خرجت من بيتي في عصر يوم الجمعة وتوجهت إلى السوق لشراء بعض الضروريات , فاليوم أول أيام العطلة الأسبوعية , تكثر فيها الطلبات والرحلات والتنزهات , ركبت حافلة صغيرة ونقدت سائقها , واتخذت مقعدا بجانب رجل تبدو من ملامحه أنه في العقد الرابع من العمر فشعره أسود تتخله بضع شعرات بيضاء , وهناك تجاعيد خفيفة تبدو في وجهه , كث اللحية , نظراته حادة , على وجهه الأيسر شامة مميزة , وبعد قليل أخرج هذا الرجل من جيبه هاتفه , واتصل بـ سعد أحمدي , هكذا وجدت الاسم على الشاشة , وهذه عادة يفعلها الكثير الذين يتطفلون على الآخرين وأنا منهم طبعاً : عرفت أنه صديقه من خلال هذا الحوار الذي دار بينهم فقد سمعت كل شي وسعد هذا كان صوته عالياً :
- السلام عليكم , كيف حالك يا سعد .
- وعليكم السلاااااااام , أهلا بأبي محمود , الحمد لله وانت ؟
- أنا بخير , قل لي أنا الآن في طريقي إلى السوق وأريد منك أن تدلني على دكان لبيع الأدوات الحادة .
توقف الصوت قليلاً ثم استمر قائلاً :
- اذهب إلى دكان سمير ابن اللحام وستجد عنده ما تريد , ولكن لماذا ؟
- هل تتذكر عندما ذهبنا سوياً إلى السوق يوم أمس .
- نعم أتذكر ذلك .
- رأيت الدمع ينزل من جفني ابني محمود واختيه أسماء وياسمين عندما رأوا ....
توقف عن الحديث وصاح بصوت عال :
- أنزلني هنا .
وقف السائق الحافلة ونزل الرجل منها , نزلت في إثره , علي أعرف ما الذي رأوه أولاده , حاولت اللحاق به ولكنه كان سريعاً في مشيته وأخيرا توقف أمام دكان فوقفت خلفه وسمعته يقول :
- لن أنسى ذلك البؤس في وجوه أبنائي , سأبذل لهم كل شيء , ولن أتحجج أبداً بالفقر أمامهم , سأشتري سكينا حاداً جدا ً , وأنفذ لهم ما طلبوه .
آلمني حالة أبنائه والبؤس والحزن المرتسم على وجوههم كما قال , ولكني استغربت من طلبهم , دخل الدكان فتتبعته ووقفت أمام رف مليء بالأدوات الحادة كالسكاكين والخناجر والسواطير , ولكن عيني ظلت تراقب الرجل الذي سلم على صاحب الدكان وقال :
- أريد سكيناً حاداً بحيث إذا وضعته على العنق يفري الودج وينحر الضحية بسهولة .
دق قلبي دقاً عنيفاً لكلامه الذي يحمل كل البشاعة والفظاعة والقسوة , إنه يريد أن يرتكب جريمة قتل , ناوله صاحب الدكان سكيناً كبيرة حاداً وقال :
- أنظر إليه هل هو مناسب ؟
فنظر الرجل إلى السكين و عيناه تطايرت منهما شرارة ملتهبة وقال :
- إنه مناسب ........ مناسب جداً .
لم أحتمل منظره وهو يحمل السكين ويتوعد ضحيته , خرجت من الدكان ولم ألتفت إلى دعوة صاحبها , وبعد قليل خرج الرجل وقد أخفى السكين في سترته وتوجه إلى حيث مكان الضحية , تتبعته وأخرجت من جيبي هاتفي واتصلت بالشرطة وأخبرتهم بأن هناك قاتل على وشك ارتكاب جريمة بشعة , وصل الرجل إلى كوخ مهجور خلف منزل ما , وتلفت حوله ثم دخل الكوخ , وصلت الشرطة في الوقت المناسب على غير العادة , وتوجه إلي الرائد ومعه قوة وقال :
- أين هو القاتل ؟؟
فأشرت ناحية الكوخ , فأمر الرائد بمحاصرة الكوخ , ثم توجه إليه وقد أخرج سلاحه ويتبعه رجاله وهم يشهرون أسلحتهم بحذر , وقف أمام الباب ودفعه برجله , ودخل بسرعة وصرخ بصوت عال :
- المكان محاصر , سلم نفسك .
دخلت الكوخ بعدهم , فرأيت القاتل يرفع يديه اللتين تلطختا بالدماء , وسكينه على الأرض يقطر منها الدم , ونظرت إلى الضحية فإذ هي دجاجة !!!!
.......تمت........