هذا مقال صغير لأخيكم.. نفع الله به.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد؛

فإنّ من الركائز الأساسية للمدارس العقلانية قديما وحديثاً الاعتقادُ بنسبيّة الحقيقة، ويقصدون بذلك أنْ لا أحد يمتلك الحقّ المطلق، وعليه فلا يجوز لأحدٍ أن يدّعي امتلاك الحقيقة الكاملة؛ ولذلك تراهم ينبزون بعض الفئات بكونها "تتكلّم باسم الرّب" ونحو ذلك، وذلك لأنّها تُقدّم خِطاباً تزعم بأنّه الحقّ المُطلق، ويقصدون بهم أهلَ السُنّة الذي يجزمون بأنّ الحقّيقة المُطلقة كامنةٌ في الكتاب السُنّة.

ثم يأتون بمهزلة اسمها ( نسبيّة الحقيقة )، ويعاملونها على أنّها حقيقةٌ مُطلقة ونصّ مُقدّس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويُحاكمون كلَّ شيء إلى هذه المهزلة. وواقعُ الأمر أنْ سُلِبت الحقيقة المُطلقة من الكتاب والسُنّة، ووضعت في هذه العقيدة الفاسدة المُسمّاة ( نسبيّة الحقيقة ).

وأصلُ هذا الاعتقاد وحيٌ من إبليس، نَفَثَ به في صدور بعض مُتفلسفة اليونان، ليصدّهم عن التماس الحقّ. لأنّه إن لم يكُن ثمّة حقيقةٌ مُطلقة، وكلّ شخصٍ يمتلك جزء من الحقيقة؛ فلينكفئ كلّ أحدٍ على ما لديه من الحقّ وكفى. وهكذا تبِعهم من يلوكُ هذه العبارة من بني جِلدتنا، فهي مُبرّر لهم في عدم التزام الحقّ، ولو كانوا يعُون فإنّ لهذه الفِكرة مُقتضيات كُفرية ولوازم إلحادية.

اللطيف في الأمر؛ أنّ ضحايا ( نسبيّة الحقيقة ) لا يُدركون بأنّهم قد جعلوا فيها الحقّ المُطلق، إمّا لِقصور عقولهم، وإما أن يكون بفِعل التّخدير الفِكري لهذه العبارة. فهم لمّا رأوا عنوانها نسبية الحقيقة؛ اكتفوا بذلك ولم يبحثوا في حقيقتها.

وكما تخدّروا بهذه العبارة، فهم كذلك يُخدّرون الجماهير. فعندما يسمع البُسطاء شخصاً يدعو إلى العقل والفِكر والنّقد والتحرّر؛ تجدهم يأخذون ما يخرج من فمِه على أنّه قد خضع بالفعل إلى نقد وفِكر وعقل.

وأمّا الحقيقة المُطلقة فهي بلا ريبٍ في الكتاب والسُنّة، ولا يتردد في هذا إلا جاهلٌ أو مُعاند، وحقّ الجاهل أن يتعلم، ومن علم حُجةٌ على من لم يعلم، وأمّا المُعاند فأمره إلى الله تعالى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ؛؛؛
http://sunnahway.net/node/1569