[5].


    كل هذه الأمور السالفة الذِّكر كانت حوافز إيجابية، لكن لا يعني هذا أن الموضوع كان سهل التناول، فعدم توقفي - حتى ولو على دراسة واحدة مستقلة - تعنى بدراسة ظاهرة التنصير وعلاقتها بالأطفال، كان أحد العراقيل التي كادت أن تعصف بفكرة الكتابة في الموضوع من أصلها.


    وأَوَدُّ الإشارة إلى أنَّني سأُرَكِّز الحديث فيه عن أهمية وسائط المعرفة ودورها الأساسي في تشكيل ثقافة الطفل، وبناء شخصيته، وقد اقتصرت التفصيل على نماذج محدودة، ويتعلق الأمر بأهمية الكتاب عمومًا ويشمل القصة والمجلة، ثم تحدثت بعد ذلك عن أهمية الرسوم المتحركة في توجيه الطفل وغرس القيم لديه.


    على أساس تخصيص مقال آخر لدراسة مجموعة منَ النماذج التَّنصيريَّة الموجهة للأطفال، وقد حاولت قدر الإمكان الوصول إلى الأهداف الحقيقية، من خلال فك رموز الصور والاستعانة بالشروح والتَّفاسير المسيحيَّة التي تناولت بالبيان القصَّة نفسها أو مثيلاتها، ولا أنكر أنَّ المهمة لم تكن بالهينة، فالقصص على قدر بساطة بنيتها وسهولة محتواها لاستهدافها الأطفال، بقدر ما تكون صعبة عصيَّة على تحليل دلالاتها وتفكيك رموزها.


    أهمية وسائط المعرفة عند الطفل:

    تشمل وسائط المعرفة مختلف وسائل الثَّقافة المتنوعة، سواء أكانت إذاعات، أم فضائيَّات، أم مطبوعات.. وهيَ في الحقيقة تحتلُّ مكانًا ثانويًّا قياسًا بالدور المهم للأسرة والمدرسة؛ لأنَّ الطفل لا يتلقى إعدادًا مباشرًا من خلاله؛ لكن خطورة هذه الوسائط لا تقل، فهي التي تكمل تعليم الطفل وتربيته، وثقافتَه؛ بل إنَّ الواقع يشهد في بعض الأحيان تفوُّق هذه الوسائط على مؤسَّسة الأسرة والتعليم؛ لأنَّ رغبة الطفل واهتمامه بها يكون تلقائيًّا واختياريًّا لا قَسْر فيه ولا إكراه، لِمَا تحويه من صنوف المُتَع الذِّهنيَّة، والتَّرفيه.. الشيء الذي يجعل لهذه الوسائط خطورة بالغة[6].

    ومن هنا أصبح منَ الضَّروريِّ متابعة ما يفضِّلُه الطفل ويهتم به، وكذا المواءمة بين الكتاب وعمر الطفل في شتَّى المراحل، ومساعدته على اختيار الكتب المناسبة له، شريطة عدم فرض آراء ومزاج الكبار عليه[7]؛ فسنوات الطفولة مثلاً في الدول المتقدمة لا تنصرف دون أن يقرأ الطفل ستمائة (600) كتاب، وهو المتوسط الذي أشارت إليه "جوان إيكن" الكاتبة الإنجليزيَّة وهي تقول: "إنَّ الطفل قبل السَّادسة يجب أن يقرأَ كُتُبًا مُصورة عددها نحو المائة"[8].


    1- قصص الأطفال:

    فقصص الأطفال مثلاً تعد منَ الوسائل الإيجابيَّة في تربية وتثقيف الطفل؛ ولذلك ينبغي أن تعكس الواقع الذي يعيشه الطفل مع شيء منَ الإثارة والتَّشويق، وتكون وسيلة لتشكيل وجدان وشخصية وميول الطفل العربي[9]، وتُعَد القصَّة أيضًا من أنجع الوسائل للوصول إلى قلب الطفل، ولا يعادلها في ذلك أي رسالة إعلاميَّة أخرى، ولا أي وسيلة منَ الوسائل، فقد يستحوِذ الأب أو الأم على قلب الطفل من خلال هدية جميلة، أو مبلغ منَ النقود، ولكن سرعان ما يزول أثر تلك الهدية بمجرد اعتيادها أو قدمها، أو بمجرد صرف النقود.. ولكن أثر القصة يبقى في عقل الطفل ووجدانه، يحيا بين أبطالها، وينسج لنفسه خيالات واسعة بين أحداثها[10].

    وجدير بالذِّكر أنَّ القصَّة تعتبر جسرًا للتَّواصل بين الآباء والأبناء ينفذ من خلالها الأب إلى قلوب أولاده وإلى عقولهم فيشكلها كيفما شاء[11]، وبها تنقل للمتلقي الأفكار المجردة الصعبة بسهولة ويسر[12].


    ولأهمية القصة وتأثيرها الفَعَّال في النَّفس البشريَّة نرى المولى - جل وعلا - يفرد صورة كاملة في القرآن الكريم سَمَّاها: "سورة القصص"، وقد تَحَدَّثَ أيضًا عن نماذج كثيرة فيما قصَّه عن طفولة أنبياء الله - عَزَّ وجَلَّ، وهي نماذج حيَّة فاضلة عن طهارة تربيتهم واستقامتهم في طفولتهم، ويحكيها لنا القرآن الكريم عن هؤلاء الأصفياء الكرام كإبراهيم، وإسحاق، ويوسف، وموسى، وعيسى، ومحمد - عليهم أفضل الصلاة - وأزكى التسليم، وليس هذا فحسب بل يسوق الباري - عَزَّ وَجَلَّ - في أكثر من موضع ألوانًا شَتَّى منَ القصص والحكايات أملاً في الهداية والإصلاح، ويقول الله - عَزَّ وجَل -: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[13]، وفي آية أخرى يقول الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[14].


    وإذا كان هذا حال القصَّة مع القلوب الجامدة الغليظة المنكرة لعبادة الله وحده، فكيف يكون الحال مع قلوب الأطفال وفطرتهم لا زالت سليمة؟!

    بلا شك سوف تُحدِث عظيم الأثر وتؤتي أجود الثمار.

    ومن هذا المنطلق قام المُنَصِّرون بتخصيص قصص الأطفال ضمن أهم الوسائل التنصيرية الفعالة والمؤثرة التي تؤتي ثمارها بشكل سريع، "وهو محور المقال الثاني".


    2- مجلات الأطفال:

    ونفس الشيء يُقال عن مجلاَّت الأطفال، وهي بدورها من أكثر التعبير والاتصال تأثيًرا في حياة الأطفال، وتعتبر منَ المصادر المهمَّة التي تُزَود ثقافة الطفل، وتربطه بقيم المجتمع الذي يعيش في وسطه، بمعنى آخر تشكل مجلات الأطفال وسيطًا مهمًّا من وسائط الثقافة بالدول المتقدمة التي تصدر نوعيات مختلفة منها تناسب وتوافق احتياجات كل سن، كما أنها تعمل على تنمية الميول الثَّقافية للطفل من خلال الموضوعات التي تعرضها مثل تعريف الطفل بتاريخ وتراث وطنه وبالأماكن التاريخيَّة والسياحيَّة، وبالأحداث الجارية المرتبطة بوطنه، والتوعية بالمناسبات الدينيَّة[15].

    3- الرسوم المُتَحَرِّكة:

    تجذب الرُّسوم المُتَحَركة الطفل إلى عوالمها المثيرة وتُؤَثِّر على سلوكه ومواقفه وعلاقته، وتساهم في تكوين شخصيته، وبذلكَ تحتل هذه الوسيلة المكانة المتميزة لديه؛ لأنَّها تُقَدم له الأخبار والمعلومات بصيغة فنية جَذَّابة ومثيرة.

    فالطفل يحب بطبيعته الصورة المعبرة ويجذبه اللون الجميل، ويتفاعل مع قصص الخيال الشائِقَة، وحكايات البطولة الخارقة، وأحداث المغامرات المثيرة.. ولا يمكن وصف متعة الطفل وهو يرى تلك الأحداث والشَّخصيَّات - التي كان يراها جامدة على صفحات القصص والمجلات - أنها قد تَحَوَّلَت إلى مغامرات حيَّة ناطقة ومتحركة تنقله إلى عوالم ساحرة[16].


    وإذا كان الاهتمام بالطفل يُشَكِّل علامة مُضيئة ومُشرقة في حياة الأمم المتقدمة، ويعتبر من العلامات الحضارية فيها، فإنَّه بالمقابل في العالم الثالث يعاني من نقص مهول في إنتاج مثل هذه الوسائل التَّرفيهيَّة، فالنظرة المتفحصة في بلادنا تقودنا إلى اكتشاف التقصير البالغ في استخدام هذا الفن الخطير..[17].


    لكن المُتَتَبع لبرامج الأطفال في العالم العربي لا ينكر وجود برامج وطنية تتفاوت في أصالتها وإفادتها ثقافيًّا وتربويًّا للطفل؛ لكن المؤكَّد أنَّ أفلام الكرتون تكاد تكون كلها مستوردة منَ الغرب، ولو قدم بعضها مترجمًا إلى العربيَّة فهي مصنوعة لأطفال غير أطفالنا وبعقلية غير عقليتنا، ويخطئ كثيرًا مَن يَستَهِين بسلبيات هذه الظاهرة على شخصية الطفل المسلم بحجة أن هذه الأفلام لا تعدو أن تكون وسيلة ترفيهية بريئة[18].


    ولابدَّ منَ الإشارة إلى أن فكرةَ استقلال التَّسلية عن القِيم وعدم انطواء الترفيه على أيِّ قِيمة تعليمية أو أيديولوجية - خدعةٌ كبرى، بل يعتبرها "هربرت شيلر" أكبر خدعة في التاريخ كما ورد ذلك في كتابه: "المتلاعبون بالعقول"[19]، المخصصة لقضية التضليل الإعلامي وتزييف الوعي الجماهيري. إنه ليس غريبًا أن تكونَ أفلام الأطفال ملتزمة إيديولوجيًّا، ذلك أن هذه الأعمال ينتجها كتَّاب وجماعات لهم من جهة قناعاتهم الفلسفية والسياسية والاجتماعية، كما أنهم من جهة أخرى يتبنَّون عمومًا قيم ومعتقدات مجتمعهم، لهذا السبب بالذات تتضمن آثارهم رسالة إيديولوجية[20].


    هذا الاستنتاج أَكَّدَته دراسة "Pourprix" في دراسته لشخصية "ميكي" الفأر الشهير الذي ابتدعه "والت ديزني" فمحتوى أفلامه تشكل فيها الملكية الفردية فكرة مركزية، ولا حدود في أفلام "ميكي" للنشاط الرأسمالي وسلطته، سواءً أكانت حدودًا شرعية أم أخلاقية[21].


    ويمكن أن نُقَدِّم نموذجًا آخر في هذا الإطار، ويتعلق الأمر بالعرض الدولي الذي نظمته "ديزني لاند"، وذلك تحت شعار: "التَّنَوُّع الثقافي في عالم بلا حدود"، وذلك سنة 1999م، وقد شاركت إسرائيل في هذا المعرض الدولي تحت شعار: "القدس عاصمة إسرائيل"، ناهيك عن مضمون المواد الإعلاميَّة التي عرضت في المعرض، وقد شارك في هذه القرية الألفية أربعة وعشرون دولة من بينهما دولتين عربيتين هما: السعودية، والمغرب[22].


    وفي الغياب الجُزئي أو الكُلي لإنتاجات رفيعة المستوى - فنيًّا وتقنيًّا ومعرفيًّا - موجهة للأطفال برؤية وطنية تراثية وثقافية وعلمية، آنية ومستقبلية، سيبقى الإعلام الغربي عبر أبطاله: ميكي، سوبرمان.. هو الجهة الموجهة لإنتاج واستهلاك ثقافة الأطفال عمومًا والرسوم المتحركة على وجه الخصوص..


    لقد أدرك المنصرون الأهمية الكبيرة التي تحتلها مرحلة الطفولة في تقرير أساس حياة الفرد، فالسلوك الصالح والفاسد يعود بالأساس إلى الأساليب التربوية المتخذة في هذه المرحلة؛ لأن الفرد يسير وفق خلقيات خاصة تنشأ في هذه المرحلة أساسًا، بل هناك من قال: إن العناية بالطفولة مقياس أساس لقياس مدى تقدم الأمم أو تخلُّفها، ويقول في ذلك أحد الكتاب موضحًا: "إذا أردنا أن نعلم حال الأمة ومدى رقيِّها فلننظر إلى الطفولة وما فيها، فحيث نراها سعيدة مهذبة وموجهة توجيهًا صالحًا، نرى في ذلك نهضة الأمة"[23].


    كما أن الاهتمام بالطفولة أصبح استثمارًا إستراتيجيًّا للمستقبل، وبداية صحيحة لتقدم المجتمعات؛ لأن جعل الطفل في الصدارة والاهتمام بأوضاعه أضحى خيارًا إستراتيجيًّا يؤثر مباشرة في الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    افتراضي رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    - مُلاَحَظة: المقال الثاني سيكون حول نماذج الآليات التَّنصيريَّة الموجهة خصيصًا للأطفال، والتي استطعنا الوصول إلى بعضها بعد سنوات منَ البحث والتَّقَصي، وسيكون المقال - إن شاء الله تعالى - مزودًا بصور توضيحية.
    ـــــــــــــــ ــــــــــــ
    [1] موقع بعنوان:www.albicara.org
    [2] الكتاب المُقَدَّس يضم قسمين: أحدهما يسمى العهد القديم، ويضم عدة أسفار يختلف فيها الكاثوليك عن البروتستانت، أما القسم الثاني: فيُسَمى العهد الجديد أو الإنجيل.
    [3] إعلانات عن وسائل تنصير الأطفال بمترو أنفاق القاهرة (مفكرة الإسلام): WWW.ISLAMMEMO.CC/NEW/ONE
    [4] زينب عبدالعزيز، "تنصير العالم: مناقشة لخطاب البابا يوحنا بولس الثاني"، روعة الحقيقة، ط: 1 - 2004. دار الكتاب العربي. ص 6 بتصرف.
    [5] جان. م. دريشر، "سبعة يحتاج إليها الولد"، دار منهل الحياة، ط: 1990. ص: 121، بتصرف.
    [6] مصطفى أحمد علي، "ثقافة الطفل المسلم بين مفهوم الفطرة والمؤثرات الوافدة"، مجلة الإسلام اليوم (الإيسيسكو) - عدد: 12 - 1415- 1994، ص: 116، بتصرف.
    [7] عبدالتواب يوسف: "دور أدب الطفل في تحقيق التَّنشئة الثقافية للأطفال وإعدادهم لعالم الغد"، مجلة الفيصل عدد: 302 - شعبان 1422 أكتوبر، نونبر 2001م، ص: 62.
    [8] المرجع نفسه، ص: 65.
    [9] حنان سالم: (عرض)، فهيم مصطفى (تأليف)، "ثقافة الطفل العربي في ضوء الإسلام"، مجلة (حصاد الفكر) عدد: 135 جمادى الأولى1424/ يوليو 2003 - ص: 99.
    [10] علي لطفي عبدالكريم حسين، "القصة في تربية النشء"، مجلة (البيان)، عدد: 214، السنة: 20 جمادى الثانية1426/ يوليو - غشت: 2005، ص: 38، بتصرف.
    [11] المرجع نفسه.
    [12] عبدالوهاب المسيري، "رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية". مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، رقم: 74. ط: 1 -2001، ص: 7، بتصرف.
    [13] يوسف: 111.
    [14] الأعراف: 176.
    [15] حنان سالم، فهيم مصطفى "حصاد الفكر"، ع: 135، م س، ص: 99.
    [16] أدخيس محمد، "الطفل والتلفزيون وصناعة المستقبل"، مجلة (المواطن اليوم)، عدد: 2، مارس 2004، ص: 43.
    [17] المرجع نفسه.
    [18] أحمد السنوسي: "مظاهر الغزو التربوي الغربي للأمة العالم العربي أنموذجًا"- مجلة (الفيصل)، 207 رمضان 1414، فبراير، مارس 1994، ص: 12، بتصرف.
    [19] هربرت شيلر: "المتلاعبون بالعقول"، ترجمة: عبدالسلام رضوان - سلسلة (عالم المعرفة)، عدد: 106 أكتوبر 1986، ص: 104.
    [20] مجلة (الفيصل)، عدد: 207، مرجع سابق.
    [21] المرجع نفسه.
    [22] نادية محمود مصطفى، "قضية القدس في (ديزني لاند).. رُؤيَة حول مدْلولات العلاقة بين الثقافي والسياسي"، مجلة (القدس)، عدد: 11، نوفمبر 1999 - رجب 1420 ص: (5 - 9)، بتصرف، أمال الشيمي، "قضية القدس في (ديزني لاند) بين التَّفاعلات الرَّسمية وغير الرَّسمية"، مجلة (أمتي حول العالم)، حولية قضايا العالم الإسلامي، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، ط: 2000، ص: (185-193)، بتصرف.
    [23] محمد عبدالمنعم خفاجي: "تربية الطفل المسلم"، مجلة (الأزهر)، عدد: أكتوبر 1979، موافق لذي القعدة 1399، ص: 2167.
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    بارك الله فيكم وفي مجهودكم المبارك.

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    البعد الصليبي لشركة بلاك ووتر (1)
    إسراء البدر

    نشئَتْ شركة "بلاك ووتر" عام 1996 من قِبَل المليونير المسيحي إيريك برينس (كتلة الدِّيمقراطيين الجدد)، والذي عمل سابقًا في البحريَّة الأمريكيَّة.

    وساهمت هدايا "إيريك" وسخاء عطاياه الماليَّة في صعود اليمين الدِّيني وثورة الجمهوريين عام 1994، وساعد في تأسيس الشركة وصعودها ثروة "إيريك"، والمساحة الشاسعة منَ الأراضي التي يمتلكها، والمُقَدَّرة بحوالي 5000 هكتار، والواقعة في بلدة "مويوك" بولاية "كارولينا الشمالية"، والتي تعتمد في تأسيسها على مبدأ "الالتزام بتوفير طَلَبات الحكومة المُتَوقعة" من حيثُ الأسلحة والتدريب على النواحي الأمنيَّة.

    ولقد ربحتْ شركة "بلاك ووتر" عقودًا مع الحكومة الأمريكيَّة خلال حقبة رئاسة "بيل كلينتون"، والتي كانت مُتسامِحة مع الخَصخَصة، فلم يسطع نجم الشَّركة حتى مرحلة ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

    وفى فترة أسبوعين تقريبًا من اعتداءات 11 سبتمبر - أيلول 2001، صارتِ الشَّركة لاعبًا رئيسيََّا في الحرب الشَّاملة في أفغانستان وفي العراق فيما بعد.

    وصارتِ الشَّركة خلال السنوات التالية من أكثر المُستفيدين منَ "الحرب على الإرهاب"، وربحت حوالي بليون دولار أمريكي في عقودها السِّرية مع الحكومة أغلبها بالتكليف المباشر وبدون الدخول في أي عطاء أو منافسة، وفى خلال 10 سنوات تَمَكَّن "إريك" من تَوسِعة منطقة المقر الدَّائم للشركة إلى 7000 هكتار جاعلاً منه أكبر قاعدة عسكريَّة خاصَّة في العالم.

    لقد نشرت مجلة "ذا نيشين" الأمريكيَّة تقريرًا بعنوان "جيش بوش في الظل"، كَشَفَ فيه الصحفي الأمريكي "جيرمي سكيل" عن الصلة الدِّينية التي تجمع بين شركات القتل الخاصة في العراق وإدارة بوش، حيثُ أَكَّدَ أنَّ مؤسس الشركة "إيريك برينس" يشارك بوش في معتقداته النَّصرانيَّة الأصوليَّة التي تهدف إلى التَّمكين للصِّهيَونيَّة الصَّليبيَّة في العالم، ويعتبر وجود قوات المُرتزقة بالعراق ليس مجرد تعاقد أمني مع البنتاجون تقوم بمقتضاه هذه القوات بمهامّ قتاليَّة نيابة عن الجيش الأمريكي؛ بل يسبقه تعاقُد أيديولوجي مُشترك بين الجانبين يجمع بينهما، ألا وهو "دولة فرسان مالطا" الاعتبارية آخر الفلول الصليبيَّة التي تُهَيمن على صناعة القرار في الولايات المُتَّحدة والعالم.

    ويوجد لدى شركة "بلاك ووتر" حاليًّا 2300 مليون فرد يعملون في جميع أنحاء العالم، ولديها أسطول جوي يُقَدر بـ20 طائرة بما فيها طائرات الهيلوكبتر المقاتلة، وجهاز خاص للاستخبارات؛ كما أنَّها تقوم بتصنيع مناطيد المُرَاقبة وتحديد الأهداف.

    فى عام 2005 نَشَرت شركة "بلاك ووتر" عناصرها في ولاية "نيو أورليانز" بعد أن تعرَّضت لإعصار "كاترينا"، وقدمت فاتورتها للحكومة الفيدراليَّة على أساس 950 دولارًا للفرد في اليوم، وقد وصلت أرباحها اليوميَّة أحيانًا إلى 240000 دولار أمريكي في اليوم، وفى نشاطها كان لدى الشركة 600 مقاول يعملون لصالحها في المنطقة المُمتدة من "تكساس" وحتى "الميسيسيبي"، ومنذ إعصار "كاترينا" جعلت "بلاك ووتر" قسمًا خاصََّا يهتم بالعقود المحليَّة، حيثُ تقدم "بلاك ووتر" خدماتها ومنتجاتها لـ"قسم الأمن الوطني"؛ كما أن مُمَثليها قابلوا حاكم كاليفورنيا الممثل السابق "أرنولد شوارزينجر"، وتقدَّمت الشركة للحصول على ترخيص يخولها بالعمل فى كامل الولايات الأمريكيَّة الواقعة على الشَّاطئ؛ كما أنَّها توسع من نشاطها ووجودها فى داخل الحدود الأمريكيَّة وافتتحت فروعًا لها في ولايتي "إيلليونز" و"كاليفورنيا".

    ويَتَمَثل أكبر عقد تَتَحَصل عليه وتم إبرامه مع الحكومة في توفير الحماية للدبلوماسيين الأمريكيين والمرافق التابعة لهم في العراق، وقد بدأ ذلك العقد في عام 2003 بقيمة 21 مليون دولار أمريكي بالتكليف المباشرة لتوفير الحماية للحاكم الأمريكي "بول بريمير" ثم قامتِ الشركة فيما بعد بحماية السُّفراء الأمريكيين التاليين، وهما "جون نيغروبونتى"، و"زلماى خليل زاد" إضافة إلى الدبلوماسيين الآخرين والمكاتب التابعة لهم، كما أن قواتها تحمي أكثر من 90 عضوًا فى الكونجرس بالعراق بما فيهم الناطقة باسم البيت الأبيض "نانسى بيلوسى".

    واستنادًا إلى آخر سجلاَّت العقود الحكوميَّة، فلقد تَحَصَّلت شركة "بلاك ووتر" على عقود بقيمة 750 مليون دولار أمريكي منَ الحكومة فقط، وهى حاليََّا تسعى مستخدمة في ذلك ما لديها من جماعات ضغط؛ لكي تَتَحَصل على عقود في إقليم "دارفور" بالسودان لتعمل كقوة سلام، وفي مسعى منَ الرئيس "جورج بوش" لتمهيد الطريق أمام شركة "بلاك ووتر" للبدء في مهمة تدريبية هناك - قامَ برفع العقوبات عن الجزء المسيحي من جنوب السودان، ويتوقع أن تبدأ شركة "بلاك ووتر" أعمال تدريب قوات الأمن في جنوب السودان في وقت قريب جدََّا اليوم تمثل مؤسسات "فرسان مالطا" سفارات دبلوماسية في العالم ومنتشرة أيضًا ببعض الدول وفي 11 يناير 2007 نشرت وكالة Innovative Media Inc للأخبار على لسان "أندرو برتي" المسؤول الأعلى في فرسان مالطا في معرض حديثه إلى مُمَثلي 96 دولة معتمدة لدى هيئة فرسان مالطا بمناسبة اللِّقاء السَّنوي المعتاد الذي عقد في روما في تلة الأفنتينو. قال: "يجب أن يتمتع جميع حجاج العالم بحق الدخول إلى أورشليم"، معلنًا أنَّه يَوَدُّ أن يقومَ هو شخصيََّا بزيارة إلى الأراضي المقدسة في أقرب وقت.
    وذكر المسؤول الأعلى "بالتفكير المعمق الذي يدور منذ فترة بعيدة بشأن قضية الأراضي المقدسة، مذكرًا بموقف الكرسي الرسولي بشأن أورشليم - مدينة الأديان الثلاث، وفي الوقت عينه أرض مشتركة بين إسرائيل وفلسطين، وجزء من تراث البشرية بأسرها".

    وأشار: "ينبغي لهذا أن تنال مركزًا قانونيًّا خاصًّا، محميًّا على الصعيد الدولي.

    ثم قال: "إن فرسان مالطا - الذين لطالما اعتبروا حماية الأراضي المقدسة إحدى أولويات مهمتهم في رسالتهم في خدمة الكنيسة والنشاطات الإنسانية والطبية - هم على أتم الاستعداد للتعاون مع الحكومات من أجل الوصول إلى حلول عمليَّة، آخذين بعين الاعتبار المصالح الشرعيَّة للشعوب المعنية في هذه الأراضي.

    وتحدث "برتي" عن الخدمات التي تقوم بها الرَّهبنة العلمانيَّة الألفية في الأراضي المقدسة، وفي مختلف أنحاء العالم. فتحدث عن نشاط فرسان مالطا في "نيروبي" و"فيتنام" وصولاً إلى إعصار "نيو أورلينز" وإقليم "دارفور"، و"رومانيا" و"باكستان"، والكثير منَ الأماكن المُتَألِّمة منَ الكوكب؛ حيث يلتزم أكثر من 11 ألف عضو من الرهبنة - من أطباء وممرضين ومتطوعين - في خدمة البرص واليتامى والمشردين وجميع المتألمين.

    ويشير تاريخها إلى أنها من بقايا الحروب الصليبية البائدة، ومقرها داخل الفاتيكان، وأنها امتداد لما كان يسمى "فرسان الهوسبتاليين" الصليبيين. ويقتصر نشاطها حاليًّا وفيما يبدو على الأعمال الخيرية والتبرعات، وهناك ثلاث دول عربية وإسلامية تعترف بها هي: مصر والمغرب والسودان.

    اليوم تقوم شركة "بلاك ووتر" بنشاط كبير في العراق متمثلاً بأعمال التَّنصير ومحاولة نشر النَّصرانية في الأماكن النائية من العراق، ومن خلال نشر فرقها الطبية بدواعي تقديم الخدمة للعراقيين المحتاجين إضافة إلى تقديم المساعدات للعوائل العراقية النازحة داخل وخارج العراق، وقيامهم بنشر الكتب التَّبشيريَّة في المُحَافَظات الجنوبيَّة منَ العراق تحقيقًا لتَطَلُّعاتهم القديمة الحاضرة المتمثلة بأفكار فرسان مالطا التي ينتمون إليها فكرًا وعقيدة، ويسعون إلى تحقيقها وتطبيقها في الكثير من بلدان العلم، ومنها العراق.

    المصادر:

    1- وكالة الأخبار الإسلامية - نبأ.
    2- بوش أمريكا يقود الحرب الصليبية بقوات فرسان مالطة بقلم: ماجد البسيوني.
    3- فرسان مالطة.. عودة للحروب الصليبية (موقع المختصر).
    4- موقع ويكبيديا.
    5- ارة بلا دولة - تقرير: محمد جمال عرفة.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    مفهوم التنصير لغةً واصطلاحًا
    محمد السروتي

    كثيرة هي الظواهر والقضايا التي يتم تجاهلها، أو نسيان تأريخها من الباحثين والمؤرخين، وتتعدد الأهداف وتختلف الدوافع بين من يرى أنها مظاهر لا تستحق الاهتمام، أو أنها عديمة الأثر في مجرى التاريخ، وقد يكون التجاهل مقصودًا لهدف معين.

    ولا يخفى أن كلا النهجين في العمل البحثي يؤدي إلى إغفال العديد من الحقائق التاريخية المهمَّة، التي يكون الإلمام بمعرفتها ضرورة ملحة لتكوين صورة واضحة المعالم ومتكاملة الأبعاد؛ لفهم هذه الظواهر والوقوف على حيثياتها، ولاستشراف أبعادها في المستقبل.

    وقد شكل المغرب على مرِّ العصور أرضَ اللِّقَاء مع مختلف الشعوب والحضارات، أتاح لها كل الظروف الملائمة لممارسة أنشطتها الدينية والثقافية المختلفة؛ ولذلك تميز بوضعية ضاهت وضعية بعض البلدان في المشرق الإسلامي حريةً وتعايشًا، وهو ما نطقت به مختلف التفاعُلات الحضاريَّة المتبادلة، وتشهَد لذلك الوثائق والنصوص التاريخية، التي تؤكد على مصداقيَّة طابع التعايش السلمي، والتسامح الذي سادَ بين المغاربة مع مختلف الأجناس، وهو ما عبَّرت عنه النوازل الفقهية التي رسَمَت بعض فتاويها إطارًا عامًا للتعامل.

    وفي المقابل أيضًا كانت البلاد محطة للاحتكاك الحضاري والصراع العسكري، تَرَتَّب عليه تحركات لبعثات دينية غايتها افتكاك الأسر من الجانبين عن طريق مبادلتهم أو شرائهم، ولا شك أن على رأس هذه البعثات كان رجال الدين، هم الأكثر حنكة ودهاء؛ لتولي هذه المهمة التي لم تكن تخلو من صعوبة وخطورة، راحت بعض البعثات ضحيةً لها، الشيء الذي دفع بالسلطة البابوية في بعض الفترات التاريخية إلى اشتراط تحصيل ثقافة محترمة، وعدم الاقتصار فقط على الحماس الديني، الذي كانت حصيلته نتائج كارثية.

    وعليه، سأحاول في هذا المقال الوقوف على مفهوم التنصير.

    فهو في اللغة: من التنصُّر، وهو الدخول في النصرانية[1] ونصَّره تنصيرًا جعله نصرانيًّا.[2].

    وفي الاصطلاح هو: "حركة دينية سياسية استعمارية، تهدف إلى نشر النصرانية بين الأمم المختلفة عامة، وبين المسلمين خاصة"[3]، أو هو الجهد الكَنَسِي[4] الهادف إلى إدخال الشعوب في النصرانية، وتكون هذه الدعوة بين أبناء الديانات الأخرى[5]، وفي أوساط الوثنيين واللادينيين[6]، وتكون مقرونة بنبذ غيرها من الديانات الأخرى، سواء أكانت سماوية أم غير سماوية[7]، واضعة نصب عينيها هدفًا محددًا: هو "تنصير المجتمعات"، ونشر المسيحية في كل بقاع الأرض، والاستمرار في ذلك النشاط حتى نهاية الخليقة[8].

    ويقول ساسي سالم الحاج بأن التنصير: "هو الدعوة إلى اعتناق الديانة النصرانية، ونبذ غيرها من الديانات الأخرى، سواء أكانت سماوية أم غير سماوية، كما أن بعض الديانات الأخرى لا تعرف التنصير، خاصةً اليهودية المنغلقة على نفسها[9].

    إذن هو نشاط ديني يهدف إلى تنصير غير المسيحيين، وقد عرَّف صموئيل بوم ات Samuel Boom Itt من سيام التبشيرَ كما يلي: "العيش والعمل والحديث من أجل المسيح"[10]، وقد ذهب الدكتور رويو هيكو كاواوا Royohiko Kawawa إلى أبعد من ذلك، معتبرًا التبشير مطلبًا دينيًّا أساسيًّا، فقال:"التنصير يعني تحويل الناس عن الأمور الدنيوية إلى ملكوت السموات، وهذا التحويل ضرورة مطلقة؛ لأنه بدون إيقاظ الجوع الروحي، فليس هناك أمل للفرد أو المجتمع أو الجنس أو الأمة"[11].

    وللإشارة أن هناك من يرفض استخدام كلمة التبشير بين المسلمين[12]، اعتمادًا على قولهم أن النصوص القرآنية هي الفيصل في هذه المسألة، ويُورِدون بعض الآيات مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 45-47]، وغيرها من الآيات.

    ولتفصيل المصطلح أكثر "يُقصَد به ذلك الجهد الكنسي، الذي يقوم به الدعاة النصارى في الدعوة والعمل، والذي يهدفون من خلاله إلى إدخال الشعوب في الديانة النصرانية"[13]، وتتم هذه الدعوة وَفْق منهج يُسمَّى: "التخطيط التنصيري"، ويشرف عليه البابا في روما، ويُصَرِّف أموره تصريفًا مباشرًا.[14].

    والتبشير بالمعنى الاصطلاحي يطلق على دعوة إلى النصرانية، ومحاولة دفع الناس إلى الدخول فيها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة[15].

    وهو تعبير أطلقه رجال الكنيسة النصرانية على الأعمال التي يقومون بها؛ لتنصير الشعوب غير النصرانية لا سيما المسلمين، ثم يتحوَّل هدف التنصير داخل الشعوب المسلمة إلى غاية التكفير، وإخراج المسلمين عن دينهم، ولو إلى الإلحاد والكفر بكل دين[16].

    ويزعم النصارى أن هذا الأمر صدر لهم من المسيح حين قال: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعَمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس"[17]، فبموجب هذا الأمر كان لا بد لهم أن يسيروا لتبليغ النصرانية إلى الأمم، وهكذا خرج دعاة النصرانية يكرزون الأمم؛ لتنتشر في ربوع أوربا وبعض مناطق أفريقيا كالحبشة ومصر.

    وهناك من يقول: إن "الأناجيل التي يتداولها النصارى، وردت فيها الإشارة واضحة بتكليف المؤمنين بها للانطلاق إلى كل أنحاء العالم؛ لنشر تعاليم الإنجيل والدعوة إلى ما جاء به، أي: دعوة الناس إلى اعتناق النصرانية، وتعليمهم أصول هذه العقيدة وشرائعها"[18].

    وقد جاء في إنجيل متَّى: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلِّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر"[19]، وجاء في إنجيل مرقس على لسان المسيح قوله: "اذهبوا إلى العالم، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، فمَن آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن"[20].

    من هذه الأصول استمدت النصرانية مبررات ومقومات الدعوة إلى ما جاء في الإنجيل، وأطلق على هذا النشاط مصطلح "التبشير"، مشتقًا من كلمة إنجيل في اللغة اليونانية، والتي تعني "البشرى"؛ لأنه أتى ببشرى الخلاص على يد المسيح الفادي"[21]، ومن ثَمَّ فإن تقديم هذه البشرى، ونشر ما جاء فيها من تعاليم يُعَدُّ "بشارةً" و"تبشيرًا" للآخرين في رأيهم.

    وعلى هذا الأساس خرجت البعثات "التنصيرية" منذ فجر المسيحية الأول، متوجِّهةً إلى كل مكان يمكنها الوصول إليه، واضعةً نصب عينيها هدفًا محددًا: هو "تنصير المجتمعات غير النصرانية"، ونشر النصرانية في كل بقاع الأرض، والاستمرار في ذلك النشاط حتى نهاية الخليقة[22].

    وقد أطلق بعض الباحثين على هذه الحركة لفظ التبشير أو التبشير الصليبي، ومثال ذلك عمر فروخ ومصطفى خالدي في كتابَيْهما: "التبشير والاستعمار في البلاد العربية"[23]، ومحمد أمين السماعلي في كتابه: "جوانب من الغزو الفكري المعاصر"[24].

    في الختام:
    إن دراسة ظاهرة التنصير لا تخلو من أهمية نابعة بالأساس من ارتباطها بالدين، والدين في حياة الأمة ليس مسألةً فرديةً ولا أمرًا شخصيًّا، بل هي قضية وجودية للأمة ككل؛ لأنه غزو يسخر أحدث الإمكانيات وآخر المبتكرات، من أجل هدف واحد: هو السعي لزعزعة عقيدة المسلم، وتشكيكه في دينه وهُوِيَّته.

    وعليه، فالتنصير لا يقل أهمية عن حسابات الأمن الإستراتيجي، على اعتبار أنه يهدد بشكل مباشر الأمن الروحي والديني، والتيقظ ومواجهة مثل هذه الظواهر هي مسؤولية يشترك فيها الجيمع دون استثناء، كل من موقعه وزاوية عمله.
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــــ

    [1] "لسان العرب"، ابن منظور، ج: 14، مادة: نصر، ص: 161.
    [2] "القاموس المحيط"، الفيروز آبادي، ص: 436.
    [3] "الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان"، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ص: 159، بتصرف.
    [4] معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، محمد عمارة، ط: 1997، دار نهضة مصر - القاهرة، ص: 60 بتصرُّف.
    [6] "مدخل إلى تاريخ حركة التنصير"، ممدوح حسين - دار عمَّار: عمَّان، 1416هـ - 1995م - ص 21 -30.
    [7] "الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية"، ساسي سالم الحاج، مركز دراسات العالم الإسلامي، مالطا، الطبعة الأولى:1991، ج: 1 ص: 55، "الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر"، خالد نعيم، مكتبة المختار الإسلامي - القاهرة 1988 - ص: 13، بتصرف.
    [8] التبشير النصراني في جنوب السودان "وادي النيل"، إبراهيم عكاشة، دار العلوم - القاهرة - ط: 1982، ص: 20.
    [9] "الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية"، ساسي سالم الحاج، م س، ج: 1 ص:55.
    [10] "التبشير في منطقة الخليج العربي"، عبدالمالك خلف التّميمي، ص: 62.
    [11] المرجع نفسه.
    [12] "الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر"، خالد نعيم، مكتبة المختار الإسلامي - القاهرة 1988 - ص: ،13 بتصرف.
    [13] جوانب من الغزو الفكري المعاصر، محمد أمين السماعلي، ط: 1997 - ص: 105، بتصرف.
    [15] "التبشير الصليبي"، سعد الله بن السيد صالح، ص:39.
    [16] "أجنحة المكر الثلاثة"، عبدالرحمن بن حبكنة الميداني، ص: 49.
    [17] إنجيل متَّى، الإصحاح: 28، الفقرة 20.
    [18] "الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب"، كرم شلبي، مكتبة التراث الإسلامي - مصر، الطبعة: الأولى، 1412- 1991، ص: 17.
    [19] إنجيل متَّى، الإصحاح: 28.
    [20] إنجيل مرقس، الإصحاح: 16.
    [21] "في الغزو الفكري"، نذير حمدان، مكتبة الصديق - الطائف (السعودية) - بدون تاريخ، ص: 98.
    [22] "التبشير النصراني في جنوب السودان"، إبراهيم عكاشة - م س، ص: 20.
    [23] "التبشير والاستعمار في البلاد العربية"، عمر فروخ ومصطفى خالدي - م س، ص: 42.
    [24] "جوانب من الغزو الفكري المعاصر"، محمد أمين السماعلي، ط: 1997م، ص: 34.


    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    المسلمون في تشاد.. أهداف سهلة لحملات التنصير
    أحمد محمود أبو زيد

    عندما وضَع المخططُ التنصيري العالمي هدفَه الرئيس منذ عدة عقود، لتنصير القارة الأفريقية وتحويلها إلى قارة مسيحية بحلول عام 2000م، كانت تشاد في مقدمة الدول التي نالت اهتمامًا كبيرًا من المنظمات التنصيرية؛ باعتبار موقعها الاستراتيجي بالنسبة للقارة، وما تحتويه أرضُها من بترول وذهب، فقد دخلت تشاد الآن عصرَ البترول والذهب، وهي الآن أمام طفرة اقتصادية كبيرة، وهذه الطفرةُ تمثل تحديًا أمام المسلمين؛ لأنّ القوى التنصيرية تُراهن على استغلالها لدفع عجلة التنصير إلى الأمام.

    فقد كانت الميزانيةُ الأولية المخصّصة للانطلاقة التنصيرية (3.5) مليار دولار، وكان نصيب تشاد وحدها من هذه الميزانية ثلاثة مليارات دولار؛ نظراً للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لها، وفي هذا الصّـدد يقـول القس "أشو غيري" -وزير خارجية الفاتيكان-: "إنّ ما ننفقه في تشاد الآن لكونها من أفقر دول العالم، نستردّه بكلّ يسر خلال السنوات الأربع القادمة، لأنَّ أراضي تشاد من أغنى الأراضي في أفريقيا، والموظفين التشاديين كلّهم أو 90% منهم من مدارسنا".

    ومما يرجح نجاح المخططات التنصيرية في تشاد وغيرها من الدول الأفريقية، ما يتمتع به المسيحيون من سيطرة على الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية في عدد من دول القارة، وقد أعلن هذا الهدفَ صراحةً البابا "بولس الثاني" في كلمته التي ألقاها بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح في روما عام 1993م، لدى استقباله وفدَ أساقفة أفريقيا إذ قال: "ستكون لكم كنيسة أفريقية منكم وإليكم، وآن لأفريقيا أن تنهض وتقوم بمهمتها الربانية، وعليكم أيها الأساقفة تقع مسؤوليةٌ عظيمة؛ ألا وهي تنصير أفريقيا كلها"، وجند النصارى كل طاقاتهم التنصيرية والمادية والعلمية بالتنسيق الكامل بين الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي وغيرها من الهيئات التنصيرية من أجل تحقيق مطامعهم في تنصير القارة، وقام البابا السابق بثلاث زيارات خلال خمس سنوات زار فيها أفريقيا شرقًا وغربًا.

    - استراتيجية جديدة للتنصير
    وعندما جاء عامُ 2000م دون أن يتحقق هذا الحلمُ التنصيري الكبير، إذ استعصت القارة المسلمة على أن تتحول بسهولة إلى قارة مسيحية، سارع المخطط التنصيري إلى تغيير خططه وأساليبه، ووضع استراتيجية جديدة لتنصير القارة عام 2010 أو 2015م، وحسب هذه الاستراتيجية الجديدة هناك خطط جديدة لتنصير المسلمين في تشاد لكونـهم أهلَ شوكة في هذه المنطقة. فعندما أجمع الكرادلة في روما لوضع خطّة شاملة لتنصير أفريقيا كلّها، أشاروا إلى ضرورة تنصير الجزء المسلم من تشاد، فقالوا: إنّ تشاد منطقة هامة، وإنّ أيّة فكرة تظهر فيها تلقى سرعة انتشار كبيرة لوقوعها في مفترق الطرق في قلب أفريقيا، وهي مقبلة على مرحلة جديدة من الحياة الاقتصادية، وربّما تُصبح ثالث أهمّ منطقة اقتصادية في أفريقيا حسب الدوائر الاقتصادية الأمريكية.

    وتقع تشاد في قلب القارة الأفريقيّة في المنطقة الفاصلة بين أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء، تَحُدّها شمالاً ليبيا، وشرقًا السودان، وغربًا كلّ من النيجر ونيجريا والكاميرون، وجنوبًا أفريقيا الوسطى. وتأتي في المرتبة الخامسة بين دول القارة من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها 1.284000كلم2، ومع أن الأراضي التشادية من الأراضي الغنية بالثروات الطبيعية، إلا أن تشاد تُعد من الدول الفقيرة، وذلك بسبب الحروب التي دامت مدّة طويلة، ولم تستطع تشاد خلالَها استغلالَ هذه الثروات.

    يبلغ عددُ سكان تشاد 7 ملايين نسمة، حسب إحصائية عام 2001م، وتُعد كلٌّ من الفرنسية والعربية لغتين رسميتين للدولة، والعربية لغة التعامل والتخاطب بين شرائح المجتمع التشادي كافّة، وهي الدولة الوحيدة الناطقة بالعربية خارج إطار جامعة الدول العربية.

    ووصول الإسلام إلى تشاد جاء في وقت مبكر، وبالتحديد في القرن الأول الهجري عام (46هـ-666م)، وقامت فيها ثلاثُ ممالك إسلامية حكمت البلادَ 900 سنة. ولوقوعها في وسط القارة أصبحت نقطةَ انتشار للإسلام في نيجريا والنيجر والكاميرون وأفريقيا الوسطى، حيث قامت هذه الممالك الإسلامية بأثر كبير في نشر الإسلام في هذه المناطق.

    ومع قدوم موجات الاستعمار إلى أفريقيا وآسيا في مطلع القرن الماضي، خضعت تشاد للاحتلال الفرنسي عام 1918م، الذي بدأت طلائعُه الأولى منذ عام 1892م، واستمرّت السيطرة الفرنسية على البلاد لمدّة ستين سنة، وطوال هذه الفترة مارست فرنسا كلّ أنواع الترهيب والترغيب مع المسلمين ليستجيبوا لها، لكنّها لم تنجح، فقامت بإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية ورسمية اللغة العربية، وإحلال الثقافة الفرنسية مكانـها، وعندما استعصى المسلمون عليها قامت بإزالة آثار الممالك الإسلامية، وذلك بحرق المساجد والخلاوي والمدارس القرآنية، وقتل العلماء والفقهاء في مجازر جماعية.

    وأمام مقاومة الشعب التشادي وإصراره على الاستقلال، مُنحت تشاد حكماً ذاتياً محدوداً ضمن مجموعة الرابطة الفرنسية عام 1959م، ثمّ نالت استقلالَها التام عام1960م.

    - اهتمام تنصيري كبير
    وفي العقود الثلاثة الأخيرة، ومع موجات الجفاف والمجاعات التي تعرضت له أفريقيا، ازداد الغزوُ التنصيري لدول القارة، وركزت الحملاتُ التنصيرية تركيزًا خاصًّا على تشاد –كما ذكرنا– وبدا ذلك واضحًا في الميزانية المخصصة لها من قبل المخطط التنصيري التي بلغت عام 1993م ثلاثة مليارات دولار، كما بدا واضحًا في عدد المنظمات التنصيرية العاملة هناك التي بلغت عام 2002م (2160) منظمة كنسية من أهمّها: أوكسفام والإغاثة الكاثوليكية، وورد فيزيون وهذه بلغت ميزانيتها عام 2002م (40) مليون دولار أمريكي. أما عدد المنصّرين فقد بلغ في العام نفسه (6534) منصّر، بينهم (260) منصر يتقنون اللغات المحليّة، و(15) يتقنون اللغة العربية الفصحى، و(7) يحفظون القرآن الكريم، و(3) علماء في الحديث وأصول الفقه، و(30) منصر من أبناء المسلمين الذين تعلّموا في مدارسهم وتنصّروا بعد أن ارتدوا عن الإسلام. وهؤلاء جميعًا يحصلون على رواتب عالية، ويزودون بوسائل المواصلات الحديثة من طائرات خفيفة وطائرات شحن، وسيارات وقوارب ودراجات نارية عادية أو صحراوية.

    - مؤسسات ومنظمات تنصيرية
    وإذا نظرنا إلى المؤسسات والمنظمات التنصيرية التي تعمل في تشاد، وتقود الحملة التنصيرية الشرسة عليها نجد ما يلي:
    1- منظمة الآحاد التوراتية التشادية التي أنفقت مبالغ طائلة في مجال تطوير اللهجات المحلية.

    2- حركة ضد المجاعة التي أنفقت ما يزيد عن 114779071 فرنك سيفا في مجالات الصحة ورعاية الأمومة والطفل وإنشاء مشاريع التنمية لصالح الحركة، وقد آوت ما يزيد عن 2401 من الأطفال بغية تنصيرهم في المستقبل.

    3- حركة التعاون من أجل التنمية، وهي متسترة تحت غطاء: مساعدة السكان المضطهدين لرفع مستواهم المعيشي، ومكافحة مرض فقد المناعة (الإيدز) بتوزيع كميات كبيرة من أكياس الوقاية، وتنظيم ندوات ثقافية لتوعية السكان تهدف إلى تنصيرهم في المستقبل.

    3- منظمة اتفاق الكنائس والبعثات التنصيرية في تشاد، وهي متسترة بغطاء الاهتمام بالجوانب الصحية والاجتماعية والتعليم والتنمية، ولأجل تحقيق هدفها أنفقت 56 مليار فرنك سيفا.

    4 - المعهد الأفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهدفه تطويع اقتصاد الدولة لصالح المؤسسات الكنسية، ويعمل في مجالات مختلفة: منها البحوث العلمية والتنمية الزراعية وتوعية سكان الريف.

    5 - أطباء بلا حدود، وهي منظمة بلجيكية تابعة للكنيسة البروتستانتية، تهدف إلى الدعم في مجال الصحة ومساعدة المشاريع الوطنية الهادفة.

    6 - أطباء بلا حدود - لكسمبورج، وهي تعمل في مجال الصحة.

    7 - البعثة الكنسية ضد مرض الجذام، وهي منظمة بروتستانتية تعمل في مكافحة مرض الجذام، وتقدم الأحذية التي تناسب المصابين بهذا المرض.

    8 - منظمة الإغاثة الكاثوليكية للتنمية، وهي تقوم بإنشاء مراكز مهنية للمسيحيين فقط، وتساعد المسلمين بهدف تنصيرهم وقت المجاعات والكوارث الطبيعية. وتقدر نفقة مشاريعها بـ1419717198 فرنك سيفا.

    9- النظرة العالمية البروتستانتية، ومهمتها رعاية الأطفال وتخزين الغلال وحماية البيئة من التلوث وبناء المستشفيات، وقد أنفقت في سبيل ذلك 102955800 فرنك سيفا.

    10- منظمة بلاك الكنسية، وهي منظمة مكونة من خمس أسقفيات تعمل في جنوب تشاد، هدفُها الهيمنة على مجال الزراعة والتعليم وتكوين قواد مسيحيين تحت غطاء التنمية الريفية والثقافية والاجتماعية، ولها ميزانية أكبر من ميزانية الدولة ففي عام 1999م وحده أنفقت ما يزيد عن 1198281500 فرنك سيفا.

    11- منظمة التعاون العالمي التي مقرها إيطاليا، وهي تعمل تحت ستار الصليب الأحمر الدولي وإغاثة المنكوبين وتقديم المعونات للدول النامية، وقد أنفقت 124000000 فرنك سيفا لتحقيق أهدافها.

    12- الصليب الأحمر السويسري، الذي يعمل في دعم مجال الصحة وبناء مراكز للصحة وترميمها، وفي ذلك أنفقت 245272000 فرنك سيفا.

    13- جمعية بتسال البروتستانتية، وهي تقدم الدعم في مجال رعاية الأيتام بإنشاء مدارس خاصة للأيتام، وفي مجال تعليم رجال الكنيسة في القرى وإنشاء مراكز لحضانة الأطفال، وبلغت نفقاتها 45464000 فرنك سيفا.

    14- الجمعية التشادية من أجل تحسين أحوال الأسرة، وهي تعمل تحت ستار الحملة المكثفة في أوساط الشباب لمكافحة مرض فِقدان المناعة (الإيدز). وتقوم بتدريب الشبان والشابات على استعمال كيس الوقاية الذي يدعو إلى الإباحية والانحلال الخلقي، مستعملين وسائل اللهو وعرض الأفلام الخليعة التي تشمئز منها النفوس.

    15- جمعية دعم المبادرات المحلية للتنمية، وهي تابعة للكنيسة البروتستانتية، وتعمل تحت هذا الغطاء، وأنفقت 3225763 فرنك سيفا.

    16- مكتب الدعم الصحي والبيئة، وهي جمعية سويسرية تتستر في غطاء الصحة ومكافحة تلوث البيئة، وأنفقت في سبيل تحقيق ذلك 173447759 فرنك سيفا.

    17- الجمعية التشادية للتنمية، وهي تعمل في مجال الزراعة، وتقدم للمزارعين قروضًا مالية ومعدات زراعية.

    18- الجمعية العالمية للغات، وهي جمعية هدفها تطوير اللغات المحلية، وقد اختارت (11) لغة محلية في تشاد، ولها نشاطات تنصيرية خطيرة تقوم بها في تشاد، وتتلقى الدعم من أمريكا وألمانيا وسويسرا وإنجلترا وكندا والمكسيك وفرنسا والنرويج وأستراليا ومن جميع الكنائس المسيحية. وهي أخطر الجمعيات التنصيرية في تشاد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف أنفقت 42386871 فرنك سيفا.

    19- جمعية يرين تشاد، ومقرها في ألمانيا، وهي تعمل في مجال دعم المشاريع التنموية بتقديم القروض المالية لبناء المدارس ومراكز التعليم والمنح الدراسية، ولهذا الهدف أنفقت 30000000 فرنك سيفا.

    20- الجماعة من أجل تقدم قوندي، وهي منطقة تابعة لإحدى المحافظات التشادية تقوم بتمويلها الكنيسة الكاثوليكية مستترة بغطاء الصحة، وتتلقى الدعم من البعثة التنصيرية الإيطالية.

    21- دعم مجلس الكنائس العالمي، فقد نشرت الصحف العالمية أنه أنفق عشرة آلاف مليون دولار خلال عام واحد لتنفيذ خطة مرسومة، وعمل منظم، واستراتيجية طويلة الأمد، يشارك في تنفيذها عشراتُ الآلاف من المنصرين من جميع أنحاء العالم، وكان هدفها تنصير المناطق التي يسكنها مسلمون 100%.

    - نشر الثقافة الأمريكية
    ويُضاف إلى هذه الغارة الصليبية الهائلة، الصراع الفرنسي الأمريكي للهيمنة على ثروات تشاد، وسعي أمريكا الحثيث لنشر الثقافة الأمريكية والعلمانية وسط المسلمين، لتمثل تحدّيًا آخر أمام حركة الإسلام والمسلمين في تشاد، ومحاولة وضعها قوانين ولوائح تضمن لها البقاء في تشاد وفرض هيمنتها الصليبية البروتستنتية. ومن تلك المحاولات الداعية إلى العلمانية: محاولتها عرض قانون تنظيم الأسرة (الأحوال الشخصية للمسلمين)، ومن أخطر بنود هذا القانون الحريّة الجنسية التي يدّعونـها ويسمّونـها بغير اسمها وهي تحرير المرأة!

    ولتأكيد فرض هيمنتها على تشاد فإن 97% من مشروع بترول تشاد الذي تُقدّر تكلفتُه بنحو (5.24) مليار دولار، ممولة من مجموعة الشركات الأمريكية (أكسون موبيل 40% وبتروناس 35% وشفرون 25%). أمّا الثروات الأخرى كالذهب فإن هناك شركات كورية تعمل لحساب أمريكا بدأت عملها في مناطق شاسعة من البلاد.

    ومع ضخامة هذه الغارة وإمكاناتـها الكبيرة يبقى أمام التشاديين -كما هو أمام المسلمين جميعًا- أن يعدّوا العدّة لمواجهة هذه الغارة، فليس من المعقول أن يوجد في تشاد 2160 منظمة تنصيرية، في مقابل ثماني منظمات دولية إسلامية فقط.

    المراجع:
    1- الغارة الصليبية على تشاد - محمد البشير أحمد موسى - موقع المختار الإسلامي على الإنترنت – 5/1/2005م
    2- كيف نواجه التبشير في أفريقيا؟ - جمهورية التشاد نموذجًا - علي المسيري - موقع المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب - 4 إبريل 2005م
    3- التنصير في تشاد - د. حقار محمد أحمد.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    ثقافة الإرهاب في الكتاب المقدس
    د. أحمد عبدالحميد عبدالحق


    قد طال ما تأمَّلت في تاريخ اليهود بفلسطين خلال الستين عامًا الماضية، ورأيت الجرائم البشعة التي يرتكبونها صباح مساء ضدَّ المستضعفين من الفلسطينيين، تلك الجرائم التي تصيب بالغثيان كلَّ من يطلع عليها، فأخذت أتعجب:

    كيف يجرؤ اليهود على تلك الجرائم؟! وكيف ترضى بها كلُّ طوائفهم، رغم أنهم ينتمون إلى ما يقرب من تسعين جنسيَّة، والمفترض أنَّ كل جنسية تحمل ثقافة مخالفة لثقافة الجنسية الأخرى؟

    بل كيف يرضى بها ويشجعهم عليها المهيمنون على صنع القرار بأمريكا وأوربا، من المؤمنين بالصِّهيَونيَّة المسيحية، ويزودونهم بأحدث الأسلحة الفتاكة لتنفيذ جرائمهم، ويرون في تلك الجرائم إرضاءً للرَّب الذي يؤمنون به؟

    لكن عجبي قد زال عندما اطلعت على الكتاب المقدس عندهم، ورأيت ما فيه من حضٍّ على الإرهاب، وسفك الدماء والبطش بالأبرياء، والادعاء بأن هذه أوامر الله تعالى، وتنزَّه - سبحانه وتعالى - عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

    ورأيت أنها ثقافة نُشِّئوا عليها جميعًا على اختلاف لغاتهم وأجناسهم وألوانهم؛ إنها ثقافة حبِّ الانتقام من الآخرين، إذا تَمكَّنوا منهم، بعد أحقاب عاشها اليهود في الذُّل والاستعباد.

    وتلك نماذجُ اقتبستها من السِّفر المسمَّى بسفر "يشوع" أقدِّمها للقارئ؛ ليعلم على أيِّ ثقافة يُربَّى هؤلاء، وقد حرصت على أن أنسخها كما هي دون تحريف، وقصدي من كلِّ ذلك أنْ نحتاطَ لأنفسنا قبل أن نجد أنفسنا أسرى في أيدي هؤلاء، ينفذون فينا أوامر شيطانيَّة ملأت عقولهم، ولن يُنجيَنا منهم ركوعنا ولا سجودنا تحت أقدامهم.

    وأبدأ بالإصحاح الأول الذي صدرت مقدمته بهذا الأمر ليوشع: "يَشوع": "(6) تشدَّد وتشجَّع؛ لأنك أنت تقسم لهذا الشَّعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم"؛ فلا بُدَّ أن يكون اليهود مُتشدِّدين في طلباتهم ورغباتهم.

    وأمَّا المقصود بالأرض التي يزعمون أن الله قسمها لبني إسرائيل، فهي أرض الشام كلِّها، وليست فلسطين فقط؛ فقد جاء في سياق آخر على لسان يشوع: "جوزوا في وَسَطِ المحلَّة، وأْمروا الشعب قائلين: هيِّئوا لأنفسكم زادًا؛ لأنكم بعد ثلاثة أيام تعبرون الأُرْدُنَّ هذا؛ لتدخلوا فتمتلكوا الأرض التي يعطيكم الرب إلهُكم لتمتلكوها".

    "(12) ثم قال يشوع للرَّأُوبينيِّي ن والجاديِّين ونصف سِبط مِنسَّى: (13) "اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرَّبِّ قائلاً: الرب إلهكم قد أراحكم وأعطاكم هذه الأرض، (14) نساؤكم وأطفالكم ومواشيكم تلبث في الأرض التي أعطاكم موسى في عِبْرِ الأُرْدُنِّ، وأنتم تعبرون متجهِّزين أمام إخوتكم، كل الأبطال ذوي البأس، وتعينونهم (15) حتَّى يريح الرب إخوتكم مثلكم، ويمتلكوا هم أيضًا الأرض التي يعطيهم الرب إلهكم، ثم ترجعون إلى أرض ميراثكم وتمتلكونها، التي أعطاكم موسى عبد الرَّبِّ في عبر الأردنِّ، نحو شروق الشّمس".

    هذا؛ ليعلم ذلك من يظنون أنَّهم بتخلِّيهم عن مساندة الفلسطينيين سيعيشون بمأمنٍ من اعتداء اليهود عليهم في القريب العاجل.

    بل إنَّ التوراة تؤكد أن من لا يؤمن بذلك من اليهود أنفسهم مصيرُه - كما جاء في هذا السفر -: "(18) كل إنسانٍ يعصي قولك، ولا يسمع كلامك في كلِّ ما تأمره به يُقتل؛ إنَّما كن متشدِّدًا وتشجَّع".

    ومن هنا نعرف موقفهم من مَوقف مَن ينادي بمسالمة العرب، ومن يقول بضرورة الانسحاب من جزءٍ من الأراضي للفلسطينيين؛ وما حَدَثَ لرئيس الوزراء الأسبق "رابين"، الذي قتل على أيدي بعض شبابهم، الذين يلتزمون بنصوص هذا السفر - خير شاهد لذلك. وهذه التعاليم الإرهابيَّة يباح في تنفيذها كلُّ الوسائل؛ حتَّى ولو كانت الاستعانة بالعاهرات؛ فقد جاء في الإصحاح الثاني من هذا السفر: "(1) فأرسل يشوع بن نونٍ من شطِّيم رجلَين جاسوسَيْن سرًّا، قائلاً: "اذهبا، انظُرا الأرض وأريحا"، فذهبا ودخلا بيت امرأةٍ زانيةٍ، اسمها راحاب، واضطجعا هناك".

    ولا بأس أن يجعل الكتاب المقدس من تلك العاهرة - وهي من المفترض أن تكون من قوم وثنيين - فقيهة عالمة بالمجد الذي سيصل إليه بنو إسرائيل، وبالمملكة العظمى التي سيمنحها لهم الرب؛ فقد جاء في الإصحاح الثاني: "(8) وأمَّا هما فقبل أن يضطجعا، صعدت إليهما إلى السَّطح (9) وقالت: "علمت أنَّ الرَّب قد أعطاكم الأرض، وأنَّ رعبكم قد وقع علينا، وأنَّ جميع سكَّان الأرض ذابوا من أجلكم؛ (10) لأنَّنا قد سمعنا كيف يبَّس الرب مياه بحر سوف قدَّامكم، عند خروجكم من مصر، وما عملتموه بملكَي الأموريِّين اللذَيْن في عبر الأردنِّ: سيحون وعوج، اللذَيْن حرَّمتموهما، (11) سمعنا فذابت قلوبنا، ولم تَبْقَ بعدُ روحٌ في إنسانٍ بسببكم؛ لأنَّ الرَّب إلهكم هو اللَّه في السَّماء من فوق، وعلى الأرض من تحت".

    وفي الإصحاح الثالث: "قال يشوع: بهذا تعلمون أنَّ اللَّه الحيَّ في وسطكم، وطردًا يطردُ مِن أمامكم الكنعانيِّين، والحثيِّين، والحوِّيِّين، والفرزِّيِّين، والجرجاشيِّين، والأموريِّين، واليبوسيِّين...".

    ولماذا يفعل الله الحي ذلك بالكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين وغيرهم؟ ألأنَّهم مشركون بالله؟ فلماذا لم يكلِّف بني إسرائيل بدعوتهم للتوحيد؟ أو لأنَّهم أعداء لِبني إسرائيل؟ فمن أين جاءت تلك العداوة؟ وأي عداوة، وأيُّ شرٍّ نال بني إسرائيل من هؤلاء وهم لم يساكنوهم، ولم يجاوروهم من عقود طويلة؛ حيث كان بنو إسرائيل بمصر مُدة طويلة، وبعد خروجهم قضَوْا في التِّيه أربعين سنة؟

    وإذا كانت العداوة قديمة، فما ذنب الجيل الجديد الذي لم يَرَ جريرة آبائه ولا أجداده؟ إذًا فالتفسير الوحيد لذلك هو أسلوب الإرهاب الذي يستخدم مع أناس بريئين لطردهم من بلادهم؛ بحجة أن الرَّب منحها لهم، ووعدهم بها.

    وتُكَرس تلك الثقافة الإرهابية في الإصحاح الخامس من هذا السفر، الذي يقوم كلُّه على بثِّ الرعب في قلوب الناس - بأن ربَّ بني إسرائيل يذيب قلوب الناس ويملؤها رعبًا؛ ليستسلموا فقط أمام بني إسرائيل، ويتركوا لهم بلادهم وديارهم وأموالهم، وبدون أيِّ جريمة منهم، أو فعل يستحِقُّ العقوبة من السماء، وتأمَّل معي - أيها القارئ العزيز - هذه العبارة: "وعندما سمع جميع ملوك الأموريِّين الذين في عبر الأردنِّ غربًا، وجميع ملوك الكنعانيِّين الذين على البحر - أنَّ الرَّب قد يبَّس مياه الأردنِّ من أمام بني إسرائيل حتَّى عبرنا؛ ذابتْ قلوبهم ولم تبقَ فيهم روحٌ بعد؛ من جرَّاء بني إسرائيل".

    بل ملائكة السماء سخِّرت من أجل البطش بكل من هم غير اليهود، وهذا ما يفهم من تلك العبارة : "(13) وحدث لَمَّا كان يشوع عند أريحا أنَّه رفع عينيه ونظر، وإذا برجلٍ واقفٍ قُبالَته، وسيفه مسلولٌ بيده، فسار يشوعُ إليه، وسأله: هل لنا أنت أو لأعدائنا؟ (14) فقال: كلاَّ، بل أنا رئيس جُند الرَّبِّ، الآن أتيت".

    وما دامت الملائكة جُند الله هم رَهْن إشارة اليهود ضدَّ أعدائهم، الذين لم تَذْكُر لنا التوراة جريمةً لهم سوى أنهم ليسوا من الشعب المختار لله، فلا بأس إذًا أن يكون الناس في الشرق والغرب مقرين بأن لبني إسرائيل الحق في أن يمارسوا الإرهاب، ويغتصبوا أموال الناس وديارهم وبلادهم دون أن يعترض عليهم أحد، ما دام ذلك هو أمر الربِّ.

    بل الأدهى من ذلك أنْ صار الكثيرون يؤمنون بوجوب مساعدة اليهود في ممارسة ذلك، والضرب بيدٍ من حديد على من يحاول أن يدافع عن حقِّه؛ دفاعًا عن مطامعهم.

    فكم سمعنا من رؤساءَ وملوك في أمريكا وأوربا، بل من أمناء الأمم المتحدة بأن توفير الأمن لإسرائيل - الذي يقصد به الوقوف معها ضد العرب المطالبين بحقوقهم المغتصبة - هو واجب عليهم، وأن أمن إسرائيل خطٌّ أحمر لا يجوز تخطِّيه، وأن على العرب أن يقبلوا بذلك ويسلِّموا به، إذا كانوا يريدون أن تظلَّ علاقتهم بأمريكا والغرب حميمة.

    وأمَّا عن أسلوب الحصار والتضييق على سكان فلسطين من غير اليهود؛ حتَّى يموتوا أو يفروا من ديارهم - فليس وليد الساعة، وإنَّما هي تعاليم مسجلة في التوراة، وثقافة يُنشَّأ عليها من يتَرَبَّى على تعاليمها، ومن يشك في ذلك فليراجع ما جاء في مُقدمة الإصحاح السَّادس من سفر "يشوع": "(1) وكانت أريحا مغلَّقةً مقفَّلةً بسبب بني إسرائيل، لا أحدٌ يخرج ولا أحدٌ يدخل".

    وهؤلاء المحاصرون، المصير الذي ينتظرهم هو أمر الرب كما زعموا؛ "(2) فقال الرب ليشوع: انظر، قد دفعت بيدك أريحا، وملكها جبابرة البأس، (3) تدُورون دائرةَ المدينة، جميع رجال الحرب، حول المدينة مرَّةً واحدةً، هكذا تفعلون ستَّة أيَّامٍ، (4) وسبعة كهنةٍ يحملون أبواق الهتاف السَّبعة أمام التابوت، وفي اليوم السَّابع تدورون دائرة المدينة سبع مرَّاتٍ، والكهنة يضربون بالأبواق، (5) ويكون عند امتداد صوت قرن الهتاف عند استماعكم صوتَ البوق - أنَّ جميع الشَّعب يهتف هتافًا عظيمًا، فيسقط سور المدينة في مكانه، ويصعد الشَّعب كل رجلٍ مع وجهه... (16) وكان في المرَّة السَّابعة عندما ضرب الكهنة بالأبواق أنَّ يشوع قال للشَّعب: اهتفوا؛ لأنَّ الرَّب قد أعطاكم المدينة، (17) فتكون المدينة وكل ما فيها محرَّمًا للرَّبِّ"؛ أيْ: مباحٌ قتله.

    ويبدو أن هذا الكلام قد سجِّل في عصر استضعاف من اليهود؛ لذا كانت أساليب الترهيب فيه تُنسب إلى نواميس السماء، أما وقد تغيَّر الحال، وصارت الأسلحة والمساعدات تأتي إليهم من كل حَدَبٍ وصَوْب؛ فإنَّ الدوران حول المدن المحاصرة ليس بالأبواق التي تحملها الكهنة، وإنَّما بالطائرات والمدرَّعات والدبابات والصواريخ التي تحيط بالمدن الفلسطينية المحاصرة من كلِّ اتجاه.

    هذا الإرهاب الذي يجعل المحاصرين يهيمون على وجوههم تاركين ديارهم لليهود؛ كما تقول هذه العبارة: "فسقط السُّور في مكانه، وصعد الشَّعب إلى المدينة، كل رجلٍ مع وجهه، وأخذوا المدينة، (21) وحرَّموا - أيْ: أبادوا كلَّ ما في المدينة من رجلٍ و
    امرأةٍ، من طفلٍ وشيخٍ، حتَّى البقر والغنم والحمير بحدِّ السَّيف".

    وأمَّا عن مصير أموال أهل تلك المُدن التي سقطت في أيديهم، فهو كما جاء في الإصحاح السادس: "(19) وكل الفضَّة والذَّهب وآنية النُّحاس والحديد تكون قدسًا للرَّبِّ، وتدخل في خزانة الرَّبِّ".

    فاعتبروا يا أولي الألباب، من أهل البلاد التي تجاور اليهود قبل أن يكون ذلك مآلكم، وإلاَّ فستسمعون عن المزيد من الإرهاب والمآسي الَّتي يصوِّرها الإصحاح الثامن في تلك العبارة: "(1) فقال الرَّبُّ ليشوع: لا تَخَفْ ولا ترتعب، خذ معك جميع رجال الحرب، وقم، اصْعدْ إلى عايٍ، انظُر، قد دفعت بيدك ملك عايٍ وشعبه ومدينته وأرضه، (2) فتفعل بعايٍ وملكها كما فعلت بأريحا وملكها، غير أنَّ غنيمتها وبهائمها تنهبونها لنفوسكم، جعل كمينًا للمدينة من ورائها، (3) فقام يشوع وجميع رجال الحرب للصُّعود إلى عايٍ، وانتخب يشوع ثلاثين ألف رجلٍ جبابرة البأس وأرسلهم ليلاً، (4) وأوصاهم: انظُروا، أنتم تكمنون للمدينة من وراء المدينة، لا تبتعدوا من المدينة كثيرًا، وكونوا كلكم مستعدِّين، (5) وأمَّا أنا وجميع الشَّعب الذي معي فنقترب إلى المدينة، ويكون حينما يخرجون للقائنا كما في الأول أنَّنا نهرب قدَّامهم، (6) فيخرجون وراءنا حتَّى نجذبهم عن المدينة؛ لأنَّهم يقولون: إنَّهم هاربون أمامنا كما في الأول، فنهرب قدَّامهم، (7) وأنتم تقومون من المكْمَن وتملكون المدينة، ويدفعها الرَّبُّ إلهكم بيدكم، (8) ويكون عند أخذكم المدينة أنَّكم تضرمون المدينة بالنَّار، كقول الرَّبِّ تفعلون، انظُروا، قد أوصيْتُكم، (9) فأرسلهم يشوع، فساروا إلى المكْمَن، ولبثوا بين بيت إيلٍ وعايٍ غربيَّ عايٍ، وبات يشوع تلك اللَّيلة في وسط الشَّعب، (10) فبكَّر يشوع في الغد وعدَّ الشَّعب، وصعد هو وشيوخ إسرائيل قدَّام الشَّعب إلى عايٍ، (11) وجميع رجال الحرب الذين معه صَعِدوا وتقدَّموا وأتوا إلى مقابل المدينة، ونزلوا شماليَّ عايٍ، والوادي بينهم وبين عايٍ، (12) فأخذ نحو خمسة آلاف رجلٍ وجعلهم كمينًا بين بيت إيلٍ وعايٍ غربيَّ المدينة، (13) وأقاموا الشَّعب، أي كلُّ الجيش الذي شماليَّ المدينة، وكمينه غربيَّ المدينة، وسار يشوع تلك اللَّيلة إلى وسط الوادي، (14) وكان لَمَّا رأى ملك عايٍ ذلك أنَّهم أسرعوا وبكَّروا، وخرج رجال المدينة للقاء إسرائيل للحرب هو وجميع شعبه في الميعاد إلى قدَّام السَّهل، وهو لا يعلم أنَّ عليه كمينًا وراء المدينة، (15) فأعطى يشوع وجميع إسرائيل انكسارًا أمامهم، وهربوا في طريق البرِّيَّة، (16) فأُلقِيَ الصَّوت على جميع الشَّعب الذين في المدينة للسَّعي وراءهم، فسَعَوا وراء يشوع، وانجذبوا عن المدينة، (17) ولم يبقَ في عايٍ أو في بيت إيلٍ رجلٌ لم يخرج وراء إسرائيل، فتركوا المدينة مفتوحةً وسعَوا وراء إسرائيل، (18) فقال الرَّبُّ ليشوع: مدَّ المزراق الذي بيدك نحو عايٍ؛ لأنَّي بيدك أدفعها، فمدَّ يشوع المزراق الذي بيده نحو المدينة، (19) فقام الكمين بسرعةٍ من مكانه وركضوا عندما مدَّ يده، ودخلوا المدينة وأخذوها، وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار، (20) فالتفت رجال عايٍ إلى ورائهم ونَظَروا، وإذا دخانُ المدينة قد صعد إلى السَّماء، فلم يكن لهم مكانٌ للهرب هنا أو هناك، والشَّعب الهارب إلى البرِّيَّة انقلب على الطَّارد، (21) ولَمَّا رأى يشوع وجميع إسرائيل أنَّ الكمين قد أخذ المدينة، وأنَّ دخان المدينة قد صعد، انثَنَوا وضربوا رجال عايٍ، (22) وهؤلاء خرجوا من المدينة للقائهم، فكانوا في وَسَطِ إسرائيل، هؤلاء من هنا، وأولئك من هناك، وضربوهم حتَّى لم يبقَ منهم شاردٌ ولا منفلتٌ، (23) وأمَّا ملك عايٍ فأمسكوه حيًّا وتقدَّموا به إلى يشوع، (24) وكان لَمَّا انتهى إسرائيل من قتل جميع سكَّان عايٍ في الحقل في البرِّيَّة حيث لحقوهم، وسقطوا جميعًا بحدِّ السَّيف حتَّى فَنَوا - أنَّ جميع إسرائيل رجع إلى عايٍ وضربوها بحدِّ السَّيف، (25) فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجالٍ ونساءٍ اثني عشر ألفًا، جميع أهل عايٍ، (26) ويشوع لم يردَّ يده الَّتي مدَّها بالحربة حتى حرَّم - أي: أباد - جميع سكَّان عايٍ، (27) لكنَّ البهائم وغنيمةَ تلك المدينة نهبها إسرائيل لأنفسهم حَسَبَ قول الرَّبِّ الذي أمر به يشوع، (28) وأحرق يشوع عاي، وجعلها تلاًّ أبديًّا خرابًا إلى هذا اليوم، (29) وملك عايٍ علَّقه على الخشبة إلى وقت المساء".

    وعند غروب الشَّمس أمر يشوع فأنزلوا جثَّته عن الخشبة، وطرحوها عند مدخل باب المدينة، وأقاموا عليها رجمةَ حجارةٍ عظيمةً إلى هذا اليوم.

    وما جريمة هذا الملك الذي قُتِل بعد أسره، وحرِّق جثمانه بعد قتله، ثم صلب ورجم، كل ذلك بعد موته؟

    لم يخبرنا سفر يشوع بجريمته؛ ولذلك لا أجد له تفسيرًا غير ثقافة الإرهاب، التي يغرسها الكتاب المقدس في قلوب أتباعه، التي وصفت في القرآن الكريم بأنها كالحجارة أو أشد قسوة.

    فما أقساه من إرهاب؛ ولذا لا نعجب عندما نقرأ عن عشرات القُرى التي أبيدت على أيديهم بفلسطين في القرن الماضي، فلنخشَ أن تدور علينا الدائرة، ونمكِّن اليهود من رقابنا، فهذا حكمهم فينا ينتظر الجميع.
    ومن المدهش أنَّ تعاليم التوراة تُثني على من يخون أهله من أبناء الأمم الأخرى، ويتعاون مع اليهود ضدَّهم، ولو كان مثل المرأة العاهرة البغي، التي ارتكبت تُهمة الخيانة العظمى ضدَّ بني جنسها، وآوت الجواسيس، وكأنَّ كتاب التوراة يقولون: لا بأس أن يكون المرء عاهرًا بغيًّا، ولا بأس أن يكون خائنًا لقومه، فلا يضير ذلك عند الرب ما دام ذلك يَخدم مصلحة الشعب الإسرائيلي، فانظر - أيها القارئ الكريم - إلى ما جاء في الإصحاح السادس من سفر "يوشع": "راحاب الزَّانية فقط تحيا هي وكل من معها في ابيت؛ لأنَّها قد خبَّأت المرسلَيْن اللذين أرسلناهما"؛ فأيُّ إله هذا الذي يأمر بمثل ذلك؟

    "(22) وقال يشوع للرَّجلين اللذَيْن تجسَّسا الأرض: ادخلا بيت المرأة الزَّانية، وأخرجا من هناك المرأة وكلَّ ما لها كما حلفتما لها، (23) فدخل الجاسوسان، وأخرجا راحاب وأباها وأمَّها وإخوتها وكلَّ ما لها وكلَّ عشائرها، وتَرَكاهم خارج محلَّة إسرائيل، (24) وأحرقوا المدينة بالنَّار مع كلِّ ما بها، إنَّما الفضَّة والذَّهب وآنية النُّحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرَّبِّ، (25) واستحيى يشوع راحاب الزَّانية وبيت أبيها وكلَّ ما لها، وسكنت في وسط إسرائيل إلى هذا اليوم؛ لأنَّها خبأت المرسلَيْن اللذَيْن أرسلهما يشوع ليتجسَّسا أريحا".

    ولكن نصيحة أقدمها لمن يركن إلى اليهود، ويعاملهم ويتقرَّب إليهم، ولو على حساب شعبه - أنَّ سماحة اليهود مع مثل تلك المرأة العاهرة الخائنة ليست عامَّة، وأن أيَّ إنسان مهما قدَّم لهم لن ترقى مكانته عندهم فوق مرتبة العبد أو الخادم لهم، وهذا ما يؤكِّدُه الإصحاح التاسع من سفر "يشوع" الذي جاء فيه: "(3) وأمَّا سكَّان جبعون لَمَّا سمعوا بما عمله يشوع بأريحا وعايٍ (4) عملوا بغدرٍ، ومَضَوا ودارُوا وأخذوا جوالقَ باليةً لحميرهم، وزقاق خمرٍ باليةً مشقَّقةً ومربوطةً، (5) ونعالاً باليةً ومرقَّعةً في أرجلهم، وثيابًا رثَّةً عليهم، وكلُّ خبز زادُهم يابسٌ قد صار فتاتًا، (6) وساروا إلى يشوع إلى المحلَّة في الجلجال، وقالوا له ولرجال إسرائيل: من أرضٍ بعيدةٍ جئنا، والآن اقطعوا لنا عهدًا، (7)، فقال رجال إسرائيل للحوِّيِّين: لعلَّك ساكنٌ في وسطي، فكيف أقطع لك عهدًا؟ (8) فقالوا ليشوع: عبيدك نحن، فقال لهم يشوع: من أنتم، ومن أين جئتم؟ (9) فقالوا له: من أرضٍ بعيدةٍ جدًّا جاء عبيدك على اسم الرَّبِّ إلهك؛ لأنَّنا سمعنا خبره وكلَّ ما عمل بمصر، (10) وكلَّ ما عمل بملكي الأموريِّين اللذَيْن في عبر الأردنِّ، سيحون ملك حشبون، وعوج ملك باشان الذي في عشتاروث، (11) فكلَّمنا شيوخنا وجميع سكَّان أرضنا قائلين: خذوا بأيديكم زادًا للطَّريق، واذهبوا للقائهم، وقولوا لهم: عبيدكم نحن، والآن اقطعوا لنا عهدًا، (12) هذا خبزنا سخنٌ، تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا؛ لنسير إليكم، وها هو الآن يابسٌ قد صار فتاتًا، (13) وهذه زقاق الخمر الَّتي ملأناها جديدةٌ، هي ذي قد تشقَّقت، وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطَّريق جدًّا، (14) فأكل الرِّجال من زادهم، ومن فم الرِّبِّ لم يسألوا.

    (15) فعمل يشوع لهم صلحًا، وقطع لهم عهدًا لاستحيائهم، وحلف لهم رؤساء الجماعة، (16) وفي نهاية ثلاثة أيَّامٍ بعدما قطعوا لهم عهدًا سَمِعوا أنَّهم قريبون إليهم، وأنَّهم ساكنون في وسطهم، (17) فارتحل بنو إسرائيل وجاؤوا إلى مُدنهم في اليوم الثَّالث، ومدنهم هي: جبعون، والكفيرة، وبئيروت، وقرية يعاريم، (18) ولم يضربهم بنو إسرائيل؛ لأنَّ رؤساء الجماعة حلفوا لهم بالرَّبِّ إله إسرائيل.

    فتذمَّر كل الجماعة على الرُّؤساء، (19) فقال جميع الرُّؤساء لكلِّ الجماعة: إنَّنا قد حلفنا لهم بالرَّبِّ إله إسرائيل، والآن لا نتمكَّن من مسِّهم.

    (20) هذا نصنعه لهم ونستحييهم فلا يكون علينا سخطٌ من أجل الحلف الذي حلفنا لهم، (21) وقال لهم الرُّؤساء: يحيَون ويكونون محتطبي حطبٍ ومستقي ماءٍ لكلِّ الجماعة كما كلَّمهم الرُّؤساء.

    (22) فدعاهم يشوع، وقال لهم: لماذا خدعتمونا قائلين: نحن بعيدون عنكم جدًّا، وأنتم ساكنون في وسطنا؟ (23) فالآن ملعونون أنتم، فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت إلهي.

    (25) والآن نحن بيدك، فافعل بنا ما هو صالحٌ وحقٌّ في عينيك أن تعمل، (26) ففعل بهم هكذا، وأنقذهم من يد بني إسرائيل فلم يقتلوهم، (27) وجعلهم يشوع في ذلك اليوم محتطبي حطبٍ ومستقي ماءٍ للجماعة ولمذبح الرَّبِّ إلى هذا اليوم، في المكان الذي يختاره".

    أرأيتم يا من تعدون العُدَّة، وتجمعون أوراقكم، وتشدُّون الرحال لمصالحة ومسالمة اليهود، وتتبرَّؤون من المضطهَدين في فلسطين ونصرتهم، وتقدِّمون الأيمان على أنكم لهم طائعون، أرأيتم مصير من فعل ذلك من الأسلاف؟ مصيره اللعنة، وأن يكون خادمًا يجمع الحطب، ويسقي الماء لسادةِ اليهود في مُقابل أن يمُنُّوا عليهم بالحياة؛ كما تنصُّ هذه العبارة: "(23) فالآن ملعونون أنتم، فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء لبيت إلهي"؛ فاختاروا لأنفسكم.
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: مقالات وتقارير عن التنصير

    الصليبيون الجدد حرب على الإسلام متعددة الوسائل والأشكال
    أحمد محمود أبو زيد

    عداء الصليبيَّة للإسلام وأهلِه عداءٌ قديم، ومعروف للجميع منذ جاءت الحملات الصليبية العسكرية واستولتْ على الشرق الإسلامي عدَّة قرون، وسَعَتْ لإضعافه والسيطرة على مقدَّراته، ونهب ثرواته وخيراته.

    وعندما انتهت الحروب الصليبية بلا رجعةٍ، استمرَّ عداؤهم للإسلام، وظهر الصليبيون المحاربون في صورة جديدة، لبسوا فيها ثوبَ الاستِشْراق تارة، وثوب التبشير بالمسيحية تارة أخرى، وجاؤوا إلى الشرق الإسلامي، ومهَّدوا الطريق للاستعمار الغربي الصليبي، الذي جاء ليحتلَّ البلاد الإسلامية، ويسيطِر على أهلها، وينهب ثرواتها، ويتآمر على إسقاط الخلافة الإسلامية في تركيا عام 1924م؛ للقضاء على وحدة المسلمين، وزرع الفُرقة والخلاف بينهم، عملاً بقاعدة: "فرِّقْ تَسُدْ"، ثم ذهب هذا الاستعمارُ مع إصرار أهل هذه البلدان على التحرُّر من براثنه وأغلاله، ولكن ترك أشتاتًا إسلامية ممزقة ومتفرقة، لا تجمعها كلمةٌ، ولا يوحدها صف.

    محاربة الوحدة الإسلامية:
    والفُرقة لا بُد أن يصاحبها ضعفٌ وعجز عن مقاومة العدو المتآمر، يقول القس "سيمون": "إن الوحدة العربية الإسلامية تجمع آمالَ الشعوب الإسلامية، وتساعد على التخلص من السيطرة الأوروبية، ومن أجل ذلك يجب أن نعمل على كَسْرِ شوكة هذه الحركة، وتحويل اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية".

    ويقول المنصِّر "لورانس براون": "إذا اتَّحد المسلمون في إمبراطورية عربيَّة أمكن أن يصبحوا لعنةً على العالم وخطرًا، أو أمكن أن يصبحوا أيضًا نعمة له، أما إذا بقوا متفرِّقين فإنهم يظلون حينئذٍ بلا وزن ولا تأثير".

    وفي عام 1907م عُقِد مؤتمر أوروبي كبير ضَمَّ أضخمَ نخبةٍ من المفكرين والسياسيين الأوروبيين برئاسة وزير خارجية بريطانيا، الذي قال في خطاب الافتتاح: "إنَّ الحضارة الأوروبية مهدَّدة بالانحلال والفناء، والواجب يقضي علينا أن نبحث في هذا المؤتمرِ عن وسيلة فعَّالة تَحُول دون انهيار حضارتنا".

    واستمرَّ المؤتمر شهرًا من الدراسات والنقاش، واستعرض المؤتمرون الأخطارَ الخارجية التي يمكن أن تَقضي على الحضارة الغربية الآفلة، فوجدوا أنَّ المسلمين هم أعظم خطر يهدد أوروبا، فقرَّر المؤتمرون وضعَ خطة تقضي ببذل الجهود لمنع إيجاد أيِّ اتِّحاد أو اتفاق بين دول الشرق الأوسط؛ لأن الشرق الأوسط المسلِم المتَّحد يشكل الخطر الوحيد على مستقبل أوروبا، وأخيرًا قرَّروا إنشاء قومية غربية يهودية معادية للعرب والمسلمين شرقي قناة السويس؛ ليبقى المسلمون متفرِّقين، وبذلك أرستْ بريطانيا أسسَ التعاون والتحالف مع الصِّهْيَوْنِيّ َة العالمية، وقامت بذلك دولة "إسرائيل".

    إبعاد المسلمين عن دينهم:
    وبعد ضربِ الوحدة الإسلامية تسعى الصليبيةُ - بالتعاون مع القوى المعادية الأخرى - لإبعاد المسلمين عن دينهم، وقطعِ صلتهم بالله بشتَّى الوسائل؛ ليتحللوا من نظام الإسلام، ويسيروا في الإلحاد والإباحية، ولجؤوا في تحقيق هذا الهدف إلى مجموعة من الوسائل، منها:
    1- محاربة القرآن الكريم وتشويه أحكامه: فالصليبية تعتبر القرآنَ المصدرَ الرئيس لقوة المسلمين، وعودتهم إلى سالف عزِّهم، وماضي قوتهم وحضارتهم، فقد قال "جلادستون" في مجلس العموم البريطاني، وهو يرفع المصحف: "ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرةَ على الشرق الإسلامي، ولا أن تكون هي نفسها في أمان".

    ويقول المنصِّر "وليم جيفورد": "متى توارَى القرآنُ ومدينة مكة عن بلاد العرب، يُمكننا أن نرى العربي يتدرَّج في طريق الحضارة الغربية، بعيدًا عن محمد وكتابه".

    وقد سَعَوْا في سبيل حربِهم للقرآن الكريم إلى التشكيك في أحكامه، والدس فيه، إلا أن محاولاتهم قد باءت بالفشل؛ لأن الحق سبحانه قد تكفل بحفظه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

    ولقدِ استمرَّت الحملاتُ والمطاعن تَنتقِل من جيلٍ إلى جيل، ومن ميدان إلى ميدان، حتى جاء الاستِشْراق والمستشرقون، والتنصير والمنصِّرون، والاستعمار، وإذا بالنغمة تتكرر، وإذا بالسيوف تشهر، وإذا بالمطاعن تنتشر، فتارة يتهمون القرآن بالتناقض، وتارة باللحن، وأخرى بفساد النظم، ورابعة بإنكار الإعجاز، وخامسة بأنه من صنع النَّبي... إلى ما ساق لهم الحقدُ والهوى من ألوان التُّهم، حتى لم يتركوا عيبًا إلا ونسبوه إلى القرآن وألصقوه به، وقد استوى في ذلك القدماءُ والمحدَثون، الشرقيون والغربيون، فيقول المستشرق "جولد تسيهر": "ومن العسير أن تستخلص من القرآن نفسِه مذهبًا عقديًّا موحَّدًا خاليًا من المتناقضات، ولم يَصلْنا من المعارف الدينية الأكثر أهمية وخطرًا إلا آثارٌ عامة، نجد فيها أحيانًا تعاليمَ متناقضةً".

    وقد لجأ الصليبيون للدعوة إلى ترجمة القرآن؛ ليسهل عليهم إثارةُ الجدل حوله، ونقدُه، ووضعُ الشكوك في أحكامه، ففي سنة 1122م قام الراهب "بطرس الغنرايلي" رئيس دير كولونيا بفرنسا بالدعوة إلى ترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية؛ حتى يسهل على رجال الدين المسيحي هناك مناقشتُه والطعنُ فيه، وقد قام بهذه الترجمةِ راهبان من رُهبانِهم، هما: روبرت وهرمان، وأتمَّا الترجمةَ وظلَّت محفوظة في عدة نسخ تتداولُها الأديرة، إلى أن تم طبعُها في مدينة بال بسويسرا عام 1543م؛ أي بعد أربعمائة سنة.

    2- الطعن في الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتشويه سيرته: فالمستشرقون والمنصرون يسعَوْن بكل قُواهم لتشويه صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم، والطعن في سيرته ودعوته.

    فهم يزعمون أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدأ دعوته كرسول ومصلح، ولم يكن يخطر بباله أن يكون قائدًا أو مؤسِّسًا لدولة حتى هاجر إلى المدينة، فبدأت تَجُول بذهنه وخاطره فكرةُ إنشاء دولة، ويستدلُّون على هذا الإفك بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان في مكة مسالمًا، لا يقاوم أعداءه بحرب ولا قتال، ولكنه في المدينة خاض مع أعدائه المعارك الدامية.

    ويزعم هؤلاء المستشرقون المتعصبون وغيرهم من قسيسين ورهبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يميل إلى النساء؛ لذلك سمح لأتباعه بتعدُّد الزوجات، وتوفي هو عن تسع زوجات.

    وإلى جانب هذا لجؤوا إلى الدس في السنة النبوية المطهرة، والتشكيك فيها من نواحٍ متعددة، ظانِّين أنهم بذلك يهدمون أهمَّ صرح في البنيان الإسلامي العتيد.

    3- السعي إلى تشويه صورة الإسلام في المجتمعات الغربية بشتى الطرق والوسائل؛ لتأمين الغربيين من الدخول فيه، وقد عرض التليفزيون البريطاني منذ مدة فيلمًا يحمل اسمَ "سيف الإسلام"، صوَّر المسلمين بأنَّهم إرهابيُّون وسفَّاكو دماء، وأنهم يحملون سيوفَهم لنشر الإسلام، وإرغام الناس على الدخول فيه، وأنَّهم أناس متخلفون ومتأخرون؛ نتيجة تمسكهم بدينهم.

    فشرُّ ما قامتْ به حملات التحامل على الإسلام مِن قِبل الصليبية الكافرة، هو اتهامه بالباطل، وتشويه حقائقه الناصعة المشرقة، ووضعه موضع المتهَم، وكان ذلك في اتفاق مبيَّت، وتدبير محكم بين المستشرقين والمنصرين، وهم رسل الاستعمار، وكأنهم جميعًا أمام متهم لا بد أن يدينوه، وأن يلصقوا به التُّهم الكاذبة، مع براءته وسلامته من كل عيب ونقص، وتلك النية المبيتة في الحكم تُفضي دائمًا إلى نتائجَ واحدةٍ ومتشابهة، حتى لقد أصبحت التهم والأباطيل معروفةً ومكررة؛ لكثرة ما توارد منها.

    وهكذا يستمر الخصام، ويستمر الاتهام للإسلام قديمًا وحديثًا، ولا يخجل هؤلاء المستشرقون أو أكثرهم على الأصح، بعد أن ظهرت أكاذيبهم، واندحرت افتراءاتهم، وباءت مؤامراتهم بالخيبة والفشل، وبقي الإسلام - وسيبقى بحفظ الله له - كالطود الشامخ.

    4- نشر العلمانية بين المسلمين؛ حتى يتم إقصاء الإسلام عن مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يَخرج عن جدران المساجد، والعلمانيةُ - باختصار شديد - هي فصل الدين عن الدولة، والزعم بأنه "لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين"، وبأن الإسلام ليس فيه نظام حُكم، وإنما هو مجموعة من العبادات التي يؤديها المسلم بينه وبين ربه، ولا علاقة له بشؤون الحياة. وقد ظهر هذا المذهبُ في المجتمعات الغربية؛ نتيجة تسلُّط الكنيسة على مجالات الحياة، ووقوفها في وجه العلم والتقدم، أما الإسلام فيختلف عن المسيحية في أنه نظام شامل وكامل للحياة بكل ما فيها، ففيه النظام السياسي والاقتصادي، وفيه التشريع والمعاملات والعبادات، ولا يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة الإنسان إلا ويشملها، ولكن الاستعمار والصليبية استطاعوا نشرَ العلمانية بين المسلمين، حتى صار لها أنصار ومؤيدون، وأذناب وأبواق فارغة، يَدْعون إليها، ويروِّجون لها.

    5- الغزو الفكري والثقافي للبلاد الإسلامية: فقد أدرك المستعمرون أن الغزو العسكري لم يَعُد مُجديًا للسيطرة على البلاد الإسلامية؛ حيث هب المسلمون لتحرير أرضهم، ورفضوا الخضوع للاستعمار، ومن هنا لجؤوا إلى غزْوٍ آخَر أشدَّ فتكًا وخطرًا من الغزو العسكري، وهو الغزو الفكري والثقافي، الذي يسعى لنشر الأفكار والمبادئ والعادات والتقاليد الغربية بين المسلمين، ومحاربة الأفكار والمبادئ الإسلامية، وتشويهها باسم الحضارة والتقدم؛ لضرب الهُوية الإسلامية، وتحويل المسلمين إلى أناس لا هوية لهم.
    وقد اعتمد هذا الغزوُ الجديد على وسائل الإعلام بشتى أنواعها؛ كالصحف والإذاعة والتليفزيون والفيديو، والأقمار الصناعية والبث المباشر.

    6- إفساد المرأة المسلمة: وذلك بالدعوة إلى تحريرها من قيود الفضيلة، وتبرجها، ومساواتها بالرجل في كل شيء، وخروجها إلى العمل، ومخالطتها للرجال في كل مكان دون مراعاة للقيم والأخلاق، ولا غرابة أن الاستعمار الصليبي كان من وراء دعوة تحرير المرأة، التي ظهرت في مصر في بداية القرن الماضي.

    7- التنصير: والتنصير هو أخطر هذه الوسائل على الإطلاق؛ لأنه يهدف بالدرجة الأولى إلى إبعادِ المسلم عن دينه، ودعوتِه إلى المسيحية، والحيلولةِ بين الإسلام وبين انتشاره، وإخضاعِ العالم الإسلامي لسيطرة الدول المسيحية، وضربِ الوحدة الإسلامية وتمزيقها. وللتدليل على هذه الأهداف ننقُل هنا جزءًا من الخطاب الذي ألقاه زعيم المنصِّرين القس "زويمر" في مؤتمر القدس، الذي عقد إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين، حيث قال: "إن مهمة التنصير التي ندبتْكم دولُ المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية، ليست إدخالَ المسلمين إلى المسيحية؛ فإن هذا هداية لهم وتكريم، وإنَّما مهمَّتكم أن تُخرِجوا المسلم من الإسلام، ليصبح مخلوقًا لا صلة له بالله. إنَّكم أعددتم نشئًا في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه المسيحيةَ، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقًا لما أراده الاستعمار المسيحي، لا يهتم بالعظائم، ويُحبّ الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات".

    وكشفَ أحدُ المنصِّرين سعيَهم إلى إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة الاستعمار، بقوله: "إن الهدف من الإرساليات التنصيرية ليس مُجرَّد نشر النصرانية، بل إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة أوروبا المسيحية، فالمواجهة بين المسيحية والإسلام لم تنتهِ بمجرَّد انتهاء الحروب الصليبية، ولكنَّها مواجهة مستمرَّة إلى الأبد".

    ومخططات التنصير هذه تعمل بين الأقليات المسلمة وبين الأكثريات، خاصة في البلاد الفقيرة التي تُعاني الفقرَ والجهل والمرض، حيث تذهب إليها الإرسالياتُ بإمكانيات ضخمة، وتقدِّم الغذاءَ والكساء والمعونات، وتبني المستشفيات والمدارس ودور الرعاية والملاجئ، وبذلك يصبح التنصير ثمنًا للغذاء والكساء والدواء في هذه المناطق.

    والتنصير في البلاد والمناطق الإسلامية يعمل بتخطيط محكم، وتنظيم دقيق، ويعتمد على كافَّة الوسائل المتاحة، وخاصة وسائل الإعلام، فتجدهم يمتلكون محطات الإذاعة والتليفزيون، والصحف والمجلات، والأقمار الصناعية، وتقف من ورائهم منظماتٌ متعدِّدة تقدِّم لهم الدعمَ السخي، وعلى رأسها مجلسُ الكنائس العالمي، كما أنَّ الدُّول المسيحيَّة لا تبخل على إرساليات التنصير بالمال والعتاد؛ بل تقدِّمُ لها الدعم الكبير الذي يصل إلى المليارات سنويًّا.

    ولقدِ استطاعت الهيئات التنصيرية العاملة في أندونيسيا تنصيرَ ربع مليون مسلم خلال عشرين عامًا، وأُجريت دراسة شاملة للمجتمعات الإسلامية في إفريقيا أكَّدتْ أن أكثر من 900 ألف مسلم قد تقبَّلوا المسيحيَّة في عددٍ من البلاد الإفريقية، ووصل عددُ أبناء المسلمين الذين يشرف المنصِّرون على تعليمهم في إفريقيا إلى خَمسة ملايين طالب وطالبة. وفي أوغندا بلغ عدد المدارس الثانوية التي تَمتلِكُها الهيئات التنصيريَّة 282 مدرسة قبل الاستقلال عام 1962م.

    وفي زائير فتح الاستعمار البلجيكي الباب على مصراعيه للهيئات التنصيرية؛ فانتشرت فيها المدارس، لتصل إلى 20 ألف مدرسة تنصيريَّة في المرحلة الابتدائية فقط، ويشرف المنصِّرون على معاهدها وجامعاتها.

    وفي الفلبين توجد جماعة تنصيرية متطرفة تسمى "إيجلاس"، وهي أخطر الجماعات الكاثوليكية تعصُّبًا ضد المسلمين، ولها تنظيم سري هدفُه الاستيلاءُ على الأرض الإسلامية وإبعاد أهلها عنها، ويتدرَّب أفراد هذا التنظيم في إسرائيل، وقد وَضعتْ هذه الجماعةُ تسعيرةً بالمكافآت التي تُصرَف لِمَن يُصيب مسلمًا بإحدى العاهات؛ وذلك لإلحاق الأذى بالمسلمين، والتنكيل بهم، وهذه التسعيرة هي:
    - أذن المسلم ثمنها 100 بيزوس.
    - أنف المسلم ثمنها 100 بيزوس.
    - إصبع المسلم ثمنها 50 بيزوس.
    - كف المسلم أو ذراعه 250 بيزوس.
    - عين المسلم ثمنها 1000 بيزوس.

    وتشنُّ هذه العصابة حربَ إبادة على المسلمين؛ لإخلاء الأرض منهم، وتوريثها للصليبيين، وذلك تَحت سَمْعِ الحكومة وبصرها، ورضاها وتأييدها.

    وقد جاء في إحصائية عن التنصير، نشرتْها المجلة الدولية لأبحاث التنصير التي تصدر في أمريكا، نقلاً عن "ديفيد باريت" أشهر المتخصِّصين في إحصائيات التنصير - أنَّ مَجموع التبرُّعات لأغراض كنسية قد بلغت عام 1989م ما قيمتُه 151 مليار دولار أمريكي، وأنَّ عدد المجلات والدوريَّات والنشرات المسيحية التي توزَّع في العالم تبلغ 22700 مطبوع، أمَّا الأناجيل التي وزِّعت في العام نفسه فتبلغ 72 مليون و552 ألف نسخة.

    وأما عدد أجهزة الكمبيوتر التي تستغلها المنظمات المسيحية لخدمة التنصير في تخطيط برامجها وتنفيذها، فتبلغ 45 مليون جهاز، وأنَّ محطَّات الإذاعة والتليفزيون المسيحية في العالم تبلغ نحو 1900 محطة، وأنَّ عدد المنصّرين المحليين - أي أولئك الذين ينتمون إلى الدول التي يعملون فيها - تبلغ 3 مليون و865 ألف منصر.

    المراجع:
    1- المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام - محمد محمود الصواف - دار الاعتصام 1979م.
    2- محاكمة سلمان رشدي المصري "علاء حامد" - أحمد أبو زيد - دار الفضيلة - القاهرة 1992م.
    3- أساليب الغزو الفكري والثقافي للعالم الإسلامي - د. محمد علي جريشة ومحمد الزييق - دار الاعتصام 1978م.
    4- محنة الأقليات المسلمة في العالم - محمد عبدالله السمان - دار الاعتصام.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •