قاعدة جليلة في أقدار العلماء ذكرها ابن القيم فقال رحمه الله :

معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم ، وأن فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قبول كل ما قالوه وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول ، فقالوا بمبلغ علمهم والحق في خلافها ، لا يوجب اطّراح أقوالهم جملة ، وتنقصهم والوقيعة فيهم فهذان طرفان جائران عن القصد ، وقصد السبيل بينهما ، فلا نُؤثِّم ولا نُعصِّم ولا نسلك بهم مسلك الرافضة في علي رضي الله عنه ، ولا مسلكهم في الشيخين بل نسلك مسلكهم أنفسهم فيمن قبلهم من الصحابة ، فإنهم لا يُؤثِّمونهم ولا يُعصِّمونهم ولا يقبلون كل أقوالهم ولا يهدرونها ، فكيف ينكرون علينا في الأئمة الأربعة مسلكا يسلكونه هم في الخلفاء الأربعة وسائر الصحابة ، ولا منافاة بين هذين الأمرين لمن شرح الله صدره للإسلام ، وإنما يتنافيان عند أحد رجلين : جاهل بمقدار الأئمة وفضلهم ، أو جاهل بحقيقة الشريعة التي بعث الله بها رسوله .
ومَنْ له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو مِنْ الإسلام وأهله بمكان ؛ قد تكون منه الهفوة والزلّة ، هو فيها معذور ، بل ومأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يُتبع فيها ، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومَنْزِلته من قلوب المسلمين .

[ إعلام الموقعين (3 / 220) ٍ]