لإمساك القرآن عن العرض التفصيلي الدقيق الوقتي والمكاني والتسلسل الأحداثي لقصة كل نبي مع قومه وما حدث فيها فوائد نستغلها في الدعوة إلى الله ....

ما الذي فعله نوح مع قومه في كل يوم من الألف سنة ، وكيف كان أسلوب الدعوة معهم ؟ وبمن كان يجلس في الحديث معهم ؟ وكيف كان يجمع الناس في الحديث معهم؟ وما رد فعل الناس في كل يوم ؟ وهل كان يسكت عن أمور ويصرح بأمور؟ وكيف كانت نفسيته في كل يوم ؟ وهل كان له مكان معين يدعوهم فيه ...... وهكذا من الأسئلة التي لا تنتهي...
ـ إن القرآن الكريم ذكر في قصة نوح مع قومه أحداثا ووقائع إجمالية ...وفصل في بعض المواقف ...وذلك لنأخذ من الأمور المفصلة العبرة ، ونعلم ما جرى في هذه القصة ، وما آل إليه الأمر ، وكيف كان حال القوم ...؟
أما صفة وكيفية وآليات الدعوة ووصفها الدقيق فقد ترك ولم يذكر كما هو الحال عند عرض القرآن الكريم قصة موسى مع سحرة فرعون بالتفصيل ، أو يعرض النبي صلى الله عليه وسلم حديث الجسّاسة مثلاً ....
وكذا الحال في عرض القرآن الكريم لقصص الأنبياء والرسل مع أقوامهم....

وبناء على ما سبق فإن من الفوائد الهامة بشأن ذلك :
1 ـ عدم انتاج قوالب من البشر فيكون أمزجتهم وتصرفاتهم موحدة ..
2 ـ تشغيل العقل والإبداع في الدعوة ...
3 ـ إقرار المشاركينفي الدعوة لإخوانهم والتعاون معهم ...
4 ـ ترك المجال لمساحة من الخطأ وتصويبه...

فقد يأتي المرء منا بطريقة جديدة غير تقليدية للطرق المعروفة في الدعوة إلى الله تعالى ، وتكون سببا في إقبال الناس على الله تعالى والرجوع إليه وحب الدعوة إليه تعالى، ونشر الخير بين الناس والصدع بالحق وظهوره وإزهاق الباطل ....

فليس طريقة عرض الإسلام والدعوة إليه موحدة كي يسلك هذه الطريقة جميع الناس الذين يريدون الخير ويدعون إليه ، وتجب على الكل أن يسلكوها ...
ولكن متى كانت هذه الطريقة بالحكمة والموعظة الحسنة فمرحبا بها ...

قال تعالى:(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ).

ولعل ترك التفصيل الدقيق في تعامل الأنبياء والرسل مع أقوامهم لترك المجال للإبتكار والتنوع والإبداع في الأمور الدعوية وعدم جمودها واقتصارها على أنموذج واحد....