فوائد مختصرة من تفسير العلامة السعدي (6)
فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذا الجزء السادس من الفوائد المختصرة من تفسير العلامة السعدي رحمه الله, عن: الربا, الجهاد, العبادة, الإنسان آيات الله, المنتفعون بآيات الله, البصر والفرج, الشورى, الشيطان, رقائق.
● الربا:
** أخبر تعالى أنه يمحق مكاسب المرابين, ويربى صدقات المنفقين, عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق, أن الإنفاق ينقص المال, وأن الربا يزيده, فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى, وما عند الله لا ينال إلا بطاعته, وامتثال أمره.
** أكبر الأسباب لاجتناب ما حرم الله من المكاسب الربوية تكميل الإيمان وحقوقه, خصوصاً إقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, وإن الزكاة إحسان إلى الخلق, ينافي تعاطى الربا, الذي هو ظلم لهم, وإساءة عليهم
● الجهاد:
** لو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد ولكن عدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم, وزاد نوم النائم, وأفات الأجور العظيمة
** الكفار ﴿قوم لا يفقهون﴾ أي لا علم عندهم بما أعدّ الله للمجاهدين في سبيله, فهم يقاتلون لأجل العلو في الأرض والفساد فيها وأنتم تفقهون المقصود من القتال أنه لأعلاء كلمة الله وإظهار دينه والذب عن كتاب الله وحصول الفوز الأكبر عند الله
** الجهاد في سبيل الله...ذرة سنام الدين, به يحفظ الدين الإسلامي, ويتسع, وينصر الحق, ويخذل الباطل.
** البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله, وعمرت مساجدها, وأقيمت فيها شعائر الدين كلها, من فضائل المجاهدين وبركتهم, فبذلك دفع الله عنها الكافرين.
** لولا دفع الناس بعضهم ببعض, لاستولى الكفار على المسلمين, فخربوا معابدهم, وفتنوهم عن دينهم, فدل هذا على أن الجهاد مشروع لأجل دفع الصائل والمؤذي ومقصود لغيره.
● العبادة:
** العبادة الشاقة على النفس, لها فضل ومزية, ليست لغيرها, وكلما عظمت المشقة عظم الأجر
** في الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشهيات.
** العبادات إن لم يقترن بها الإخلاص, وتقوى الله, كانت كالقشر الذي لا لُبَّ فيه, والجسد الذي لا روح فيه.
** كل خير يوجد في الدنيا والآخرة فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.
** معرفته وعبادته, هما اللذان خلقا الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق.
** تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله. بل كلما ازداد العبد معرفة بربه كانت عبادته أكمل.
** ﴿ فإذا فرغت فانصب﴾ أي: إذا تفرغت من أشغالك, ولم يبق في قلبك ما يعقوه, فاجتهد في العبادة والدعاء....ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا, وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره, فتكون من الخاسرين
● الإنسان:
** الإنسان بطبعه ظالم جاهل, فلا تأمره نفسه إلا بالشر, فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك, لطف به ربه, ووفقه لكل خير, وعصمه من الشيطان الرجيم
** الإنسان كفور للنعم إلا من هدى الله فمنَّ عليه بالعقل السليم, واهتدى إلى الصراط المستقيم.
** الإنسان...جاهل ظالم...إلا من وفقه الله, وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده, وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا, وعند السراء فلم يبطروا, وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.
** الإنسان...الله إذا أذاقه منه رحمه, كالصحة والرزق والأولاد, ونحو ذلك, ثم نزعها منه, فإنه يستسلم لليأس, وينقاد للقنوط, فلا يرجو ثواب الله, ولا يخطر بباله أن الله سيردها, أو مثلها, أو خير منها.
** الإنسان...الله إذا أذاقه...رحمة بعد ضراء مسته, أنه يفرح ويبطر, ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير...وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس, والتكبر على الخلق, واحتقارهم, وازدرائهم, وأي عيب أشد من هذا ؟!!
** شر ما في الإنسان أن يكون شحيحاً بما أمر الله به, شحيحاً بماله أن ينفقه في وجهه, شحيحاً في بدنه أن يجاهد أعداء الله أو يدعو إلى سبيل الله, شحيحاً بجاهه, شحيحاً بعلمه, ونصيحته, ورأيه.
** الإنسان لجهله وظلمه إذا رأى نفسه غنياً طغى وبغى, وتجبر عن الهدى, ونسي أن لربه الرجعى, ولم يخف الجزاء. بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه, ويدعو غيره إلى تركه.
● آيات الله جل وعلا:
** من آيات الله العجيبة, أنك لا تجد داعياً من دعاة الكفر والضلال إلا وله من المقت بين العالمين, واللعنة, والبغض, والذم, ما هو حقيق به, وكُلّ بحسب حاله.
** ﴿ قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ﴾ وهذا من الآيات العجيبة, فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام, وعجزه عنه من غير خرس, ولا آفة, بل كان سوياً لا نقص فيه, من الأدلة على قدرة الله الخارقة للعوائد.
● المنتفعون بآيات الله عز وجل:
** المنتفعون بالآيات: كل صبار على الضراء, شكور على السراء, صبار على طاعة الله, وعن معصيته, وعلى أقداره, شكور لله على نعمه الدينية, والدنيوية.
** كلما كان العبد أعظم إنابة إلى الله كان انتفاعه بالآيات أعظم, لأن المنيب مقبل إلى ربه قد توجهت إرادته وهماته لربه ورجع إليه في كل أمر من أموره فصار قريباً من ربه, ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته, فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة.
** أهل الإعراض والغفلة, وأهل البلادة وعدم الفطنة,...ليس لهم انتفاع بآيات الله, لعدم وعيهم عن الله, وتفكرهم بآياته.
** ﴿ وما يتذكر ﴾ بالآيات حين يذكر بها, ﴿ إلا من ينيب ﴾ إلى الله تعالى بالإقبال على محبته, وخشيته, وطاعته, والتضرع إليه, فهذا الذي ينتفع بالآيات, وتصير رحمة في حقه, ويزداد بها بصيرة.
● البصر والفرج:
** من حفظ فرجه وبصره, طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش, وزكت أعماله, بسب ترك المحرم,...فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه, ومن غض بصره أنار الله بصيرته.
** العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته, مع دواعي الشهوة, كان حفظه لغيره أبلغ, ولهذا سماه الله حفظاً.
** البصر والفرج إن لم يجتهد العبد في حفظهما, أوقعاه في بلايا ومحن.
● الشورى:
** المستشار مؤتمن, يجب عليه إذا استشير في أمر من الأمور أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشير, ولو لم يكن للمستشار حظ نفس, بتقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه.
** ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ أي: في الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر.
** المشاور لا يكاد يخطئ في فعله, وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب فليس بملوم.
** الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة, فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك, فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.
● الشيطان:
** كل راكب وماش في معصية الله, فهو من خيل الشيطان ورجله.
** ﴿ يا أبت لا تعبد الشيطان ﴾ لأن من عبد غير الله, فقد عبد الشيطان, كما قال تعالى: ﴿ ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ﴾
** ﴿ وكان الشيطان للإنسان خذولاً ﴾ يزين له الباطل, ويقبح له الحق, ويعده الأماني, ثم يتحلى عنه, ويتبرأ منه.
** أي وقت من الأوقات, أحسست بشيء من نزغات الشيطان, أي: من وساوسه, وتزينه للشر, وتكسيله عن الخير, وإصابة ببعض الذنوب, وإطاعة له ببعض ما يأمر به, ﴿ فاستعذ بالله ﴾, أي: اسأله مفتقراً إليه, أن يعيذك ويعصمك منه.
**الشيطان...أصل الشرور كلها ومادتها, الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس, فيحسن لهم الشر, ويثبطهم عن الخير, ويريهم إياه في صورة غير صورته, وهو دائماً بهذه الحال, يوسوس, ثم يخنس, أي: يتأخر عن الوسوسة, إذا ذكر العبد ربه.
● رقائق:
** من سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى درجة, والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل,...ونفع متعد وقاصر.
** من عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا, ثم لقيه لا يشرك به شيئاً, لأتاه بقرابها مغفرة.
** قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو الله, وأدخلوا الجنة برحمة الله, واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته بل من أعلى أنواع رحمته
** ﴿ ورضوان من الله﴾ يحله على أهل الجنة, ﴿ أكبر﴾ مما هم فيه من النعيم, فإن نعيمهم لم يطب, إلا برؤية ربهم, ورضوانه عليهم, ولأنه الغاية التي أمَّها العابدون, والنهاية التي سعى نحوها المحبون, فرضا رب الأرض والسموات, أكبر نعيم الجنات.
** البشارة في الدنيا, فهي الثناء الحسن, والمودة في قلوب المؤمنين, والرؤيا الحسنة, وما يراه العبد من لطفه به وتيسره لأحسن الأعمال والأخلاق, وصرفه عن مساوئ الأخلاق.
** البشارة في الدنيا في الآخرة, فأولها: البشارة عند قبض أرواحهم...وفي القبر, ما يبشر به من رضا الله تعالى, والنعيم المقيم, وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم, والنجاة من العذاب الأليم.
** نار جهنم,...مثوى الحسرة والندم, ومنزل الشقاء والألم, ومحل الهموم والغموم, وموضع السخط من الحي القيوم, لا يُفتَّر عنهم من عذابها, ولا يرفع عنهم يوماً من أليم عقابها, قد أعرض عنهم الرب الرحيم, وأذاقهم العذاب العظيم.
** يعطى الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه حتى أنه يُذكرُهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم, فتبارك الذي لا نهاية لكرمه, ولا حد لجوده.
** أي حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته, واستحقاق سخطه والنار, على وجه لا يتمكن الرجوع ليستأنف العمل ولا سبيل له إلى تغير حاله بالعود إلى الدنيا ؟..
** مشهد يوم القيامة,...يشهده الأولون والآخرون, أهل السموات وأهل الأرض الخالق والمخلوق الممتلئ بالزلازل والأهوال.
** جنة الفردوس نُزُل وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح, وأي ضيافة أجل وأكبر وأعظم من هذه الضيافة, المحتوية على نعيم للقلوب والأرواح والأبدان,...فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علماً حقيقياً يصل إلى قلوبهم لطارت إليها قلوبهم بالأشواق.
** ﴿ خروا سجداً وبكياً ﴾ أي: خضعوا لآيات الله, وخشعوا لها, وأثرت في قلوبهم من الإيمان والرغبة والرهبة ما أوجب لهم البكاء والإنابة.
** يوم الحسرة...يجمع الأولون والآخرون في موقف واحد ويسألون عن أعمالهم فمن آمن بالله واتبع رسله سعد سعادة لا يشقي بعدها ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاء لا يسعد بعده وخسر نفسه وأهله فحينئذ...يندم ندامة تنقطع منها القلوب
** ﴿ ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً ﴾ أي: جاثين على ركبهم من شدة الأهوال, وكثرة الزلزال, وفظاعة الأحوال, منتظرين لحكم الكبير المتعال.
** فسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر. وبعض المفسرين يرى أن المعيشة الضنك عامة في دار الدنيا, بما يصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والآلام التي عذاب معجل وفي دار البرزخ وفي دار الآخرة لإطلاق المعيشة الضنك, وعدم تقيدها
** ﴿ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ ارجعون﴾ يخبر تعالى عن حال من حضره الموتى من المفرطين الظالمين, أنه يندم في تلك الحال, إذا رأى مآله, وشاهد قبيح أعماله, فيطلب الرجعة إلى الدنيا.
** الحسرة كل الحسرة أن يمضي على الحازم وقت من أوقاته وهو غير مشغول بالعمل الذي يقرب لهذه الدار.
** لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان, وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن, وليُول من ولايته فيها سعادته وليُعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته.
** البرزخ, هو الحاجز بين الشيئين, فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة, وفي هذا البرزخ, يتنعم المطيعون, ويعذب العاصون, من ابتداء موتهم واستقرارهم في قبورهم, إلى يوم يبعثون. أي: فليُعدوا له عُدّته, وليأخذوا له أُهبتهُ.
** كما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش, فالروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
** ﴿ فأخذهم عذاب يوم الظلة ﴾ أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحتها خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
** يا أيها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه المسارع في مرضاته أبشر بقرب لقاء الحبيب فإنه آت, وكل ما هو آت قريب, فتزود للقائه, وسر نحوه مستصحباً الرجاء, مؤملاً الوصول إليه.
** جنات المأوى: أي: الجنات التي هي مأوى اللذات, ومعدن الخيرات, ومحل الأفراح, ونعيم القلوب والنفوس والأرواح, ومحل الخلود, وجوار الملك المعبود, والتمتع بقربه, والنظر إلى وجهه, وسماع خطابه.
** الناس,...الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه, ويتضرع له, ويسأله أن لا يكله إلى نفسة طرفة عين, وأن يعينه على جميع أموره, ويستصحب هذا المعنى في كل وقت, فهذا حري بالإعانة التامة من ربه وإلهه.
** الدار التي تستحق المدح على الحقيقة التي يكرم الله فيها خواص خلقه ورضيها الجواد الكريم لهم نزلاً وبنى أعلاها وأحسنها, وغرسها بيده وحشاها من رحمته وكرامته ما ببعضه يفرح الحزين ويزول الكدر, ويتم الصفاء
** كل حالة قُدّر إمكان الصبر عليها, فالنار لا يمكن الصبر عليها, وكيف الصبر على نار قد اشتد حرها, وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفاً, وعظم غليان حميمها, وزاد نتن صديدها, وتضاعف برد زمهريرها, وعظمت سلاسلها وأغلالها.
** كل من خفت منه فررت منه إلى الله تعالى, فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه
** لا تسأل عن بهجة تلك الرياض المونقة, وما فيها من الأنهار المتدفقة, والغياض المعشبه, والمناظر الحسنة, والأشجار المثمرة, والطيور المغردة, والأصوات الشجية المطربة, والاجتماع بكل حبيب, والأخذ من المعاشرة والمنادمة بأكمل نصيب.
** ﴿ وزوجناهم بحور ﴾ أي: نساء جميلات من جمالهن وحسنهن, أنه يحار الطرف في حسنهن, وينبهر العقل بجمالهن, وينخلب اللب لكمالهن ﴿ عين ﴾ أي: واسعات الأعين, حسانها.
** ﴿ من خشي الرحمن ﴾ أي: من خافه على وجه المعرفة بربه, والرجاء لرحمته, ولازم على خشية الله في حال غيبه, أي: مغيبه عن أعين الناس, وهذه هي الخشية الحقيقية. وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم, فقد يكون رياء وسمعة.
** سمى الله الرجوع إليه فراراً لأن في الرجوع إلى غيره, أنواع المخاوف والمكاره, وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز.
** ﴿ ففروا إلى الله ﴾ أي: الفرار مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً, فرار من الجهل إلى العلم, ومن الكفر إلى الإيمان, ومن المعصية إلى الطاعة, ومن الغفلة إلى الذكر.
** الويل: كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف.
** ﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون ﴾ أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات, هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
** ﴿ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ﴾ أي: وكانوا يفعلون الذنوب الكبار, ولا يتوبون منها, ولا يندمون عليها, بل يصرون على ما يسخط مولاهم, فقدموا عليه بأوزار كثيرة, غير مغفورة.
** ﴿ والنازعات غرقاً ﴾ وهم: الملائكة, التي تنزع الأرواح بقوة, وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح, فتجازى بعملها, ﴿ والناشطات نشطاً ﴾ وهي الملائكة أيضاً تجتذب الأرواح بقوة ونشاط, أو النشط يكون لأرواح المؤمنين, والنزع لأرواح الكفار
** من يخشى الله, هو الذي ينتفع بالآيات, والعبر, فإذا رأى عقوبة فرعون, عرف أن من تكبر, وعصى, وبارز الملك الأعلى, يعاقبه في الدنيا, والآخرة, وأما من ترحلت خشية الله من قلبه, فلو جاءته كل آية لا يؤمن بها.
** قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين فليتدبر سورة: ﴿إذا الشمس كورت ﴾
** ﴿يوم تبلى السرائر﴾ أي: تختبر سرائر الصدور ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر, على صفحات الوجوه, ففي الدنيا ينكتم كثير من الأشياء, ولا يظهر عياناً للناس, وأما يوم القيامة, فيظهر برُّ الأبرار, وفجور الفجار, وتصير الأمور علانية
** ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ وهذا فيه الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً, والترهيب من فعل الشر ولو كان حقيراً.
* ﴿ قل إن الخاسرين ﴾ حقيقة هم ﴿ الذين خسروا أنفسهم ﴾ حيث حرموها الثواب, واستحقت بسببهم وخيم العقاب, ﴿ وأهليهم يوم القيامة ﴾ أي: فرق بينهم وبينهم, واشتد عليهم الحزن, وعظم الخسران.