الحمد لله
من حق أي عالم أو طالب علم أن ينكر القياس إن شاء، فهو على كل حال مسبوق بابن حزم وغيره، وإن كان مخالفا لجماهير العلماء قديما وحديثا.
لكن..
طريقة ذلك في ملتقى علمي كهذا، أن يكتب دراسة أصولية موسعة، يأتي فيها على أدلة الفريقين، مع التمحيص والتحقيق، والسير على طريقة أهل العلم في تحرير المسائل، ومناهج الاستدلال. ثم يعرض ذلك على إخوانه، لتكون المناقشة علمية مفيدة.
وأحسن من هذا أن يعمد إلى جزئية من هذا البحث فيعرضها هنا للنقاش والإفادة.
أما أن يأتي قيقول: قال فلان وعلان: (ثلاثة علماء من آلاف العلماء المتكلمين في المسألة منذ قرون)، ويعنون لذلك بعنوان مثير (لنقذف القياس خارجا)، ثم يطلب النقاش العلمي، فهذا لا يمكن البتة. وإنما يكون جوابه بمثل ما قال: (لنقذف منهج الظاهرية خارجا)، وقال فلان وعلان .. وانتهينا، وليغلق الموضوع!!
الدعوى المجردة عن البرهان، لا يرد عليها إلا بدعوى مثلها. ونربأ بطلبة العلم أن يكونوا من أصحاب الدعاوى.
وأدعو الإخوة من باب النصيحة والشفقة أن يطالعوا كثيرا في علم أصول الفقه، وأن يمارسوا الفقه من مظانه المعروفة، ولا يتسرعوا بالأحكام الجاهزة السهلة، فإن ضررها كبير على طالب العلم.
وقد يظهر لطالب العلم في بدايات الطلب أحكام كثيرة يظنها صوابا محضا، فليحتفظ بها لنفسه، ولا ينشرها إلا بعد أن تصقلها سنوات طويلة من المكابدة العلمية.
والله أعلم.
فائدة جانبية:
من باب حفظ مراتب الناس، أحب أن أنبه على أن الشيخ أبا مالك من أهل العلم والتحقيق، فينبغي مراعاة ذلك عند مخاطبته، والحرص على الاستفادة من كتاباته.
وهذا ليس مدحا مجردا عن الفائدة، وإنما هو من باب آداب طالب العلم التي ينبغي أن نحرص عليها أجمعين.