أحكام الأضاحي
جمع وإعداد
صاحب الفضيلة
الشيخ: فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى

أحاديث في مشروعية الأضحية والأمر بها، وبعض أحكامها:
1- التحذير من ترك الأضيحة مع القدرة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا" (أحمد وابن ماجة) [حسنه في صحيح الترغيب (1087) وقال: (رواه الحاكم مرفوعا هكذا وصححه وموقوفا ولعله أشبه)].
2- التأكيد على مشروعيتها: عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ الْغَامِدِىِّ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِى كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ». هَلْ تَدْرِى مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِىَ الَّتِى تُسَمَّى الرَّجَبِيَّةُ. [رواه أحمد وأصحاب السنن]، وهو حديث حسن صحيح. وحسنه صحيح أبي داود (2487). قَالَ أَبُو دَاوُد في سننه: [الْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ هَذَا خَبَرٌ مَنْسُوخٌ]
فقد ورد النهي عن العتيرة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ". قَالَ: وَالْفَرَعُ؛ أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيَتِهِ مْ. وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ [متفق عليه].
3- وقتها بعد صلاة العيد، ويعيد من ذبح قبلها: عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: ضَحَّى خَالٌ لِي، يُقَالُ لَهُ: أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعَزِ! قَالَ: "اذْبَحْهَا، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ؛ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ". [متفق عليه]
4- عن جُنْدَبٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ؛ فَلْيذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ". [متفق عليه].
5- أفضل الأضاحي الكباش: عَنْ أَنَسٍ .. قَالَ: وَنَحَرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. مُخْتَصَرًا
6- وأفضل ألوان الأضاحي ما كان أبيض ليس بناصع البياض: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ". [أحمد والحاكم]، وهو ثابت بطرقه [حسنه في الصحيحة رقم (1861)]. والعفراء من العفرة: بياض ليس بناصع.
7- وأفضل الأضاحي السمين الأقرن الخصي: عَنْ عَائِشَةَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ عَظِيمَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ مُوجَأَيْنِ". [عن أحمدَ وغيرِه بإسناد حسن]. (الروضة الندية 2/220). قال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: [صحيح لغيره، وهذا سند فيه ضعف؛ لاضطراب عبد الله بن محمد بن عقيل فيه].
8- وينتهي وقت ذبح الأضاحي بغروب شمس آخر يوم من أيام التشريق: عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ». [الروضة الندية(2/220)، وحسنه في الصحيحة (2476)]. وهو حديث ثابت، فله طرق يقوي بعضها بعضا.
9- والأفضل للإمام أن يذبح أضحيته بمصلى العيد: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى. [رواه البخاري].
10- عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُوا لُحُومَ الأَضَاحِىِّ، وَادَّخِرُوا». [(أحمد والحاكم) عن أبي سعيدٍ وقتادةَ بنِ النعمان.(4503) صحيح الجامع].
11- عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلوا وأطعموا وادخروا". [رواه البخاري].

السن المشروعة في الأضاحي:
1- ففي الضأن ما تجاوز ستة أشهر وهو الجذع.
2- وفي المعز ما تجاوز السنة وهو الثني.
3- وفي البقر ما تجاوز السنتين وهو المسن.
4- وفي الإبل ما تجاوز خمس سنين وهو المسن أيضا.

ما لا يجزئ في الأضاحي:
1- ما كان من غير بهيمة الأنعام [الضأن والمعز والبقر والغنم].
2- ما اتصف بواحدة من هذه الصفات:
أ) العوراء الواضحة العور.
ب) المريضة البينة المرض.
ج) العرجاء البينة الظلع.
د) الكسيرة التي لا تنقي.
فعَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ: مَا لا يَجُوزُ فِي الأَضَاحِيِّ؟ فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ، فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِيِّ". فَقَالَ: "الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لا تَنْقَى". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ! قَالَ: مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ، وَلا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ. صححه في (إرواء الغليل (1/223) ح(1148).
قَالَ أَبُو دَاوُد: [لَيْسَ لَهَا مُخٌّ]. وعند الترمذي وغيره: "والعجفاء التي لا تنقي". (مالك وأحمد وأصحاب السنن وغيرهم) عن البراء. (886) صحيح الجامع.

ويلحق بهذه الأربعة في عدم الإجزاء ستة:
1- العمياء.
2- مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين.
3- المبشومة: وهي التي أكلت كثيرا حتى انتفخت.
4- ما أخذها الطلق حتى تنجو.
5- الزمنى: وهي العاجزة عن المشي لعاهة.
6- مقطوعة الألية -أو أكثر من النصف- من الضأن.
فإذا خلت الأضحية من هذه العيوب أجزأت.

ما يكره في الأضاحي:
1- العضباء: وهي التي أكثر قرنها أو أكثر أذنها، فإنها أضحية، والسليمة أولى.
2- البتراء: وهي التي قطع ذنبها أو أكثره مثل الضأن الاسترالي فإنها تجزئ وغيرها أولى.
3- الهتماء: وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها فإنها تجوز والصحيحة أولى.
4- المقابلة: وهي التي شقت أذنها من الأمام عرضا.
5- المدابرة: وهي التي شقت أذنها من الخلف عرضا.
6- الشرقاء: وهي المشقوقة الأذن باثنتين، أي شقت أّنها طولا.
7- الخرقاء: هي التي خرقت أذنها.
فإذا كان في الأضحية بعض هذه الصفات فإنها تجزئ مع الكراهة . والله أعلم.

عيوب غير مانعة من التضحية:
1- الخصي: وهو ما ايتلت خصيتاه أو قطعتا.
2- الجداء: وهي التي نشف ضرعها من الكبر.
3- البتراء خلقة: أي التي ليس لها ذنب أصلا.
4- الصمعاء: وهي صغيرة الأذن.
5- الجماء: وهي التي ليس لها قرن.
6- ما كان بأذنه أو قرنه قطع أقل من النصف.
7- ما كان به عيب من العيوب المانعة ولكنه غير بين واضح، فيجوز التضحية به وإن كانت الصحيحة أولى.

أفضل الأضاحي وكيفية الذبح:
أفضلها –والله تعالى أعلم– هي ما كان من الضأن، والذكر [الكبش] أفضل من الأنثى، والأقرن أفضل من غيره، وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقد ورد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. [رواه الشيخان].

ما يقال عند الذبح:
"بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي"، لحديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ؛ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: "يَا عَائِشَةُ! هَلُمِّي الْمُدْيَةَ". ثُمَّ قَالَ: "اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ". فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: "بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ". ثُمَّ ضَحَّى بِهِ.
وفي رواية عند الترمذي والحاكم: «بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ عَنِّى وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِى».
وعند أبي داود: "اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ" ثُمَّ ذَبَحَ.

الأكل والادخار والتوزيع:
عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُوا لُحُومَ الأَضَاحِىِّ، وَادَّخِرُوا». [(أحمد والحاكم) عن أبي سعيدٍ وقتادةَ بنِ النعمان.(4503) صحيح الجامع].
وعن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلوا وأطعموا وادخروا". [رواه البخاري].
ولا يشترط المثالثة أو المساواة بين التوزيع والأكل والادخار.

والله تعالى أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.