يا أستاذ ( رشيد الخيّون ) : كان الأولى بك نبذ " الشرك الأكبر " قبل نبذ "الطائفية "
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ " رشيد الخيّون " كاتب عراقي شيعي مثقف ، معاصر ، مهتم بقضايا الفِرق ، له عدد من المؤلفات المتنوعة في هذا المجال ، منها كتابه ( ضد الطائفية ) الذي حذر فيه من الطائفية بين السنة والشيعة ، وحبّذ أن يعيش الجميع بسلام ، لا سيما في بلده العراق . فيُقال له : إن كانت الطائفية تعني ظلم الآخرين فهي منبوذة بلا شك ، وإن كانت تعني أن يُسكت عن انحرافات أهل البدع وعدم نُصحهم بالأسلوب الشرعي ، أو التحذير منهم فلا .
ولكني رأيته في فصل " حرب الأضرحة والمساجد " من كتابه ( ص 219 – 224 ) يقول عن السلفيين زمن الدولة السعودية الأولى الذين هدموا القباب التي على القبور في العراق : ( فكرهم قائم على محو القبور والمزارات على أساس أنها شرك بالله ) ! ثم قال في الهامش : ( قال شقيق الشيخ محمد بن عبدالوهاب الشيخ سليمان في تكفير الوهابية للتشفع بالقبور : ولكن من أين لكم أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله إذا دعا غائبًا أو ميتًا أو نذر له أو ذبح لغير الله أو تمسح بفقبر أو أخذ من ترابه أن هذا هو الشرك الأكبر ) .
تعليق على كلام الدكتور الخيون وهامشه
1-قوله : ( فكرهم قائم على محو القبور .. إلخ ) تهويلٌ غير صحيح . فهم لا يمحون القبور بل يمحون ما عليها من قباب وبناء ، استجابة لأمر نبيهم صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( أن لا تدع قبرًا مُشرِفًا إلا سويته ) ( أخرجه مسلم 969 ) .وانظر للمزيد هنا :
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/35.htm
2-احتجاجه بقول الشيخ سليمان ، قاصدًا به إحراج أتباع دعوة الكتاب والسنة بأن أخا شيخهم قد رد عليه ، ليس فيه حجة عند العقلاء ؛ لأن الله يقول ( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ) ، وقوله : ( إنك لا تهدي من أحببت ) ، فهو كمن يحتج على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأقوال عمه أبي لهب !
علمًا بأن الشيخ سليمان كان معارضًا للدعوة السلفية في بداية أمره ، ثم تبصر وتراجع وأناب إلى الحق في آخر عمره ، وسكن بالدرعية ومات فيها . انظر رسالته التي بينت تراجعه وندمه في كتاب " مصباح الظلام " للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمهم الله ( ص 178 - 183) ، وكتاب " دفع الارتياب عن الشيخ سليمان بن عبدالوهاب " للأستاذ أحمد العوين .
3- توقعت أن " عقلانية " و " ثقافة " و " فطرة " الأستاذ الخيون ستُباعد بينه وبين تقرير الشرك الأكبر الذي هو صرف العبادة لغير الله ، والرضا به . ولكني تفاجأت بكلامه السابق .
وأنا أسأله : يا أستاذ رشيد : أليس الدعاء والنذر والذبح من العبادة ؟ مثلها مثل الصلاة والسجود وأنواع العبادات الأخرى ؟ لا شك في ذلك ، فلماذا التفريق ؟ لاسيما وقد جاءت عشرات النصوص التي تُحرم دعاء غير الله ، أوالذبح أو النذر لغيره سبحانه ، تجدها هنا :
http://www.saaid.net/kutob/10.htm
وهنا :
http://www.binbaz.org.sa/mat/3270
وهنا :
http://www.binbaz.org.sa/mat/4191
كان الأولى بك يا أستاذ رشيد قبل نبذ الطائفية - وهي لا تخرج عن الظلم وهو محرَّم - أن تنبذ ( الشرك الأكبر ) الذي يُخرج صاحبه من ملة الإسلام ، ولا يُغفر لصاحبه أبدًا ؛ كما قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) . وتُنكر على أهله ولو كانوا من الأقربين كما فعل الموفقون ، ولا تنصرهم بمثل هذا التعليق .
أسأل الله أن يوفقك - قبل لقائه - لما يُحب ويرضى ، وأن يُيسر لك الالتزام بدينه ، والجهر بتوحيده ، وتصحيح الخطأ السابق الجسيم في الطبعات القادمة ، والله الهادي ..
رد مع اقتباس
