تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 21

الموضوع: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم يرض بحكم لأنه يصلي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم يرض بحكم لأنه يصلي

    بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله قال ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلي فقال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود

    فهذا الرجل لم يرض بحكم النبي صلى الله عليه وسلم لو يسلم تسليما ومع ذلك لم يكفر لأنه لو كان كافرا لكان مرتدا ولكان حكمه القتل هكذا فهم خال رضي الله عنه و أراد أن يقتله ولكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك بحجة أنه يصلي فهل يفهم من الحديث أن عدم تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور ليس كفرا ؟؟
    من يجيبنا رحمكم الله .


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    556

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    لا يوجد اشكال في الموضوع ... هذا الرجل لقد وقع في الكفر ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله من باب السياسة الشرعية حتى لا يكون في قتله فتنة لغيره .
    وقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية حمه الله في بيان هذه المسألة غاية البيان
    فقال رحمه الله : ( ومن هذا الباب قول القائل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ، وقول الأخر : اعدل فغتك لم تعدل ، وقول ذلك الأنصاري : أن كان ابن عمتك . فإن هذا كفر محض ) إهـــ الصارم المسلول (3/986)
    وقال الإمام السبكي رحمه الله : ( ومن السنة أيضاً : حديث الأعرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما أعطاه : ما أحسنت ولا أجملت فأراد المسلمون قتله ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو تركتم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار " ، ولما قسم غنائم حنين قال رجل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ، فقال عمر : دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق ، فقال : " معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي " ، وفي هذا إشارة إلى أنه كان مستحقاً للقتل بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لو أذن ) إهـــ السيف المسلول على من ب الرسول (147)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    بوركتم أخي الحبيب على جوابكم ولكن لم يشكل الإشكال جيدا عندي أخي الحبيب لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع عن قتله من أجل أنه يصلي ولم يقل دعوه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه !!ثم لو كان أخي الحبيب وفقكم الله أن المانع من قتله هو أنه من أصحابه ظاهرا فما فائدة ذكر الصلاة في الحديث (لا لعله أن يكون يصلي)بل لما قال له خالد رضي الله عنه كما من مصلي.......رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم لم أومر أن أشق على بطون الناس أو كما جاء في الحديث أجيبونا بارك الله فيكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    لرفع بارك الله فيكم نحتاج إجابة مصحوبة بكلام العلماء جزاكم الله خيرا !

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    يا إخوان أجيبونا بارك الله فيكم والله نريد جوابا يدفع هذه الشبهة ولا أجد منتدى أسأل فيه وأجيب في هذه المسيائل إلا هذا المنتدى فمن أين أجد الجواب هل في منتديالت الروافض ام العلمانيين ؟.؟؟
    من يجيب وفقكم الله لا تبخلوا علينا مما علمكم الله

  6. #6

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    ألا يمكن أن يقال أن النبي ترك قتله من باب السياسة الشرعية فعلاً وذكر أن المانع هو الصلاة
    لأن الصلاة هي العبادة الظاهرة للناس والحكم على الناس مبني على الظاهر -كما هو مقرر- فلو قتله النبي وهو يصلي لأشكل على كثير من الناس !
    ولقالوا : كيف يقتل النبي رجل مسلم ؟! ( من أجل أنه يصلي كما يظهر لهم )
    فاعتذر بهذا العذر عليه الصلاة والسلام لأثره العظيم لدى العامة بشكل عام .. والله أعلم
    قال البربهاري في شرح السنة :" واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    جزاكم الله خرا أخي الحبيب على مشاركتكم الأخيرة المفيدة إن شاء الله ولكن الإشكال لا زال قائما أما قولكم أخي " فلو قتله النبي وهو يصلي لأشكل على كثير من الناس ولقالوا : كيف يقتل النبي رجل مسلم ؟! ( من أجل أنه يصلي كما يظهر لهم )فالصحابة رضي الله عنهم أعلم الناس بكلام النبي صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم ولو قتله النبي صلى الله عليه وسلم لقال الصحابة إنه قتله لأجل أنه لم يرض بحكمه أو قتله لأنه اتهمه بعدم العدل وهذه ردة عن الإسلام أو يقولون قتله من أجل الوجهين اتهامه بعدم العدل وعدم قبوله ورضاه بحكم النبي صلى الله عليه وسلم مصادقا لقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم....أليس يبقى أن نقول والله أعلم أن عدم رضاه بحكم الله واتهامه بعدم العدل ليس من المكفرات أصلا ؟؟ !!وأن نقول في اتهامه بعدم العدل أنه جوز عليه بعض الذنوب كما قال ابن الوزير رحمه الله في ايثار الحق ...؟؟في انتظار المزيد إن شاء الله من البحث أو أن يعننا أحد الإخوة ببحث مسبق وفقكم الله .

  8. #8

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة التغلبي مشاهدة المشاركة
    فالصحابة رضي الله عنهم أعلم الناس بكلام النبي صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم ولو قتله النبي صلى الله عليه وسلم لقال الصحابة إنه قتله لأجل أنه لم يرض بحكمه أو قتله لأنه اتهمه بعدم العدل وهذه ردة عن الإسلام أو يقولون قتله من أجل الوجهين اتهامه بعدم العدل وعدم قبوله ورضاه بحكم النبي صلى الله عليه وسلم مصادقا لقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم....أليس يبقى أن نقول والله أعلم أن عدم رضاه بحكم الله واتهامه بعدم العدل ليس من المكفرات أصلا ؟؟ !!وأن نقول في اتهامه بعدم العدل أنه جوز عليه بعض الذنوب كما قال ابن الوزير رحمه الله في ايثار الحق ...؟؟في انتظار المزيد إن شاء الله من البحث أو أن يعننا أحد الإخوة ببحث مسبق وفقكم الله .
    حياك الله .. لكي أوضح أكثر .. ألم يمتنع النبي عن قتل بعض المنافقين بحجة : (( حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه )) فهل المنافقين لم يرتكبوا كفراً ؟ فهذه كتلك ثم إن امتناعه قد لايكون من أجل الصحابة- كما فهمت منك بارك الله فيك - بل من أجل عموم الناس كما سبق وأن أشرت إليك في موقفه من قتل المنافقين .. فبعض الصحابة أو أكثرهم كانوا يعلمون حال بعض المنافقين وعلى علم بنفاقهم ومع ذلك لم يقتلهم النبي للعلة المذكورة .. فالإسلام ونفعه ومصالحه متعدية لعموم المسلمين فما قد يُسمع عنه - أي الإسلام - قد يصد الناس عن الدخول في الدين ويزهدهم فيه ويرغبهم في غيره .. والله أعلم .
    قال البربهاري في شرح السنة :" واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب"

  9. #9

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    أخي الكريم:
    الجواب عن هذا الإشكال يحتاج إلى شرح طويل من جمع النصوص الواردة في المسألة حتى يستخلص منها العلة الحقيقية ولما لم أجد أهل العلم في المجلس ساعدوك على الإجابة كما طلبته أحببت أن ألخص لك ما جاء في رسالة (مصلحة التأليف وخشية التنفير من خلال شرح حديث جابر "دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) لأبي سلمان الصومالي المنشورة في بعض المواقع عسى أن يساهم المنتقى منها في حلّ الإشكال.
    الأصل الأول: مناط التكفير والقتل في الساب والشاتم هو الأذية للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:﴿إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا﴾.﴿والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم﴾﴿أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا﴾
    قال ابن تيمية رحمه الله: (وهذه الآية توجب قتل من آذى الله ورسوله.. والعهد لا يعصم من ذلك لأنا لم نعاهدهم على أن يؤذوا الله ورسوله.
    ويوضح ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله".
    فندب المسلمين إلى يهودي كان معاهدا لأجل أنه آذى الله ورسوله فدل ذلك على أنه لا يوصف كل ذمي بأنه يؤذي الله ورسوله وإلا لم يكن فرق بينه وبين غيره.
    ولا يصح أن يقال: اليهود ملعونون في الدنيا والآخرة مع إقرارهم على ما يوجب ذلك لأنا لم نقرهم على إظهار أذى الله ورسوله وإنما أقررناهم على أن يفعلوا بينهم ما هو من دينهم).
    ولهذا أجمع علماء المسلمين أن شاتم الأنبياء كافر.قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (ومما أجمعوا على تكفيره وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد فالمؤمن الذي آمن بالله تعالى ومما جاء من عند الله ثم قتل نبيا أو أعان على قتله وإن كان مقرا ويقول: قتل الأنبياء محرّم فهو كافر، وكذلك من شتم نبيا، أو ردّ عليه قوله من غير تقية ولا خوف).
    وقال رحمه الله: (وكل شيء من الوقيعة في الله عز وجل أو في شيء أنزل الله تعالى على أنبيائه فهو كفر يخرجه من إيمانه وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله تعالى) تعظيم قدر الصلاة للمروزي (2/929، 994).
    فالسب والشتم تصريحا أو تعريضا أذية لله ولرسوله ومن أذى الله ورسوله فهو كافر بالنص والإجماع.

    الأصل الثاني: كان صلى الله عليه وسلم يعفو ويصفح عن المعتدين والمؤذين له إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله عملا بقوله:﴿فلا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله ﴾﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين﴾﴿ولا تزال تطلع على خائنة منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين﴾.
    وكان يقول عليه الصلاة والسلام في مثلها: (رحم الله أخي موسى لقد أوذي أكثر من هذا فصبر) يعني: وأنا أصبر كما قال تعالى:﴿فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل﴾
    وقال عائشة رضي الله عنها:(ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ولا اقتصّ من رجل مظلمةً إلا شيئا من حدود الله فليس يترك ذلك لأحد).
    وفي لفظ: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن تنتهك شيء من محارم الله،فينتقم لله عز وجل).
    وفي رواية: (فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيئ حتى ينتقم لله) ([1]).

    فالنبي صلى الله عليه وسلم عفا وحلم عن هذا الخارجي الطاعن في عدله، فلم يقتله ولم يعاقبه بل لم يأمره بالتوبة من قوله هذا.
    ومعنى هذا: أن اختيار صاحب الحق وهو النبي الكريم العفو والصبر على أذى الجناة الطاعنين هو المانع من قتله كولي الدم إذا عفى القاتل عن القصاص والمقذوف إذا عفى عن القاذف.
    والحامل على عدم الانتقام والصبر على أذاهم اختلف باختلاف الأحوال والأشخاص كما سيأتي بيانه.

    الأصل الثالث: كان المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصنافا:
    الأول : قسم لم يعرفهم رسول الله عليه السلام بأعيانهم:﴿وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم﴾ الأنفال (60) وقال:﴿وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم﴾ التوبة(101-103). وكان يعامل هذا القسم بظاهر الإسلام جريا على قاعدة الدين في الاعتماد على الظاهر من حال المرء كفرا وإسلاما.
    الثاني: صنف آخر افتضحوا بإظهار النفاق فعرفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأعيانهم، أو بوحي من الله, فلاذوا بالتوبة, والأيمان المغلّظة والإنكار فقُبِلَت من بعضهم بخلاف آخرين، كما قال تعالى:﴿يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين﴾ ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم﴾ ﴿يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ ﴿اتحذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب أليم﴾ ﴿يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون﴾ ﴿اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعلمون﴾.
    والظاهر أنه لم يعرف كذبهم في توبتهم بعد ما وقف على جناية النفاق وأظهروا الرجوع عنها، والشاهد ما جاء في قصة عبد الله بن أبي بن سلول قال رئيس المنافقين: ( لئن رجعتم إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال زيد بن أرقم رضي الله عنه: فسمعت عبد الله بن أبيّ فأخبرت عمّي، فانطلق فأخبر رسول الله فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف وجحد. قال: فصدقه رسول الله وكذبني، فجاء عمي إليّ فقال: ماأردت إلا أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمسلمون.قال: فوقع عليّ من الهمّ مالم يقع على أحدٍ...).
    الثالث: صنف آخر: وهم الذين طعنوا النبي صلى الله عليه وسلم في عرضه أو عدله تصريحا أو تعريضا, وإن لم تسبق لهم تهمة بالنفاق كالذي قدح في عدله بقوله: (اعدل فإنك لم تعدل )([2]), والذي طعن في حكمه بقوله:(أن كان ابن عمتك )([3]), والظاعن في قصد النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه بقوله: (إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله)([4]
    والقادح في خلوة النبي صلى الله عليه وسلم ومراقبة الله بقوله:(يزعمون إنك تنهى عن الغيّ وتستخلي به)([5]).
    وفي عهده ووعده صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:(وا غدراه وا غدراه )([6]).وغير ذلك.

    الأصل الرابع:

    قوله صلى الله عليه وسلم:(دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه). دليل على أن المنافقين الذين علم نفاقهم كانوا مستحقين للقتل، لكن امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ([7]) فما المانع من القتل والعقوبة؟
    الجواب: أن العلماء اختلفوا في تحديد المانع مع قيام المقتضي للقتل والعقاب.
    1. من أوائل من سئل عنها من العلماء الإمام مالك رحمه الله؛ قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى: (وسئل الإمام مالك رحمه الله عن الزنادقة، فقال: ما كان عليه المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إظهار الإيمان وكتمان الكفر،هو الزندقة عندنا اليوم. قيل لمالك: فلِمَ يُقتل الزنديق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين، وقد عرفهم؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قتله بعلمه فيهم، وهم يظهرون الإيمان لكان ذريعة إلى أن يقول الناس: يقتلهم للضغائن، أو لما شاء الله غيرَ ذلك، فيمتنع الناس من الدخول في الإسلام هذا معنى قوله)([8]) .
    حاصل كلامه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل ويحكم بعلمه لكن المانع من ذلك هو الخوف من أن يقول الناس: يقتلهم للضغائن ونحو ذلك من الاتهامات فيمتنع الناس من الدخول في الإسلام.
    2. ومنهم من قال: إنّ المانع من معاقبة هؤلاء وإقامة الحدّ عليهم: جهلهم وعدم العلم بحقوق المصطفى قال ابن بطال المالكي رحمه الله: (لا يجوز ترك قتال من خرج على الأمة وشق عصاها، وأما ذو الخويصرة: فإنما ترك النّبي صلى الله عليه وسلم قتله، لأنه عذّره بجهله ،وأخبر أنه من قوم يخرجون ويمرقون من الدين فإذا خرجوا وجب قتالهم) ([9]).
    ويقرب منه قول ابن حزم الظاهري في قصة الليثيين الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم في شأن القصاص من أبي جهم رضي الله عنه:(وفي هذا الخبر عذر الجاهل وأنه لا يخرج من الإسلام بما لو فعله العالم الذي قامت عليه الحجة لكان كافراً لأن هؤلاء الليثيين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه كفر مجرد بلا خلاف، ولكن بجهلهم وأعرابيتهم عذروا بالجهالة)([10]).
    ويظهر من قوله هذا أنه لا يعتبر التكذيب دليلا على النقاق، وإنما هو كفر مجرد وخروج من الملة عند عدم الجهل.
    3. ومن قائل: إن المانع: إظهار التوبة واللياذ بها عند بعض المنافقين .
    قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: (فإن قال قائل: فكيف تركهم – اي المنافقين – مقيمين بين أظهر أصحابه، مع علمه بهم؟ قيل : إن الله - تعالى ذكره - إنما أمر بقتال من أظهر منهم كلمة الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك، وأما من إذا اطلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر، وأخذ بها أنكرها، ورجع عنها ، وقال: إني مسلم، فإن حكم الله في كل من أظهر الإسلام بلسانه أن يحقن بذلك له دمه وماله، وإن كان معتقدا غير ذلك، وتوكّل هو - جل ثناؤه – بسرائرهم) ([11]).
    وكان صلى الله عليه وسلم لا يوقن بكذبهم في ادعاء الإسلام وإظهار التوبة وإلا لما قام على ابن أبيّ, ولا صلّى على جنازته لقوله تعالى:﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيّن لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾.
    يقول الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله: (صح يقينا أنه - عليه السلام لم يوقن أن عبد الله بن أبي سلول مشرك، ولو أيقن أنه مشرك لما صلى عليه أصلا, ولا استغفر له, فلو كان ابن أبيّ وغيره ممن تبيّن للنبي عليه السلام – أنهم كفار – بلا شك – لما استغفر لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم , ولا صلّى عليه.
    ولا يحل لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه خالف أمر ربه في ذلك, فصحّ يقينا أنه لم يعلم قط أن عبد الله بن أبي والمذكورين كفّار في الباطن).([12]).
    4. وقال بعضهم: المانع من قتلهم مع قيام المقتضي: التأليف وخشية التنفير
    يقول أبو العباس القرطبي رحمه الله: (لئلا يكون قتلهم منفّرا لغيرهم عن الدخول في الإسلام، لأن العرب كانوا أهل أنفة وكبر بحيث لو قتل النّبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء المنافقين لنفر من بعد عنهم، فيمتنع من الدخول في الدين، وقالوا: هو يقتل أصحابه ، ولغضب من قرب من هؤلاء المنافقين، فتهيج الحروب وتكثر الفتن ويمتنع من الدخول في الدين، وهو نقيض المقصود.
    فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم ورفق بهم وصبر على جفائهم وأذاهم وأحسن إليهم حتى انشرح صدر من أراد الله هدايته فرسخ في قلبه الإيمان وتبيّن له الحق اليقين. وهلك عن بيّنة من أراد الله هلاكه، وكان من الخاسرين.
    ثم أقام النبي صلى الله عليه وسلم مستصحبا لذلك إلى أن توفاه الله تعالى، فذهب النفاق وحكمه لأنه ارتفع مسمّاه واسمه.
    ولذلك قال مالك: النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة عندنا اليوم.ويظهر من مذهبه: أن ذلك الحكم منسوخ بقوله تعالى:﴿لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض﴾ إلى قوله:﴿وقتلوا تقتيلا﴾ وبقوله:﴿جاهد الكفار والمنافقين﴾ فقد سوّى بينهما في الأمر بالجهاد، وجهاد الكفار: قتالهم وقتلهم، فليكن جهاد المنافقين كذلك) ([13]) وبه قال القاضي عياض رحمه الله , والنووي وغيرهما من أهل العلم ([14]).
    5. العفو عن المنافقين كان بأمر من الله.
    قال ابن حامد الحنبلي رحمه الله: (فإن قيل : تركه عليه السلام إقامة الحدود على المنافقين لأي معنى؟
    قلنا: ظاهر المذهب أنه فعل ذلك بأمر الله، غير أنه ما ترك بيانهم، وقد كان تركه الحدَّ لأن فيهم منفعة وقوة للمسلمين) ([15])
    6. وقال بعضهم: إن الحقّ في الاستيفاء والترك للنبي صلى الله عليه وسلم في نفاق الأذية والطعن وكان يختار العفو والصبر على أذاهم لمصالح أخروية ودنيوية وكان هذا خاصا بحياته.
    وكانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه عدم الانتقام لنفسه، قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله:(وتلك شيمته صلى الله عليه وسلم ألا ينتقم لنفسه, وأن يعرض عن الجاهلين) ([16]).
    وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من أهل العلم.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
    (فهذا الباب كله مما يوجب القتل، ويكون به الرجل كافرا منا فقا حلال الدم،كان النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء عليهم السلام يعفون ويصفحون عمن قاله، امتثالا لقوله تعالى:﴿خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين﴾ ولقوله تعالى:﴿ادفع بالتي هي أحسن السيئة﴾ وقوله:﴿ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم .وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم﴾ ولقوله:﴿ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر﴾ ولقوله تعالى:﴿ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم﴾.
    وذلك لأن درجة الحلم والصبر على الأذى والعفو عن الظلم أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، يبلغ الرجل بها ما لا يبلغه بالصيام والقيام، قال تعالى:﴿والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾وقال تعالى:﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله﴾ وقال تعالى:﴿إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان به عفوا قديرا﴾ وقال:﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين﴾.
    والأحاديث في هذا الباب كثيرة مشهورة.
    ثم الأنبياء أحق الناس بهذه الدرجة لفضلهم، وأحوج الناس إليها لما ابتلوا به من دعوة الناس ومعالجتهم وتغيير ما كانوا عليه من العادات، وهو أمر لم يأت به أحد إلا عودي)([17])
    ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
    (ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى بإهدار دم أم ولد الأعمى لما قتلها مولاها على السبّ.
    وقتل جماعة من اليهود على سبّه وأذاه، وأمّن الناس يوم الفتح إلا نفراً ممن كان يؤذيه ويهجوه، وهم أربعة رجال وامرأتان.
    وقال:" من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله "وأهدر دمه ودم أبي رافع.
    وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأبي برزة الأسلمي وقد أراد قتل من سبّه: ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    فهذا قضاؤه صلى الله عليه وسلم وقضاء خلفائه من بعده ، ولا مخالف لهم من الصحابة ، وقد أعاذهم الله من مخالفة هذا الحكم.
    وقد روى أبو داود في سننه عن علي رضي الله عنه أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها .. وفي ذلك بضعة عشر حديثا ما بين صحاح وحسان ومشاهير وهو إجماع الصحابة ..)
    إلى أن يقول رحمه الله تعالى: (وأما تركه صلى الله عليه وسلم قتلَ من قدح في عدله، وفي حكمه، وفي قصده ،أو في خلوته ، وغير ذلك ، فلذلك أن الحق له، فله أن يستوفيه، وله أن يتركه ، وليس لأمته ترك استيفاء حقه صلى الله عليه وسلم, وأيضا فإن هذا كان في أول الأمر حيث كان صلى الله عليه وسلم مأمورا بالعفو والصفح .
    وأيضا فإنه كان يعفو عن حقّه لمصلحة التأليف وجمع الكلمة, ولئلا ينفر الناس عنه، ولئلا يتحدثوا أنه يقتل أصحابه ،وكل هذا يختص بحياته صلى الله عليه وسلم) ([18]).
    وأولى الأقوال بالصواب: القول الأخير الذي اختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم لقوة الأدلة وبه تجتمع الأدلة في الباب.

    وإليك تخليص مناقشة المذاهب والترجيح:
    1. مذهب القائلين: أن النفاق والكفر لم يثبت عنهم بالاعتراف أو بالبينة فلم يقم عليهم حد الردة لعدم الثبوت فهو ضعيف لأنه يمكن قبول هذا المذهب في بعض الوقائع التي علمت بالوحي أولم يكمل فيها نصاب الشهادة.،لكنه منقوض بالقضايا التي وقعت أمام النبي صلى الله عليه وسلم وبمحضر من الصحابة رضوان الله عليهم كالذي قدح في عدله صلى الله عليه وسلم بقوله:(اعدل فإنك لم تعدل )([19]), والذي طعن في حكمه عليه الصلاة والسلام بقوله: (أن كان ابن عمتك )([20]), وفي قصده وإخلاصه صلى الله عليه وسلم بقوله:( إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله )([21])، أو في خلوته بقوله:( يزعمون إنك تنهى عن الغيّ وتستخلي به) ([22]).
    وفي عهده وأمانته بقوله: (وا غدراه وا غدراه )([23]).
    ولا فرق بين هؤلاء وبين المنافقين، إذ الكل كفر من حيث الجملة.
    ويضاف إليه أنه لم تعرض عليهم التوبة وقد عرضت التوبة على عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك رغم القارق الكبير بين القضيّتين. وهذا كله مما يدل على أن المناط: اختيار العفو والصبر ولم يكن لعدم ثبوت الحد بالبينة، والعلة إذا انتقضت من غير فرق عُلِم أنها علة باطلة.
    2. مذهب القائلين: إن المانع من ذلك هو العذر بالجهل وعدم العلم بحقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام ضعيف جدا أيضا.
    لأن التكذيب ينافي قول القلب الذي هو العلم والتصديق كما ينافي السبّ والبغض عمل القلب الذي هو الحب والتعظيم والتوقير فلا يمكن وجود الإيمان الصحيح مع الضد ّالمنافي له من الطعن في الدين، والتكذيب والسبّ للرسول صلى الله عليه وسلم.

    يتبع.......

    ([1]) حديث صحيح.
    خرجه مالك والشيخان وأحمد والدارمي وابن الجارود وغيرهم .
    [2] خرّجه مسلم (1063) من حديث جابر وأحمد(2/219) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .
    [3] خرّجه الشيخان من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه .
    [4] خرّجه الشيخان وأحمد وغيرهم من حديث عبد الله بن مسعود
    [5] رواه أحمد (5/2،4) وابوداود (3631) والحاكم وغيرهم من حديث معاوية بن حيدة القشيري . وهو حديث صحيح .
    [6] رواه الإمام أحمد في المسند (26312) والبزار (1309-1310) كشف الأستار وعبد بن حميد في المسند(المنتخب (1497) والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها
    [7] المفهم للقرطبي (6/561-562)
    [8] التمهيد (6/185-186) ضمن موسوعة شروح الموطأ
    [9] شرح صحيح البخاري(8/591)لابن بطال
    [10] المحلى لابن حزم (10/410-411)
    [11] تفسير الطبري (6/419)
    [12] المحلى لابن حزم (12/140-141)
    [13] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم(6/562)
    [14] إكمال المعلم بفوائدمسلم(8/54-55) وشرح مسلم للنووي(16/114)
    [15] الفروع لابن مفلح (10/250)
    [16] موسوعة شروح الموطأ(21/63) .
    [17] الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/434-436)
    [18] زاد المعاد في هدي خير العباد(5/54-56)
    [19] خرّجه مسلم (1063) من حديث جابر وأحمد(2/219) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .
    [20] خرّجه الشيخان من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه .
    [21] خرّجه الشيخان وأحمد وغيرهم من حديث عبد الله بن مسعود
    [22] رواه أحمد (5/2،4) وابوداود (3631) والحاكم وغيرهم من حديث معاوية بن حيدة القشيري . وهو حديث صحيح
    [23] رواه الإمام أحمد في المسند (26312) والبزار (1309-1310) كشف الأستار وعبد بن حميد (المنتخب (1497) والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. حديث صحيح
    [24] الذخيرة في فروع المالكية (9/321)
    [25] الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/341)
    [26] فتح الباري (12/314-315)
    [27] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم(6/562)
    [28] الصارم المسلول (3/658-659)
    [29] السيف المسلول على سابّ الرسول للإمام السبكي صـ320
    [30] الصارم المسلول (3/673-679،1008) بتصرف يسير، وتفسير الطبري (14/360)
    [31] الصارم (3/683-684)
    [32] السيف المسلول على ساب الرسول صـ320
    [33] الصارم (3/681-683)


  10. #10

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    على خلاف بين أهل العلم في العذر بالجهل في الكفر الأكبر، وليس هناك عموم لفظي في العذر بالجهل في جميع المسائل، إنما هي وقائع أعيان أحاطتها ملابسات، والأصل في ما صدر عن المكلفين قولاً أوفعلاً الحمل على الاختيار والعلم حتى يثبت العكس.
    قال الإمام ابن المرابط المالكي: (ويقتل من نقصه بسهو، أو سحر، أو هزيمة بعض جيوشه، أوشدة من زمانه، أو ميل لبعض نسائه، ومن لم يقصد الازدراء ولا يعتقده في تكلّمه بالسبّ، أو اللعن، أو التكذيب، أو إضافة ما لا يجوز عليه، أو نفي ما يجب له مما هو نقص في حقه، وظهر عدم تعمّده وقصده السبّ، إما لجهالة، أو لضجر، أو سكر، أو قلة ضبط لسان، أو تهور في كلامه: فإنه يقتل).
    وقال القاضي عياض رحمه الله: (وإن ظهر بدليل حاله أنه لم يعتمد ذمّه ولم يقصد سبّه، إما لجهالة حملته على ما قاله أو لضجر أو سكر اضطره إليه أو قلة مراقبة وضبط للسانه وعجرفةٍ وتهوّر في كلامه فحكم هذا الوجه حكم الوجه الأول: القتل دون تلعثم؛ إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيء مما ذكرناه، إذا كان عقله في فطرته سليما إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.
    وبهذا أفتى الأندلسيون على ابن حاتم في نفيه الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/973).
    وقال الإمام القرافي رحمه الله: (ولا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا غيرها، وهو سليم العقل إلا للإكراه وبه أفتى الأندلسيون في علي ابن حاتم في نفيه الزهد عنه – عليه السلام – وقاله ابن أبي زيد وابن سحنون وأبو الحسن القابسي. ونظر إلى أن السكران إنما ينطق بما يعتقده صاحيا، ولأنه حد لا يسقطه السكر كالقذف، والقتل، وجميع الحدود ) ([1])
    قال الإمام الدردير رحمه الله: (ولا يعذر الساب بجهل، لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهل، أو سكرٍ حرام، أو تهور، ولا يقبل منه سبق اللسان أو غيظ فلا يعذر إذا سبّ حال الغيظ بل يقتل) ([2]).
    1. القول بأن المانع إظهار التوبة واللياذ بها مردود بأن بعض المنافقين أظهر التوبة ولاذ بها مع الأيمان المغلظة، لكن فمن أين لكم بتوبة الآخرين الطاعنين في النبي صلى الله عليه وسلم والقادحين كما سبق، على خلاف بين الفقهاء في توبة الزنديق(المنافق) .
    فهؤلاء إما أن يقولوا بعدم الكفر والتكفير بالسب والطعن في الأنبياء والمرسلين وهو خلاف النصوص والإجماع الصحيح.
    وإما أن يجيبوا عن انتقاض العلة وقد علم أن العلة إذا انتقضت من غير فرق مؤثر علم أنها علة باطلة وهي كذلك.
    2. مذهب القائلين إن المانع من القتل:(لا يتحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه) مع ثبوت الكفر بموجبه فهو ضعيف أيضا والدليل:
    - أن حد الردة لا يسقط بمثل هذا العذر، بل تجب إقامته بالإجماع عند القدرة، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(من بدل دينه فاقتلوه).
    - قتله صلى الله عليه بعض المرتدين كالعرنيين والناكح لامرأة أبيه وابن خطل ومن معه وقعوا في نواقض أخرى غير الوقيعة في عرضه صلى الله عليه وسلم.
    - لو كان المانع ما ذكروا لما أقام صلى الله عليه وسلم حدّ الرجم والجلد والسرقة والخمر والقذف والقصاص على أصحابه الكرام لاشتراكهم في الصحبة والمانع المذكور ولعدم الفارق بالنسبة إلى هذا المناط.
    - أضف إلى ذلك أن أصحاب هذا الرأي لم يتفطّنوا لنوعية مسائل العفو، ومن أي باب هي؟ فعمّموا الباب رغم الخصوص.
    - إن كان المانع ما ذكروا فلماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيم حدود الله المحضة وحقوق الناس الخاصة على أصحابه الكرام وعلى المنافقين؟ ولماذا كان يقول فيما يتعلق به صلى الله عليه وسلم: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وقد قتل بعض أصحابه بحدود الله العامة أو بحقوق الناس الخاصة؟
    3. أن العفو كان بأمر الله تعالى لما فيهم من المنفعة والقوة للمسلمين .
    يظهر ضعف هذا القول وإن قيل: إنه ظاهر مذهب السادة الحنابلة لما فيه من عدم التدليل على أمر الله الخاص في العفو عن هؤلاء بالخصوص، وإن كانوا يعنون الأدلة العامة في العفو والصفح فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم حدود الله وحقوق الناس على المستحقين ولعدم تعرّضه للطوائف الأخرى التي طعنت في النبي صلى الله غير المنافقين.
    وأيضا: عبء المنافقين ومضرتهم على المسلمين أضعاف ما كان فيهم من قوّة ومنفعة إن كانت، كما يشهد بذلك السير والتاريخ والله تعالى أعلم .
    4. المانع اختيار العفو من صاحب الحق والمصلحة المرجوة من ذلك اختلفت باختلاف الأحوال والأشخاص
    هذا هو الذي تشهد له الأدلة فالنبي صلى الله عليه وسلم عفا عنهم وما انتقم منهم لنفسه, فالعفو والصفح هو المانع من القتل والباعث علي ذلك اختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فمنه:
    (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه).
    ومنه:(دعه، فإن له أصحابا سيخرجون).
    ومنه: (أو ليس يصلي؟ قالوا: نعم يا رسول الله صلاة لا خير فيها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نهيت عن قتل المصلين).
    ومنه (دعوه فإن لصاحب الحق مقالا)
    فهذه ونحوها : من البواعث على العفو والصفح لا المناط المسقط للعقوبات المستحقة ولهذا قال في بيان العلة الجامعة:(رحم الله أخي موسى لقد أوذي أكثر من هذا فصبر)

    ومما يرجح هذا المذهب التالي:
    (1). تقرر في الأصول والقواعد المستقاة من أدلة الكتاب والسنة: أن الحدود الشرعية شُرِعَت للحفاظ على الأديان, فإقامتها على المرتدِّين ونحوهم حفظ لرأس مال الدين, وتنكيل للمستهترين والمتهاونين من أهل القبلة, ومعلوم أنّ حفظ رأس المال مقدّم على طلب الربح, فهل يُعقَل ترك المتيّقن من حفظ الدين بإقامة حدود الله للمحتمل المظنون - وهو دخول الكفار في الإسلام أو خشية التنفير عنه ([3]).
    (2). إن الله سبحانه لم يأمر نبيه محمداً بتأليف المنافقين، بل بجهادهم كما قال:﴿يا أيها النّبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر﴾ فأمر رسوله بجهاد المنافقين كما أمر بجهاد الكافرين.
    وجه الدليل: أن القران بين المفردات (الكفار، والمنافقين) في النظم يوجب الاشتراك في أصل الحكم الذي هو الجهاد بأنواعه المعروفة, فاستثناء أعظم أنواعه من الدليل يعتبر خروجا عن ظاهر الكتاب والسنة.
    وقد أشار إليه أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى:(فقد سوّى بينهما في الأمر بالجهاد، وجهاد الكفار: قتالهم وقتلهم، فليكن جهاد المنافقين كذلك) ([4]).
    (3). إن المنافق إذا أظهر النفاق فليس بمنافق بل هو كافر مجاهر تجري عليه أحكام المرتدين وإذا لم يظهر منه شيء،لم يكن لنا سبيل عليه, فإذا ظهرت منه كلمة الكفر فجهاده القتل, وذلك يقتضي أن لا يسقط عنه بتجديد الإسلام له ظاهرًا , لأنا لو أسقطنا عنهم القتل بما أظهروه من الإسلام لكانوا بمنـزلة الكفار, وكان جهادهم من حيث هم كفار فقط, لا من حيث هم منافقون، والدليل يقتضي جهادَهم من حيث هم منافقون، لأنهم صنف غير الكفار,لأن تعليق الحكم باسم مشتق مناسب يدل على أن موضع الاشتقاق هو العلة , فيجب أن يجاهد لأجل النفاق كما يجاهد الكافر لأجل الكفر ([5]).
    (4). كفر بعض هؤلاء الذين عفى عنهم لم يثبت بحجة شرعية, ولذلك انتفت العقوبة الشرعية،ولم يُقِمْها عليهم بعلمه ولا بالقرائن, واعتذر- عليه السلام- بحكمة التأليف،وخشية التنفير، لما اختار العفو والصفح، تسكيناً لثائرة المسلمين, لأننا متعبدون ببناء الأحكام على أسبابها الظاهرة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبني الأحكام على الأمور الباطنة وإن جاء بها الوحي. بل على الأسباب التي نصبها في الشريعة ([6]).
    (5). أكثر المنافقين لم يكونوا يظهرون النفاق على طريقة تثبت عليهم الشهادة بل كانوا يظهرون الإسلام, ونفاقهم كان يعرف تارة بالكلمة يسمعها منهم الرجل المؤمن فينقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحلفون بالله أنهم ما قالوها, وتارة بما يظهر من تأخرهم عن الصلاة والجهاد, واستثقالهم للزكاة وظهور الكراهية منهم لكثير من أحكام الله, وعامتهم يعرفون في لحن القول ,وبسيماهم.
    ولا يمكن عقوبتهم باللحن والسيما، فإن موجبات العقوبات لا بدّ أن تكون ظاهرة الظهور الذي يشترك فيه الناس.
    ومنهم من كان يقول القول أو يعمل العمل فينـزل القرآن يخبر أن صاحب ذلك القول والعمل منهم, وكان المسلمون أيضا يعلمون كثيرا منهم بالشواهد والدلالات والقرائن والأمارات، ومنهم من لم يكن يعرف .
    ثم جميع هؤلاء المنافقين يظهرون الإسلام، ويحلفون أنهم مسلمون, والنّبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقيم الحدود بعلمه ولا بخبر الواحد,ولا بمجرد الوحي ولا بالدلائل والشواهد حتى يثبت الموجِب للحدِّ ببيّنة أو أقرار.
    ألا ترى كيف أخبر عن المرأة الملاعنة أنها إن جاءت بالولد على نعت كذا وكذا فهو للذي رُمِيتْ به , فجاءت على النعت المكروه , فقال :( لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ).وفي رواية :(لولا الأيمان لكان لي ولها شأن)، وكان بالمدينة امرأة تعلن الشرّ ، فقال:(لو كنت راجما أحدا بغير بيّنة لرجمتها), وقال للذين اختصموا إليه " إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو ما أسمع )، فكان ترك قتل بعضهم مع كونهم كفاراً في الباطن لعدم ظهور الكفر منهم بحجة شرعية.
    (6). يدل على هذا أنه لم يستتب أحداً منهم على التعيين،ومن المعلوم أن أحسن حال من ثبت نفاقه وزندقته أن يستتاب كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل ،ولم يبلغنا أنه استتاب واحداً منهم بعينه, فعُلِم أن الكفر والردة لم يثبت عليهم ثبوتا يوجب أن يقتلوا كالمرتد,ولهذا كان يقبل علانيتهم , ويكل سرائرهم إلى الله.
    وإذا كانت هذه حال من ظهر نفاقه بغير البينة الشرعية فكيف من لم يظهر نفاقه؟ والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه نُهي عن قتل من أظهر الإسلام من الشهادتين والصلاة وإن زُنّ بالنفاق ورُمي به وظهرت عليه دلالته - إذا لم يثبت بحجة شرعية أنه أظهر الكفر, والزنديق والمنافق إنما يقتل إذا تكلم بكلمة الكفر،وقامت عليه بذلك بيّنة، وهذا حكم بالظاهر لا بالباطن.([7]).
    (7). يقال :إن هذا من قضايا الأعيان فلا عموم لها, إلا في أمثاله ولا ينكر عدم إقامة الحدّ على معيّن من الناس, إذا كان يتولّد من قتله فساد أكثر مما في استبقائه بالميزان الشرعي, فلكل قضية حكمها الخاص, ونظرها المناسب.
    وبالجملة: " فحيث ما كان للمنافق ظهور يخاف من إقامة الحد عليه فتنة أكبر من بقائه عملنا بآية ﴿ودع أذاهم﴾ كما أنه حيث عجزنا عن جهاد الكفار عملنا بآية الكفّ عنهم والصفح,وحيث ما حصل القوة والعز خوطبنا بقوله:﴿جاهدالكفا ر والمنافقين﴾ ولم ندّع أن الحكم قد تغيّر بعده صلى الله عليه وسلم لتغيّر المصلحة من غير وحي نزل, فإن هذا تصرّف في الشريعة,وتحويل لها بالرأي " ([8]).
    خلاصة هذا: إن الحد لم يقم على واحدٍ من المنافقين بعينه, بل لم يستتب لعدم ظهوره بالحجة الشرعية التي يعلمه بها الخاص والعام.
    قال العلامة تقي الدين السبكي رحمه الله:( نحن متعبّدون ببناء الأحكام على أسبابها الظاهرة ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبني الأحكام على الأمور الباطنة وإن جاء بها الوحي، بل على الأسباب التي نصبها في الشريعة، ألا ترى إلى المنافقين مع إعلام الله له بحالهم لم يقتلهم لعدم قيام البيّنة أو الإقرار اللذين نصبهما حجة شرعية؟ وإن كان قد علّل ترك قتلهم بغير ذلك، مثل قوله صلى الله عليه وسلم :" لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " أو غير ذلك )([9])
    (8). " إن النبي صلى الله عليه وسلم لماكان بمكة مستضعفا هو وأصحابه عاجزين عن الجهاد أمرهم الله بكفّ أيديهم والصبر على أذى المشركين ، فلما هاجروا إلى المدينة وصار له دار عزة ومنعة أمرهم بالجهاد, وبالكف عمن سالمهم وكف يده عنهم, لأنه لو أمرهم إذ ذاك بإقامة الحدود على كل كافر ومنافق لنفر عن الإسلام أكثر العرب إذ رأوا أن بعض من دخل فيه يقتل وفي مثل هذه الحال نزل قوله تعالى:﴿ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفي بالله وكيلا﴾ وهذه السورة نزلت بالمدينة بعد الخندق، فأمره الله في تلك الحال أن يترك أذى الكافرين والمنافقين له, فلا يكافئهم عليه لما يتولد في مكافأتهم من الفتنة, ولم يزل الأمر كذلك حتى فتحت مكة, ودخلت العرب في دين الله قاطبة، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في غزو الروم، وأنز ل الله تبارك وتعالى سورة براءة وكمّل شرائع الدّين من الجهاد والحج والأمر بالمعروف، فكان كمال الدّين حين نزل قوله تعالى:﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ قبل الوفاة بأقل من ثلاثة أشهر, ولما أنزل براءة أمره بنبذ العهود التي كانت للمشركين وقال فيها:﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى:﴿ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم﴾ وذلك أنه لم يبق حينئذ للمنافق من يعينه لو أقيم عليه الحدّ ، ولم يبق حول المدينة من الكفار من يتحدث بأن محمدا يقتل أصحابه ,فأمره الله بجهادهم والإغلاظ عليهم، وقد ذكر أهل العلم أن آية الأحزاب منسوخة بهذه الآية ([10]).
    (9). يقال: هذا المانع (لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) هل كانت مراعاته واجبة عند تنفيذ الحدود في عهده صلى الله عليه وسلم؟ فإن قيل : نعم , يقال ثانيا: فهل المقتضي لذلك مازال قائماً بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟
    وماهي حدود هذه المراعاة ومجالاتها التطبيقية العملية؟ وهل المراعاة عامة مطلقة في الحدود وغيرها, أم لابد من تفصيل؟
    وما هي مواصفات الرأي العام الذي يراعى ويُخْشى نفرته؟ وما هي معايير هذه النفرة؟ فهذه أسئلة تحتاج إلى جواب مقنع من المتعلقين بهذا التعليل الذي له وضعه الخاص.
    وإلا فكيف يُظَنّ برسول الله أنه ترك إقامةَ علَمِ الحدود لقالة شرذمةٍ من الناس، أو ليس الذي أقام حدودَ الله على أصحابه الكرام كماعز والغامدية والجهينية ومسطح وحمنة بنت جحش وحسان بن ثابت والمخزومية التى سرقت,رضي الله عنهم؟.
    وأقام حدّ الرّدة على ناكح امرأة أبيه كما في حديث البراء بن عازب ومعاوية بن قرة, وعلى العرنيين الذين كانوا من أصحابه قبل الارتداد, فما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إلى هذا المانع (لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) في مواطن كثيرة فيقيم على أصحابه حدود الله المحضة، ويعفو ويصفح عند ما يصل ألأمر إلى المتهمين بالنفاق ؟([11])
    أوليس الذي حذّر من المحاباة في مثل هذه القضايا بقوله: (إنما هلكت بنو إسرائيل بأنهم كانوا إذا أصاب الضعيف منهم الحد أقاموا عليه , وإذا أصابه الشريف تركوه)(والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ).
    وهذا كله مما يدل على أن الأمر مفوّض إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الاستيفاء والترك فيما يتعلق به.
    (10). إن قاعدة الشرع تقتضي التشدد في الكفر والشرك، والتيسير في غيره كما تقرر لدى فقهاء الإسلام: أن الشريعة الإسلامية أشد الشرائع في مسائل الشرك والكفر والتوحيد وأيسرها في الشرعيات, ويلزم على هذا الرأي قلب هذه القاعدة.
    (11). لم يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حكمة التأليف وخشية التنفير لما سمع أن قوم الحارث بن أبي ضرار منعوا الزكاة وأرادوا قتل الساعي فلم يقل فيهم: دعوهم لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.
    ألا تراه صلى الله عليه وسلم, يبعث الجيش لغزو قوم الحارث بن أبي ضرار الخزاعي لما ذكر الوليد بن عقبة أنه منع الزكاة وأراد قتله.
    ولم ينظر إلى المانع المذكور في الأمر بقتل من لم ينته عن الخمر مع حداثة عهده بالإسلام. كما في حديث الديلم الحميري رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إنا بأرض باردة, شديدة البرد, نعالج بها عملا شديدا نستعين بشراب يصنع لنا من القمح , نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا, أفيحلّ يا نبي الله ؟
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيسكر ؟ قال : نعم , قال : فلا تشربوه , ثم عاد فقال له رسول الله أيسكر ؟ قال : نعم, قال: فلا تشربوه,( ثم عاد الثالثة )ثم قال الحميري: فإنهم لا يصبرون عنه قال : فإن لم يصبروا عنه فاقتلوهم " ([12]).
    فمن أحق بالتأليف من أهل اليمن لحداثة عهدهم, وبُعدِهم عن مركز العلم (المدينة)؟ مع ما ذكروا من الضرر والأعمال الشاقة, والمصلحة المتوهمة في الشراب.
    ولم يلتفت إليه في ترك بعض الواجبات فكيف يلتفت إليه في الارتداد عن الدين والطعن فيه فقد رفض عليه الصلاة والسلام طلب ثقيف وهم حديثو عهد بالإسلام بأن يصلوا كما في سنن أبي داود (3010).
    بل رفض طلبهم في ترك الوضوء والغسل واستعمال الدباء وأن يرد إليهم أبي بكرة قال الشعبي عن رجل من ثقيف قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا فلم يرخّص لنا.
    فقلنا: إن أرضنا أرض باردة فسألناه أن يرخّص لنا في الطهور فلم يرخص لنا.
    وسألناه أن يرخص لنا في الدبّاء فلم يرخص لنا فيه ساعة، وسألناه أن يردّ إلينا أبا بكرة فأبى وقال: هو طليق الله وطليق رسوله...) رواه الإمام أحمد بسند صحيح (4/168) ويشهد له من حيث المعني حديث الديلم الحميري.
    بل كيف غاب هذا الأصل: (تعطيل الحدود بحجة خشية التنفير) عن الصحابة الكرام حين اشتدّوا على مانعي الزكاة فضلاً عن المرتدِّين عن أصل الشريعة والمتنبّئين ؟
    (12). أن يقال: إن هذه قضايا جزئية, فإن وافقت القواعد الكلية للشريعة, وإلا اعتبرت من باب المجملات, فيتوقف فيها حتى التبيين, وقد عُلِم يقينا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليترك قتل من وجب قتله إلا أن يكون له حق العفو في ذلك.


    [1] الذخيرة في فروع المالكية (9/321)

    [2] الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/341)

    [3] فتح الباري (12/314-315)

    [4] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم(6/562)

    [5] الصارم المسلول (3/658-659)

    [6] السيف المسلول على سابّ الرسول للإمام السبكي صـ320

    [7] الصارم المسلول (3/673-679،1008) بتصرف يسير، وتفسير الطبري (14/360)

    [8] الصارم (3/683-684)

    [9] السيف المسلول على ساب الرسول صـ320

    [10] الصارم (3/681-683)

    [11] وقد برّأه الله من ذلك !!

    [12] حديث صحيح .رواه أحمد في المسند(4/231-232) وفي الأشربة (209-210) وأبوداود (3683) وغيرهما

  11. #11

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    وقال الإمام ابن حزم: (ومن ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتل من وجب عليه القتل من أصحابه فقد كفر، وحلّ دمه وماله، لنسبته رسول الله صلى الله عليه وسلم الباطل، ومخالفة الله تعالى، والله: لقد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الفضلاء المقطوع لهم بالإيمان والجنة، إذا وجب عليهم القتل كماعز والغامدية والجهينية، رضي الله عنهم , فمن الباطل المتيقن والضلال البحت ،والفسوق المجرد: بل الكفر الصريح: أن يعتقد ، أو يظن من هو مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل مسلمين فاضلين من أهل الجنة من أصحابه أشنع قتلة بالحجارة، ويقتل الحارث بن سويد الأنصاري قصاصا بالمجدر بن خيار البلوي بعلمه عليه السلام – دون أن يعلم ذلك أحد والمرأة التي أمر أنيسا برجمها إن اعترفت , وبقطع يد المخزومية – ويقول :" لوكانت فاطمة لقطعت يدها"؟ صحّ أن عبد الله بن أبي بعد أن كفر هو ومن ساعده على ذلك أظهروا التوبة والإسلام فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منهم، ولم يعلم باطنهم على ما كانوا عليه من الكفر؟ أم على ما أظهروا من التوبة )؟.
    (13).إن كفر هؤلاء - إن ثبت بالحجج الشرعية - كان من جنس ما يختص النبيّ صلى الله عليه وسلم من أذيّته والاعتداء عليه, وكان له أن يعفو عمن شتمه وآذاه مطلقا في حياته, وليس للأمة أن تعفو عن ذلك للإجماع على أن من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه بعد موته من المسلمين كافر حلال الدم , وكذلك من سبّ نبيا من الأنبياء "
    ومع هذا فقد قال الله تعالى:﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله مما قالوا ﴾ وقال تعالى:﴿وإذ قال لموسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم﴾ فكان بنو إسرائيل يؤذون موسى في حياته بما لو قاله اليوم أحد من المسلمين وجب قتله، ولم يقتلهم موسى، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقتدي به في ذلك , فربما سمع أذاه أو بلغه، فلا يعاقب المؤذي على ذلك ، قال الله تعالى:﴿ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن﴾ وقال:﴿ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذاهم يسخطون﴾.
    فعفى صلى الله عليه وسلم عن ذي الخويصرة التميمي لما قال له:(يا محمد قد رأيت ما صنعت، قال :فكيف رأيت ؟ قال: لم أرك عدلت).
    ومنع عمرَ المستأذنَ في قتله ,كما منع خالدا عن قتل الذي اتهمه في قسمة الذهيبة ،وقال:
    (يا محمد اتق الله), فهذا الرجل قد نص القرآن أنه من المنافقين بقوله:﴿ومنهم من يلزمك في الصدقات﴾ أي يعيبك ويطعن عليك.
    وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: ( اعدل ، واتق الله), بعد ما خصّ بالمال أولئك الأربعة نسبة للنبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه جار ولم يتق الله، ولهذا قال:(أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟ ألا تأمنوني وأنا امين من في السماء ).
    ومثل هذا الكلام لا ريب أنه يوجب القتل لو قاله اليوم أحد، وإنما لم يقتله النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لأنه كان يظهر الإسلام وهو الصلاة التي يقاتل الناس عليها وكان نفاقه بما يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم من الأذى، وكان له أن يعفو عنه فعفى عنه لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.
    ويقول في الذي قال له في غنائم حنين: (والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها ،أوما أريد بها وجه الله ." يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر").
    فهذا الكلام مما يوجب القتل بالاتفاق، لأنه جعل النبي صلى الله عليه وسلم جائرا مرائياً ، ونصّ النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا من أذى المرسلين ثم اقتدى في العفو بموسى عليه السلام ولم يستتب.
    ومن ذلك قول الأنصاري في شراج الحرّة: (أن كان ابن عمّتك).
    والأعرابي الذي قال :(واغدراه واغدراه).ولا خلاف في أن تغدير النبي صلى الله عليه وسلم كفر وارتداد.
    ومنه قول القائل: (إن الناس يزعمون تنهى عن الغيّ وتستخلي به).
    وما أشبه ذلك من أذى المرسلين بالطعن والقدح في دينهم ودنياهم.
    فهذا الباب كله مما يوجب القتل، ويكون به الرجل كافراً منافقاً حلال الدم،ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء عليهم السلام يعفون ويصفحون عمن قاله، امتثالا لقوله تعالى:﴿خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين﴾ وغيرها من الآيات.
    فالكلام الذي يؤذيهم يكفر به الرجل فيصير به محاربا إن كان ذا عهد ، ومرتدا أو منافقا إن كان من يظهر الإسلام، وللأنبياء فيه حق الآدمي، فجعل الله لهم أن يعفوا عن مثل هذا النوع، ووسّع عليهم ذلك لما فيه من حق الآدمي، تغليبا لحق الآدمي على حق الله،كما جعل لمستحق القود وحد القذف أن يعفو عن القاتل والقاذف, وأولى لما في جواز عفو الأنبياء ونحوهم من المصالح العظيمة المتعلقة بالنبي والأمة وبالدين.
    وهذا معنى قول عائشة رضي الله عنها: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما له ولا امرأة ولا دابة ولا شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا انتقم لنفسه قط).
    وفي لفظ: (ما نيل منه شيء فانتقم من صاحبه إلا أن تنتهك محارم الله فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيئ حتى ينتقم لله)
    ومعلوم أن النيل منه أعظم من انتهاك المحارم ، لكن لما دخل فيها حقه كان الأمر إليه في العفو أو الانتقام فكان يختار العفو.
    وربما أمر بالقتل إذا رأى المصلحة فيه بخلاف ما لا حق له فيه من زنى أو سرقة أو ظلم لغيره فإنه يجب عليه القيام به.
    وقد كان أصحابه إذا رأوا من يؤذيه أرادوا قتله، لعلمهم بأنه يستحق القتل، فيعفو هو عنه ويبيّن لهم أن عفوه أصلح مع إقراره لهم على جواز قتله، ولو قتله قاتل قبل عفو النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له لعلمه بأنه قد انتصر لله ورسوله، بل يحمده على ذلك ويثني عليه، فإذا تعذّر عفوه بموته صلى الله عليه وسلم بقي حقا محضا لله ولرسوله وللمؤمنين لم يعف عنه مستحقه ،فتجب إقامته ([1]).
    (14). مما يوضح أن هذا خاص بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في حياته:
    تعليله تركَ قتلِ من أذاه بأنه يصلِّي.
    وفي آخر بأن لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.
    وفي ثالث: بأن له أصحابا سيخرجون, مما يبيّن أن العلة اختيار العفوعنهم مطلقا ([2]).
    (15).ومما يزيد الأمر إيضاحا: إذنه للحجّاج بن علاط رضي الله عنه في النيل منه لاسنتقاذ ماله من العدو، فعن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر , قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك ،أو قلت شيئا ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على أن يقول ما شاء ، فأتى امرأته حين قدم فقال : اجمعي ما كان عندك فإني أريد أن اشتري من غنائم محمد وأصحابه فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم وفشا ذلك بمكة فانقمع المسلمون وأظهر المشركون فرحا وسرورا قال : وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب فقعد وجعل لا يستطيع أن يقوم ،ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج : ماذا جئت به ؟ وما ذا تقول ؟ فما وعد الله خير مما جئت به . قال: فقال الحجاج بن علاط : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له : فليخل بعض بيوته لآتيه ، فإن الخبر على ما يسرّه قال: فجاءه غلامه فلما بلغ باب الدار قال : أبشر يا أبا الفضل قال : فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه فأخبره بما قال الحجاج فأعتقه قال : ثم جاءه الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام الله تبارك وتعالى في أموالهم واصطفى رسول الله صفية ابنة حيي فأخذها لنفسه وخيرها بين أن يعتقها وتكون زوجة أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجة , ولكني جئت لما كان لي هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لي أن أقول ما شئت, وأخف عني ثلاثا ثم أذكر ما بدا لك ، قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلى ومتاع فدفعته إليه ثم انشمر به فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج فقال: ما فعل زوجك فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا وقالت: لا يخزيك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك قال: أجل فلا يخزيني الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا فتح الله تبارك وتعالى خيبر على رسول الله وجرت سهام الله تبارك وتعالى في أموالهم واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت: أظنك والله صادقا قال : فإني والله صادق والأمر على ما أخبرتك ، قال : ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم لا يصيبك إلا خيرا يا أبا الفضل قال: لم يصبني إلا خير بحمد الله قد أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى رسول الله صفية لنفسه، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله , وما له هاهنا ثم يذهب قال: فردّ الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين وخرج المسلمون ممن كان دخل مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر وسرّ المسلمون ورد الله تبارك وتعالى ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين )([3]).
    ويشبه هذا قصة قتل ابن الأشرف المخرّجة في الصحاح, إن قيل كان فيها تعريضٌ بسبّه وتنقيصه صلى الله عليه وسلم، وهو كفر محض.
    فإن قيل: إذا كان سبّ النبي صلى الله عليه وسلم وأذاه كفراً وخروجا من الملّة فلِمَ لم يكفر هؤلاء الصحابة الذي نالوا منه للمصلحة ولو بالتعريض؟ وهل يجوز لأحد الكفر لتحقيق مصالحه؟
    قيل: لا يجوز ذلك لأحد إجماعا إلا بالإكراه الشرعي.
    وأما هؤلاء الصحابة فلم يسبوا النبي صلى الله عليه وسلم إطلاقا.
    وإن قيل: استئذان السلمي في النيل منه دليل على أنه رخصّ فيه فلماذا لم يكفر؟
    أجيب: لم يكفر لانتفاء مناط التكفير بالقطع واليقين (أذية الله ورسوله) في هذا المقام بالإذن والترخيص والقاعدة في الأصول: «أن الوصف المعتبر في الحكم إذا كان غير منضبط أقيمت المظنة مقامه»، وإذا أقيمت المظنّة مقامَه أُعرِض عن اعتبار الوصف بعينه لكن لا بدّ أن يكون الوصف متوقّعا مع المظنّة فلو قطعنا بعدمه عند المظنة فالقاعدة في الأصول: «أن لا يترتب على المظنة حكم».
    وعلى هذا انتفت الأذية من سبّ السلمي ونحوه فذهب أثر المظنة (النيل) فلا يناط الحكم بالمظنة مع القطع بانتفاء الوصف الذي هو الأذى لله ولرسوله؛ ومن ثمّ لا يصحّ القياس على هذه الصورة الخاصة.
    وأيضا الكلمة الواحدة تكون في حال سبّا، بخلاف حالة أخرى، فتختلف باختلاف الأقوال والأحوال.
    قال الإمام ابن جزي المالكي رحمه الله تعالى:(اعلم أنّ الألفاظ في هذا الباب تختلف أحكامها باختلاف معانيها والمقاصد بها وقرائن الأحوال، فمنها ما هو كفر، ومنها ما هو دون الكفر ومنها ما يجب فيه القتل ، ومنها ما يجب فيه الأدب، ومنها ما لا يجب فيه شيئ، فيجب الاجتهاد في كل قضية بعينها ) ([4]).
    وكذلك الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم على قسمين: أذى مقصود، وأذى غير مقصود فمسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وحسان بن ثابت لم يكن قصدهم في حادثة الإفك أذى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك لم يجر عليهم كفر ولا قتل.
    وأما ابن أبي فكان مقصوده بالأذى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحق القتل، ولكن الحق للنبي صلى الله عليه وسلم فله تركه.
    وهذه القاعدة في اعتبار المقاصد فيما يحصل به الأذى مما يجب التنبّه له، فإن الشخص قد يفعل فعلا أو يقول قولا فيحصل لآخر منه أذى لا يكون ذلك الفاعل أو القائل قصد أذاه البتة، وإنما قصد أمرا آخر، ولم يحضر عنده أن ذلك يستلزم الأذى لذلك الشخص، ولا كان لزومه بيّنا، فهذا لا يترتب عليه حكم الإيذاء.
    ومما يدل على هذا قوله تعالى في شأن الذين قعدوا في وليمة زينب:﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي﴾.
    قال الإمام تقي الدين السبكي: (فهؤلاء من خيار الصحابة لم يقصدوا الأذى فلذلك لم يترتب عليه حكمه، وأما عبد الله بن أبي فما حمله على ذلك إلا نفاقه وبغضه للنبي صلى الله عليه وسلم وقصده الإيذاء، فلذلك كان يستحق القتل، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حَلُم عليه)([5]).
    وقال شيخ الإسلام: (فإن المؤذي له هنا إطالتهم الجلوس في المنـزل واستئناسهم للحديث لا أنهم هم آذوا النبي صلى الله عليه وسلم .
    والفعل إذا آذى النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يعلم صاحبه أنه يؤذيه ولم يقصد صاحبه أذاه فإنه ينهى عنه ويكون معصية كرفع الصوت فوق صوته.
    فأما إذا قصد أذاه أو كان مما يؤذيه وصاحبه يعلم أنه يؤذيه وأقدم عليه مع استحضار هذا العلم فهذا الذي يوجب الكفر وحبوط العمل) ([6])
    وبالجملة: الإذن والترخيص في النيل منه لتحقيق مصالح عامة للأمة، وخاصة للأفراد, مما لا يدع مجالا للشك أنه تصرّف منه عليه السلام في حقوقه الخاصة في حياته.
    ولو كان سبّ النّبيّ ردة مجردة، لوجب قتل الساب حتما كالمرتد، ولما جاز العفو عنه كالحدود الأخرى، لأن إقامة الحد على المرتد واجبة بالاتفاق، لا يجوز العفو عنه.
    فلما عفا النبي في حياته دلّ على أن السّبّ نفسه يوجب القتل حقا للنبي صلى الله عليه وسلم، ويدخل فيه حق الله تعالى، ويكون سابّه وقاذفه بمنـزلة سابّ غيره وقاذفه، قد اجتمع في سبّه حقان: حق لله، وحق لآدمي، فلو أن المسبوب والمقذوف عفا عن حقه لم يعزّر القاذف والساب على حق الله، بل دخل (حق الله ) في العفو.
    كذلك النبي صلى الله عليه وسلم إذا عفا عمن سبّه دخل في عفوه عنه حق الله فلم يقتل لكفره، كما لا يعزّر سابّ غيره لمعصيّته، مع أنّ المعصيّة المجرّدة عن حق آدميّ توجب التعزير فعُلِم أنه كان يُغَلِّب في السب ّوالأذى حقه بحيث يجوز له العفو عن المؤذي .([7])

    يتبع


    [1] الصارم المسلول (2/421-438) باختصار وتصرف يسير

    [2] الصارم المسلول (2/355)

    [3] رواه عبد الرزاق (5/466) وأحمد (3/138-139)والنسائي في الكبرى (5/194)وغيرهم كالطبراني وابن سعد في الطبقات والحاكم وابن حبان وهو حديث صحيح أو حسن على الأقل.

    [4] القوانين الفقهية صــــ357

    [5] السيف المسلول على ساب الرسول( صـ135-136)

    [6] الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/120)

    [7] الصارم (2/530-535)(3/1009)

  12. #12

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    نقول عن ابن تيمية في بيان المذهب المختار:
    قال رحمه الله تعالى: (فهذه القصة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود رضي الله عنه لما بلغه قول القائل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، " دعنا منك، لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر "
    فهذا ما ذكرناه من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أن الأنبياء - صلوات الله عليهم وسلامه - لهم أن يعاقبوا من أذاهم وإن تاب، ولهم أن يعفوا عنه، كما كان لغيرهم من البشر، لكن لهم أن يعاقبوا من يؤذيهم بالقتل والهلاك، وليس لغيرهم أن يعاقبه بمثل ذلك، وذلك دليل على أن عقوبة مؤذيهم حدّ من الحدود لا لمجرد الكفر) الصارم (3/789 -790).
    وفيه التصريح بأن الأمر مفوّض إلى الأنبياء قتلا وعفوا كانت هناك حكمة ظاهرة أو لم تكن،
    ولهذا قال رحمه الله في قضية أخرى: (وصاحب الشريعة بيّن أن ما أسقط قتله عفوه..).
    قال رحمه الله: (أنه قد تقدم أنه كان له صلى الله عليه وسلم أن يقتل من أعلظ له وآذاه، وكان له أن يعفو عنه، فلو كان المؤذي له إنما يقتل للردة لم يجز العفو عنه قبل التوبة، وإذا كان هذا حقا له فلا فرق فيه بين المسلم والذمي..) الصّارم (3/794).
    فيه التقرير بأبين الحجج بأن أسباب الردة الخارجة عن حقوقه صلى الله عليه وسلم لا يجوز له العفو فيها وهذا هو السر في انحصار التعليل الوارد في الأحاديث بما يتعلق به صلى الله عليه وسلم، وفيه بيان أن النفاق الخارج عنه صلى الله ردة وكفر فلا يسقط القتل إلا بالتوبة وأن لا دخل للعفو فيه.
    وقال رحمه الله: (و إذا كان له أن يقتل من أذاه وسبّه من مسلم ومعاهد، وله أن يعفو عنه علم أنه بمنـزلة القصاص وحد القذف.. ) المصدر السابق ص794.
    فيه التفريق بين حقوق الله وحدوده وبين ما للنبي صلى الله عليه وسلم فيه حق العفو والصبر وهو ما أطلق عليه صاحب الرسالة (نفاق الطعن والأذية) وهذا المعنى بالغ شيخ الإسلام في تقريره في مواضع من كتبه.
    ويقول رحمه الله تعالى: ( وهذه طريقة قوية ،وذلك أنه إذا كان صلى الله عليه وسلم قد أباح الله له أن يقتل من سبّه، وأباح له أن يعفو عنه كان المغلب في هذا الحدّ حقه، بمنـزلة سب غيره من البشر إلا أنّ حدّ سابّه القتل وحدّ سابّ غيره الجلد ) المصدر السابق (3/795).
    وقال رحمه الله: (وإذا كان المغلب حقه، فكان الأمر في حياته مفوّضا إلى اختياره لينال بالعفو عليّ الدرجات تارة، ويقيم بالعقوبة من الحدود ما ينال به أيضا عليّ الدرجات، فإنه نبي الرحمة ونبي الملحمة وهو الضحوك القتال..) ص 795.
    فيه بيان الحكمة التي وراء جعل القضية اختيارية: (لينال بالعفو عليّ الدرجات تارة..)
    وفيه أن قتل منافق الأذية والسبّ كان مفوضا إلى اختياره فإن شاء عاقب وإن شاء انتقم وإذا لم يعاقب علم أنه صلى الله عليه وسلم اختار العفو والصبر للعلل المذكورة وغيرها.
    ويقول رحمه الله تعالى: ( وإذا كان يجوز له أن يقتل هذا السابّ بعد مجيئه مسلما، وله أن يعفو عنه، فبعد موته تعذر العفو، وتمحضت العقوبة حقا لله سبحانه، فوجب استيفاؤها على ما لا يخفى، إذ القول بجواز عفو أحد عن هذا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضي إلى أن يكون الإمام مخيرا بين قتل هذا واستبقائه، وهو قول لا يعلم به قائلا، ثم إنه خلاف قواعد الشريعة وأصولها، وقد تقدم الفرق فيما مضى بين حال حياته وحال مماته ). نفس المصدر (3/795 -796).
    وظاهر هذا أن المسألة مسألة عفو واختيار بغض النظر في كون الساب مسلما أو كافرا، ونص رحمه الله أيضا أن تعذر العفو بعد موته صلى الله عليه وسلم يوجب القتل ويمحّض الحد حقا لله وما كان كذلك لا يملك أحد العفو فيه.
    وفيه التنبيه على: أن ما كان حقا محضا لله في حياته صلى الله عليه وسلم أشد من ذلك فلا يتأثر بحياة ولا بمماة ولا يسقط عن صاحبه بحال ولا يجوز للمسلمين التنازل عنه وهو السر في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم للحدود على أصحابه بصرامة وحسم فتنة المرتدين كالعرنيين بينما يختار العفو فيما يتعلق به.
    ويقول رحمه الله تعالى: ( وهذا ظاهر في أن عقوبة السابّ حدّ للنبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة عليه، له أن يعفو عنها في بعض الأحوال، وأن يستوفيها في بعض الأحوال كما أن عقوبة سابّ غيره حدّ له واجبة على السابّ ) المصدر (3/797).
    وهنا يرد شيخ الإسلام الأمر إلى اختيار العفو أو الانتقام إذا ثبتت الجريمة وأن عقوبة السابّ حدّ كحد القذف والقصاص.
    وقد سبق التقرير بأن هذا الحق لا علاقة له بحدود الله العامة لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد مماته وسيأتي تصريح شيخ الإسلام بأنه لم يقع أن ثبت كفر رجل بعينه عند النبي صلى الله عليه وسلم بالبينة ولم يقتل إلا أن يكون في أول الأمر.
    ويقول رحمه الله تعالى: (نعم كان الأمر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفوضا إليه فيمن سبه، إن أحب عفا عنه، وإن أحب عاقبه، وإن كان في سبه حق لله ولجميع المؤمنين، لأن الله سبحانه يجعل حقه في العقوبة تبعا لحق العبد كما ذكرناه في القصاص، وحقوق الآدميين تابعة لحق الرسول، ولأنه أولى بهم من أنفسهم، ولأن في ذلك تمكينه صلى الله عليه وسلم من أخذ العفو والأمر بالمعروف والإعراض عن الجاهلين الذي أمره الله تعالى به في كتابه، وتمكينه من أن يدفع بالتي هي أحسن السيئة كما أمر الله، وتمكينه من استعطاف النفوس، وتأليف القلوب على الإيمان، واجتماع الخلق عليه، وتمكينه من ترك التنفير عن الإيمان، وما يحصل بذلك من المصلحة يغمر ما يحصل باستبقاء السابّ من المفسدة، كما دل عليه قوله تعالى: ﴿ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر﴾ وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم نفس هذه الحكمة حيث قال: ( أكره أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه )، وقال فيما عامل به ابن أبيّ من الكرامة : " رجوت أن يؤمن بذلك ألف من قومه " فحقق الله رجاءه) نفس المصدر (3/828-829).
    وهنا يقرر شيخ الإسلام أن قتل المنافق الساب وتركه إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم للعفو أو الانتقام،ثم يعدّد رحمه الله الحكم الدينية والمصالح المرعية في التمكين من العفو.
    بل ذهب رحمه الله إلى أبعد من ذلك فيصرّح بأن ما ذكر في حديث جابر وأبي سعيد مثلا حكمة شرعية وليس علة فرعية فاعلة.
    ويقول رحمه الله تعالى: ( إن سبّ النبي صلى الله عليه وسلم كان موجبا للقتل في حياته كما تقدم تقريره، وكان إذا علم بذلك تولّى هذا الحق، فإن أحب استوفى، وإن أحب عفا ..
    وقد قدمنا الدلائل على أن القتل لخصوص سبّه، وأن المغلب فيه حقه، حتى كان له أن يقتل من سبه أو يعفو عنه كما كان للرجل أن يعاقب سابه وأن يعفو عنه ) نفس المصدر (3/839).
    وفيه الكشف بجلاء أن عقوبة المنافق الطاعن مردّها إلى اختيار النبي الكريم ( إن أحب استوفى وإن أحب عفا ) وأي الخيارين أخذ فلحكمة وغاية نبيلة أخروية كانت أو دنيوية كما سبق و سيأتي .
    وقال شيخ الإسلام رحمه الله: ( ومعلوم أن النيل منه – صلى الله عليه وسلم – أعظم من انتهاك المحارم، لكن لما دخل فيها حقه كان الأمر إليه في العفو أو الانتقام، فكان يختار العفو، وربما أمر بالقتل إذا رأى المصلحة في ذلك، بخلاف ما لا حق له فيه من زنى أو سرقة أو ظلم لغيره، فإنه يجب عليه القيام به ) المصدر السابق (2/437).
    وهنا يضع شيخ الإسلام النقاط على الحروف كما يقال فنصّ أن الانتقام والعفو إلى اختياره صلى الله عليه وسلم وربما يختار القتل لمصلحة وكان يختار العفو في أغلب الأحوال، وأن ذلك كله في النيل من حرمته بخلاف ما لا حق له فيه من حدود الله كالكفر المجرد والزنا والسرقة والخمر وحقوق الآخرين من البشر.
    ويقول رحمه الله: (وقد كان أصحابه إذا رأوا من يؤذيه أرادوا قتله، لعلمهم بأنه يستحق القتل، فيعفو هو عنه صلى الله عليه وسلم ويبين لهم أن عفوه أصلح مع إقراره لهم على جواز قتله؛ ولو قتله قاتل قبل عفو النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرض له النبي لعلمه بأنه قد انتصر لله ورسوله بل يحمده ويثني عليه كما قتل عمر رضي الله عنه الرجل الذي لم يرض بحكمه.. فإذا تعذر عفوه بموته صلى الله عليه وسلم بقي حقا محضا لله ولرسوله وللمؤمنين لم يعف عنه مستحقه فتبجب إقامته ) المصدر السابق (2/438).
    ويقول رحمه الله: (قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم – كان له أن يقتل من سبّه.. كما دلت عليه أحايث قد تقدم ذكرها .. و ثبت أن له أن يعفو عنه كما دل عليه حديث ابن مسعود وأبي سعيد وجابر وغيرهم فعلم أن سبه يوجب القتل، كما أن سبّ غيره يوجب الجلد، وإن تضمن سبّه الكفر بالله كما تضمّن سبّ غيره المعصية لله ). المصدر السابق (2/534 – 535).
    ويقول رحمه الله: ( إن الحق الواجب على الإنسان قد يكون حقا محضا لله، وهو ما إذا كفر أو عصى على وجه لا يؤذي أحداً من الخلق، فهذا إذا وجب فيه حدّ لم يجز العفو عنه بحال. وقد يكون حقا محضا لآدمي بمنـزلة الديون التي تجب للإنسان على غيره من ثمن مبيع أو بدل قرض ونحو ذلك من الديون التي ثبتت بوجه مباح، فهذا لا عقوبة فيه بوجه، وإنما يعاقب على الدين إذا امتنع من وفائه، والامتناع معصية.وقد يكون حقا لله ولآدمي - مثل حد القذف والقود وعقوبة السبّ ونحو ذلك - فهذه الأمور فيها العقوبة من الحدّ والتعزير، والاستيفاء فيها مفوض إلى اختيار الآدمي: إن أحب استوفى القود وحد القذف وإن شاء عفا، فسبّ النبي صلى الله عليه وسلم لو كان من القسم الأول لم يجز العفو عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان من القسم الثاني لم يكن فيه عقوبة بحال، فتعين أن يكون من القسم الثالث، وقد ثبت أن عقوبته القتل، كما أن سبّ النبي صلى الله عليه وسلم - من حيث هو - سبّ له وحق لآدمي عقوبته القتل ، كما أن سب غيره من حيث هو سب له وحق لآدمي عقوبته الجلد ، إما حدا أو تعزيرا وهذا معنى صحيح واضح ). المصدر السابق (2/536).
    وما أحسن هذا التقرير وأجزله من بيان ولهذا اخترناه كختام لتقريرات الشيخ،وفيه البيان أن ما ثبت لله محضا كالحدود العامة يجب استيفاؤه ولا يسقط بحال إلا بالعجز عنه.
    وبهذا يتضح للقارئ الكريم: أن حقيقة العمل بقوله: (لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي) يكون في العفو والصفح عن الحقوق الخاصة وعدم الانتقام للنفس من المعتدين الجاهلين, مالم يعدّ ذلك امتهانا وابتذالاً, لا في ترك تغيير المنكرات وتعطيل الحدود الشرعية لله رب العالمين.
    وأن من حق الإنسان أن يعفو عمن ظلمه ولا يعاقبه, وليس من حقه العفو عمن ظلم غيره واعتدى عليه, بحجة التأليف,وجمع الكلمة.
    وأن الفقهاء وإن اختلفوا في سبب العفو عن هؤلاء القوم في عهده صلى الله عليه وسلم إلا أنهم لم يختلفوا في حكم من ثبت عنه النفاق اليوم أو الكفر بالحجة الشرعية ،وأنه كافر حلال الدم والمال ، إن لم يقم به مانع معتبر.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    جزاكم الله أيها الشيخ الحبيب وسوف أقرا هذه المقالى بإذن الله تعالى والحمد لله استفدت الكثر بوركتم على المساعدة

  14. #14

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    بارك الله فيك .. لو تضع لنا رابط التحميل لهذا البحث .. جزاك الله خيرا
    قال البربهاري في شرح السنة :" واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب"

  15. #15

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    بارك الله فيكم، بالنسبة لرابط التحميل سأفعل إن شاء الله.
    دمتم بحفظ الله ورعايته

  16. #16

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك


  17. #17

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    شكر الله الإخوة المشاركين جميعا.
    وهذا ملف (جواب الإشكال) المرفق .
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  18. #18

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    .... أحببت أن ألخص لك ما جاء في رسالة (مصلحة التأليف وخشية التنفير من خلال شرح حديث جابر "دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) لأبي سلمان الصومالي المنشورة في بعض المواقع عسى أن يساهم المنتقى منها في حلّ الإشكال....
    أخي الفاضل بارك الله فيك .. أين الرسالة التي اشرت إليها في المشاركة ؟!
    وجزاك الله خيرا ..
    قال البربهاري في شرح السنة :" واعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب ولكن العالم من اتبع الكتاب والسنة وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير الرواية والكتب"

  19. #19

    افتراضي رد: منع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض من لم ي يرض بحكم لأنع يصلي !!هل من مجيب وفقك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سليمان الروقي مشاهدة المشاركة
    أخي الفاضل بارك الله فيك .. أين الرسالة التي اشرت إليها في المشاركة ؟!
    وجزاك الله خيرا ..
    الرسالة طبعت ونشرت على الشبكة العنكبوتية، ولو بحث عن طريق غوغل ستجدها بإذن الله.
    قال الإمام ابن عقيل:
    (إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة)

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    بارك الله فيكم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •