بسم الله , و الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد:
لقد أجمع أهل الإحسان من سائر البشر مسلم كان أو كافرا أن ركني العدالة هو الصدق و الأمانة , و الناس فيهما يتفاوتون في تحصيلهم لها و أن التآلف و الإجتماع يحصل بهما بينما التناكر و الإختلاف يحصل بالكذب و الخيانة .
و بناءا عليه وضع علم التعديل و الجرح لحفظ الحقوق فقد سن الله و رسوله علم الجرح و التعديل شرعا و قدرا فضل و نعمة من الله إحقاق لقوله سبحانه .
لذلك كان الرسل و الأنبياء من صفوت الناس , إختارهم الله لتبليغ دينه و كانو من أحض الناس بالصدق و الأمانة .
و من الفوارق المعنوية بين لفظ الرسول و النبي دخول معنى الصدق في النبي بينما دخل معنى الأمانة في الرسول إلا أن النبوة و الرساله لهما معنى زائد عن العدالة الذي هو الوحي , الذي هو خارج عن نطاق الكسب .
و هاذا بعض ما ثبت في السنة عن الصدق و الأمانة مقترنين .
و عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي, صلى الله عليه وسلم, قال : " آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أوتمن خان" صحيح البخاري, كتاب الإيمان, باب علامة المنافق ج1, (ص21), رقم الحديث (32).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
سيأتى على الناس سنوات خداعات ، يُصدّق فيها الكاذب ، و يـُكـذ ّب فيها الصادق ، و يـُؤتمن فيها الخائن ، و يُخوّن فيها الأمين ، و ينطق فيها الرويبضة ( قيل : و ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه ، يتكلم في أمر العامة ) . رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني .
أخرجه أحمد في المسند (22170) وابن أبي شيبة في المصنف (26121)[1] وعنه ابن أبي عاصم في السنة (114) قالا ثنا وكيع قال سمعت الأعمش قال حدثت عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب »
فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد كمل الله له صفات الفضل والشرف إلى درجة أن أخبر عنه تعالى في كتابه العزيز بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {القلم:4}، ومن الصفات التي أعطاه الله إياها صفتا: الصدق والأمانة، وكان يلقب في الجاهلية بالأمين، وفي القرطبي عند تفسير قول الله تعالى: وختم على سمعه وقلبه: قال مقاتل: نزلت في أبي جهل، وذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة، فتحدثا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو جهل: والله إني لأعلم أنه لصادق! فقال له: مه! وما دلك على ذلك! قال: يا أبا عبد شمس، كنا نسميه في صباه الصادق الأمين، فلما تم عقله وكمل رشده، نسميه الكذاب الخائن! والله إني لأعلم أنه لصادق! قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به! قال: تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللات والعزى إن اتبعته أبدا فنزلت: وختم على سمعه وقلبه.
ومن هذه القصة -ومثيلاتها كثيرات- يتبين لك موجب تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بالصادق الأمين، فقد شهد له ألد أعدائه وأعتى خصومه بما روينا لك، وقد قال بعض الحكماء: إن الحق ما شهدت به الأعداء.