يذكر أهل السير أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة واشتراها العاص بن وائل السهمي وحبس عنه حقه فاستعدى عليه قبائل وبيوت من قريش فلم يكترثوا له ...فصعد جبل أبي قبيس ونادى بأشعار يصف فيها ظلامته رافعا صوته فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال ما لهذا يترك حتى اجتمعت قبائل من قريش فقاموا إلى العاص بن وائل وانتزعوا منه حق الزبيدي بعدما ابرموا حلفا سمي حلف الفضول وقد شهده النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وقد قال فيه فيما بعد:( لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي فيه حمر النعم ولو ادعى به في إسلام لا جبت). هذا ما حدث قبل اكثر من 1400 سنة وما أشبه الليلة بالبارحة ولعل الصورة أصبحت اكثر إيلاما ذلك أن :
- الرجل الزبيدي استطاع ان يصعد ليشكو من الظلم الواقع به ولو أن أجهزة الإعلام موجودة يومئذ لاستخدمها لتسمع شكواه ومئات الآلاف اليوم من المقيمين من اليمنيين وغيرهم لا يملكون أن يشكوا ظلم الكفلاء إلا فيما بينهم !.
- العاص بن وائل كان يعيش حياة جاهلية منهجها القوي يأكل الضعيف فسول له ذلك أن يفعل ما فعل بينما كفلاء اليوم يعيشون في ظل دولة تفخر بتطبيق الشريعة الإسلامية إلى حد ما رغم أن بعض قوانينها تمنهج الظلم القائم على المقيمين وليس ذلك من الإسلام في شي وهذا ما يجده المقيم عندما يقف خصما لكفيله أمام أحدى محاكمها.فالرضى بالتستر مثلا من قبل المقيم يبيح للقاضي أن يهدر ماله الذي كسبه لعشرات السنين ويعطيه لقمة سائغة للكفيل الذي لم يتعب فيه بشي!.
- الرجل الزبيدي وجد من يستجيب له بعد ثلاث ليال رغم انه يعيش في مجتمع جاهلي بل ولكل مظلوم ليبرم بعد ذلك حلفا يقضي على الظلم ومقيمي هذا الزمان لم يجدوا زبيرا واحدا يسعى لإبرام مثل ذلك الحلف رغم وجودالمجتمع المسلم وما ينبثق عنه من انتشار هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورغم اهتزاز المنابر من تحت خطباء يدعون أنهم يقولون كلمة الحق ولا يخافون في الله لومة لائم!.
- العاص سطا على رجل واحد فقط فتحركت إنسانية الجاهليين ليشرعوا قانونا يحمل روح الإسلام قبل البعثة واليوم رغم مضي 14 قرنا على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يجتاح السطو آلاف المقيمين فلا روح الإسلام حركت العقلاء ولا إنسانية الجاهلية بقيت فيهم كي يجتمعوا على حلف جديد كحلف الفضول!.
- منظمات حقوق الإنسان في زمن العاص بن وائل لم يكن لها وجود حتى تنشر تقاريرها كي يستحي من الخلق إن لم يخف الخالق ويكف عن ظلمه فقد كان جاهلي أما أحفاده اليوم فلم يخافوا الخالق رغم ادعائهم ذلك ولم يستحيوا من المخلوقين فحسبنا الله ونعم الوكيل!.
- لاشك أن العاص أرغم على هذا الحلف الذي يكسر شهواته أما أحفاده فيعلمون أن هذا الحلف قد زكاه رسولهم صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يخالفوه!.
واخيرا هل من زبير في هذا الزمان يا عقلاء المملكة حتى لا تصيبكم دعوة مظلوم تسري بليل فتدع العمار خرابا وحينها سيحزن الجميع لان ارض الحرمين غالية على قلوب كل المؤمنين والله على ما أقول شهيد واليه المشتكى.